اثبات النسب - عماد عمر

2015/11/16
التاريخ : 16/11/2015

 تناول تحقيق “إثبات النسب” أحد الملفات المسكوت عنها في مصر. عدد القضايا يصل إلى 15 ألف قضية تقريبا حسب تقديرات منظمات أهلية ومصادر قضائية. والمعاناة في كل قضية لا تقتصر على شخص واحد بل تشمل الأمهات والأطفال بما يعني أن عدد المتضررين لا يقل عن 30 ألفا، وهو مرشح للزيادة طالما استمرت المشكلة. ورغم ذلك لا يوجد تحرك ملموس لوضع حل جذري رغم توافر الحلول العلمية من خلال تقنيات تحليل البصمة الوراثية. عدم التحرك ربما يرجع جزئيا إلى أن جانبا كبيرا من تلك القضايا يتعلق بزيجات عرفية أو سرية أو ارتباطات خارج إطار الزواج.

وقد يجد المجتمع المحافظ في ذلك مسوغا لعدم لتحرك لمساعدة من وضعوا أنفسهم في إطار مثل تلك العلاقات. لكن المفارقة أن القضاء نفسه لا يقف عند هذه النقطة وإنما يعتبر “الابن للفراش” بصرف النظر عن طبيعة العلاقة. كما أن الضرر لا يقتصر على من ربطوا أنفسهم بتلك العلاقات، وإنما يمتد إلى أطفال مثل هذه الزيجات والعلاقات، ويكون سببا في إضاعة أحلى سنوات طفولتهم البريئة دون ذنب.

ومن هنا جاءت أهمية تحقيق “إثبات النسب” ليحرك المياه الراكدة لتلك القضية. واجه إنجاز التحقيق صعوبات مجتمعية إذ لم يكن لدى كثير من المتضررين رغبة في التحدث من الأساس خوفا من رد الفعل المجتمعي وربما لعدم ثقتهم في أن هناك من يسعى بإخلاص لمساعدتهم. وكان الحل هو محاولة الوصول إلى بعض المتضررين عبر القضايا المنظورة أمام المحاكم وعبر محامين ترافعوا في تلك القضايا وأيضا عن طريق منظمات أهلية معنية بتلك القضية.

وحتى من تحدثوا طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، وكان الحل في استخدام اسماء مستعارة للحفاظ على خصوصيتهم. وبذلت معدة التحقيق جهدا كبيرا في تدقيق البيانات في ظل عدم وجود قانون في مصر يسهل للصحفيين الحصول على المعلومات. وفي الإجمال، حرص التحقيق على تسليط الضوء على نقطتين مهمتين يمكن من خلالهما وضع حد لمآسي المتضررين من قضايا إثبات النسب، وهما اختصار اجراءات ومدة التقاضي واعتماد تقنية تحليل البصمة الوراثية كحل يجزم العلماء بأنه كفيل بحسم القضايا.