يومياتي مع تحقيق حنان خندقجي في إنصاف أطفال مكسوري الخاطر يفتقرون إلى الحصانة المجتمعية
كلّفت أريج الزميلة حنان خندقجي بهذا التحقيق الشائك والمثير للحزن والغضب بعد أن وردتني معلومات عن تعرض أطفال في مراكز لإيواء ذوي الإعاقة إلى صنوف شتّى من الإيذاء النفسي والجسدي، بما في ذلك اعتداءات جنسية داخل حافلات المراكز.
رغم قلة خبرتها في عالم الإعلام، تعاملت حنان مع هذه القضية باحتراف وسعت لجمع أكبر قدر من الحقائق وتحليلها وصولا إلى تحقيق مطبوع ومتلفز، أثار في النهاية الرأي العام العربي؛ لجهة حجم الصدّمة، مساحة انتشار الإساءات ونوعية الضحايا.
على مدى أكثر عام، حاولت هذه الصحافية الشجاعة/ الصابرة نبش تفاصيل الاعتداءات مستخدمة أساليب غير مألوفة في هذه المنطقة: مثل التطوع للعمل في أحد المراكز ثم استخدام كاميرا خفّية بإشراف هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية.
كلما التقيت بحنان لمراجعة سير التحقيق، كنت ألمس حجم التأثر النفسي الذي تتعرض له نتيجة معاينتها ألم الأطفال وقلّة حيلتهم أمام حجم الإساءة والتعذيب الذي تعرضوا له. وساهمت الزميلة مجدولين علاّن – المثابرة والناشطة في كتابة التحقيقات – في تسهيل عملية الإشراف على حنان. كما أثرت تعليقاتها محتوى التحقيق وأفضى تشجيعها المتواصل إلى اكتمال جهد كاتبة التحقيق.
كان هذا التحقيق فرصة لتدريب حنان على قراءة القوانين والأنظمة، تحليل المضامين، مطابقتها بين الواقع (الحقيقة) والنظري، بحثا عن التجاوزات والخروقات. وفوق ذلك، نجحت حنان في وضع أصبعها على الثغرات القانونية والإهمال الوظيفي، أهم أسباب معاناة الأطفال وقصور الإدارة. وفي معرض التحليل والكتابة، راعنا حجم تضارب المرجعيات وتبادل الاتهامات بين المؤسسات المشرفة على دور إيواء ذوي الإعاقة، الأمر الذي عمّق حجم المشكلة وأبقاها بعيدا عن دائرة الضوء.
بموازاة كتابة التحقيق محليا لراديو البلد، كانت البي بي سي تجهّز تقريرا متلفزا عن هذه الثيمة بعد الاتفاق مع الإذاعة المحلية وأريج.
في المحصلة، وثّق هذا التحقيق والتقرير المتلفز انتهاكات جسدية ولفظية من ضرب، شتائم، إساءة وإهمال بحق عدد من الطلاب، ذوي الإعاقة.
سبق لأريج أن فتحت ملفات حساسة مشابهة من قبيل معاناة نزلاء دور الأيتام والمستقبل المجهول الذي ينتظر غالبيتهم بعد انتهاء استضافتهم بمجرد بلوغهم سن الرشد (مجدولين علان وعماد الرواشدة). لكن هذا التحقيق أثار ضجّة كبيرة ودفع الملك عبد الثاني إلى القيام بجولة مفاجئة في أكثر من مركز بعد سويعات على نشره في الأردن، وقبل عرضه عبر شاشة البي بي سي.
ويبدو أن تأثير الكاميرا في إحداث صدمة مجتمعية ونوع وسيلة النشر (عالمية بحجم وثقل البي بي سي)، ساهما كثيرا في حدّة ردّة الفعل على المستويين الرسمي والشعبي.