أعمار تضيع وحقوق تهدر- هناء بوحجي

2016/06/23
التاريخ : 23/06/2016

لاحظت خلال البحث والتقصي في تحقيق سابق عن الانتهاكات والأضرار التي تتعرض لها عاملات المنازل في البحرين بسب قصور القانون عن حمايتهن، أنجز أيضا بدعم وإشراف (أريج)، أن من بين الانتهاكات التي يتعرضن لها هي أنواع من العمل القسري الذي يصنّف كاتجار بالبشر، مثل حجب الراتب وحجز الوثائق الشخصية والمنع من السفر لفترات طويلة. وكشف البحث الأولي عن أن هذه الانتهاكات لا يتم تصنيفها لدى السلطات الأمنية ضمن مخالفات الإتجار بالبشر. وبعد الاطلاع على حالات الاتجار بالبشر المسجلة لدى الجهات الأمنية اتضح، بالفعل، أنها في غالبيتها استغلال في أعمال الدعارة وليس من بينها حالات العمل القسري لعاملات منازل.
وفي حين كان التحقيق الأول الذي أُنجز في 2010 قد سلط الضوء على الأضرار التي تتعرض لها عاملات المنازل بشكل عام، يأتي هذا التحقيق ليركز على جزئية العمل القسري من جملة تلك الأضرار وكيفية التعامل معها من الناحية القانونية خصوصاً مع وجود قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص الذي كان للبحرين الريادة في إصداره في المنطقة منذ العام 2008.
تمت صياغة الفرضية بناء على الدلائل الأولية لوجود متضررات من العمل القسري في منازل أصحاب العمل وأن سبب ذلك عدم تصنيف هذه الأضرار تحت عنوان الاتجار بالبشر.
أهمية الموضوع تكمن في الاختلاف الكبير بين التعامل مع الحالات المتضررة من العمل القسري تحت قانون العمل أو التسوية الودية، وبين اعتبارها حالات اتجار بالبشر. إذ يختلف حجم التعويض للمتضرر وكذلك نوع وحجم العقاب الذي ينال المخالف.
وسار العمل في التحقيق، في بدايته، بشكل جيد لتوفّر عناصر الموضوع من حالات من العاملات المتضررات وكذلك توفّر القوانين التي سيتم معايرة هذه الأضرار بما تغطيه هذه القانون من أضرار، وأيضا أقوال وشهادات المحامين والقانونيين التي كانت تصب في صالح الفرضية. إلا أن اعداد الموضوع تعطل في بعض جوانبه المتعلقة برأي بعض الجهات الأمنية لتأخرها في الرد، ومر بأوقات يأس دفعت في مرحلة من المراحل إلى التفكير في الاستفادة من أرقام أو تصريحات أدلى بها مسئولون من وحدة مكافحة الإتجار بالأشخاص التابعة لوزارة الداخلية، للصحف المحلية، عوضاً عن الحصول عليها في رد خاص على أسئلة معدة التحقيق، إلا أن المحاولات أثمرت فيما بعد تعاون مسئولين من الجهات الأمنية وتزويدنا بالمعلومات والردود المطلوبة.
اعداد التحقيق استغرق حوالي العام وكان التخوف خلالها أن تأتي ردود الجهات الأمنية مخالفة للفرضية وبالتالي تأخذها لمنحى آخر غير ماهو متوقّع، إلا أنها جاءت مطابقة للمتوقع بما يخدم الفرضية ويؤكدها.
وبالإضافة إلى صحة الفرضية، تكشّفت خلال البحث والتقصي جوانب مختلفة من أسباب المعاناة التي تتعرض لها فئة عاملات المنازل لسبب أوضاع العمل الخاصة التي يعملون تحتها. ومن شأن تسليط الضوء على هذه الأوضاع والأسباب أن يلفت الجهات المسؤولة والمجتمع إلى أهمية الانتباه لها ومعالجتها من أجل حماية حقوق فئة يعادل حجمها نحو 10% من السكان وتوقيع العقاب المناسب لحجم الضرر بمن كانوا يستفيدون من الوضع الذي كشف عنه هذا التحقيق.