مكاتب هندسية تتحايل على الأنظمة

4 أغسطس 2015

-مكاتب هندسية تستغل خريجين جدد في التحايل على الأنظمة

– مشاريع أبنية بلا مهندس مقيم

– فضيحة التسجيل الوهمي تطيح برئيس المكاتب الهندسية

– نقابة ضعيفة بلا أدوات رقابية

تحقيق: دانية أبو فودة

سنة مرّت على تخرج المهندس ضرار (اسم مستعار) من جامعة البلقاء التطبيقية تخصص هندسة طرق وجسور، قضّاها في طوابير البطالة، بحثاً عن فرصة عمل، أو تدريب في نقابة المهندسين.

الحصص الهندسية أو ما يعرف بالكوتا الهندسية:    هي الحد الأعلى من المساحة التي يستطيع المهندس أو المكتب أو الشركة الهندسية العمل عليها خلال العام الواحد، وذلك بموجب تعليمات فنية تصدرها هيئة المكاتب والشركات الهندسية في نقابة المهندسين، سنداً لنظام المكاتب والشركات الهندسية رقم (2) لسنة 1985 وتعديلاته   وتحسب الكوتا  الخاصة بالمهندس استناداً إلى شهاداته وخبراته العملية، وفق تعليمات فنية تصدرها هيئة المكاتب والشركات الهندسية بعد المصادقة عليها من مجلس النقابة.   وتهدف الكوتا إلى تنظيم مزاولة المهنة الهندسية في قطاعات المكاتب والشركات الهندسية، ولفتح مجال لأكبر عدد من المهندسين للعمل على أرض الواقع.

وفي أجواء البطالة التي يعيشها ضرار، وضيق ذات اليد، تسللت إليه فرصة عبر صديق أبلغه أن مكتباً هندسياً في شارع وصفي التل/ عمان، يبحث عن مهندس مقيم، للعمل لديه في أحد المشاريع.

على الفور رتّب ضرار لقاء مع مالك المكتب في أب 2014، الذي عرض عليه تأجير حصص من المساحة التي يحق له العمل عليها كمهندس للمكتب، والبالغة قرابة 4500 متر مربع سنوياً، مقابل راتب شهري مقداره 200 دينار. سعى مالك المكتب إلى هذا الترتيب لأنه بحاجة إلى حصص هندسية مساحة تخوله العمل على مشاريع إسكانية متعددة قرب طريق المطار.
“ترددت في البدء قبل الاتفاق، لأنني أريد عملا أكسب به خبرة”، حسبما يستذكر ضرار. غير أن مالك المكتب قال “لي تعال على المشروع وقت الصبة الخرسانية”.

بخلاف الاتفاق في شارع وصفي التل، وقّع ضرار وصاحب المكتب صورياً عقد عمل في نقابة المهندسين، لمدة عام، وبراتب 400 دينار شهرياً – الحد الأدنى لراتب المهندس. وتم توثيق العقد لدى نقابة المهندسين.
لكن مضى شهر ونصف على توقيع العقد، ومالك المكتب لم يطلب من موظفه الجديد، المهندس المقيم، تفقد المشروع، رغم بدء أعمال الصبّة الخرسانية هناك.

وبعد شهرين تقريباً، حصل ضرار على فرصة عمل حقيقية في السعودية، فأخبر صاحب المكتب بضرورة فسخ العقد، ودفع الالتزامات المالية الخاصة به، غير أن صاحب المكتب رفض ذلك، طالباً من ضرار دفع رسوم تسجيل مهندس جديد بدلا منه، حتى يخلي المكتب ذمة ضرار أمام النقابة من أي حصص هندسية مشغولة باسمه.

وبعد مفاوضات مجهدة، توصل ضرار إلى أن يقدم استقالته من العمل “الوهمي”، بحيث تلغي العقد الصوري. وأرّخت الاستقالة بتاريخ مستقبلي بعد شهرين من تاريخ توقيعها.

كان هذا الخيار الوحيد أمام ضرار ليتسنى له أخذ براءة ذمة من النقابة للسفر والعمل في الخارج، وفقاً لشروط الشركة الجديدة.
“أنا أنتصب عليّ، استغل حصصي الهندسية دون مقابل، وسجلني مهندس مقيم في مشروع لم أصله” بحسب ضرار.

على غرار ضرار تستغل مكاتب وشركات هندسية مئات المهندسين الجدد بتوقيعهم عقود عمل صورية للاستفادة من الكوتا المخصصة لهم، بغية زيادة مساحة المشاريع التي يحق للمكاتب والشركات العمل عليها.

aua

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهناك علاقة طردية بين عدد المهندسين المسجلين لدى المكتب أو الشركة، ومساحة المشاريع التي يستطيع المكتب تنفيذها. فكلما زاد عدد المهندسين لدى المكتب أو الشركة، زادت مساحة المشاريع التي يحق لهما تنفذها هندسياً.

 

نقابة المهندسين الأردنيين
شخصية اعتبارية مستقلة مالية وإدارياً، تهدف لتنظيم ممارسة المهنة وتطوريها، وفق قانونها رقم (15) لسنة 1972 وتعديلاته.

وتأسست النقابة عام 1958 خلفاً لجمعية المهندسين الأردنيين القائمة منذ عام 1948. وضمت النقابة في هيئتها العام الأولى 97 مهندسا، مقارنة ب120 ألف مهندس في 2015.

تتشكل أجهزة النقابة من الهيئة العامة، الهيئة المركزية (سلطة وسيطة) وهي بمثابة برلمان النقابة تضم في عضويتها 324 مهندسا. ومجلس النقابة ويضم 9 مهندسين بينهم النقيب ونائبه، الهيئة العامة للشعب الهندسية. مجالس الشعب الهندسية، الهيئات العامة للفروع في المحافظات، ومجالس فروع المحافظات، الهيئة العامة للمكاتب والشركات الهندسية، مجلس هيئة المكاتب، لجان التجمعات الهندسية (10) لجان، لجان الاعتباط خارج الأردن (20) لجنة
وتتكون النقابة من 20 فرعا، وتدار من مجلس النقابة المكون من 9 أعضاء، وهيئة مركزية تضم 324 مهندسا.

تتحايل تلك المكاتب والشركات على، التعليمات الفنية الخاصة بالحصص الهندسية والصادرة من قبل هيئة المكاتب والشركات الهندسية في نقابة المهندسين الأردنيين سنداً لنظامها رقم (2) لعام 1985 وتعديلاته، بإبرام عقود صورية مع مهندسين مقابل نصف الحد الأدني من أجور المهندس (400 دينار/ 560 دولار) ما يُضيع حقوقهم الوظيفية، ويؤثر سلبا على جودة المباني.

تسمح هذه العقود الصورية بزيادة مقدار الحد الأعلى من المساحات التي تستطيع الشركات والمكاتب الهندسية العمل على تنفيذها: إشرافاً، تصميماً، استشارةً أو إقامة. دون وجود مهندسين يقومون بذلك على أرض الواقع، ما قد يعرض جودة البناء للخلل. يحدث ذلك في ظل تراخي نقابة المهندسين الجهة الرقابية والإشرافية على عمل مكاتب وشركات الهندسة والمهندسين.

وسط تضارب الأرقام عن حجم المشكلة، يؤكد نقيب المهندسين السابق عبد الله عبيدات الذي ترك منصبه في منتصف أيار 2015، أن مجلس النقابة السابق (2012-2015) تعامل مع أكثر من ألف مهندس مسجلين صورياً لدى المكاتب والشركات الهندسية، وتم شطب حصصهم الهندسية، من أصل قرابة 8 ألف مهندس عامل في 1200 مكتب وشركة هندسية.

في حين يقول نقيب المهندسين الحالي ماجد الطباع؛ إن مجلس النقابة السابق – والذي كان عضوا فيه – تعامل مع قرابة 250 مهندس مسجلين صورياً، وتم شطب حصصهم الهندسية.

ضرار ليس وحده من أجبرته الظروف على تأجير حصصه الهندسية. فقد وثّقت معدة التحقيق قصص 4 مهندسين حديثي التخرج؛ وقعوا عقوداً صورية مع مكاتب وشركات، دون قيامهم بمهمات هندسية.   تجربة شخصية تخفت معدة التحقيق بزي مهندسة حديثة التخرج تبحث عن توقيع عقد صوري لدى مكتب هندسي تتنازل فيه عن حصصها الهندسية أو جزءً منها، بمقابل مالي.

وعلى مدار شهر زارت4 مكاتب هندسية في العاصمة عمان عشوائياً. وافقوا على توقيع عقود صورية مع معدة التحقيق، بمبالغ تراوحت بين 100-200 دينار أردني.   معدة التحقيق تواصلت عبر الهاتف مع 7 مكاتب هندسية في العاصمة عمان خلافاً للمكاتب التي زارتها، وافق 6 منهم على توقيع عقود صورية مع معدة التحقيق، بالمبالغ ذاتها.

 

 

مهام المهندس المقيم: يقوم المهندس المقيم بالإقامة الكاملة في المشروع والإشراف على البناء ومتابعة تنفيذ أعمال الهيكل لاختصاصي الإنشائي والعمارة وأعمال التشطيبات لاختصاصي الكهرباء والميكانيك. وفقا لما يلي:      1- التأكد من طبيعة التربة ومدى ملائمتها للتصميم المقترح للأساسات والقواعد حسب تقرير فحص التربة ودعوة مكتب فحص التربة للكشف إذا لزم ذلك.           2- التأكد من التزام سلامة توقيع المخطط على الأرض من حيث مواقع المحاور واستقامتها ومناسبيها.        3- التأكد من التزام المنفذ بالمخططات التصميمية وأحكام التنظيم.                           4- التأكد من سلامة أعمال الطوبار للأعمدة والجدران والسقوف.                         5- الكشف على استلام حديد التسليح وإعطاء أمر صب الخرسانة المسلحة وإعطاء تعليمات الصب.                  6- توثيق كافة الزيارات مهندسي الاختصاصات للموقع بما في ذلك محاضر الاجتماع والتعليمات التي يعطيها المهندس المشرف.              * وفق تعليمات الإشراف الهندسي في نقابة المهندسين.

حوار مع مكتب هندسي في جبل الحسين في

عمان زارت معدة التحقيق أحد المكاتب المشهورة في ذات المنطقة.   ودار هذا الحوار:

– أنا دانية مهندسة مدنية حديثة التخرج، بدي أسجل “كوتا” كمهندس مقيم.

* كم خبرتك؟ – جديد تخرجت.

* طيب ما في مشكلة. جيبي أوراقك مشان نشوفهم.

– كم المبلغ اللي بتدفعوه.

– لأنو أنت ما بداومي اقل من نصف راتب النقابة بشوي.

– يعني كم.

– 200.

لم تستطع معدة التحقيق إتمام مشوارها حتى النهاية، خوفا من أكتشاف أمرها، كونها غير حاصلة على شهادة البكالوريوس في الهندسة.

إعلانات فاضحة
خلال شهر نيسان الماضي، رصدت معدة التحقيق 18 إعلاناً على موقع السوق المفتوح الالكتروني الأشهر في عالم الإعلانات المبوبة في الأردن- يروّج فيها مهندسون لحصصهم الهندسية بيعاً وتأجيراً.

تأتي هذه الإعلانات على نسق متشابه، “يتوفر كوتا هندسية للبيع ت:….”، “كوتا مهندس مدني خريج 2011 للبيع. للاستفسار ت:…”.

لا تقتصر هذه الإعلانات على حديثي التخرج فقط، فهناك مهندس كهرباء بخبرة 12 سنة يعلن”مهندس كهرباء، فرعي إلكترونيات، بخبرة 12 عام، لوضع الاسم على المشاريع فقط، والاستفادة من الكوتا، للاتفاق يرجى التواصل على…” أطلع على إعلانات خاصة بتأجير الكوتا أو بيعها.

تواصلت معدة التحقيق مع 6 من المعلنين، أفادوا جميعاً في اتصالات فردية معهم، بأن تأجيرهم لحصصهم الهندسية عمل قانوني وأخلاقي، وأن أسباب خاصة دفعتهم لترك العمل الفعلي في الميدان.
“بدي اعتني بأطفال، خاصة أنهم في سن صغير وبحاجة أكون جنبهم” بهذه الكلمات تعلل آلاء أسباب تأجيرها لحصتها في الكوتا.

مشاريع بلا مهندس
وللوقوف على حقيقة تواجد المهندس المقيم في مشروع البناء تحت الإنشاء، زارت معدة التحقيق 10 مشاريع في مناطق مختلفة من العاصمة عمان، وقت العمل. لتجد أن نصف المهندسين المقيمين المسجلين على لوحة البيانات المثبتة في تلك المشاريع، لا يتواجدون فيها رغم وجود أعمال إنشائية.

المادة 11 من قانون البناء والوطني رقم 7 لسنة 1993.

ب) لا يجوز المباشرة بتنفيذ أعمال الاعمار إلا بموجب مخططات هندسية مستوفية للقواعد والمتطلبات الفنية في كودات البناء المعتمدة صادرة عن جهة مخولة بالتصميم، أو مكتب هندسي مسجل لدى المهندسين الأردنيين ومصادق عليها من قبلها.

المادة 4 من تعليمات تطبيق الكودات

د) على الجهة المشرفة وبعد إبلاغها خطياً من قبل صاحب العمل بتاريخ المباشرة بالتنفيذ، القيام بتعين المهندس المقيم في الموقع ، وذلك للمشاريع التي تزيد مساحتها عن (500) م2، أما إذا كانت مساحة المشروع (500) م2 أو أقل فيتم التنفيذ بمراقبة اللجنة المشرفة، وأجهزتها الفنية

في حين تكشف النقابة على موقعها الالكتروني أن فرق الكشف المشكلة من النقابة وأمانة عمان، ضبطت 3500 مخالفة بناء في حوالي 2200 مشروعاً، منذ بداية 2013 وحتى أوائل أيار2015. شملت هذه المخالفات؛ عدم وجود المهندس المقيم في الموقع، والمقاول المنفذ للمشروع غير مسجل في عقد المقاولة، وعدم تواجد مخططات هندسية في الموقع، إضافة لعدم وجود الفحوصات المخبرية للمشروع، بحسب موقع النقابة

وبالرجوع على موقع قسطاس – محرك بحث في قضايا المحاكم في الأردن – وجدنا أن 7 قضايا مفصولة موجودة لدى محاكم البداية بصفتها الاستئنافية، منذ 2013 وحتى أيار 2015، مرفوعة على شركات هندسة وإسكان، لعدم وجود مهندس مقيم في المشاريع رغم وجود أعمال إنشائية.

كما تشترك جميع القضايا بجرم عدم إجراء عينات خرسانية من أجل الفحوصات المخبرية لعدم وجود المهندس المقيم. خلافاً لأحكام المادة 11 من قانون البناء الوطني رقم 7 لسنة 1993.

ويعاقب القانون في المادة 13 كل من يخالف أحكامه، (بغرامة لا تقل عن مئة دينار، ولا تزيد عن ثلاثة آلاف دينار، عن كل مخالفة لأي كودة، ووفقاً لجسامتها).

عيوب في البناء
مكتب هندسي في عمان يقوم بتنفيذ بناء يتكون من حوالي عشرة طوابق في عبدون، صممه مهندس إنشائي، وأثناء تنفيذ المشروع حدث انهيار في المبنى، بحسب قرار لمحكمة العدل العليا في 2004.
تقدم مالك البناء بشكوى لدى نقابة المهندسين على المهندس المسؤول، ودرست النقابة الشكوى؛ ليتبين أن أسباب انهيار المبنى، إعطاء المهندس التعليمات بربط الجدار الاستنادي بالمبنى بواسطة الجسور دون تمكنه من معرفة عدم قدرة المبنى على تحمل الضغوط الجانبية المنقوله إليه، كما أنه وافق على استلام حديد العقدات بدون وجود مهندس مقيم ومسجل حسب الأصول، مخالفاً بذلك المادة (64/ب) من النظام الداخلي لنقابة المهندسين. وفق قرار محكمة العدل العليا.

المهندسون في أرقام:
– 120 ألف مهندس ومنتسب للنقابة.
– 1245 مكتبا هندسيا.
– 77.6 % من المكاتب مسجلة في عمان.
– 7916 مهندسا يعملون في مكاتب وشركات هندسية.
– 36 % منهم يعملون في مجال الإشراف كمقيمين
– 85.1 % منهم في عمان.
– 38 مليون م2 إجمالي المساحة المستحقة للمكاتب الهندسية اختصاص إنشائي لعام 2014.
– تم تنفيذ نصف المساحة المستحقة عام 2014.
– نسبة استهلاك الحصص لكافة الاختصاصات ولكافة المحافظات بمعدل 58.8 % من الحصص المستحقة

 

 

نقابة المهندسين قررت توقيف المسؤول عن مزاولة المهنة لمدة عام، ما دفعه لرفع دعوى لدى محكمة العدل العليا، والتي بدورها صادقت قرار النقابة.
يؤكد رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان كامل العواملة، أن عدم وجود مهندس مقيم يؤثر سلباً على جودة البناء، وهناك أخطاء تحصل في مرحلة العظم والتشطيب، تؤثر على سلامة البناء.
ويتابع: “هناك شكاوى تصلنا كجمعية ونعمل على حلها تقريبا بنسبة 60- 70%، ونقوم بتصويب الوضع، أما القضايا التي في المحاكم فهي قليلة جداً”.

مدير رقابة الاعمار في أمانة عمان الكبرى رائد حدادين، يرى في عدم وجود مهندس مقيم يشرف على سلامة البناء، سيضر بالبناء ومن يسكن فيه، “لذا ننصح المواطن أن يذهب إلى مكتب هندسي محترم، يضمن سلامة البناء من الناحية الإنشائية، ويحمي المواطن ومن يعيش في هذا البناء.

مخالفة في النقابة
لم يقتصر دور التسجيل الصوري على مكاتب وشركات ومهندسين فقط، بل تعدى إلى أحد رجال الصف الأول في النقابة ذاتها. فرئيس هيئة المكاتب والشركات الهندسية في الدورة السابقة 2012-2015 قاهر صفا، كان بطل القصة.
مجلس النقابة قرر إعادة انتخابات رئيس هيئة المكاتب والشركات الهندسية للدورة الحالية 2015-2017، بعد فوز قاهر صفا برئاستها في 22 نيسان2015. بسب عدم توفر الشروط القانونية في مكتبه.
إذ أن مكتب صفا ضم رئيس اختصاص كهرباء مسجّلاً صورياً على حصص المكتب منذ 10 تشرين أول 2012 لغاية 4 نيسان2015، رغم أنه أمضى تلك الفترة خارج البلاد باستثناء 13 يوم، ما يعني أنه غير مقيم في المملكة، وغير مزاول لعمل رئيس الاختصاص، ومخالفاً لشروط التسجيل وأحكام نظام المكاتب والشركات الهندسية وفق قرار النقابة المنشور في الصحف.
واستندت النقابة في قرارها على مشروحات إدارة الإقامة والحدود في مديرية الأمن العام وفق ما جاء في نص البيان.

نقابة مقصرة
سمير عمارين مهندس يدير مكتباً هندسياً منذ أكثر من 15 سنة في جبل اللويبدة في عمان، يقول: “مشكلة الجسم الهندسي أن أكثر من 40% من المكاتب الهندسية هي مكاتب وهمية صورية، لديها أختام مكاتب دون كوادر هندسية حقيقية، وليس لها مقرات، وهذه هي أم المشاكل في النقابة”.
يتابع عمارين:” النقابة مقصرة وغير مسيطرة، لا يوجد مهندسون مقيمون بشكل صحيح، ولا يوجد إشراف حقيقي، وأغلب المخططات (نسخ ولصق) يتم نسخ نفس المخطط، ويتكرر في أغلب المواقع والمشاريع”.
رئيس لجنة المهندسين العاملين في الشركات الكبرى في نقابة المهندسين شرف المجالي، يرى أن النقابة لا تقوم بدورها في التدقيق، ويتساءل “هل المهندس المسجل على المشروع في سجلاتها يعمل بالمكتب بشكل حقيقي أم لا؟”.
” لا يوجد رقابة، فالنقابة لا تقوم بتطبيق نظام ممارسة المهنة؛ بمعاقبة أي مهندس أو مكتب لا يستخدم الكوتا بشكل صحيح”، بحسب المجالي.
وعن أسباب ضعف إجراءات النقابة يرى المجالي: أن النقابة تعاني من محدودية الإجراءات في معالجة شؤون كثيرة، والمسؤولية الأولى على مجلس النقابة، ويرجع المجالي ذلك إلى اعتبارات انتخابية في اتخاذ إجراءات صارمة ضد المخالفين.

  1. تعليمات تسجيل صاحب المكتب كمهندس مقيم.   – السماح له بالتسجيل كمهندس مقيم على مشروعين في السنة ضمن الشروط التالية:                   -أن لا يتجاوز مساحة المشروع الواحد 1000م2                        -أن لا يكون المشروعين في نفس الوقت.                        .   -أن لا يكون المشروع إسكان.                                -حضور رؤساء الاختصاص.          -الكشف على مقر المكتب.     -إحضار رخصة مهن

بعثت معدة التحقيق برسالة لهيئة المكاتب والشركات الهندسية بتاريخ 28 نيسان 2015، تطلب فيها عدد الشكاوى على المكاتب، والمهندسين المخالفين؛ والإجراءات التي اتخذت بحقهم، لكن لم يتم إجابة الطلب حتى تاريخ نشر هذا التحقيق. لكن التقرير السنوي لهيئة المكاتب لعام 2014، ذكر أن 9 دعاوى جديدة وصلته، وهي قيد المتابعة.
كما أظهر التقرير صدور قرارين بتوقيف مكتبين وصاحبها عن مزاولة المهنة مؤقتاً، لكنه دون بيان أسباب ذلك.

النقابة تدافع
ماجد الطباع نقيب المهندسين الجديد، يؤكد أن التسجيل الصوري للمهندسين والمكاتب والشركات للحصص الهندسية، “مخالفات موجودة، لكنها لا تعد كظاهرة كبيرة وواسعة الانتشار”.
ويضيف “في الأردن 120 الف مهندس مسجلين في النقابة، وهذا عدد كبير، وستجد ممارسات موجودة في أي قطاع، لكنها ليست ظاهرة، وهي مشكلة قديمة”.

لا يعرف رئيس هيئة المكاتب والشركات الهندسية في النقابة رايق كامل، عدد المهندسين والمكاتب والشركات الهندسية التي ضبطت مخالفة للحصص الهندسية.، لكنه يقول: “ربما 1% أو 1بالألف مخالفة، وهذه ضمن النسب المتوقعة بالعالم كله، ومكاتبنا الهندسية هي مؤسسات وطنية بامتياز”.
وفيما يتعلق بإجراءات النقابة حيال المخالفين، يقول الطباع: “الإجراء يكون بإلغاء تسجيل المهندس على المكتب بأثر رجعي، ويترتب على المكتب الهندسي غرامة، والمهندس المخالف يتم استدعاؤه لشعبته، ويكتب تعهداً بعدم تكرر هذه الممارسة، وفي حال تكرارها يتم حرمانه من التسجيل في المكاتب الهندسية لمدة 3 سنوات، وإذا تكررت أكثر يوقف عن العمل جزئيا أو كلياً”.

اتهامات متبادلة
ويرجع نقيب المهندسين السابق عبد الله عبيدات مشكلة الحصص الهندسية الصورية: “إلى وجود سماسرة بأمانة عمان يلجأ لهم مواطنون لعمل مخططات هندسية. إذ يقوم سماسرة بأخذ الزبائن إلى مكاتب هندسية صورية ومهندسين صوريين، لتصديق المخططات الهندسية وما شابه”.
غير أن مدير رقابة الإعمار في أمانة عمان الكبرى رائد حدادين ينفى وجود سماسرة في الأمانة، ويقول: “الأمانة لا تقبل أي مخطط هندسي إلا إذا كان مصدّقاً من نقابة المهندسين لمكتب هندسي معتمد”. ويتابع ” في حال قَبل المكتب على نفسه أن يكون عرضة للابتزاز من قبل أشخاص سواء كانوا سمسار أم غير ذلك، فهذه عدم مصداقية من المكتب في العمل، والأمانة غير معنية بذلك”.

شركات الإسكان طالها هي الأخرى نصيب من وزر المشكلة، إذ يقول عبيدات النقيب السابق للمهندسين، “أن زيادة مشاريع الإسكان فاقمت المشكلة، لأن شركات الإسكان تهدف إلى زيادة الربح، بحيث تأخذ أقل سعر ممكن، ومن أجل ذلك تتعاون مع مكاتب مخالفة، في حين يؤسس بعضها مكتباً صورياً مخالفاً يمكنه من القيام بجميع أعماله”.

رئيس جمعية مستثمري شركات الإسكان كمال العواملة، يؤكد أن شركات الإسكان لا تملك مكاتب هندسية، إنما قد تملك شركات مقاولات، وقد يكون هناك نفوس مريضة في شركات الإسكان تقبل بوجود مهندس مقيم صوري أو مكتب صوري،…لكنها حالات قليلة جداً”.

النقابة تخلق الأعذار
يُرجّع النقيب السابق للمهندسين أسباب مشكلة التَعيين الوهمي للمهندسين وتسجيل المكاتب صورياً، إلى زيادة عدد المهندسين العاطلين عن العمل، وأن السوق مغلق أمامه، وليس لديه أي فرصة، ما يضطره للعمل في غير تخصصه، ويؤجر الكوتا الهندسية، أو يسجل كهندسي صورياً. وهو ما يتفق معه نقيب المهندسين الجديد ماجد الطباع.
أما السبب الثاني بحسب عبيدات، فيعود إلى جشع مهندسين عاملين في شركات أو مؤسسات كبرى، أو يعمل خارج البلد، ومع ذلك يقوم بتأجير الكوتا للحصول على مبلغ رمزي شهرياً.

كما أن هناك مهندسات يتخرجن بإعداد كبيرة ويفضلن الجلوس في البيت، على العمل، وبالتالي بيع الكوتات الخاصة بهن، بحسب عبيدات.

صعوبة الرقابة

“من الناحية القانونية الشكلية لا تستطيع النقابة أن تمسك أي إثبات على مهندس مسجل صورياً، لكنه على الورق موظف في مكتب هندسي، ولا يعمل في محل آخر، فمن الصعب فرض رقابة على كل المكاتب والشركات الهندسية” يقول لعبيدات.

ويتابع ” قُمّنا بإجراءات رسمية من خلال مخاطبة مؤسسة الضمان الاجتماعي، وأي مهندس نجد أن لديه ضمان في شركة أخرى نقوم نشطب اسمه وحصصه مباشرة من آخر شركة أو مكتب مسجل عليه، فالقضية يصعب السيطرة عليها، لأنها تتطلب إجراءات قانونية، وبعد آخر متعلق بأخلاق وآداب المهنة”.

وطالما استمرت مكاتب وشركات هندسية في استغلال مهندسين جدد أمثال ضرار، بعقود صورية، ستبقى إنشاءات وعقارات أردنية في مهب الاحتيال، وعين نقابة المهندسين عنها غافلة.

* هذا التحقيق من إعداد وحدة الصحافة الاستقصائية في راديو البلد، وبدعم من شبكة “أريج” إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية، وبإشراف الزميل مصعب الشوابكة.


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *