تعد مشكلة زارعي الكلى في اليمن من أهم المشاكل الإنسانية التي تشهدها البلاد منذ نحو عامين، كون انعدام الدواء المجاني الذي كانت تصرفه وزارة الصحة اليمنية ويعتمد عليه زارع الكلى للبقاء على قيد الحياة يعني الاستسلام للموت، خاصة وأسعار الدواء الخاصة بأمراض وزراعة الكلى في الصيدليات التجارية مرتفعة جدا ويصعب على زارع الكلى توفيرها شهريا.
ولهذا تم بناء الفرضية الخاصة بالتحقيق على جملة معطيات أهمها الحرب الدائرة في البلاد وما يرافقها من حصار وشحة الموارد المالية باعتبارهما السبب الرئيس وراء انعدام الدواء المجاني، لتصبح الفرضية كالتالي: “الحصار وانخفاض المخصصات المالية بعد الحرب تحول دون توريد وزارة الصحة لعلاج أمراض زراعة الكلى الذي يصرف مجانا في المستشفيات الحكومية ما يهدد حياة مرضى بالموت أو بتدهور حالتهم الصحية”.
ومن خلال العمل على هذا التحقيق حتى إنجازه بصورته النهائية، تمكنا من إثبات أن الحصار لم يكن له أي تأثير في انعدام الدواء المجاني، باعتبار أن الصيدليات التجارية وشركات الأدوية الخاصة تقوم باستيراد الدواء بشكل مستمر ولا تأثير لأي حصار على ذلك، كما ثبت لنا أن السبب الرئيسي والوحيد لانعدام الدواء المجاني الخاص بزارعي الكلى، يعود لعدم توفر المخصصات المالية المعتمدة سنويا لشراء الدواء الخاص بزارعي الكلى، حيث لم تصرف وزارة المالية المبالغ المرصودة لشراء الدواء للعامين 2015 و2016.
وخلال فترة تنفيذ التحقيق التي استمرت لنحو خمسة أشهر التقيت بالزميل عبدالله حزام أربع مرات في لقاءات مباشرة، إلى جانب التواصل المستمر بالهاتف والإيميل حيث كنا نناقش المعلومات التي يتم جمعها ودرجة أهميتها وكيف يمكن الاستفادة منها، إلى جانب مناقشة بعض الصعوبات التي واجهت تنفيذ التحقيق وكيفية تجاوزها.
حيث واجهت الزميل خلال مراحل إعداد التحقيق عدد من الصعوبات والتي كان أهمها عدم تمكنه من الالتقاء بأمراض وزارعي الكلى، خاصة مع إغلاق الصيدلية المركزية التابعة للمستشفى الجمهوري بالعاصمة صنعاء والتي تعد النافذة الوحيدة لصرف الأدوية المجانية التي توفرها وزارة الصحة لأمراض الكلى والقلب والسكر وغيرها من الأمراض التي تتطلب دعم ومساندة من الدولة ممثلة بوزارة الصحة، وهو ما تطلب جهد إضافي في البحث عن الأمراض من خلال العودة للسجلات الطبية في المستشفيات والحصول على عناوين وهواتف عدد من زارعي الكلى والتواصل معهم ومن ثم الترتيب للقاءات مباشرة مع العديد منهم.
وبالنسبة للصحفي فإن أهم مزاياه مقدرته على تنفيذ مثل هذا النوع من التحقيقات الصحفية، خاصة ولديه خبرة سابقة، حيث نفذ من قبل تحقيق مماثل بدعم شبكة أريج حول تعاطي طلاب المدارس للقات في اليمن مع الزميل معين النجري، إضافة إلى إلمامه بالموضوع الذي يعمل عليه وتوثيق البيانات واللقاءات التي كان يحصل عليها ويجريها، وهو ما سهل عليه معالجة الملاحظات أولاً بأول.