اختيار فكرة الغش في الحليب عن طريق إضافة مادة اللاكتوسيروم جاء إثر احتجاجات عدد من الفلاحين أمام الإذاعة الجهوية بصفاقس في 2013 سكبوا خلالها الحليب على الطريق في محاولة لإيصال صوتهم إلى المسؤولين على خلفية رفض مراكز تجميع الحبيب استقبال منتوجهم.
حينها صرّحت نقابة الفلاحين التونسيين بأن هناك عمليات غش تقع في مراكز التجميع بإضافة اللاكتوسيروم والماء لزيادة كميات الحليب المجمعة لديهم مقابل التخفيض في الكميات التي تورد من الفلاحين.
ومن هنا انطلقت فكرة التحقيق في هذا الموضوع خاصة أن القوانين تمنع إضافة أي مادة للحليب في مراكز التجميع.
ولذا فإن إضافة اللاكتوسيروم أو أي مادة أخرى مخالف للقانون، كما أنه يعدّ ”تلاعبًا” على المستهلك الذي يدفع ثمن حليب عادي إلا أنه، في حال ثبوت الغش، يشتري حليب تقلّ قيمته الغذائية عن الحليب العادي.
المتضرر الأكبر كان الفلاح الذي يضطر إلى التخلص من إنتاجه بعد أن ترفضه مراكز التجميع.
قمنا أولا بمقابلة نائب رئيس نقابة الفلاحين كريم داود الذي تحدث عن وقوع الغش معللاً إياه بتراجع عدد الأبقار سنوياً مقابل زيادة إنتاج الحليب وارتفاع نسبة استيراد مادة اللاكتوسيروم.
ثم توجهنا إلى وزارة الفلاحة لتزودنا بمعلومات حول إنتاج الأبقار والحليب، وإلى وزارة التجارة للحصول على تطور كميات اللاكتوسيروم المستوردة.
حاولت الحصول معلومات متعلقة بالجهات التي تستورد هذه المادة، إلا أن وزارة التجارة رفضت مدنا بهذه المعلومات. فتوجهنا إلى الديوانة التونسية وتقدمنا بطلبين، الأول عبر التسليم مباشرة والثاني عبر الفاكس، إلا أن هذه الأخيرة قالت أنها لا تمتلك هذه المعلومة وأن المعهد الوطني للإحصاء هو من لديه هذا النوع من المعلومات.
ذهبنا إلى المعهد الوطني للإحصاء، وتحدثنا مع أحد الموظفين الذي أكد أن معلومات المعهد مقتصرة على كميات اللاكتوسيروم ولكنه لا يملك معلومات مرتبطة بالجهات التي تستورد المادة المذكورة.
وكانت الخطوة التالية التوجه مباشرة إلى مراكز تجميع الحليب لمحاولة الدخول إليها والبحث داخلها عن اللاكتوسيروم لإثبات وقوع عملية الغش.
حاولنا الدخول إلى أكثر من مركز، وكنا نخفي هويتنا الصحفية وندعي أننا نحاول الحصول على فترة تدريب في مراكز تجميع الحليب. لم نتمكن من دخول سوى 3 مراكز، الأول بالفحص من ولاية زغوان والآخران في ولاية القصرين.
وبدخولنا لم نعثر على أي أثر لمادة اللاكتوسيروم، بل إن صاحبي مركزي التجميع بالقصرين أكدا أنهما لم يسمعا بها سابقاً.
المرحلة التالية تمثلت في إجراء تحليل مخبري على عينتين من الحليب، الأولى من مركز التجميع المذكور بزغوان والاخرى للحليب المعلب، وقد تم اختيار “الماركة” الأكثر شيوعاً في تونس.
التحاليل أثبتت أن العينتين تطابقان المواصفات المنصوص عليها من الدولة، وبالتالي غياب عملية الغش.
الصعوبات التي واجهتنا تمثلت في التعتيم من قبل السلطات (وتحديداً وزارة التجارة والديوانة التونسية) على الجهات التي تستورد مادة اللاكتوسيروم ورفضها مدنا بأي معلومات حول هذه المادة. علاوة عن صعوبة الدخول إلى مراكز تجميع الحليب.
حتى الآن لم ترد إلى أي ردود فعل على التقرير الإخباري.
Leave a Reply