عبدالفتاح فرج - "الرهاوى".. مياه الشرب بها سم قاتل

2014/06/25
التاريخ : 25/06/2014

إخترت الفكرة عندما زرت قرى شمال الجيزة لعمل تحقيق صحافى عن معاناة “عمال حفر الآبارالارتوازية”، هناك استمعت لشكاوى الاهالى من تلوث مياه الشرب، رأيت طوابير السيدات أمام محطات الجمعية الشرعية لمياه الشرب وما يتخلل ذلك من زحام ومشاجرات وقررت عمل تحقيق إستقصائى لتوثيق اسباب التلوث.
قمت بكتابة فرضية لعمل التحقيق وعرضتها على مشرف الوحدة الاستقصائية السابق بجريدة الوطن هشام علام واتفقنا على تنفيذ التحقيق.
في البداية قمت بعمل زيارة الى منطقة البحث “قرى الرهاوى وأم دينار وكفر حجازى” وتلك القرى في منطقة واحدة وتبعد عن مدينة الجيزة 50 كم وتتبع مركز منشاة القناطر بمحافظة الجيزة، ركزت الزيارة الاولى على جمع المعلومات الإستكشافية من القرى الثلاث لتوضيح حجم المشكلة ورأيت محطة الشرب الحكومية والتقيت عاملين بها وقمت بتصويرها.
بعد حوالى أسبوع من الزيارة الاولى قمت بتحديد العناصر الرئيسية لعملية البحث وماهى المعلومات الضرورية لاستكمال التحقيق وماهى الجهات الحكومية التى ينبغى التعامل معها ومن هى الشخصيات التى سأقابلها وتحديد المصادر المفتوحة والمغلقة.
بدأت بجمع المعلومات من الاهالى والحصول على كل ما يفيد التحقيق حتى لو لم يكن مهما وخصصت قائمة لأرقام المصادر الخاصة بالتحقيق على جهاز الكمبيوتر لسهولة الرجوع اليها في أي وقت مع تدوين مواعيد مقابلتهم وسجلت كل المعلومات التى حصلت عليها وحفظت كل الصور على نفس الجهاز في فولدر خاص بالتحقيق، بعد فترة من البحث تبين أن الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى مسؤولة عن تلوث المياه في المنطقة باكملها وليس القرى الثلاث لكنى قمت بتحديد ثلاث قرى فقط كنموذج عن المأساه .
مسؤولية الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى لم تقتصر على الاهمال والسماح بتلوث المياه بل كانت سببا رئيسيا لتلوث المياه لانها صاحبة محطات الصرف الصحى بالجيزة والتى تقوم بالقاء جميع مخلفاتها في النيل دون معالجة حقيقية وهو ما تسبب في تلوث مياه النيل والخزان الجوفى معا.
محطات المياه تعتمد على المياه الجوفية الملوثة بالعناصر الثقيلة والسامة، لذلك فهى ذات رائحة كريهة جدا وطعمها سيء جدا، فقررنا عمل تحاليل للمياه في المراكز المتخصصة والمعترف بها بجامعة القاهرة. وتم سحب العينات بدقة شديدة حسب تعليمات مركز التحاليل الدقيقة بجامعة القاهرة قبل ان يتم شراء عبوات معقمة لسحب العينات وتم توثيق عملية السحب بالفيديو.
بعد ظهور نتائج التحاليل تم مواجهة العميد محيي الصيرفى المتحدث الرسمى للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى بنتائج التحاليل ولم يعترف بها وقال لا نعترف الا بنتائج تحاليل المعمل المرجعى الخاص بالشركة.
وخلال التحقيق تم إجراء لقاءات مع المتضررين من تلوث المياه بالقرية في مراكز الغسيل الفشل الكلوى و البيوت .
حاولت التعرف على حجم الازمة من واقع الوثائق الرسمية لوزارة الصحة فقمنا بعمل خطاب رسمى موجه للوزارة التى وافقت عليه مبدئيا واشارت الى المسؤول عن الشؤون البيئية في الوزارة باتخاذ ما يلزم فما كان منه إلا أن رفض الافصاح عن أي معلومات لديه حول أزمة “مصرف الرهاوى” فذهبنا الى وزارة الري وقدمت طلبا للحصول على معلومات حول المصرف وتم تحويلى الى ادارة صرف الجيزة التى اعترفت بتحرير محاضر ضد الشركة القابضة لان محطات الصرف في زنين وأبو رواش خالفت المواصفات القياسية لقانون نهر النيل، ثم انتقلت الى وزارة البيئة للحصول على معلومات اضافية عن خطورة مصرف الرهاوى وعن دور الوزارة في مواجهة الازمة ومراقبتها، ثم ذهبت الى مديرية صحة الجيزة للوقوف على عدد مرضى الفشل الكلوى في مركز منشاة القناطر وعدد مراكز الغسيل.
الصعوبات
تمتلك الهيئات والمؤسسات الحكومية معلومات كبيرة حول تلوث مياه الشرب ومياه النيل لكن خوف المسؤولين يدفعهم الى الامتناع عن تقديم أي معلومات حقيقية حول التلوث والامراض الناتجة عنه، فعدد الاصابات بالفشل الكلوى في الجيزة لا يستطيع الافصاح عنه إلا وزير الصحة وإحصائيات المرضى والمرض يعتبرونها من وثائق الامن القومى، ترفض وزارة الصحة امداد الصحافيين بالمعلومات خوفا من فضح المؤسسات الحكومية الاخرى وتنفيذا لتعليمات الوزراء.
تعدد اطراف التحقيق وتفرعه مثل عبئا كبيرا، خاصة مع كثرة طلب المزيد من الاشخاص والمؤسسات الثانوية بالتحقيق لتوثيق العمل بشكل أفضل، بالاضافة الى عدم التفرغ بشكل كامل اثاء تنفيذ التحقيق نظرا للاحداث السياسية المتلاحقة في مصر وإجراء الانتخابات والاستفتاءات، بُعد المسافة ايضا وكثرة التردد صعّب من سرعة إنجاز التحقيق .
بعد نشر التحقيق تلقينا العديد من المكالمات الهاتفية على مقر الجريدة من مواطنين في قرى مجاورة للرهاوى وام دينار وكفر حجازى يشتكون من نفس الازمة لان مصرف الرهاوى يمر بجانبهم وهم يعتمدون على آبار ارتوازية ملوثة، كما هاتف عدد آخر ليقوم بشكر الجريدة والمحرر على ما قام به من جهود في نشر التحقيق وتلخيص الازمة وتوثيقها بشكل كامل .كما قام هانى يونس المتحدث الرسمى باسم وزارة الاسكان بتقديم اعتذار للشعب عن سوء خدمات مياه الشرب في المحافظات بعد نشر التحقيق وعدد اخر من التقارير التى تحدثت عن نقص مياه الشرب في المحافظات في مداخلة تليفونية بقناة سى بى سى اكسترا يوم 2 يوليو في برنامج الاقتصاد اليوم على قناة سى بى سى اكستر
الوثائق:
تم الاستعانة بنتائج تحاليل العينات من مركز التحاليل الدقيقة، وتم نشر إحدى الوثائق كصورة ضوئية في التحقيق المنشور في النسخة الورقية وتم ذكر المستندات التى حصلت عليها في متن التحقيق مثل تقرير التوصيف البيئى لمحافظة الجيزة عام 2007، والذى يبين عدم مطابقة مياه الشرب لمحطة كفر حجازى للمواصفات بالإضافة الى تقرير وزارة الصحة الذى يوصف وضع مصرف الرهاوى بأنه خطر جدا على صحة المواطنين في شمال الجيزة، كما تم الاستعانة بوثيقة من المركز القومى لأبحاث المياه توضح مطابقة عينات مياه فلاتر الجمعية الشرعية للمواصفات، وتم الاستعانة بأرقام محاضر تم تحريرها ضد الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، وتم الاستعانة بخرائط توضيحية لخط سير مصرف الرهاوى من ادارة صرف الجيزة.


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *