زينه حمدان - نسبة الحاملين لمرض التلاسيميا في الأردن 3- 4%

ما دفعني إلى إجراء تحقيق استقصائي مع شبكة إعلاميون من اجل صحافة استقصائية عربية “أريج” هو رغبتي في انجاز تحقيق استقصائي مبني على منهجية عليمة ، فقد كان لي تجربة سابقة في إجراء تحقيق استقصائي لكن لم يكن مبني على منهجية علمية ، وكانت الفرضية به شبه غائبة مما سمح للمحرر إجراء تغييرات جوهرية في نص التحقيق.

البداية كانت عند التقائي بالمشرف محمود زواوي والأستاذة رنا الصباغ،المديرة التنفيذية للشبكة، التي أخبرتني حينها عن المعايير التي تلتزم فيها شبكة “أريج” عند إجراء أي تحقيق استقصائي وهكذا تم طرح عدة فرضيات للنقاش إلى أن توصلنا إلى اختيار فرضية ” ثغرات قانونية في تطبيق قانون الفحص الطبي قبل الزواج ، وعادات اجتماعية وجهل وتدني الثقافة الصحية أدت إلى عرقلة تطبيق قانون الفحص الطبي قبل الزواج وإيجاد أمراض وراثية تحمل ميزانية وزارة الصحة الكثير “.

وبعد قراءة عدة تقارير حول هذا الموضوع، واستشارة بعض أطباء الاختصاص تم وضع خطة للعمل، وتقسيم الفرضية لعدة محاور، وهي:

1. الخبراء : للإجابة على أسئلة ما هو الفحص الطبي قبل الزواج؟ وأسباب اختيار التلاسيميا للفحص ما قبل الزواج؟ وما هو مرض التلاسيميا؟ ” ، الأرقام والإحصائيات المتعلقة في هذا الموضوع.

2. زيارات إلى أماكن الفحص الطبي بالإضافة إلى زيارة المحكمة الشرعية والكنيسة: للتعرف على آلية إجراء الفحص الطبي قبل الزواج، حيث تم وضع برنامج للرصد الميداني لعدة محافظات في الأردن ” عمان ، الزرقاء، الطفيلة ، اربد، جرش” لمعرفة طرق التهرب من الفحص والثغرات القانونية التي تساعد على التهرب. هنا يجب الإشارة إلى أن بعض فنيين المختبرات والأطباء لم يتعاونوا في البداية ، لكنهم بعد عدة أيام من المحاولة أصبحوا من أهم المصادر لإيجاد أشخاص حاولوا التهرب من الفحص.

3. لقاء أسر مرضى تلاسيميا وإعاقات وراثية ورصد حجم معاناة هؤلاء المرضى وأسرهم.

من الصعوبات التي واجهتني أثناء التحقيق هو إيجاد الأشخاص الذين تهربوا من إجراء الفحص الطبي قبل الزواج، وتقبلهم الحديث عن هذا الأمر، خاصة أنهم يشعرون بتأنيب الضمير لما فعلوه بأولادهم.

المرحلة الأصعب بالنسبة لي كانت كتابة التحقق الاستقصائي ، فبعد ثلاثة أشهر من الرصد والبحث شعرت بأن كل معلومة حصلت عليها في التحقيق هي مهمة ويجب إظهارها، لكن بعد كتابتي الجزء الأول اتضح انه ما زال بحاجة إلى المزيد من التعديلات ليتوافق مع معايير الكتابة الاستقصائية المتبعة في “أريج” ، ولأن شبكة أريج تسعى إلى إيجاد صحافة الاستقصائية عربية شاركت في ورشة عمل حول”أسس الصحافة الاستقصائية ” المنعقدة في دمشق في شباط 2009 ، والتي استفدت منها كثيرا حين عودتي إلى عمّان في كتابة وتحرير التحقيق الذي أشرف عليه الأستاذ محمود الزواوي.

بعد نشر التحقيق في وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، تمت مناقشته في عدة برامج إذاعية مثل البرنامج الصباحي في إذاعة هوا عمان، برنامج بانوراما على إذاعة حياة أف أم. والأهم من ذلك الاهتمام الذي أظهره المسؤولين في وزارة الصحة لضبط الإجراءات الحالية.