ثغرة أو نقطة ضعف في قانون استغلال الثروة المعدنية في مصر كانت كفيلة بجعل الإهمال يبدو أسلوبا ممنهجا في التعامل مع المناجم والمحاجر بعد توقف استغلالها. الشركات تكون ملزمة في تعاقداتها مع الجهة المسؤولية بإعادة تأهيل وتسوية أرض المنجم أو المحجر، ويتضمن العقد غرامة عليها في حالة عدم التنفيذ. لكن الغرامة تقل كثيرا عن تكاليف إعادة التأهيل مما يجعل الشركات تفضل سداد الغرامة بدلا من تكبد تكاليف أكبر في إعادة التأهيل. والنتيجة تحول المحاجر والمناجم المهجورة إلى مقالب للنفايات ومخلفات المصانع بعيدا عن أعين الرقيب، واحيانا تكون أمام عينيه لكن لا يحرك ساكنا.
تكرار المشكلة في أكثر من مكان في مصر جعل اسلوب البيكارسيك هو الأفضل لكتابة التحقيق لرسم ما يبدو صورا متقاربة وربما متكررة لما يحدث في تلك الأماكن. واحتاج تنفيذ التحقيق إلى السفر لمناطق نائية في الصحراء، ليكشف كيف فقدت بكارتها بتدهور الوضع البيئي في المناجم والمحاجر المهجورة نتيجة تسرب المياه الجوفية أحيانا وتراكم المخلفات في أحيان أخرى.
وسعى معد التحقيق إلى توضيح اختلاف الجهة المسؤولة في حالة المناجم عن حالة المحاجر، وتنازع الجهتين في بعض الاحيان لدرجة اللجوء إلى القضاء.
وبلغت الأمور حدا عبثيا حين حاولت جهة حكومية استغلال بحيرة من المياه الجوفية المتسربة في موقع منجم مهجور وسط تلال متراكمة من القمة والمخلفات، والترويج لتلك البحيرة على أنها مشروع سياحي أثناء مؤتمر استثماري في شرم الشيخ.
وحصل معد التحقيق على عينات من المياه الملوثة لتحليلها وبيان حجم المخاطر بطريقة علمية.
ومع كشف حجم الإهمال في التعامل مع المشكلة، عمد التحقيق أيضا إلى عرض بدائل مجدية، ومنها تجربة لتنقية التربة من التلوث قامت بها شركة كورية لحساب مجمع بترولي.
وكان الهدف تجسيد حجم الخطر وتقديم الحل في نفس الوقت عسى أن تتحرك الجهات المسؤولة التي تحدث إليها معد التحقيق لوضع حد للمشكلة.