أكثر من عامين في تحقيق الزميل حسن ناصر، عايشنا خلالها مع كاتب التحقيق كل أنواع الصعوبات التي يمكن أن تواجه الصحفي الاستقصائي. أولها كانت إقامته في مدينة حلب بعيداً عن العاصمة دمشق، الأمر الذي أعاق التواصل بيني كمشرف وبينه، رغم أننا تبادلنا الزيارات والتواصل عبر الإيميل والاتصالات الهاتفية.
لكن الصعوبة الكبرى، كانت في طبيعة الزميل حسن ناصر والذي يفضل الغوص في تفاصيل الموضوع ومتابعته بالتفاصيل حتى غير المطلوبة في كثير من الأحيان، لدرجة أن المسودة النهائية من التحقيق كانت بحدود خمسين ألف كلمة.
كان حسن في العام الأول من العمل على التحقيق مصراً على تجميع كل المعطيات عن اعتداءات الكلاب الشاردة في مختلف المحافظات، برغم من أن تركيزه في الفرضية كان على محافظة حلب فقط، ومع ذلك كان حسن مصراً على متابعة ما يحصل في دمشق والمحافظات الأخرى ليخرج بنتيجة شاملة ويقاطع المعلومات.
لقد أغرقته هذه التفاصيل فلم يعد قادراً على تركها، وكان كلما وصل إلى نتائج رقمية عن الضحايا أو النفقات أو مراقبة إحدى حملات مكافحة الكلاب الشاردة، كان يجد نفسه قبل نهاية العام بشهرين أو ثلاثة، فكان يصر على الانتظار لينقل نتائج نهاية العام بشكل كامل.
كل ذلك في وسط غياب شبه كامل للمعلومات والأرقام بشكل دقيق من المصادر الرسمية، فالمركز المتخصص بمعالجة داء الكلب في محافظة حلب، يتم تجاوزه إلى عيادات خاصة في مدن وقرى أخرى، وقد كان حسن مصراً على تعقبها أينما كانت، لدرجة أنك إن قلت له-وهذا ما حصل فعلاً-بأن طفلاً توفي من داء الكلب في المحافظة الفلانية من سورية، فإن حسن كان يسرد لك الاسم الكامل للطفل عمره واسم والده ووالدته، والظروف الكاملة للإصابة.
كما عمل حسن على خلق المعلومات في الأماكن التي لاتوجد فيها، حينما أجرى استبياناً دقيقاً على 180 بلدية في ريف حلب واختبر إجراءاتها جميعاً في مكافحة الكلاب الشاردة، لدرجة أنّه وفي كل مرة يراجع فيها وزارة الصحة في دمشق للحصول على معلومات، كانوا يحصلون منه على معلومات أكثر مما يقدمونه له.
ولم تكن المعاناة سهلة في تقليص عدد كلمات التحقيق عند صياغته من خمسين ألف كلمة إلى حوالي الألفين، ومع ذلك فقد كان التعاون من قبل مشرف التحقيقات في شبكة أريج سعد حتر مساعداً بشكل كبير في حل هذه المعضلة.