بدأت التواصل مع الصحفي غمدان الدقيمي قبل أكثر من ثلاثة أشهر، للعمل على انجاز تحقيقه المتميز من حيث أهميته وفكرته الجديدة التي تناقش لأول مرة في اليمن المخاطر الصحية لمغاسل الوضوء الجماعي، أحواض غمر القدمين في حمامات المئات من المساجد اليمنية القديمة.
ومثلت هذه الفكرة المتميزة وغير المطروقة من قبل في الصحافة اليمنية، عاملاً إضافياً لتحفيزنا على انجازها، رغم المعوقات التي واجهتنا خلال مراحل إعداد التحقيق، وأهم هذه المعوقات طول الفترة الزمنية الفاصلة بين أخذ العينات من الأحواض ومغاسل الوضوء الجماعي، وبين فحصها بواسطة أجهزة المختبر المركزي في صنعاء، وعدم توفر بعض الأجهزة الحديثة والمتطورة، وهو ما حال دون ظهور بعض الفيروسات الخطيرة في نتائج العينات.
أما ثاني المعوقات فتمثل في غياب أعمال التوثيق والرصد لأعداد المصابين بمختلف الأمراض الجلدية، سواء في المشافي العامة والخاصة أو في عيادات الأمراض الجلدية، فضلاً عن صعوبة الحصول على بيانات المصابين بأمراض جلدية ناتجة عن استخدام المياه الملوثة في أحواض ومغاسل الوضوء الجماعي.
هذا الأمر وضعنا أمام أكبر المعوقات التي واجهت معد التحقيق هي الالتقاء بحالات مرضية ثبت إصابتها بأمراض جلدية سببها استخدام المياه في أحواض ومغاسل حمامات الوضوء التابعة للمساجد، غير أن نتائج تحليل العينات العشر كانت كافية لإثبات التلوث البرازي في جميع الأحواض التي شملها التحليل، الذي كشف أيضاً وجود البكتيريا القولونية، وما يسمى “اشرشياكولايE-coli” الدالة على وجود تلوث برازي بشري.
الأمر الذي أثار حماس الصحفي غمدان ودفعه لبذل المزيد من الجهد للوصول إلى حالات مرضية وتأكيدات طبية وعلمية بوجود علاقة بين تلوث الأحواض والمغاسل وتلك الحالات المصابة بأمراض جلدية، في أوساط مرتادي المساجد وعيادات الأمراض الجلدية، وهو الأمر الذي استنزف من الصحفي الكثير من الجهد والوقت، قبل أن يلتقي بعدد محدود من المصابين بثآليل القدم والالتهابات الجلدية، ويحصل على آراء الأطباء المتخصصين في الأمراض الجلدية، الذين تعامل العديد منهم مع طلبات الصحفي الدقيمي على أنها محاولة لكشف أسرار مرضاهم، قبل اقتناعهم بأهمية الموضوع.
إلى جانب أن العديد من المصادر كانت لديها محاذير شرعية، باعتبار أن هذا التحقيق يتناول ويمس الوضوء والصلاة، وهذا الأمر كان كافياً للإحجام عن التعاون مع الصحفي، وهو ما تطلب جهد مضاعف لتوضيح الأمر للمصادر وإقناعها.
أما أهم جزئية كشفها التحقيق إلى جانب المخاطر الطبية وتلوث المياه، فتتعلق بسلامة وبمشروعية صلاة من يتوضون بتلك المياه التي ثبت تلوثها، إلا أننا ولخطورة هذا الجانب وحساسيته الكبيرة، ولأنه خارج سياق فرضية التحقيق، فضلنا طرقه بإشارة سريعة في نهاية التحقيق، وربما يكون محل اهتمام وتناول آخر.