زهير دوله - " حياة ضائعة" تفاقم مشكلة الإدمان فـي غزة.. ولا مراكز حكومية لعلاج المــرضى

2013/12/10
التاريخ : 10/12/2013

فكرة التحقيق تبلورت عندما جاءني أحد المقربين ممن يثقون بي، وذلك ليصارحني بأنه يمر بأزمة كبيرة نتيجة إدمانه على حبوب السعادة والترمادول، وأنه يبحث عن علاج ولا يجد العلاج المناسب.

وهذا ما جعلنا أن نبحث عن علاج لهذا الشخص، لنكتشف أنه لا يوجد مراكز حكومية متخصصة في هذا الجانب، وأن هذه الحالة موجودة بين الكثير من الشباب والفتيات، ولدى البحث تبين ان الامر ظاهرة، اذ تنتشر المخدرات والعقاقير الخطرة والمهربة عبر الأنفاق المحفورة على طول الشريط الحدودي بين قطاع غزة والجانب المصري. إضافة إلى إقبال الشباب لأسباب ودوافع متعددة للتعاطي والإدمان على هذه المخدرات والعقاقير الخطرة.

وهذا تسبب لهم بالكثير من المشاكل الصحية والنفسية والإجتماعية نتيجة الإدمان، وفي المقابل لا يملكون القدرة على التوقف لعدم وجود علاج مناسب لهم، مما أدى إلى زيادة عدد المدمنين في القطاع بشكل ملحوظ.

انطلقت فكرة وفرضية التحقيق بناء على المعلومات والحقائق جمعتها بعد إجراء دراسة استكشافية حول قضية وجود مراكز لعلاج المدمنين في غزة، وكانت الفرضية “الحكومة في قطاع غزة لا توفر مراكز لعلاج المدمنين على المخدرات والعقاقير الخطرة رغم تزايد أعددهم”.

التنفيذ

بدأت بتنفيذ التحقيق من خلال زيارات ميدانية للمركز العلاجي الوحيد وهو تابع للقطاع الخاص. التقيت بمدير الجمعية ونائبه، وعدد من المدمنين الذي يتلقون العلاج فيه، بالإضافة إلى الالتقاء بمدمنيين ومتعاطين من الشباب، والاستماع إلى تجارب بعض الفتيات المدمنات على لسان الأخصائيات الاجتماعيات وبعض الشباب المدمنيين. وكذلك بحثت في قضية عدم وجود مراكز حكومية لعلاج الإدمان والتقيت بوزارتي الصحة والداخلية، وكذلك المجلس التشريعي.

ولإثبات حاجة المدمنين الضرورية لمراكز العلاج أجرينا تحليلا مخبريا لعقار الترمادول، والذي يعد أكثر العقاقير الخطرة انتشارا بين المدمنين والمتعاطين، وعرضت نتائج التحليل على رئيس قسم علم الأدوية في جامعة الأزهر، والذي كشف لنا خطورة وأضرار الإدمان على هذا العقار.

كما التقيت بمتخصصين في العقاقير الخطرة، وأخصائيين اجتماعيين ونفسيين. وقد تبين بعد البحث أن المسؤولية الأكبرُ في عدم إنشاء مراكزَ علاجٍ للمدمنينَ؛ ملقاةً على كاهلِ وزارتي الصحةِ والداخليةِ اللتين تُصرّانِ على أنّ إقامةَ مِثلِ هذه المراكزِ؛ لا تقعُ ضمنَ الأولوياتِ المُهمة.

لم تصادفنا مشاكل كبيرة خلال التنفيذ. حاولنا مقابلةَ وزير الصحة د. مفيد المخللاتي عبر المكتبِ الإعلامي للوزارة، ولكنا أُبلغَنا بانشغالِ الوزير، ولم نتمكن من مقابلته، ولكننا لم نكتفي بذلك وأصررنا على أن نأخذ رأي وزارة الصحة ونواجهها بالحقائق التي نمتلكها، وهو ما حدث إذ تمكنا من مقابلة مديرِ الإجازةِ والترخيصِ في وزارةِ الصحة.

ومن المشاكل البسيطة التي واجهتنا، كانت مقابلة بمتعاطيات أو مدمناتٍ إذ طلبنا بإلحاحٍ من المؤسساتِ الحكومية والخاصة والأطباءِ النفسيين، وبعض العائلاتِ؛ أنْ نلتقيَ بإحداهنَّ وبطريقةٍ تحفظُ أسرارهنَّ، إلا أنّ الردَّ كان في جميع الحالاتِ سلبيا.

تواصلنا مع المركزِ الفلسطيني للديمقراطيةِ وحلِّ النزاعاتِ، بصفتهِ مركزاً أهلياً يقدّمُ المساعداتِ والاستشارات النفسيةِ والاجتماعية للمشكلاتِ الناتجة عن العنفِ الأُسريّ في قطاع غزة، ويستقبلُ بعضَ حالات إدمانِ الترمادول، التي تلجأ إلى المركزِ للحصولِ على نصائحَ نفسيةٍ، في ظِل غيابِ مراكزَ علاجيةٍ وتأهيليةٍ حكومية.

وقد حاولتْ الأخصائياتُ الاجتماعياتُ في المركزِ إقناعَ بعضِ المدمناتِ اللواتي تلقّينَ المساعدةَ بإشرافهنّ للحديثِ معنا، ولكنّ جميعَ المحاولاتِ لم تنجحْ. حاولنا كذلك الالتقاءَ بفتاتين مدمنتينِ في سجن النساءِ بغزة، ولكنّ مسعانا جُوبِهَ بالرفضِ من إدارة السجنِ، بعد الموافقةِ الأولية.

وفي النهايةِ لم نجدْ سِوى أنْ نستمعَ لشهادتهنّ على ألسنةِ الأخصائياتِ؛ اللواتي تابعنَ علاجَ هاتينِ الحالتينِ على مدار شهورٍ عديدة.

جميع المصادر التي عدنا إليها كانت مفتوحة، مثل المدمنين على المخدرات والعقاقير الخطرة، وزارتي الصحة والداخلية، مسؤول الطب النفسي في غزة، والمجلس التشريعي الفلسطيني،ومختبر الأدوية وقسم علم الأدوية في جامعة الأزهر، أستاذ العقاقير الخطرة في جامعة الأزهر، أخصائيين نفسيين وإجتماعيين والقائمين على المركز العلاجي الوحيد في غزة التابع للقطاع الخاص.


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *