عماد ومجدلين عندما يتعايشان مع أوجاع نزلاء وخريجي دور رعاية الأيتام
لم يكن هذا التحقيق سهلا إن لجهة جمع المعلومات أو إقناع المصادر بالحديث دون وجل، من أجل المنفعة العامة. فالفئة التي انطلق الصحافيان لقياس مشاكلها وهمومها تخشى عادة الإفصاح عن تلك المشاكل خشية التعرض للمساءلة أو المزيد من الإهمال والمعاقبة.
منذ اليوم الأول، أبدى الصحافيان الشابان اهتماما ونشاطا في رصد المعلومات وتعقب المصادر بعد إشاعة أجواء من الثقّة مع العشرات من الفتيان والفتيات داخل وخارج دور الرعاية. بعد جمع الحد الأدنى من المعلومات والوثائق، ارتأينا تقسيم المحتوى إلى جزئين؛ الأول يسلط الضوء على حياة الأطفال والفتيان داخل الدول والثاني يبحث في ما آلت إليه أوضاع الذين تخرجوا سابقا. السبب في ذلك يعود إلى أن عماد ومجدلين توصلا إلى معلومات موثقة تفيد بأن نزلاء مراكز الإيواء يخرجون إلى مستقبل مجهول بعد وصولهم إلى السن القانونية، وذلك في غياب استراتيجية شاملة لما بعد الرعاية داخل الدور.
استغرق جمع المعلومات، المقابلات الصوتية وكتابة التحقيقين أكثر من ثلاثة اشهر. خلال تلك الفترة واظب الصحافيان على مراجعة “أريج” وإطلاعها أولا بأول على الوثائق كافة وطلبا النصح حيال تحديد مسار التحقيق. وهكذا بنى عماد ومجدلين تحقيقين يتضمنان سردا مفصلا عن حيوات الفتيان الذين فقدوا اهاليهم بسبب الموت أو الإهمال.
في أكثر من محطة، شعر عماد ومجدلين بصعوبة المهمة لا سيما فيما يتعلق بإقناع المتضررين لكشف شكاواهم دون التعرض لمساءلة لاحقة. لكن المثابرة والإصرار على مساعدة هذه الفئة ووقف التجاوزات أوصلا كاتبي التحقيق إلى النهايات.
واظب الكاتبان على التلاقي معي مرتين أو ثلاث مرات أسبوعيا، شرعا خلالها في نقل انطباعاتهما ومضامين المقابلات الميدانية على شاشة الحاسوب. في السياق، جهّزا جداول ووثائق لإسناد فحوى التحقيق دون إعطاء مؤشرات إلى المصادر الرئيسة.
بالنسبة لمجدولين علاّن، لم يكن هذا التحقيق هو الأول الذي تنجزه. إذ سبق لهذه الصحافية النشيطة أن أنجزت تحقيقا فازت به بالجائزة الأولى خلال مسابقة (أريج) السنوية أواخر العام الماضي. أما عماد، فأثبت قدرته على رصد المعلومات ومتابعة المصادر مشكلا ثنائيا ناجحا مع السيدة مجدولين علاّن.
مرة أخرى يثير تحقيق معمق تحت إشراف “أريج” ردود فعل قوية على مستوى الشارع والمسؤولين. والأمل كبير في إحداث تغيير إيجابي لما فيه خير المجتمع ومنفعته، لاسيما الشرائح الأقل حظا.