استلمت الاشراف على تحقيق حسان العيادي و قد بدأ بعد الاشتغال على تحقيقه و لكن بسبب عمله الكثير في صحيفته و بعد منطقة قابس التي تشهد التلوث موضوع التحقيق، عن العاصمة تونس حيث يعمل، ابطأ تقدمه كثيرا في جمع المعلومات اللازمة للتحقيق. وجدت ان حسان كان قد تحصل على شهادات لحالات انسانية تاثرت بالتلوث بالاضافة الى قيامه بتوزيع استمارات لمعرفة عدد المصابين في منطقة شط السلام في قابس، بالاضافة الى حصوله على مجموعة من الملفات الطبية من المستشفى المحلي للمنطقة التي تثبت آثار التلوث على صحة السكان و لكن ما كان ينقصه في ذلك الوقت هو قياس معدلات التلوث في المياه و التربة و الهواء لاثبات انه متأت من المجمع الكيميائي في قابس ثم التثبت اذا ما كان المجمع يحترم المعايير المحلية و العالمية فيما يخص الافرازات الكيميائية التي يفرزها. كان لازما للصحفي ان يستند لأدلة لا تقبل الشك بالاعتماد على دراسات وعينات، ومن ثم مواحهة، اصحاب المصنع و الوزارات المعنية، بهذه الحقائق.
كنا على تواصل مستمر انا و الصحفي. يخبرني عبر الايمايل او عبر الهاتف بتقدم عمله و يعرض علي الصعوبات التي يتعرض لها لجمع المعلومات او الوصول الى بعض المصادر. كنا ايضا نلتقي بشكل دوري ليطلعني على نتائج الاستمارات التي قام بتجميعها لنبحث معا كيفية استخراج ارقام مفيدة للتحقيق منها. قمت بمده ببعض المصادر التي يمكن ان يتصل بها لمساعدته في اثبات تورط المجمع الكيميائي في التلوث، بالاضافة الى اعطائه النصائح اللازمة لتسهيل عمله.
اهم التحديات التي واجهتها خلال هذا التحقيق هي صعوبة تحليل عينات المياه و التربة و الهواء لعدم وجود مخابر تحاليل في تونس تتعامل مع الافراد فكان لا بد لنا من المرور باخصائيين في علم الارض و البيولوجيا الذين سبق و قاموا بابحاث عن الموضوع لمساعدتنا و مدنا بنتائج ابحاثهم. واجهنا ايضا صعوبة في تحليل المعلومات التي تم تجميعها من خلال الاستمارات و كان لزاما علينا الاستعانة بخبير في تحليل المعلومات لاخراج ارقام يستفيد بها الصحفي في تدعيم تحقيقه. اخيرا واجهنا صعوبة اخرى في ضيق الوقت الممنوح للصحفي للاشتغال على تحقيقه فلم يكن رئيس تحريره و لا ادارة الجريدة يمنحانه ما يحتاج من الوقت ليقوم بتحقيقه الاستقصائي و يتنقل من العاصمة الى قابس في الجنوب التونسي لاستكمال المعلومات التي يحتاجها، مما عرقل كثيرا عمله و عطل سرعة انهائه.
حسان كان صجفيا نشيطا جدا و مليئا بالحماس لموضوعه و لم يكن يتردد في البحث وجمع اي معلومة يحتاجها التحقيق. استطاع ان يجمع عديد الحالات المصابة بالتلوث الى جانب صور ووثائق توثق تورط المجمع الكيميائي في ذلك. كان ايضا صحفيا مدنيا بامتياز و ذهب عديد المرات لمنطقة حي السلام لمقابلة اهلها و الاطار الطبي هناك و للاطلاع بنفسه على آثار التلوث و تصويرها ليكون هو نفسه شاهد عيان في موضوع تحقيقه. كان متأسفا جدا لان ادارة الجريدة التي يعمل بها لم تكن تعطيه الوقت الكافي للاشتغال على تحقيقه و تطلب منه العمل يوميا على المواضيع السياسية الآنية على حساب التقدم في عمله الاستقصائي مما يجعله في عديد الاحيان غير قادر على الوفاء بالتزاماته تجاه المشرف و تجاه شبكة اريج.