تجدد الصراع في "ثانية عمان" لشغل "المقعد التكميلي"

11 فبراير 2013

تشهد الدائرة الانتخابية الثانية في عمان ولادة حراك انتخابي مصبوغ بالحزن، عقب شغور أحد مقاعد الدائرة بوفاة النائب محمد عليان المحسيري (47 عاماً) إثر إصابته بنوبة قلبية بعد أسبوع من إعلان فوزه بأحد مقاعد «ثانية عمان» الخمسة.

المرحوم المحسيري شكل فوزه في الانتخابات حدثاً هاماً لعشيرته (أهالي بيت محسير) حيث لم يسبق لأي منهم الظفر بالمقعد النيابي بحسب شواهد وإحصائيات لتاريخ الحياة البرلمانية في المملكة، فالمرحوم الحاصل على درجة الدبلوم في الهندسة تمكن من حصد (5160 ) صوتاً، ما وضعه ضمن المرتبة الرابعة بين المرشحين الفائزين عن الدائرة التي تعد من أكبر دوائر محافظة العاصمة من حيث عدد السكان ويقطنها ما يقارب 700 ألف نسمة، وبوفاته بدت تطفو على المشهد الحالي أحاديث عن نوايا ترشح بعض أبناء الدائرة لملء المقعد الانتخابي.

وبدأ مواطنون يتداولون أسماء ستة مرشحين أبدوا رغبة في الترشح، فيما تتجه آراء أخرى لبقاء المقعد بحوزة أحد أبناء بيت محسير تماشيا مع عرف نيابي، إذ سبق للنائب الحالي محمد البرايسة أن احتل مقعد والده راشد البرايسة الذي توفي في بداية عمل مجلس النواب السادس عشر.

يقول رئيس جمعية عشائر بيت محسير اسماعيل صالح لـ»الدستور» إن النية تتجه لدى عدد كبير من أبناء بيت محسير لترشيح شقيق المرحوم (موسى المحسيري) لخوض غمار الانتخابات التكميلية عن دائرة عمان الثانية، وأنهم بصدد عقد المشاورات مع ممثلي جميع عشائر بيت محسير لتحقيق التوافق حيال ذلك.

إلا أنه وفي قراءة لحيثيات إجراء الانتخابات التكميلية فما زالت عقبات قانونية تسيطر على مشهد إعادة الانتخاب في هذه الدائرة بعد التعديلات التي طرأت على قانون الانتخاب، بينما تدرس الهيئة المستقلة للانتخاب التي اشرفت على الانتخابات سيناريوهات ممكنة للتعامل مع هذا التحدي، فإجراء انتخابات تكميلية في «ثانية عمان» يواجه ثغرات قانونية تتعلق بإصدار بطاقات انتخابية جديدة لناخبي الدائرة، بعد أن تم قص البطاقات السابقة التي صرفت لغاية المشاركة في الانتخابات الأخيرة.

وهنا يقول الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب حسين بني هاني لـ»الدستور» إن الهيئة تقف أمام نصوص دستورية ملزمة وإذا ما وقع البعد الدستوري بإجراء الانتخابات التكميلية فإنها ستجري بناءً على الجداول الانتخابية التي جرت وفقها الانتخابات الأخيرة بحسب ما تنص عليه وتوضحه المادة (7) من قانون الانتخاب والتي جاء فيها «لغايات أي انتخابات نيابية تلي الانتخابات النيابية التي تجرى لأول مرة بعد نفاذ أحكام هذا القانون، يراعى ما يلي: أ‌- تعتبر الجداول النهائية لاي انتخابات نيابية سابقة جداول أولية لغايات اي انتخابات نيابية تليها، ب‌- إذا تم إصدار بطاقات شخصية جديدة للناخبين بعد نفاذ أحكام هذا القانون فللهيئة اعتماد تلك البطاقات لغايات أي انتخابات نيابية تالية بدلا من اصدار بطاقات انتخاب، وعلى المجلس إصدار أي تعليمات تنفيذية لازمة لهذه الغاية، ج- على الهيئة اضافة اسماء الناخبين الذين اكملوا الثامنة عشرة من عمرهم في اليوم الأول من شهري كانون الثاني وتموز من كل سنة في جداول الناخبين ولها تحديث هذه الجداول دورياً باي اجراءات اخرى تراها مناسبة بما يتفق واحكام هذا القانون والتعليمات التنفيذية الصادرة بمقتضاه».

وفي ضوء القراءة والفهم لروح المادة الآنفة الذكر فإن ناخبي ثانية عمان سيقومون في حال أوعزت الحكومة لدائرة الأحوال المدنية بإصدار بطاقات شخصية جديدة لهم، بالإدلاء بأصواتهم عبر بطاقات شخصية جديدة دون إصدار بطاقات انتخابية لهم، حيث تم الاحتفاظ بالبطاقة فضلاً عن كونها تستخدم لمرة واحدة، كذلك فإن نص المادة يشير صراحة الى أنه على الهيئة اضافة اسماء الناخبين الذين اكملوا الثامنة عشرة من عمرهم في اليوم الأول من شهري كانون الثاني وتموز من كل سنة في جداول الناخبين.

ويرى أستاذ الفقه القانوني في الجامعة الأردنية الدكتور ليث نصراوين أن «الانتخابات التكميلية للدائرة الثانية ستتم وفق جداول الناخبين التي تمت بموجبها الانتخابات النيابية الأخيرة».

لكن ذلك يصطدم – بحسب نصراوين – بتعليمات الهيئة المستقلة للانتخاب فيما يتعلق بإجراءات الاقتراع والفرز، حيث تلزم التعليمات لجان الانتخاب التحقق من هوية الناخب ومطابقتها مع بطاقة الانتخاب، وحيث قامت اللجان بالاحتفاظ بتلك البطاقات عقب التصويت عليها، فإن الناخبين سيتجهون للتصويت دون بطاقات، الأمر الذي يلزم الهيئة اصدار بطاقات انتخابية لناخبي تلك الدائرة.

كذلك فإن المادة (39) الفقرة (أ) من قانون الانتخاب تنص على أن الناخب يمارس حقه في الانتخاب وفقاً لـ: أ‌- عند حضور الناخب أمام لجنة الاقتراع والفرز تتحقق اللجنة من شخصية الناخب من خلال بطاقته الشخصية وبطاقة الانتخاب وتطابقهما معاً كما تتحقق من وجود اسم الناخب في الجدول النهائي للناخبين في الدائرة الانتخابية المحلية بوساطة اجهزة الحاسوب، ويتم التأشير على ذلك الجدول الكترونيا بان الناخب قد مارس حقه الانتخابي»، فيما تنص الفقرة (ز) من ذات المادة على أن «يعيد رئيس لجنة الاقتراع والفرز للمقترع البطاقة الشخصية ويحتفظ ببطاقة الانتخاب مؤشرا عليها بالاستعمال بالكيفية التي تحددها التعليمات التنفيذية».

بدوره، لم يرسل مجلس النواب حتى الآن كتابا للهيئة يشعرها فيه بوفاة النائب المحسيري وشغور المقعد. ويمتلك المجلس وفق أحكام الدستور شهرا من الزمن لإجراء ذلك، وبعد ذلك على الهيئة اجراء الانتخابات خلال مدة شهرين من تسلم الاشعار، وهذا يعني ان الانتخابات التكميلية يمكن أن تجري في منتصف نيسان المقبل.

«ثانية العاصمة» تشمل جغرافيا مناطق اليرموك والنصر ورأس العين وبدر ويقطن فيها تجمعات سكانية كبرى تنحدر من عائلات واحدة (كالمحاسرة والطفايلة والنجداوية والأرمن)، وتقطن في مناطق الجوفة والتاج والنصر ومخيم الوحدات والأشرفية والمنارة وأم نوارة وحي النجداوية والزعبية والكركية والمعانية والأرمن والطفايلة وحي نزال.

في الانتخابات التي جرت في الثالث والعشرين من الشهر الماضي بلغت نسبة التصويت في الدائرة الثانية وفق رئيس لجنة انتخابها (37.5%)، حيث صوت 70.328 ناخبا من أصل 187408 ناخبا العدد الكلي لناخبي الدائرة ممن أدرجت أسماؤهم في جداول الناخبين النهائية.

طريقة ملء المقعد الشاغر حددته المادة (88) من الدستور التي تنص على أنه (إذا شغر محل أحد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب بالوفاة أو الاستقالة أو غير ذلك من الأسباب باستثناء من صدر بحقه قرار قضائي بإبطال صحة نيابته، فعلى المجلس المعني إشعار الحكومة والهيئة المستقلة للانتخاب إذا كان نائباً بذلك خلال ثلاثين يوماً من شغور محل العضو ويملأ محله بطريق التعيين إذا كان عيناً أو وفق أحكام قانون الانتخاب إذا كان نائباً، وذلك في مدى شهرين من تاريخ إشعار المجلس بشغور المحل وتدوم عضوية العضو الجديد إلى نهاية مدة المجلس).

لكن التعديلات الدستورية التي جرت قبل عامين نزعت من مجلس النواب حق اختيار عضو جديد وذلك بعد أن تم حذف هذا النص من الدستور قبل التعديل، والاكتفاء بنص وحيد لا خيار فيه وهو اجراء انتخابات فرعية.

النص الدستوري المحذوف كان استكمالا لنص المادة 88 ويقول: «في حال تعذر اجراء الانتخابات الفرعية نتيجة ظروف قاهرة يراها مجلس الوزراء يقوم مجلس النواب عند ذلك بأكثرية أعضائه المطلقة بانتخاب عضو لملء ذلك المحل من بين أبناء تلك الدائرة الانتخابية، ممن تنطبق عليه أحكام الدستور».

وتم تفعيل النص المحذوف بالتعديلات الدستورية الجديدة في ولاية مجلس النواب الثالث عشر 1997-2001 اذ لجأ المجلس إلى انتخاب النائب نهى المعايطة بعد شغور مقعد النائب المرحوم لطفي البرغوثي.

بالمقابل فقد جرت انتخابات فرعية تكميلية لمجلس النواب التاسع في الثاني عشر من أيار العام 1984، والذي كان قد حل العام 1976حيث تقرر إجراء انتخابات لملء الشواغر فيه بسبب الوفيات التي بلغ عددها للضفة الشرقية ثمانية مقاعد، حيث خاض الانتخابات 101 مرشح، فاز فيها في العاصمة ليث شبيلات بالمقعد الذي شغر بوفاة محمد المنور الحديد، وفي البلقاء فاز مروان الحمود وزهير ذوقان الحسين ود. فوزي شاكر الطعيمة بالمقاعد التي شغرت بوفاة محمد الخشمان وعبد الكريم الكايد أبو بقر العبادي وبشارة غصيب، وفي اربد فاز د. أحمد الكوفحي بالمقعد الذي شغر بوفاة فضل الدلقموني، وفي الكرك فاز كل من د. رياض النوايسة ود. نزيه عمارين بالمقعدين الشاغرين بوفاة عمران المعايطة وسابا العكشة، وفي الطفيلة فاز د. عبد الله العكايلة بالمقعد الذي شغر بوفاة وحيد العوران.

كما شهد مجلس النواب الحادي عشر 1989-1993 اجراء انتخابات تكميلية لملء المقعد الشاغر بوفاة النائب المرحوم أحمد الازايدة، حيث تم انتخاب النائب محمد مسلم الأزايدة، كما جرت انتخابات تكميلية لملء المقعد الشاغر بوفاة النائب نايف الحديد وتم انتخاب أنور محمد منور الحديد، وفي مجلس النواب الثاني عشر 1993- 1997 جرت انتخابات تكميلية عن المقعد الشاغر بوفاة النائب نواف السعود القاضي وتم انتخاب الدكتور طراد سعود فارس القاضي، كما جرت انتخابات تكميلية للمقعد الشاغر بوفاة النائب ابراهيم شحدة وتم انتخاب هاني المصالحة.

وفي حادثة مشابهة لوفاة النائب المحسيري قبل دعوة مجلس الأمة للانعقاد وحلف اليمين الدستورية، فقد جرت حالة أخرى مع النائب راشد البرايسة في الانتخابات السابقة عن الدائرة الأولى في عمان الذي توفي قبل دخوله القبة ليشغل مقعده ابنه محمد البرايسة بعد اجراء الانتخابات التكميلية في الدائرة لمجلس النواب السادس عشر. وفي ذات المجلس أيضاً جرت انتخابات تكميلية في لواء عي بمحافظة الكرك لملء المقعد الذي شغر باستقالة النائب شريف الرواشدة بسبب ازدواجية الجنسية، حيث فاز المحامي عبدالحميد الرواشدة في الانتخابات.

تم إعداد هذا التقرير ضمن برنامج «دعم الاعلام الاردني في الانتخابات» باشراف منظمة اليونيسكو في عمان وبتمويل من الاتحاد الاوروبي وبتنفيذ شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية – أريج


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *