على الإبراهيم - الحرب السورية تدمّر "المدن المنسية"

2015/02/9
التاريخ : 09/02/2015

‏-‏ المكان : الشمال السوري وهو ريف مدينة ادلب وريف مدينة حلب الممتدان من ‏الحدود التركية السورية الى قرابة مدينة اللاذقية التي تسيطر عليها قوات النظام ‏السوري بشكل كامل، بينما تخضع المناطق الريفية لسيطرة جهات عدة ومن بينها ‏المدن المنسية التي تقع على جبل الزاوية ولابد لأي سالك للطريق الرئيسي بين حلب ‏واللاذقية او حلب ودمشق الإ ان تلتقي عيناه بتلك المناطق.‏

‎ ‎اثناء ممارسة عملنا الصحفي في تغطية تطورات الاحداث في سوريا في مناطق الشمال ‏وعلى امتداد سنوات النزاع السوري وتحديداً منطقة جبل الزاوية التي تنتشر فيها مجموعة من ‏القرى والمدن المنسية وخلال السنوات الماضية ومع المرور المتكرر بجانب تلك المدن لا ‏يمكن لأي صحفي او عابر لطريق حلب دمشق او لطريق حلب اللاذقية الإ ان تلتقي عيناه بهذه ‏المدن، في كل مرور كانت هذه المدن تتغير امام اعيننا، وتتحول الى مدن صالحة للسكان ‏حيث تتحول القصور الى بيوت والمدافن الى محال تجارية، واحياناً اخرى تتحول الى مناطق ‏عسكرية او مناطق للمعارك بين الجهات المنتنازعة، شكل ذلك محرضاً لنا للآقتراب من ذلك ‏المشهد ورصده عن قرب على عدة مستويات

الآول: الشغف التاريخي في البحث خلف القيمة والاهمية التاريخية لتلك المناطق على مستوى ‏التراث العالمي ‏
الثاني: طبيعة التغييرات التي تتم على هذه المناطق وتوثيق تلك التغييرات ومحاولة التواصل ‏مع الجهات المسؤولة وفهم دورها في حماية هذه المناطق وحقيقة قيامها بمهامها والبحث عن ‏الجهات المسؤولة عن حمايتها وحقيقة تواجدها ‏
الثالث: المحرض الإنساني للبحث خلف الاسباب التي جعلت هؤلاء القاطنين يلجؤون الى هذه ‏المدن دون سواها؟ ‏

اثناء عمليات البحث وتحري الحقائق حول الانتهاكات والاسباب، بدأت تتكشف امامنا الحقائق ‏التاريخية والميدانية والانسانية، منها تلك التي ترتبط بالقيمة التاريخية الكبيرة لهذه المناطق ‏والخطر الذي يتهددها وخصوصاً اننا استطعنا الوصول الى تقرير صادر عن اليونيسكو يقول ‏ان هذه المناطق مهددة بالزوال هذا الامر دفعنا للبحث عن دور المسؤول في هذه اللحظة ‏ومالذي يمكن ان نفعله؟، تحول الدافع الى احساس بخطر يمسنا شخصياً يمس ذاكرتنا ‏المرتبطة بماضينا الانساني وتطوره.‏
بحثنا عن دور اليونيسكو والجهات المسؤولة عن حماية هذه المناطق، لاحقنا تلك الخطوط ‏واجرينا عدد لابأس به من المقابلات الشفهية اضافة لتلك المقابلات المصورة، تنوعت تلك ‏المقابلات مع القاطنين في تلك المناطق, وتواصلنا مع جهات محلية تعتبر مسؤولة عن تلك ‏المناطق، لم يكن الامر بهذه السهولة فمجرد طرح اسئلة متكررة حول موضوع واحد ومقابلة ‏القاطنين الفارين من مناطقهم التي دُمرت بشكل كامل بسبب الحرب، هذا اضافة لمسألة رفع ‏الكاميرا وتصوير تفاصيل الانتهاكات حيث كان علينا الدخول الى تلك الاماكن التي تحولت الى ‏منازل، ومحال تجارية وهذا تطلب منا معايشة القاطنين لفترة وجيزة من الزمن وتوضيح ‏موضوع التحقيق بانه سيكون مساهماً في ايجاد حل لمأساتهم، تحديات كبيرة تقابلها مخاطر ‏كثيرة هذا اضافة الى انك تعمل ضمن منطقة توصف كأكثر المناطق خطورة في العالم لعمل ‏الصحفيين كل تلك كانت تحديات بالنسبة لنا استطعنا التغلب عليها بسبب دافعك وشغفك ‏الصحفي اضافة للوضوح بالجانب العملي ألا وهو التركيز على خطة واضحة نستطيع من ‏خلالها انجاز التحقيق باقل الاضرار والاخطار .‏

تتواجد هذه المناطق بالقرب من خطوط النزاع بين عدة اطراف هذا الامر شكل عائقا كبير في ‏تسجيل الاثباتات وتحري الحقائق والتآكد من صحة المعلومات التي بين يدينا ومحاولة ‏الوصول للمسؤولين خصوصاً انك تتحدث عن مناطق خارجة عن سيطرة اغلب الاطراف ‏واسمياً يمكن ان يقال عنها انها تحت سيطرة جهات مختلفة المرجعية يطلق عليها المعارضة ‏المسلحة، اضافة لوجود هذه الاماكن والمدن بمحيط خطوط النزاع وتحيط بها مناطق تخضع ‏لسيطرة جهات مختلفة، وفي ظل كل تلك الامور حاولنا التواصل مع اغلب الجهات المحلية ‏التي يُفترض انها مسؤولة عن حماية هذه المناطق لم نستطع الوصول للجهات الحكومية ‏التابعة للنظام السوري بعد الكثير من المحاولات، واعتمدنا على تصوير محاولتنا وتوثيقها ‏لتضمينها كجزء من التحقيق لتكون شاهداً على تملص الحكومة السورية من المسؤولية، على ‏الطرف الأخر استطعنا مقابلة جهات تابعة للمعارضة السورية وجهات اخرى مسلحة تزعم ‏انها مسؤولة عن حماية المناطق، اضافة لمراجعتنا بنود اتفاقية جنيف واعلان القاهرة للوصول ‏للمسؤول الحقيقي عن حماية هذه المناطق في حالات النزاع وقمنا بتوثيق هذه العملية ‏لتضمينها كجزء من التحقيق، بعد عملية تسجيل وتوثيق الكثير من المقابلات اضطرنا الى حذف الكثير منها بعد ان تواصل ‏معنا بعض القاطنين بسبب تخوفهم من التعرض للخطر وحرصا منا على عدم وضعهم في ‏خطر، قمنا بحذف الكثير من المقابلات وحاولنا الاعتماد على من استطعنا تأمين موافقته على ‏عرض المقابلة والإدلاء بشهادته، كان هذا احد اهم الخطوط التي وضعناها في ميثاق عملنا ‏الخاص لإنجاز هذا التحقيق ألا وهو عدم تعريض حياة المدنين والشهود والمصادر للخطر، ‏حتى لو اضطرنا ذلك لإيقاف العمل على التحقيق وخسارة الجهد الكبير الذي بذلناه.‏

‏ المنهجية التي اتبعناها:‏
رسمنا خارطة لحركتنا ضمن هذه المناطق، تتضمن المكان والزمان والاجراءات التي سنقوم ‏بها، ‏
وضعنا ميثاق خاص بهذا التحقيق وظروف صناعته تساعدنا على الالتزامات وقضايا الحماية ‏الشخصية.‏

قمنا باجراء عملية مسح شاملة للمناطق الاثرية المتواجدة في جبل الزواية وركزنا ببحثنا على ‏عدة مناطق استهدفناها بالتحقيق، ‏
بدأنا برصد ومقارنة المناطق التي يستهدفها تحقيقنا، حصلنا على صور وفيديوهات سابقة لهذه ‏المناطق وقارناها مع الصور المعاصرة لهذه المناطق، حيث ظهرت خلال المقارنة حجم ‏التغيير في طبيعتها التاريخية واماكن تموضعها وشكلها المعماري.‏
راجعنا متخصص في الاثار وعرضنا عليه الصور والمقارانات التي قمنا بها، وسجلنا شهادته ‏حول التغييرات في تلك المناطق واهميتها التاريخية وخطورة زوالها بالنسبة للتراث السوري ‏والتراث العالمي.‏

قسمنا العمل الى ثلاث مراحل ‏
مرحلة ماقبل الانتاج: وتضمنت البحث والاعداد وجمع المعلومات
وتضمنت عملية الرصد والمقارنة لهذه المناطق حاولنا الحصول على صور سابقة لهذه ‏المناطق وكيف كانت وما التغيرات التي حصلت عليها، اضافة لعملية التوثيق لكل التغيرات ‏التي حصلت بهذه المناطق واجراء لقاءات ميدانية مع الاهالي القاطنيين والمعنيين والتواصل ‏مع المنظمات المحلية والعالمية لمعرفة دورهم في حماية هذه المناطق.‏

مرحلة الانتاج: جمع المواد التي استطعنا تصويرها في مرحلة البحث وماقبل الانتاج ‏
قمنا باتباع المخطط الذي وضعناه في مرحلة ماقبل الانتاج وقمنا بالتصوير مرة اخرى، ‏وتسجيل كافة المعلومات..‏

مرحلة مابعد الانتاج: ‏
قمنا بتفريغ المواد المصورة، ووضع خطة للمونتاج التي تضمنت بالبداية تفريغ المقابلات، ‏واختيار الصور ومن ثم تدقيق المعلومات بخط القصة التي اشتغلنا عليها.. ‏
اخترنا الموسيقى وقمنا بتسجيل الاصوات حتى وصلنا للشكل الاول من التحقيق ومن ثم قمنا ‏بصياغة الشكل النهائي او النسخة النهائية.. ‏

عرضناها على مجموعة متنوعة من الزملاء العاملين في حقل الصحافة والفنون السمع ‏بصرية وسجلنا الملاحظات التي تلقياناها..‏

وقمنا بالعمل على الملاحظات التي رأينا انها تضيف للموضوع..‏

وهكذا حصلنا على النسخة النهائية.‏


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *