سلاف ابراهيم - مئات الصم خارج دائرة العلم والعمل في سورية المناهج، ضعف الكادر التدريسي وجهل الأهل وراء أزمتهم

2009/08/4
التاريخ : 04/08/2009

بعد أن فزت بالمعركة..!!!!! عندما كنت أقرأ يوميات الصحفيين في أريج كنت أدينهم بسري وأشعر بنوع من المبالغة ومحاولة للتأثير بالقارىء بعد إطلاعه على الجهد المبذول من قبل الصحفي ، لكن بعد أن أنجزت التحقيق ورأيته على صفحات أريج رغبت بمشاركة جميع القراء بلحظات إنجاز التحقيق والاعتذار من كل صحفي كان له من لساني “الضمني” نصيب . بدأت فكرة التحقيق حينما وصلتني رسالة على هاتفي الخليوي من صديقتي الصماء المتخرجة حديثا من معهد الإعاقة السمعية بدمشق ، وعملت جاهدة لأفهم مضمون الرسالة دون نتيجة ، وبعدها علمت أن المئات يشابهن صديقتي بحملهم لشهادة الأمية بعد التخرج من المعهد ، فولدت الفكرة وبدأت بنفس الحماس الذي أنهيت به الدورة التدريبية مع أريج، لكن الاصطدام الأول والمتوقع هو عرقلة وزارة الشؤون الاجتماعية للتحقيق حيث استغرقت الموافقة لدخول معهد الصم بدمشق حوالي الشهرين وكل يوم مئة حجة بين ضياع الموافقة وانشغال الوزيرة وغير ذلك. بعد حصولي على الموافقة الموعودة والتي تؤهلني بحسب الطلب لدخول كل الأماكن الخاصة بالصم في دمشق وإجراء مقابلة مع جميع الأشخاص المعنيين بالأمر فوجئت بأنه من الواجب علي التقدم بكل مرة للحصول على الموافقة حتى لو كان الأمر يتعلق بأصغر موظف…ونتيجة للمهنية التي تعلمتها والتي أصريت أن يكون تحقيقي هذا مهني مئة بالمئة دون اللجوء للطرق الملتوية استغرقت مدة الإجمالية للموافقات حوالي الـ 4شهور لأصطدم بعدها بصعوبة لقاء مدير الخدمات الاجتماعية السابق عماد العز الذي أعطاني موعدين دون أن يأت ، إلى أن تمكنت من مقابلته بعد انتظاره على باب قاعة الاجتماعات لأراه لمدة لم تتجاوز 10 دقائق نظرا لانشغاله . بلقاء عماد العز علمت أن مشواري انتقل ليبدأ مع وزارة التربية لكن فوجئت حقا بأن الموافقة على إجراء أي مقابلة أريدها لم تأخذ أكثر من 24 ساعة وهذا أمر نادر الحدوث في بلد يعشق الروتين كسورية . في معهد الإعاقة السمعية بدمشق بناء على صلتي القوية ببعض الرفاق الصم علمت أن المترجمات ربما يستغلون جهلي بلغة الإشارة ويترجمون ما يقوله الطلاب بعد تهذيب المترجمات للمفردات أو تحريفها ببعض الأحيان ، فاخترت الخضوع لدورة تدريبية للغة الإشارة وبذلك تمكنت من فهم 70% من الكلام دون الحاجة إلى مترجم أو على الأقل لأتمكن من كشف تزييف الكلام أثناء نقله . بعد انتهائي من جمع المعلومات أصبت بالإحباط حينما وقفت أمام حقيقة صياغة مئات الأوراق بـ عدد كلمات لايتجاوز 1500 كلمة فكان تحدي حقيقي بالنسبة الي خاصة أن عمري المهني لم يتجاوز العامين . الفرضية ( محور التحقيق) كانت دائما حاضرة في ذهني وهذا ما يسر الطريق أمامي الى حد ما ..انهيت تلخيص التحقيق الذي كنت مقتنعة أنه لاينقصه حتى أصغر تفصيل أو معلومة وأرسلت النسخة إلى رنا ( المديرة التنفذية لشبكة أريج ) منتظرة التصفيق والمدح على هذا التحقيق المنجز من قبل صحفية صغيرة السن ( نوعا ما ) فصدمت بسلسلة الملاحظات التي علمتني أن أنظر الى التحقيق من بعيد دون الانغماس بحلاوة الانتهاء من تعب جمع المعومات والقصص الإنسانية التي ربما تأثرت بها ..ولحقتها حوالي الأربع مسودات وكانت الضربة القاضية هي المسودة الأخيرة التي طلب مني اختصار التحقيق من 4000 كلمة الى 1500 كلمة أي قص 2500 قطرة من عرق جبيني ، لكن بالتأكيد نفذت ما طلب مني بمساعدة الزميل علي ( المشرف على التحقيق) والأستاذ سعد حتر ( رئيس دائرة التحقيقات بأريج ) . ألخص تجربتي مع أريج بأنها معركة حقيقية كسبت الكثير من المعارك وخسرت الكثير منها لكن المهم تعلمت كيف أكسب الحرب ، وأعتقد أني كسبت حربي بظهور التحقيق إلى النور ليكشف إهمال الجهات المعنية لهذه الفئة . لكني بالتأكيد لم أكن لأكسب حربي بطريقة مهنية إن لم يكن بجانبي مشرف يعرف بدقة الدهاليز الصحفية وكيفية العزف على أوتار روتين الوزارات دون أن يخسر مصادره ( يعني باللهجة العامية السورية بياخد المعلومة من المسؤول وهوي عم يضحك ويلعب ، وضمن المهنية الصحفية) ، فكنت أنسط لكل ملاحظة وكل كلمة يقولها الوميل علي ، وكان يتحمل غضبي بعد كل مسودة تصلني من أريج ، فعلا كان خير سند لي ولقلمي ، فلم يشعرني يوما أنه مشرف علي بل كان أخا وصديقا يهمه كيفية خلق صحفية يشتعل بها الحماس للانطلاق الى ما ينتظرها في عالم الإعلام …شكرا علي وشكرا لكل القائمين على هذه شبكة أريج ( علي ، رنا ، سعد ، هنادي ) لأني تعلمت كيف أوثق وأنقل للقارئ بموضوعية ، وتعلمت كيف أنسى بداياتي الصحفية التي لم تكن على قدر المهنية المطلوبة ، وأن تصل متأخرا خير من أن لاتصل أبدا. الصحفية


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *