بدا العمل مع الزميل صقر الصنيدي ممتعاً لانجاز التحقيق الخاص بـ”جيران مصانع الإسمنت.. الحياة مع الهواء الملوث”، نظرا لأهمية وجدة الموضوع، وللأسلوب المتميز الذي يتمتع به الزميل، حيث تم التفاهم مع صقر على إخضاع كل مراحل العمل للتشاور المسبق، ومن ثم التقييم اللاحق لما أنجز من المهام، وهو ما حدث فعلاً حتى الانتهاء من مرحلة جمع المعلومات والوصول إلى مرحلة الصياغة الأولية، التي كشفت بعض جوانب النقص في بعض المعلومات، ليتم استكمالها أولا بأول حتى وصلنا إلى النسخة النهائية.
وإلى جانب التواصل بالهاتف والإيميل للتحدث حول بعض الجوانب الآنية والمستعجلة أو التي لا تستدعي اللقاء المباشر، كانت لنا العديد من اللقاءات التي خصصت لمناقشة المعلومات التي تم جمعها ميدانيا من المواقع المحيطة بمصانع الأسمنت المستهدفة في هذا التحقيق، وتحديد المعلومات التي ما تزال غير متوفرة، وكيفية الوصول إليها سواء في المناطق محل البحث أو لدى الجهات والأجهزة المعنية، التي يجب أن تكون حاضرة ومشاركة في التحقيق، وتحديد البدائل المتاحة في حال لم يتم الحصول على المعلومات المطلوبة من المصادر الأولى.
أما أهم التحديات التي واجهتها مع الزميل صقر خلال عملية الإشراف، فتمثلت أولا في صعوبة الحصول على بعض الإحصائيات المتعلقة بالتحقيق، وبخاصة منها المتصلة بتأثيرات التلوث الذي تحدثه مصانع الأسمنت على صحة السكان المحيطين بها، والتي كشف التحقيق تأثيرها المباشر على الأجهزة التنفسية وعيون السكان، وهو ما دفعنا لرصد هذه التأثيرات لفترة ستة أشهر، لمعرفة عدد حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي المدونة في سجلات المستشفيات الحكومية في المناطق المستهدفة، ومقارنتها أولا بمنطقة المقارنة البعيدة عن مصانع الأسمنت، ثم مقارنتها بحجم الإصابة المرصودة في إحصائيات وزارة الصحة على مستوى الجمهورية اليمنية، وهو ما أظهر الفرق بين المناطق الملوثة وغير الملوثة.
أما التحدي الآخر فتمثل في عجزنا عن الحصول على نسب دقيقة تبين حجم التلوث الذي تحدثه مصانع الأسمنت، وما إذا كانت فلترات التنقية ما تزال صالحة وتعمل بشكل جيد أو أنها أصبحت تالفة ويجب تغييرها، وهذه المعضلة لم نجد حلا لها لعدم توفر الأجهزة الخاصة بقياس حجم التلوث في الهواء داخل اليمن، الأمر الذي دفعنا للاستعانة بالدراسات التي أجريت من قبل حول هذا الموضوع، والمقارنة بالمعايير الدولية التي تحدد نسبة التلوث المسموح به والتي تختلف من منطقة أو دولة إلى أخرى، والاعتماد على العمر الافتراضي لفلترات التنقية المعمول به في بعض الدول.
وبالنسبة للمزايا التي يتمتع بها الزميل صقر الصنيدي، فتتمثل في قدرته العالية على التقاط بعض الجوانب الخفية والمهمة في ذات الوقت، والتي قد لا يلتفت لها الكثير من الصحفيين ويهملونها، بالإضافة إلى قدرته على الصياغة، وتحويل مشاهداته وما لديه من معلومات إلى نصوص مكتوبة بطريقة جذابة تخدم الفكرة والتحقيق، وكذا اهتمامه بكل التفاصيل حتى الصغير منها.