الإمارات "غير جادة" في تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050


قبيل استضافتها لمؤتمر الأطراف “كوب 28” -وهو مؤتمر تنظمه الأمم المتحدة سنوياً معنيّ بتغير المناخ- حيث تجتمع أكثر من 190 دولة في الإمارات العربية المتحدة هذا العام، في الفترة من 30 تشرين الثاني/نوفمبر حتى 12 كانون الأول/ديسمبر 2023، تناولت حسابات وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، الحديث عن سعي والتزام الإمارات بالوصول لصافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 (هنا، وهنا، وهنا، وهنا)، وتأكيد ريادتها في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة، وذلك في سياق استضافتها لمؤتمر الأطراف “كوب 28”.

بالرجوع لتقرير المساهمات المحددة NDC في نسخته الأخيرة، والمقدم من قبل حكومة الإمارات العربية المتحدة للأمم المتحدة، في سبيل التزامها بتحقيق الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، أورد التقرير أن الحكومة تسعى بالفعل إلى تقليل كمية الغاز المستخدم في توليد الطاقة بنحو 30%، بحلول 2030، فالحد من انبعاثات قطاع الطاقة إحدى أولويات دولة الإمارات، كما تعهدت بتقليل الانبعاثات إلى 19% حتى حلول 2030، وفق التقرير.




نقتبس من التقرير في نسخته الثالثة: “سيقلل هدف التخفيض الجديد لعام 2030 من صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (GHG) من الرقم المستهدف سابقاً وهو 208 MtCO2e، كما تم الإعلان عنه في NDC الثاني المحدث (2022)، إلى 182 MtCO2e. على الرغم من النمو الاقتصادي والسكاني المستدام، يمثل هذا الهدف انخفاضاً مطلقاً في انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 19٪ بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2019.”


يذكر تقرير المساهمات المحددة لدولة الإمارات، عام 2023 للـ UNFCCC، أن الدولة ستخفض من انبعاثاتها من عام 2019 حتى عام 2023، بنسبة 19% حيث وضحت أن قطاع النفط والغاز سيكون ضمن قطاع الصناعة وهو أكثر قطاع منتج للانبعاثات في الإمارات، وفق التقرير ذاته بواقع 103 ملايين طن مكافئ لثاني أكسيد الكربون عام 2019 وهو يمثل أكثر من 80% من انبعاثات الإمارات.


وأوضحت الوزارة في التقرير الرسمي، الذي يمثل طموحات الدولة والتزامها الرسمي للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، أنها ستخفض اعتمادها على محطات الطاقة المعتمدة على الغاز، من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة كالطاقة المتجددة، من دون أي توضيح أو ذكر أي رقم، خاصة بمصادر الغاز والنفط في الدولة واكتفت بإدراجه في قطاع الصناعة واستهداف تخفيض انبعاثاته بنسبة 5% من دون أي توضيح للكيفية.

فما مدى جدية هذا الالتزام؟

صدر بيان عن وكالة الطاقة الدولية IEA، في شهر أيّار/مايو هذا العام يوضح أن:

“الانبعاثات الناجمة عن عمليات النفط والغاز وحدها تمثل جزءاً كبيراً من الإجمالي العالمي. إن استخراج النفط والغاز من الأرض ومعالجتهما وتسليمهما للمستهلكين يمثل ما يقرب من 15% من الانبعاثات العالمية المرتبطة بالطاقة، ويوضح تقريرنا الأخير، الانبعاثات الناجمة عن عمليات النفط والغاز في التحولات الصافية الصفرية، كيف يمكن لصناعة النفط والغاز أن تقلل من هذه الانبعاثات بنسبة 60٪ من الآن وحتى عام 2030″.

ويوضح البيان أن الدول التي لا تأخذ تخفيض انبعاثات الغاز والنفط على محمل الجد لن تتمكن من الوصول لهدف صافي انبعاثات صفرية لعام 2050.

قبيل انطلاق مؤتمر المناخ في شهر ديسمبر 2023 أطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP تقرير بعنوان “فجوة إنتاج الوقود الأحفوري” يوضح إنتاجات بعض الدول في مجال النفط والغاز ومن ضمنها الإمارات، التي كشفت عن نيتها في زيادة عملياتها في مجال استكشاف الغاز والنفط، الذي سيزيد من انبعاثاتها في حال بقيت على النهج نفسه في إنتاجها من الانبعاثات الكربونية، والذي يرجح أن يحيدها عن وصولها لصافي الانبعاثات الصفرية، من عدم تجاوز درجة حرارة 1.5 مئوية، وهو هدف اتفاقية باريس الذي أطلق عام 2015، حيث كانت الإمارات من ضمن الدول التي التزمت بتحقيقه من خلال الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.

بالرجوع للعديد من المواقع التي تقيم خطط الدول للوصول لصافي انبعاثات صفرية، يؤكد موقع Climate Action Tracker هذا الأمر بوصفه “أن أفعال الإمارات لا تتماشى مع خططها التي ألزمت بها نفسها للوصول لصافي انبعاثات صفرية بعام 2050، وأنه سيكون بعيداً عن الهدف الذي ترمي إليه الإمارات، في آخر تقييم للتقرير الذي أصدرته في شهر يوليو عام 2023”.

يفسر الموقع هذا التقييم لأن دولة الإمارات العربية المتحدة تخطط لزيادة إنتاج واستهلاك الوقود الأحفوري، وهو ما لا يتوافق مع الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، ويعني أنها لن تكون قادرة على تحقيق هدف المساهمات المحددة وطنياً. وستستمر الانبعاثات في الارتفاع حتى عام 2030، حيث ينبغي أن تنخفض بنسبة 35٪ عن مستويات عام 2021 لتتوافق مع 1.5 درجة مئوية، ما يعني أن هدف 19% ليس كافياً.