مشاريع اللامركزية التعليمية تحشر الطلاب الاردنيين

19 أغسطس 2021

الحكومة تسيطر ولا تنفذ

في الصف التاسع الأساسي، اضطرت نهى (١٥ عاما) قبل جائحة كورونا للإنتقال إلى مدرسة المكيفتة الثانوية التي تبعد عن بلدتها إم القطين (التابعة للواء الصحراء الشرقية في محافظة المفرق) نحو 4 كيلومترات، بسبب الاكتظاظ في المدرسة وقربها من مدرسة الذكور.

خلال دراستها في مدرسة أم القطين الثانوية للبنات كان يصعب عليها فهم الدرس وشرحه بحسب والدها، الذي فضل أن تدفع 5 دنانير يومياً للتنقل بين المدرسة الجديدة والمنزل بوساطة سيارات خصوصية لعدم وجود وسائط نقل عام كافية، على أن تدرس في فصول تتسع إلى 35 طالبة في الغرفة الصفية الواحد ما يغيب فوائد التعليم الوجاهي.

بعدها بأشهر معدودة، وتحديداً في الخامس من آذار عام 2020، وقبل بدء الإغلاق الذي فرضته جائحة كورونا، كان وزير التربية والتعليم السابق تيسير النعيمي في زيارة للبادية الشرقية، يتعهد برعاية مدرسة أم القطين الثانوية للبنات بعد حديث مديرة المدرسة نور أبو عليم عن مشاكل الاكتظاظ الذي يتشكل بالصفوف في المدرسة التي تحوي أكثر 1000 طالب وطالبة بين الصف الأول الأساسيّ والثاني الثانويّ.مدرسة أم القطين

مدرسة أم القطين
مدرسة أم القطين
مدرسة أم القطين

بعد فصل دراسي، ومع بداية العام 2020 -2021، انفصلت المدرسة وأصبحت اثنتين بينهما سياج معدني من دون إضافة غرف صفية أو أبنية جديدة.

خصص مجلس محافظة المفرق 100 ألف دينار من ميزانيته لعام 2018، بغاية إضافة 4 غرف صفية للمدرسة، الّا أنّ العديد من المشاريع لم تنفذ لأنّ الموافقة على المشروع منوطة بوزارة التربية والتعليم.

تقول أبو عليم، إنّ الحل الذي ابتكره الوزير النعيمي خفف الضغط عن ساحة المدرسة، وبعض المرافق الّا أنّه لم يجد نفعاً مع ذات المشكلة داخل الصفوف المتبقية في حرم الثانوية، علماً أنّ المساحات الخلفية للمدرسة تستحمل إضافات صفية.

كانت المدرسة تضم 25 غرفة صفية تحوي أكثر من 1000 طالب وطالبة وبعد أن اقتصرت على13 غرفة باتت تدرس 450 طالبة من الصف السابع وحتى الثاني عشر، تتراوح سعة الغرفة الواحدة بين 30 و 40 طالبة.

رغم الحاجة والمطالبات، لم تسمع أبو عليم، عن المشروع المخطط له بإضافات غرف صفية علماً أنّ الأهالي يطالبون بها منذ سنوات بسبب تفاقم مشكلات الاكنظاظ المتحقق في كافة الغرف الصفية.

خلال هذه الأشهر ووفقاً للتقرير الإحصائي الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة فإنّ معدل الاكتظاظ في المدارس بلغ عام 2019 ما نحوه 27 طالبا أو طالبة في الغرفة الصفية للمدارس الحكومية و19 في الغرفة الواحدة بالمدارس الخاصة.

مدرسة أم القطين كغيرها من بين 45 مشروعاً لبناء مدارس وإضافات غرف صفية بمحافظة المفرق لم يطبق منها سوى نحو 8 مشاريع وفق مجلس المحافظة منذ 3 سنوات وحتى الآن.مدرسة أم القطين المستأجرة

أصل المشكلة

بعد تخصيص 5 مليون دينار، لمشاريع التربية والتعليم من موازنة مجلس محافظة المفرق عام 2018، قررت لجنة التربية إنشاء 16 مدرسة جديدة وإضافة غرف صفية لمدارس أخرى داخل المحافظة.

كانت الموازنة الأولى لمجلس المحافظة، الذي أجبر على تسليمها بعد 20 يوماً فقط من بدء عمله الرسمي عقب انتخابه في آب 2017، ما دعاهم للاستعانة بكافة مدراء المديريات الحكومية باستثناء البلديات لوضع المشاريع التي يحتاجونها وتحديد الميزانية على أن يدرسها المجلس ويقرها.

في وقت يؤكد فيه رئيس هيئة المكاتب الهندسية بنقابة المهندسين، عبد الله غوشة، أنّ فترة 15 -20 يوماً لدراسة جدوى مشروع بناء مدرسة او إضافة غرف صفية، مستحي ة، ذلك لأنّ معدل فترات أعمال الدراسات وحدها تستغرق 45 يوماً على الأقل، تمر خلالها في أربعة مراحل وهي الاستطلاعية والدراسة الأولية والمخططات التنفيذية وآخرها التراخيص.

انتهى عام 2018 من دون إنجاز أيّ من المشاريع ومن دون صرف قرش واحد على الإضافات الصفية ، واكتفت الموازنة بصيانات لنحو 180 مدرسة بكلف لا تتجاوز 100 ألف دينار بالمجموع، وما تبقى منه فقد ذهب للموازنة العامة لعدم صرفه من الجهة التنفيذية وهي وزارة التربية والتعليم بحسب رئيس اللجنة المالية للمجلس خالد الحسبان.

بعد مرور أكثر من 3 أعوام على إقرار الموازنات للمشاريع تم إنشاء مدرستي حي الجندي والمنشية الأساسيتين بكلفة 405 آلاف دينار، لكلتاهما بمشروعين مختلفين، المدرسة الواحدة من 6 غرف صفية و 3 إدارية، بعد أن كان المخطط 14 غرفة صفي.، في حين أحيلت مدرسة الخنساء، إلى موزانة عام 2019 بتكلفة مليون و140 ألف دينار.مدرسة المنشية

مدرسة المنشية
مدرسة المنشية
مدرسة المنشية
مدرسة المنشية

أمّا على صعيد الإضافات، يعمل في الوقت الحاضر على إضافة 4 غرف صفية لمدرسة العاقب الثانوية للبنات، في حين اضيفت 6 غرف لكل من مدرستي صبحية الثانوية والحميدية الثانوية.

يقول الحسبان، إنّ الموازنة والمشاريع كانت تصل وزارة التربية والتعليم بعد الإرادة الملكية بالموافقة على مشروع قانون الموازنة العامة وقانون الوحدات الحكومية السنوي، لتقوم بطرح العطاء بناءً على ما قدم لها أو تحويله إلى وزارة الأشغال، وليس بخطابات مباشرة بين المجلس والوزارة.

ووفق رصد معد التحقيق لإعلانات طرح العطاءات في موقع وزارة التربية والتعليم فلم يرد عام 2018 الّأ طرح ثلاثة عطاءات لمشاريع إضافات الغرف الصفية وإنشاءات النواة، التي اقتصرت على إضافة 6 غرف صفية لمدرسة أم الجمال الثانوية للبنين، وإنشاء نواتين لمدرستي المنشية الأساسية الحي الشرقي، والجندي الأساسية التابعتين للواء قصبة المفرق.

قدرت وزارة الأشغال، تكلفة بناء المدارس وإضافات الغرف الصفية والمتطلبات المحددة بـ35 مليون دينار، وهو ما يضاهي الميزانية المخصصة لمشاريع التربية والتعليم بنحو 7 أضعاف، وفق مدير لجنة التربية والتعليم لمجلس المحافظة الدكتور صبري الزيادنة.

ووصل تقدير ميزانية بناء كافة المدارس الجديدة ضمن المشروع بأكثر من مليون دينار للمدرسة الواحدة، فمدرسة حي الهاشمي الأساسية أو ما عرفت بمدرسة الخنساء بلغت كلفتها التقديرية 1.6 مليون دينار نفس الكلفة التقديرية وضعت لمدرسة المنشية الأساسية، في حين تم تقدير بناء إضافة 4 غرف صفية لمدرسة أم القطين الثانوية للبنات بـ390 ألف دينار.

بعد رد وزارة الأشغال بأنّ المشاريع تحتاج لمخصصات تصل 35 مليون دينار، ارتفعت أصوات أعضاء مجلس المحافظة بوجود شبهات فساد في تقدير التكلفة ،بحجة أنّ أرقام لجنة المجلس نفسها – بناءً على تقديرات مدراء المديريات- لا تتجاوز الميزانية المخصصة لها وهي 5 مليون دينار، الّا أنّ اختلاف خطط التربية والتعليم عن المعايير المقدرة لبناء المدارس في وزارة الأشغال.

عند الإطلّاع أكثر على العطاءات التي تطرحها وزارة الأشغال، فقد توضح وجود متطلبات لا تأبه لها وزارة التربية والتعليم عادة، والتي يصفها الزيادنة بمتطلبات الرفاهية والبيئة التعليمية الأنسب للطلبة.

في الوقت الذي رصد فيه مجلس المحافظة مبلغ 100 ألف دينار من موازنة عام 2018 لإضافة أربع غرف صفية في مدرسة أم القطين الثانوية للبنات، وقدرت وزارة الأشغال التكلفة الفعلية بـ390 ألف دينار، قام معد التقرير بعرض المشروع على مكتب استشارات هندسية قدر التكلفة الإجمالية لمتطلبات مجلس المحافظة بـ58 ألف دينار فقط، لإضافة ال4 غرف.

أين الموازنة؟

في الوقت الذي لم تتجاوز فيه تكلفة صيانة 180 مدرسة من أصل 460 تضمها محافظة المفرق 100 ألف دينار من نفقة اللامركزية يؤكد الزيادنة والحسبان، أنّ مشاريع الإنشاء والإضافات لم تنجز بأي قرش من الميزانية ما أرجع ما تبقى من الموازنة التي أصلها 5.1 مليون دينار إلى خزينة الدولة وفق القانون فهي مشاريع رأسمالية لم تنفذ على أرض الواقع.

أنجزت المشاريع الأخرى من ضمن موازنة 2019 وأوقف مشروع توسعة مدرسة أم الجمال، لعدم وجود مخصصات.

تتساءل إحدى المعلمات التي قابلها معد التقريربمدرسة أم القطين، عن عدم إضافة الغرف الصفية الأربعة التي كان مخططاً لها، رغم وجود أرضٍ واسعة خلف مبنى المدرسة تسمح بذلك، كما أنّ سور مدرسة الذكور المجاور لثانوية الإناث بأم القطين يحوي دونمات فارغة لا فائدة منها فلماذا لا تتسع لأربع غرف صفية قد لا تكلف 100 ألف دينار من أصل ملايين تخصص لمشاريع التربية والتعليم.