أسماء ممنوعة... مشروع قانون مصري يثير رعب الآباء الجدد


كانت «ريهام» تتابع برنامجها المفضل على التلفاز بينما رن هاتفها برسالة من تطبيق إخباري. تفتح الخبر الذي يشير عنوانه إلى أسماء “يمنعها القانون” بينها “كارما”، اسم ابنتها ذات العامين.

«كارما» بين عدة أسماء متداولة في مصر نشرت صفحات وحسابات في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” معلومات مضللة تفيد بأن مشروع قانون أمام البرلمان يحظرها، ويطالب بتغريم أولياء الأمور.

الخبر نفسه نُشر خلال الفترة ما بين 19 و24 آب/أغسطس في 21 موقعاً إخبارياً، ومنها إلى عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي.


ونشرت الصفحة الرسمية للموقع رابط الخبر رفقة صورة دعائية “بانر” مكتوب عليها “انتبه عند تسمية مولودك.. أسماء أطفال محظورة يُعاقِب عليها القانون”، حصد نحو 836 إعجاباً و151 تعليقاً و47 مشاركة.

وبعد يومين، وتحديداً يوم 21 آب/أغسطس 2022، أعادت الصفحة نشر الخبر ذاته مرفقاً بصورة دعائية مكتوب عليها “منها يارا ومايا وريناد وريماس.. أسماء محظورة يعاقب عليها القانون”، وهو ما وجد رواجاً كبيراً، إذ حصد المنشور 500 مشاركة، وأكثر من 3 آلاف تفاعل، ونحو 2800 تعليق، كما أعادت حسابات وصفحات على “فيسبوك” استخدام الصورة المرفقة مع المنشور.



وفي 22 آب/أغسطس 2022، انتشر على نطاق واسع في “فيسبوك” تصميم بعنوان “أسماء مواليد يعاقب عليها القانون”، يحمل شعار صحيفة “المصري اليوم”، وجاء فيه أنّ “مشروع قانون الأحوال المدنية وضع بعض الضوابط التي يجب مراعاتها عند اختيار أسماء المواليد الجدد حتى لا يتعرض الآباء إلى توقيع غرامات”. 



“الإنفوجراف” أعاد نشر الأسماء نفسها مضافاً إليها: مالك، وأمير، وسلطان، ومارك، والأمير، وكارما، ومايا، لافتاً إلى “توقيع غرامة مالية قيمتها 200 جنيه عند مخالفة نص مشروع القانون”.

وصل حجم التفاعل مع 9 صفحات على “فيسبوك” نشرت الخبر نفسه، إلى أكثر من 15 ألف إعجاب و10 آلاف تعليق و2000 مشاركة في 5 أيام فقط.


التصحيح

كان النائب البرلماني هشام الجاهل، قد طرح مشروعاً بالفعل لتعديل القانون الحالي رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية، في كانون الأول/ديسمبر 2021.

وبالعودة إلى نص مشروع القانون، لم ترد الإشارة إلى أسماء المواليد إلا في المطالبة بتغليظ العقوبة على الأفعال الواردة في المادة 21 من القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية، بدون تعديل للضوابط الواردة لتسمية المواليد بالحذف أو الإضافة، أو الحديث عن أسماء بعينها.


تنص المادة رقم (21)، على أنّه “لا يجوز اشتراك أخوين أو أختين من الأب في اسم واحد، كما لا يجوز أن يكون الاسم مركباً أو مخالفاً للنظام العام أو لأحكام الشرائع السماوية”.


ويطالب مشروع القانون بتعديل المادتين 44 و66، والأخيرة تحدد قائمة العقوبات الخاصة بضوابط أسماء المواليد التي وردت في المادة 21 غير المطروح تعديلها.

وطالب مشروع القانون بتغليظ العقوبة من غرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تزيد على 200 جنيه إلى الحبس مدة لا تقل عن سنة أو توقيع غرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه.

ويوضح هشام الجاهل، النائب عن حزب مستقبل وطن، صاحب الأغلبية في البرلمان المصري، أنه وعلى الرغم من عرضه للمقترح على وسائل الإعلام لأول مرة في كانون الأول/ديسمبر 2021، إلا أنّه فوجئ مؤخراً بإعادة تداوله مرة أخرى، مضافاً إليه المطالبة بمنع عدد من الأسماء، وهو ما لم يرد في مشروع القانون الخاص به، لا على سبيل المثال ولا الحصر.

ويؤكد الجاهل أنّ القانون الحالي، ومقترح تعديله، يهدف إلى منع الأسماء التي تؤدي إلى التهكم أو التنمر أو الاستهانة بالشخص عند الكبر، وهي أسماء شاذة على أسماعنا، مثل: زلطة وشنكورة وكعبورة، التي يشير إلى أنها “بدأت كألقاب وأسماء شهرة في الأفلام ثم جرى تداولها في بعض الأحياء الشعبية”.

انفوجراف السنوات والقرارات


أين وصل؟


يشير «الجاهل» إلى أنه تقدّم بالمقترح إلى الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن؛ لدراسة الأمر، تمهيداً لجمع التوقيعات المطلوبة لتقديم مشروع القانون إلى مجلس النواب، مضيفاً: “أتمنى أن يصل مشروع القانون إلى البرلمان في دور الانعقاد القادم”.

وقضى مجلس النواب إجازته السنوية، ابتداءً من مطلع تموز /يوليو، أي قبل أكثر من شهر على تداول الخبر المزيف، فيما عاود الانعقاد في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2022.

ويضيف «الجاهل»، الذي يمتهن المحاماة: “حتى لو كان في اسم معين يحظره القانون، سيبدأ التطبيق من وقت نشره في الجريدة الرسمية، ولن يطبق بأثر رجعي”.


نفي حكومي


نفت الحكومة المصرية، في 29 آب/أغسطس، ما تردد عن صدور قرار بتغليظ العقوبة على تسمية المواليد الجدد بأسماء دخيلة على المجتمع المصري لتصل إلى الحبس لمدة عام وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، مشددةً على أنّ كل ما يتم تداوله في هذا الشأن ما هو إلا ادعاءات زائفة.

وأوضحت، في بيان صادر عن المركز الإعلامي التابع لرئاسة مجلس الوزراء، أنّ هناك مجموعة من الضوابط التي تنظم عملية اختيار أسماء المواليد الجدد والحالات المحظور تسميتها، بموجب قانون الأحوال المدنية. (صورة رقم 4)



الأسماء الأعجمية

في أيار/مايو عام 2017، قال النائب البرلماني بدر عبد العزيز إنه تقدَّم إلى مجلس النواب بمشروع قانون لتعديل المادة 21 من قانون “الأحوال المدنية” لحظر الأسماء الأعجمية، أو التي لا أصل عربي لها، وتغريم من يخالف ذلك بما لا يقل عن 200 جنيه ولا يزيد على 2000 جنيه.

قبل أن يعلن في أيلول/سبتمبر من العام نفسه، سحب مشروع القانون بعدما “أثار حالة من الجدل في الوسط السياسي، والتحفظات الكثيرة التي وجدها المقترح”.