صالح رمضان - ​​قاصرات مصريات في جحيم الزواج

2014/06/2
التاريخ : 02/06/2014

بدأت فكرة تحقيق ” قاصرات مصريات في جحيم الزواج ” عقب دعوتي لحضور حفل زواج طالبة بالمرحلة الثانوية، فوجئت أن عمر العروس لا يتجاوز 15 سنة وذويها يزوجونها بمخالفة للقانون الذي يحظر الزواج قبل سن الـ 18 للذكر والاثني، وجدت أن من يعقد ذلك الزواج المأذون الرسمي المناط به تطبيق القانون وعندما تحدثت مع أحد الأصدقاء أكد أن تلك الزيجات كثيرة يتم عقد القران في السر بعلم الأسرة وبعد ذلك يقيمون الأفراح في القاعات والفنادق الكبرى.
جمعت معلومات أكثر عن ذلك النوع من الزواج ووضعت الفرضية ” ضعف الرقابة على المأذونين وعمد” رؤساء” القرى يساعد في انتشار الزواج غير الرسمي لفتيات أقل من السن القانوني” 18 سنة ” في محافظة الدقهلية وضياع حقوقهن وإنجاب أطفال لا يمكن الاعتراف بهم من جانب الدولة ” وتمت الموافقة على الفرضية من شبكة “أريج” وبدأت بجمع المستندات وإجراء مقابلات معززة بالصور والفيديو.
بعد ذلك شرعت بتقصي حالات الزواج خاصة لفتيات “فشل زاوجهن” بعد إنجاب أطفال إذ وجدت أعداد كبيرة جدا من الفتيات ولكن كان الحديث بالغ الصعوبة لان الموضوعرحساس جداً إذ يعتبرها الكثير خصوصية، وبالبحث والتقصي وجدت فتيات تزوجن أكثر من مرة قبل السن القانوني للزواج بل وأنجبن أكثر من مرة بدون تسجيل أبنائهن في مكاتب الصحة.
كان الآمر أكثر صعوبة للحديث مع المأذونين فترددت على قلم المأذونين بأحد المحاكم لمدة تزيد عن الشهرين حتى عرفني الكثير منهم ولكن كل مأذون كان يحمل خزائن أسراره في الزيجات التي يقوم بتوثيقها ويعتبرها سره الذي لا يعرفه أحد غيره ، وثق بي أحد المأذونين وكشف لي سرهم في كيفية استخدام أقلام خاصة في كتابة العقود يمكن محو حبرها في أي وقت بعد توثيقها من المحكمة ووجود مافيا بين عدة محافظات تستخدم تبادل عقود الزواج فيما بينهم لتحقيق دخل شهري يفوق تجار المخدرات ” على حد وصفه ”
خلال التحقيق استخدمت التسجيل الصوتي فقط واستخدمت أيضا كاميرا الفيديو واستعنت ببعض الكتب في لائحة المأذونين التي وجدتها ثابته لم تتغير منذ أوائل القرن الماضي إلا التعديل على سن الزواج والذي صدر في نهاية عام 2008 وكذلك البيانات الرسمية من جهاز التعبئة العامة والإحصاء والذي أكد صحة الفرضية بوجود أكثر من 55 ألف حالة زواج ” تصادق” في العام 2013 وهي لحالات قامت بالزواج أقل من السن بعقد عرفي وأرادوا تصحيح الوضع بزواج رسمي بعد الوصول إلى السن القانوني حسب ما أكد المأذونين، خاصة وأن ذلك النوع من العقود كان موجود قبل العام 2008 ولكنه لم يُستخدم إلا نادرا وفي حالات خاصة جدا ولم يبلغ عددها على مستوى الدولة سوى مئات العقود خلال السنوات السابقة عن تعديل سن الزواج ولكن بعد تعديل السن إزدادت أعداد عقود التصديق على الزواج بنسب تزيد عن 700 % سنويا.
وجدت أن الدولة تحاول مساعدة الذين أقبلوا على ذلك النوع من الزواج بوضع شرط قبول الزوج بالمولود واعترافه بأنه ابنه دون وجود وثيقة للزواج إلا أنه في حالة عدم اعتراف الأب بالمولود لا تستطيع والدته اثبات مولودها بمكتب الصحة اطلاقاً إلى أن يعترف وذلك في حالة عدم وجود عقد زواج رسمي.
وعثرت خلال تقصي الموضوع على عقود قام مأذونين بتزويرها ووضع تواريخ ميلاد مخالفة للحقيقة لكي يزوّر عمر العروس فوق الـ 18 عاما مخالفا تاريخ ميلادها في شهادة الميلاد الرسمية وتمكنوا من خلال العقود المزورة إثبات مواليد لهم في مكاتب الصحة دون أن يتم تقديم أحد للمحاكمة أو تحرير مخالفة ضدهم وذلك لآن مكاتب الصحة تحتفظ بالأوراق لديها وترسل فقط كشف بالمواليد إلى إدارة الأحوال المدنية.
كان لكشف كل تلك الوقائع بعد نشر التحقيق في جريدة ” الوطن” بدعم من “اريج” ردود فعل كبيرة وتم عمل لجان تفتيش من وزارة العدل على أقلام المأذونين في محاكم الدقهلية والمحافظات الأخرى المجاورة لها وتم كشف عدد من المأذونين المزورين لعقود الزواج وكذلك تقدمت نقابة المأذونين بلائحة جديده للمأذونين تكون أكثر وضوح وقوة في العقوبات على المأذونين وكذلك حصر تولي مهنة المأذونين بمن يمتلك مؤهلات علمية ودراسية محددة وخرجت أصوات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية تطالب بالعودة إلى تحديد سن الزواج بـ 16 سنة كما كان قبل عام 2008 في مصر وهو ما ترفضه المنظمات الحكومية.
وحاولت بعد القنوات الفضائية عمل حلقات عن التحقيق إلا أن الحالات المتضررة من الزواج قبل السن القانوني رفضن الظهور على شاشات التلفزيون ليتحدثن عن مأساتهن.


تليقاتكم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *