يكشف تحقيق “مستودعات الأنابيب” واحدا من المخاطر المسكوت عنها إلى حد كبير في مصر. الأهالي لا يزعجهم وجود تلك المستودعات وسط البيوت، وربما لا يتنبهون إلى ما فيها من خطر إلا بعد فوات الآوان بوقوع انفجار في واحد منها. والمسؤولون بدورهم يتقدمون خطوة ويتراجعون أخرى في ايجاد حل للمشكلة لأسباب واهية لا تساوي بالطبع حياة المواطن بأي حال من الأحوال.
وكان لا بد من العودة إلى جذور المشكلة لمحاولة فهم سبب هذه اللامبالاة في التعامل مع الأمر. وجاءت نقطة البداية من البحث عن الاطار القانوني أو القرار التنفيذي الذي تعمل من خلاله تلك المستودعات. وكانت المفاجأة أن القرار لا يحظر وجود تلك المستودعات داخل الكتلة السكنية، ومن هنا ربما أصبح وجودها مألوفا سواء من المواطنين او المسؤولين. وعلاوة على ذلك، فالقرار صدر قبل أربعة عقود أي حين كانت جغرافية أحياء القاهرة وغيرها من المدن المصرية تختلف كثيرا عن وضعها الحالي.
وبحثت نادية مبروك في تحقيقها بعد ذلك عما إن كانت الشروط المفروضة لتنظيم عمل تلك المستوطنات تلقى التزاما ومراعاة لها.
وفضلا عن شهادات الأهالي عما يتعرضون له من مخاطر، كان لا بد من المعاينة رأي العين للأوضاع على الأرض. وقامت معدة التحقيق بجولة ميدانية لم تقتصر على محافظة واحدة لضمان أن تكون النتيجة معبرة وممثلة للواقع. وتمت المقارنة بين خمسة مستودعات من حيث المنطقة ووجود سور حول المستودع، وكيفية تخزين اسطوانات الأنابيب، وكيفية التعامل مع عمليات التفريغ والتحميل، ومدى القرب من مصادر للهب والاشتعال.
ولدى مواجهة المسؤولين بما توصل له التحقيق، ظهر مدى تفرق المسؤولية بين أكثر من جهة، وكل منها يعتبر أن الكرة ليست في ملعبه وأن جهة ما أخرى هي التي تستحق اللوم.
التحقيق كشف الواقع المرير لتلك المستودعات، وأسقط الحجج التي قد يتذرع بها البعض في بطء التحرك لايجاد حل للمشكلة. وقدم العديد من النماذج التي تبين أن الخطر حقيقي، ويمكن أن يزهق الأرواح في أي لحظة.