حيّ المنكوبين

2017/01/19
التاريخ : 19/01/2017

تم اختيار الفكرة من خلال عملي الصحفي، تابعت سير بعض المقاتلين لمعرفة خلفياتهم والأسباب التي دفعتهم الى حمل السلاح أو القيام بعمليات إنتحارية. وتبيّن لي بأنه خرج من حيّ المنكوبين الواقع في شمال لبنان أكبر عدد مقاتلين وجهاديين (سنّة)، فأردت أن أعرف أكثر عن هذا الحي وعن الأسباب الخاصة به والتي تدفع الشبان الى الجهاد.

بالنسبة للمنهجية التي اتبعتها، زرت هذا الحيّ كثيراً وتعرّفت على زواريبه وعلى شكل الحياة فيه ووجوه ساكنيه وما تقوله هذه الوجوه عن بؤسهم ويومياتهم، واستطعت أن أبني شبكة علاقات مع شيوخ ومع أناس عارفين بتاريخ المنطقة ومع حقوقيين ومحامين يدافعون عن الموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانية. حضّرت أسئلة وأجريت الكثير من المقابلات وقرأت عن تاريخ المنطقة وما كُتب عنها.

توصّل التحقيق الى تعريف مفصّل عن واقع الحي وتاريخه وحالة ساكنيه والى ذكر الأسباب العديدة المتداخلة التي جعلت منه الحيّ الذي خرج منه أكبر عدد مجهاديين، مع التركيز على عامل أساسي وهو الدور الذي لعبته عائلة “الحاج ديب” في تجنيد الشبان الصغار وإرسالهم للقتال أو للقيام بعمليات إنتحارية في لبنان وسوريا والعراق.

فيما يخص الصعوبات التي واجهتها، صعوبة بناء الثقة مع الأشخاص الذين قابلتهم وجعلهم يتكلمون براحة ويُدلون بمعلومات، فهم يعيشون في حالة قلق وخوف من جهة، وفكرة التواصل مع إمرأة آتية من بيئة مغايرة كان صعباً في البداية عليهم من جهة ثانية.

البعد الجغرافي، إذ أن الحي بعيد عن مكان إقامتي وهو موحش ومفصول عن الحياة.

إستحالة إيجاد مقاتلين سابقين يقبلون التكلم عن تجربتهم، لأنهم بحالة خوف شديدة، خاصة بعد الإجراءات الأمنية المشدّدة التي اتبعتها الدولة في السنوات الماضية.

أما ردود الفعل كانت إيجابية جداً على التحقيق. سمعت من كثيرين أنهم كانوا متعطشين لقراءة موضوع مفصّل شامل مهني عن حي منسي وعن قضية ملحّة. الأشخاص الذين ذكرتهم كانوا ممتنّين للدقة والإخلاص في نقل كلامهم.

كما أن العديد من الصحافيين اتصلوا بي للإشادة بالموضوع، خاصة وأن الصحافة في لبنان حسب قولهم تفتقر لتحقيقات إستقصائية من هذا النوع.