كانت تجربة فريدة هي الأولى من نوعها بالنسبة لنا، فيها المغامرة وفيها بعض الغموض الذي توضح بنهاية الرحلة، خاصة أن الموضوع يتعلق بأناس علاقاتهم ببعض أشبه بعلاقات المافيا، لكن أخذنا على عاتقنا المضي في البحث عن تفاصيل الموضوع ومحاولة إيجاد مصدر تزوير الشهادات العلمية.
مع صعوبات متطلبات التحقيق التي اكتشفناها لاحقاً من جهة والتعامل مع المزورين من جهة أخرى، استغرق معنا الأمر وقتاً طويلاً، لكن بالنهاية تمكنا من إثبات واقعة التزوير وتبيان مدى أثرها على الطلبة السوريين الحاملين لشهادات نظامية. مستقبل الطلاب السوريين خارج البلاد أشبه بالسير في طريق طويل لا تُعرف خباياه، فمع الشروط الكثيرة التي تشترطها الجامعات التركية كدراس اللغة ومعادلة الشهادة، يأتي أصحاب الشهادات المزورة وينافسون الطلبة الآخرين على المقاعد الجامعية، وهذا الأمر بلا شك أكبر عائق يواجه الطلبة النظاميين دون أن يشعروا به.
عندما تغيرت سياسة مديرية التربية التركية اتجاه الطلبة السورية واشترطت عليهم شروطاً جديدة من أجل تعديل شهاداتهم الثانوية كالخضوع لفحص معياري، عرفنا ذاك الوقت أن هذا الإجراء جاء نتيجة تزوير الشهادات السورية المتزايد، ونتيجةً لمحاولاتنا المتكررة للحصول على حلول كانوا قد اتخذوها لحل هذا الموضوع.
من هذه المنطقة بدأنا العمل على تكوين فرضية التحقيق التي بدأناها بمقابلة طلبة تعرضوا للنصب من قبل مكاتب التزوير واكتشف أمرهم لاحقاً من قبل الجامعات التي تقدموا لها، كما تواصلنا مع أحد الطلاب الذين لا زالوا يدرسون في الجامعة بشهادة ثانوية مزورة وتكلم لنا بكل سرية عما فعله.
بعد ذلك سافرنا إلى مدينة كيليس والتي تعتبر مركز السوريين في تركيا والمكان الذي تنبع منه الشهادات العلمية المزورة لكثرة مكاتب التزوير فيها. تواصلنا مع عبدو الذي يملك مكتباً لتزوير الشهادات في المدينة، كنا نتوقع أن يتستر ويطلب عدم ذكر اسمه أو يرفض اللقاء معنا في مكتبه الخاص، لكنه على العكس تباهى بعمله، ليس هو فقط بل والده الذي قال ولدي ناجح بعمله وقد جني الكثير من الأموال.
بعد اللقاء بعبدو وتلاه لقاءات عديدة مع عدة مزورين آخرين، انتقلنا للقاء وزير التربية في الحكومة السورية المؤقتة، لتوضيح موقفهم من الاتجار بالشهادات المزورة، لكن كانت الردود خجولة، كما حاولنا أن نلتقي بوالي عينتاب للوقوف أكثر على ظاهرة التزوير لكن لم نستطيع. مع ذلك بقينا نواصل العمل على إنجاز التحقيق إلى حين اكتملت أركانه ومعلوماته التي بدأت فكرته من تصرف مديرية التربية التركية وإلزام الطلاب السوريين على الخضوع إلى فحص معياري