إياد الموسمي - زبيد التاريخية .. هل تغادر مدن التراث الإنساني؟!

2013/06/23
التاريخ : 23/06/2013

كلما ذكرت” زبيد ” نسترجع معجم “تاج العروس” للمرتضى الزبيدي وكذلك “القاموس المحيط” لمجد الدين الفيروز آبادي أشهر معاجم اللغة، بل وأكثرها ارتباطا بنا نحن أبناء مهنة الصحافة، جوانب كثيرة وعظيمة من عبقرية المدينة وشهرة علمائها تشدنا و تلزمنا وطنيا واجتماعيا وأخلاقيا إعطاءها جل الاهتمام.

على مدى سنوات بين الحين والآخر نسمع قصة معاناة هذه المدينة، تحذيرات حكومية للمواطنين، وغضب الأهالي من تعسف الحكومة وتلويح اليونسكو بالكرت الأحمر لشطب المدينة من قائمة التراث العالمي، والمؤلم أن المدينة القديمة المبنية “بالآجر” القديم تندثر خلف كتل الاسمنت.

بدأت الفكرة بعمل تحقيق نوعي يتناول هذه القضية المزمنة. كانت دعوة شبكة أريج لحضور دورة في الصحافة الاستقصائية السبيل الوحيد لمساعدتي في إمكانية انجاز هذا تحقيق، ليقيني ان هذا النوع من التحقيقات سيكون له الصدى الكافي لكشف المستور بتحريك الرأي العام وإمكانية إحداث أي ردة فعل تجنب المدينة، ليس الشطب من قائمة التراث العالمي فقط بل مساعدة المدينة التاريخية على البقاء كشاهد حي لحضارات متعاقبة.

جمعت معلومات جيدة قبل إعداد الفرضية من ضمنها غياب قانون يمني لحماية المدن التاريخية الذي لا يزال يقبع داخل أدراج البرلمان منذ عقد ونصف، ذلك ما حفزني أكثر لانجاز التحقيق.

بدأت بعمل لقاءات متعددة مع المختصين لأخذ آرائهم، وجمعت ما استطيع جمعه من وثائق وتقارير من جهات مختصة تلقي باللوم على بعضها البعض وهذا سهل لي الحصول على كثير من الوثائق التي ساعدتني على الغوص في ملف القضية .

حصلت على تقارير رسمية ومراسلات موثقة بين الجهات التنفيذية المسؤولة والحكومة جميعها تؤكد تقصيرها في القيام بمهمة الحفاظ على المدينة وتسرد واقعها السيئ، كل ذلك شكل لي احد المعطيات المشجعة للمضي في التحقيق وضرورة زيارة المدينة، وهو ما تم واستمر بقائي فيها ستة أيام قضيتها في الاطلاع على معالم تاريخية آيلة للسقوط ومنازل قديمة تشهد غزوا يوميا للاسمنت. كما التقيت بكثير من أبناء المدينة، علماء ومثقفين ومسؤولين جميعهم ابدوا عدم الرضا لما يحدث في المدينة.

استعنت بعدد من المراجع التاريخية وبعض المؤلفات الأجنبية التي قدمها مستشرقون غربيون أعجبوا بالمدينة وتاريخه، بالإضافة إلى دراسات مختلفة لناشطين ومهتمين في شأن المدينة.

الصعوبة التي واجهتها هي ضيق الوقت لارتباط الفرضية بوقت زمني معين اقتضته مهلة اليونسكو لشطب المدينة وكذلك مشقة المبيت في المدينة لعدم وجود فنادق للإقامة، إذ كنت أبقى فيها من التاسعة صباحا إلى العاشرة مساء ومن ثم أعود إلى مدينة الحديدة التي تبعد عنها حوالي 30 كيلو متر .

لقد أنجزت هذا التحقيق الأول الذي دخلت من خلاله لمضمار صحافة الاستقصاء، وكلي عزم على مواصلة انجاز تحقيقات أخرى.


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *