الترياق القاتل..متعايشون مع "الإيدز" يواجهون انهيار المناعة والوفاة

12 أغسطس 2014

حميات العباسية

يسير شريف متكئاً إلى الجدار، ليصل بمشقة إلى سريره، بينما ترقد زوجته ثناء على السرير المقابل له في عنبر نقص المناعة بمستشفى حميات العباسية. عبثاً يحاول مواساتها، لكنها بصعوبة تبلع لعابها وتربت على كتفيه.

شريف الأربعيني – الذي يبدو لشحوب وجهه وهزاله أنه تجاوز السبعين- يتشارك مع زوجته الإصابة بفيروس “الإيدز” منذ ثلاث سنوات، حتى استسلامها أمام هجمات المرض في كانون الأول/ ديسمبر 2013. يشتبه شريف في أن نقل دم ملوث لزوجته في مستشفى السويس العام كان وراء إصابتها ثم انتقال العدوى إليه. لكنّه لم يستطع إثبات ذلك، بعد حفظ المحضر الذي تقدم به إلى قسم شرطة الأربعين في السويس في يناير/ كانون الثاني 2011، لعدم قدرته على إثبات واقعة نقل الدم.

mosabeen20130

“كان لا بد أن أستسلم للأمر الواقع”، يقول شريف. على مدار عامين وبالتحديد منذ نوفمبر/ تشرين الأول 2011، فشل الزوجان في صرف جرعة الدواء المخصصة لكليهما من “حميات العباسية” بانتظام في الموعد المحدد شهرياً. “كنت أتردد على المستشفى أسبوعيا علنّي أتمكن من الحصول على الجرعة الشهرية، متكبداً مشقة السفر من مدينة السويس حيث أقيم. لكن الدواء “كان يتأخر لعدة أسابيع تدهورت خلالها صحتي وزوجتي بشكل كبير”.

شريفلم يعد قادراً على ممارسة وظيفته كعامل نظافة في مدرسة حكومية، فاضطر لإرسال ابنه خالد ذي الخمسة عشر عاماً للعمل في مطعم سمك لإعالة الأسرة – المكونة من الأبوين وخالد وطفلة في العاشرة. تعيش هذه الأسرة على معونة حكومية لحاملي فيروس الإيدز، قدرها ٣٠٠ جنيه شهرياً (42 دولار)٬ ربع الحد الأدنى للأجور (1200 جنيه/ 168 جنيهاً).

تتدخل ثناء وتبدو لفرط شحوبها ونحافتها أشبه بالموتى: “نفسي أعيش لحد ما بنتي تتجوز”. تتذكر قروحاً تناثرت حول فمها، فتنقشع الإبتسامة سريعاً. ذلك اللقاء كان الأول الذي تجريه معدة التحقيق مع الزوجين في مستشفى العباسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، قبل شهر ونصف من وفاة ثناء.

صاحبت “مصراوي” معاناة الزوجين في رحلة علاجهما على مدى خمسة أشهر. وفي ديسمبر/ كانون أول ٢٠١٣ تدهورت صحتهما سريعاً، ليتم إيداعهما في مستشفى حميّات العباسية؛ دخل شريف  متكئاً على كتف ثناء وساعد ابنهما الأكبر خالد. لكن بعد ستة أيام اضطر للخروج ليدفن زوجته ويعود إلى العنبر في انتظار قضاء الله.

شريف وثناء، اسمان مستعاران استخدما حفاظا على خصوصية المرضى، من بين 1216 متعايشاً مع فيروس الإيدز يحصلون على دواء مجاني، أي ثلث عدد حاملي الفيروس المسجلين رسميا ضمن لوائح وزارة الصحة. تصرف شهرياً علبتا دواء لهذه الشريحة فقط، كون الفيروس وصل مراحل متقدمة من الانتشار في جسم المتعايش.

من بين الـ1216 متعايشاً، يتلقى 936 منهم أدوية من ثلاثة مستشفيات متخصصة؛ حميّات إمبابة (350 متعايشاً)، العباسية (450 متعايشاً) وطنطا (136 متعايشاً) (في القاهرة، الجيزة ومحافظة الغربية على التوالي). أما البقية فموزعون على مستشفيات المحافظات الأخرى، وفقا لتقديرات د. وليد كمال، مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز (حكومي).

mara7el

وفقا لإحصائيات أعلنتها وزارة الصحة في سبتمبر/ أيلول 2013 إجمالى عدد المصابين، يبلغ 4999، عدد الوفيات 1358 و الأحياء 3641، منهم 3120 مصابين في حالة صحية جيدة و 521 مرضى بالإيدز في مرحلة متأخرة.

معدّة التحقيق وثّقت – بعد سنة من التقصي-أن المتعايشين من هذه الفئة حصلوا على أدويتها بعد تأخير تراوح من أسبوعين إلى ثلاثة أشهر، وبالتالي أنزلقت أحوالهم إلى “مرحلة اللاشفاء”.وتوصلت أيضا إلى أن معاناة المتعايشين مع الفيروس تعود إلى عرقلة في منظومة صرف الدواء المجاني منذ وصوله إلى الجمارك مروراً بمستودعات وزارة الصحة وانتهاء بصيدليات الحميّات.

في الأحوال العادية، يمكن لحامل الفيروس المنتظم في تناول الدواء الحفاظ على مستوى مناعته والتعايش معه لسنوات طويلة؛ لأن المرض لا يظهر فجأة فيما يقلل الدواء من تطور الفيروس، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

جمعيات رعاية المتعايشين مع الفيروس وأطباء مستقلون – منهم عبد الهادي مصباح، عمرو جوهر، محمد حمد ومسؤول UN Aids في مصر د. أحمد خميس، يرجعون أزمة الدواء إلى بيروقراطية وزارة الصحة. فهي تنتظر لحين إنتهاء الشحنات الدوائية ولا تضع في الاعتبار المدة الزمنية التي تستغرقها إجراءات طلب الدواء مضافاً إليها إجراءات الشحن الجمركي المتعارف عليها، بالتالي تحدث الفجوة بين إنتهاء المخزون لدى الوزارة ووصول الشحنات الجديدة.

في موازاة تأخير صرف الدواء، تصرف مستشفيات الحميّات أدوية بديلة لا تتناسب مع حالات حاملي الفيروس، ما يصيب بعضهم بـ”مناعة دوائية”، تقلّل من قدرتهم على التعايش مع الفيروس، وبالتالي تعرضهم للموت، نتيجة نقص المناعة المستمر وعدم فعالية الدواء، وفقا لشهادات أطباء.

متاهة شراء الدواء وتوزيعه

resources

منظمة Global Fund” (الصندوق الأممي) توفر الدواء – غير المتداول تجاريا في صيدليات مصر- إلى حاملي الفيروس من خلال وزارة الصحة. بدأت هذه المنحة السنوية في 31 مايو/ أيار 2008 على أن تستمر حتى 31 مارس/ آذار 2015.

funds1

على أن المسجلين في الحميات الثلاث الرئيسة باتوا ينتظرون الموت، بسبب عدم انتظام الوزارة في صرف الدواء لهم، الذي يجلبه(الصندوق الأممي) عينيا بتكلفة عشرة ملايين و238 ألف دولار.

آخر دفعة صرفت في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 بقيمة  566 ألف و567 دولاراللإنفاق على جهود منع إنتشار الفيروس.

 خط الدفاع الأخير

تغيير الدواء و/ أو تأخير صرفه يدمر مناعة المرضى، ما يستوجب ربطهم بخط علاج مختلف – خط دفاع أخير لإنقاذهم- يعتمد تحديده على قياس معدل انهيار المناعة.

ويجب إخضاع المريض لتحليل دم نوعي غير متوافر في مصر، نظرا لعدم توفر الكيمائيات الخاصة بجهاز التحليل وعدم تدريب الفنيين على استخدامه، وفقا لما لمسؤول Un Aids في مصر. ويضيف د. خميس أنه يحتاج لدعم مادي يجري التفاوض  لتوفيره.

وهكذا يضطر المقتدرون ماليا – وفقا ل د. عبدالهادي مصباح استشاري المناعة والتحاليل الطبية- لإجراء التحليل في أوروبا (فرنسا، بريطانيا وألمانيا) مقابل 800 يورو، بينما ينتظر الفقراء مصيرهم المحتوم، ما لم يقيّض لهم صرف دواء معدل بعد إجراء الفحوص.

marda numbers

سر العلاج.. الالتزام بوقت تناول الجرعة

يتوافر علاج المتعايشين مع الإيدز في ثلاثة خطوط؛ الأول هو الأرخص والأكثر توافرا من خلال وزارة الصحة. يشترط بمتعاطي الأدوية المضادة للفيروسات الالتزام بموعد محدد للصرف للحفاظ

على مستوى مناعته وإلا تدهورت حال المريض. يصرف هذا الدواء عبر نوافذ عشرة مستشفيات للحميات متخصّصة في علاج المرضى، ثلاثة منهم – الأكبر والأكثر اكتظاظا- كانوا مسرحا للبحث والتقصي في هذا التحقيق؛ بحسب تقديرات دكتور وليد كمال مدير برنامج مكافحة الإيدز في وزارة الصحة.

تقدر وزارة الصحة عدد حاملي فيروس (HIV) ب ٣٦٤١، وفقا لآخر إحصائيات في سبتمبر/ أيلول ٢٠١٣،  فيما تقدرهم منظمةUNAIDS بحوالي ١١ ألف مريض.

مسار الدواء

تبدأ خطوات صرف الدواء من لحظة وصوله إلى مصر – من أمريكا أو من الهند والبرازيل الحاصلتين على حق تصنيع الدواء- مرورا بمحطة الجمارك. رئيس قطاع النظم والإجراءات الجمركية بمصلحة الجمارك فؤاد بشير، ومصدر مسؤول في مصلحة الجمارك – رفض ذكر اسمه- يؤكدان أن شحنة الأدوية تحجز  في الحجر الصحي ثم تؤخذ عينة منها لتحليلها في معامل وزارة الصحة. ويفترض ظهور النتيجة في مدة لا تزيد عن 21 يوماً، يعقب ذلك أخذ عينة أخرى من ذات الشحنة وتحليلها.

تعتمد سرعة الإفراج عن الشحنات الجمركية على صدور تقرير نتيجة فحص سلامة الدواء ومطابقته للمواصفات المرفقة بالبيان الجمركي، المختصة بإصدارها الإدارة العامة للشؤون الصيدلية في وزارة الصحة. إلا أن نتيجة التحليل تتأخر في بعض الأحيان، لتصل إلى شهر من تاريخ وصوله،  في حين أن المدّة المفترض انقضاؤها يجب أن لا تتجاوز أسبوعا، استنادا إلى متوسط الفترة الزمنية المفترض ظهور نتائج التحاليل خلالها، وفقا لمصدر مسؤول في مصلحة الجمارك.

تضارب في المسؤوليات

على أن مساعد وزير الصحة للشؤون الصيدلية دكتورة فاتن عبد العزيز ترفض الرد بخصوص تأخر نتيجة التحاليل وتناقضها، رغم تكرار الإتصال بها والتردد على مكتبها على مدار شهر كامل، والإلحاح في الحصول على رد منها عبر المكتب الإعلامي لوزارة الصحة.

من جانبها أوضحت مدير عام التسجيل في إدارة الشؤون الصيدلية د. نهلة حافظ أن الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية هي الجهة المختصة بالإفراج عن الدواء المستورد وتحليله.

وبمراجعة الهيئة، يؤكد رئيسها د. أسامة بداري أن مدة تحليل الدواء في معامل وزارة الصحة تحدد وفق القانون بحسب مكونات الدواء، وهو أمر تتشارك مسؤوليته بين الشؤون الصيدلية في وزارة الصحة، وبين الهيئة القومية للأبحاث والرقابة على المستحضرات الحيوية والأمصال.

على أن رئيس الهيئة القومية للأبحاث والرقابة على المستحضرات د. محمد مبروك أوضح من جانبه أن دواء نقص المناعة -الذي تستورده وزارة الصحة- غير مدرج لديه بل يقع تحت إختصاص الهيئة القومية للرقابة و البحوث الدوائية.

من الجمرك إلى التموين الطبي

بعد مروره بإجراءت الفحص والتخليص الجمركي، ينقل الدواء إلى إدارة التموين الطبي في حي العباسية بالقاهرة، ومنه إلى مخازن المستشفيات.

مسؤول بالإدارة المركزية للتفتيش الجمركي يقول من جانبه إن إجراءات التخليص تعتمد على قرارات الجهتين المخولتين بالإفراج عن الأدوية المستوردة؛ الإدارة العامة للرقابة على الصادرات والواردات والرقابة على الصيدليات التابعتين لوزارة الصحة. وتتراوح فترة التقييم والموافقة بين “يوم وعدة أسابيع في حال الشك في صلاحية الشحنات المجلوبة من الخارج”. وتسحب عدة عينات للوقوف على النتيجة النهائية، على ما يضيف المسؤول الذي رفض الإفصاح عن هويته.

تطبق هذه الإجراءات “الموحدة” على أي بضائع تصل البلاد بدءا من “التخزين في الحجر الصحي” مرورا بتحويلها إلى ما تسمى “جهات العرض”، المسؤولة عن إصدار قرارات الموافقة الصحية للشحنات وصولا إلى الإفراج الجمركي.

بموجب قانون رقم 106 لسنة 2000، بعد صدور موافقة “الرقابة على الصادرات والواردات”٬ تشكّل وزارة الصحة لجنة بعضوية 10 أطباء ليصدر في النهاية تقريران بشأن الشحنة.  تتأخر هذه التقارير ـ وفقا للمصدر ـ بسبب وزارة الصحة ذاتها. كما أن بعضها تأتي متناقضة: “مثلا الخلط بين مسميات مستحضر طبي أو عقار علاجي، وبالتالي يستحيل إفراج الجمارك عن الشحنة نظرا لعدم تطابق التقارير”. يترتب عليه “إعادة استخراج وتحليل عينات من الشحنات، وبمجرد صدور تقرير جهة العرض النهائي ينتقل الدواء الى مخازن وزارة الصحة”.

يؤكد المسؤول أن مصلحة الجمارك لم تتأثر بأحداث ثورة 25 يناير 2011 إذ شكّلت لجنة للإفراج الفوري عن الشحنات بعد توقيع صاحبها على إقرار بدفع الرسوم الجمركية بعد خروجها. وكانت الأولوية للشحنات الدوائية.

ويتم تشكيل لجنتين على التوازي لكي لا تنفرد جهة واحدة بهذا القرار، وفقا للقانون المذكور أعلاه.

locations

بيروقراطية “الصحة” والجمارك

رحلة الدواء من تاريخ طلبه وحتى وصوله إلى المستفيد تتراوح بين ستة و 12 شهرا، بحسب UNAIDS .

دكتور أحمد خميس مسؤولUNAIDS يقول  إن وزارة الصحة تتأخر في طلب الدواء إلى حين اقتراب المخزون من النفاذ. كما أن إجراءات التخليص الجمركي لا تقل عن شهر في المعتاد.

على أن وزارة الصحة تنفي هذا الاتهام. لكنها تمتنع عن الإفصاح عن أرقام الشحنات و تتبع تاريخ الإفراج الجمركي عنها.

“نطلب الدواء قبل إنتهاء المخزون بمدة كافية”، هذا ما يقوله دكتور وليد كمال، مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز في وزارة الصحة، المتولى منصبه في ديسمبر- كانون أول، رافضا تحديد المدة الزمنية بدقة. ويضيف: “مشاكل الدواء تنظيمية بسيطة وهو خلل وليس إهمال.لأن الدعم متوافر، ونعمل على إصلاح الخلل”.

لكن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الايدز في مصر رصد تأخر وزارة الصحة في إجراءات استيراد الأدوية لحين نفاذ المخزون لديها٬ علاوة على التلكؤ في تغيير الخط العلاجي للذين أصيبوا ب “مناعة دوائية” نتيجة صرف بدائل غير ناجعة للأدوية الأصلية٬ ما يعرض حياة العشرات للموت، بحسب دكتور أحمد خميس مسؤول UNAIDS في مصر.

ووثقت معدة التحقيق لجوء متعايشين مقتدرين ماليا لشراء الأدوية الأصلية-  من الهند والبرازيل، بسبب رخص ثمنها؛ 30 دولارا مقابل 400 دولار من أمريكا، صاحبة العلامة التجارية. يتم ذلك عبر وسطاء من المرضى أنفسهم.

وفقاً للتقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة للإيدز عام ٢٠١١، لا يوجد إحصاء دقيق لعدد المصابين بالمناعة الدوائية في مصر، الذين تتناقص مناعتهم بنحو أسرع، ما يؤدى لسهولة إصابتهم ب”الأمراض الانتهازية” والتي تبدأ من نزلة برد قد تكون قاتلة وحتى الإصابة بأنواع من مرض السرطان.

3adwa

قياس المناعة

يقاس مستوى مناعة مريض “الإيدز” من خلال تحليل الخلايا الليمفاوية التائية CD4. ويستلزم ذلك إجراء تحليل دوري كل ثلاثة أشهر بجهاز التحليل المتواجد فقط في مقر وزارة الصحة في القاهرة وآخر في الإسكندرية. تكررت شكاوى المرضى من تعطل

جهاز التحليل بصورة متكررة، وهو ما يدفع المرضى المقتدرين ماديا لإجرائه في معامل خاصة مقابل 165 جنيها – 22 دولارا.هذا ما رصدته جمعيات رعاية مرضى الإيدز.

1212

رئيس إدارة معامل التحاليل في وزارة الصحة دكتورة نجوى فتحي تنفي تكرار تعطل أجهزة التحاليل، معتبرة أن ما يقع مجرد “أعطال بسيطة من الطبيعي حدوثها ولا تؤثر على كفاءة العمل”.

 رصد التحقيق من خلال التردد على مستشفيات الحميات في القاهرة والجيزة وطنطا، تفضيل المرضى للعلاج في القاهرة الكبرى بعيدا عن مقار سكنهم في المحافظات المختلفة، تجنبا للوصم المجتمعي.

 

حميات العباسية

معاناة عبد الخالق مع منظومة صرف الدواء المجاني عمرها ١٠ سنوات. استمر مستوى مناعته في التراجع بسبب عدم انتظام صرف الدواء حتى وصل إلى ٦٥ خلية تائية في شهر مايو/ أيار ٢٠١٢. هذا التراجع أصابه بالتهاب شديد في الغدد تحت الإبط وبين الفخذين، وخلل في وظائف الغدد الليمفاوية، بحسب التقارير الطبية التي حصلنا على نسخة منها.

من خلال جلسات المشورة العلاجية التي تنظمها جمعية “كاريتاس”، تعرف عبد الخالق إلى أصدقاء متعايشين مع الفيروس٬ علم منهم أن حالته تتطلب إجراء تحليل المناعة الدوائية، وشراء الدواء المناسب لحالته من الخارج وهو ما لا يقدر عليه.

كان عبد الخالق يعمل سائق “ميكروباص” منذ عام 1995 حتى سفره عام 2000 إلى إيطاليا، التي تزوج فيها من أجل الحصول على الإقامة.  لكنه أصيب بالفيروس، ليعود فينقله لزوجته المصرية. بعدها لم يعد قادرا على العمل٬ ويتقاضى الآن معاشا شهريا لا يتجاوز ١٧٠ جنيه -23 دولار، لا يكفيه قوت يومه.

في نهاية عام ٢٠١٢، طلب من الدكتور إيهاب عبد الرحمن، المدير السابق لبرنامج مكافحة الإيدز في وزارة الصحة، تكفل الوزارة بإجراء تحليل المناعة الدوائية له، إلا أن طلبه رفض بعد شهر من التهرب، نظراً لتعطل جهاز التحليل لدى وزارة الصحة، فضلاً عن عدم قدرة الوزارة على إجرائه خارج مصر.

الدكتور وليد كمال، المدير الحالي للبرنامج الوطني لمكافحة الإيدز في وزارة الصحة والسكان يقر بعدم توافر أجهزة إجراء تحاليل المناعة الدوائية٬ لكنه لم يغفل الإشارة إلى سعي الوزارة لنيل منح من جهات دولية لشراء الكيماويات اللازمة وتدريب العاملين على استخدامها.

رحلة اللاعودة

في أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٣، وأثناء إعداد التحقيق اصطحب “مصراوي” المريض عبد الخالق لإجراء تحليل الخلايا المناعية و”الحمل الفيروسي” PCR في معملين، الأول في المعامل المركزية التابعة لوزارة الصحة والثاني معمل خاص.

جاءت النتائج  لتكشف أن مستوى المناعة لدى عبد الخالق تدهور إلى مرحلة اللاعودة، وفق الدكتور عمرو جوهر، الذي اطلع على نتائج التحاليل.

“بالنظر إلى عمر المريض ووفقاً للمعايير الموضوعة من منظمة الصحة العالمية، فإنه يعاني من مستوى منخفض للمناعة وفقاً لنسبة الخلايا الليمفاوية التائية لديه CD4، لأنها تقل عن المستوى ٣٥٠،ما يعني بأن المريض معرض للإصابة بالأمراض الانتهازية وانخفاض التدابير الوقائية التي من شأنها أن تقيه خطر الإصابة بتلك الأمراض”، على ما يشرح د. جوهر. ويشخص استشاري الأمراض التناسلية، وزميل الكلية الملكية البريطانية، بأن تأثر مستوى المناعة لدى هذا المريض جاء نتيجة عدم الانتظام في الحصول على الدواء، موضحاً أنه لا بديل لإنقاذه إلا باجراء تحليل المناعة الدوائية له في أوروبا لتحديد الدواء المناسب لحالته.

د. عايدة فايز، مديرة صيدلية مستشفى حميات العباسية، المسؤولة عن صرف الدواء لمرضى الإيدز تؤكد “أن صرف الدواء منتظم وأن المخزون كاف، وأنه في حالة حدوث نقص أو تأخير للدواء يكون بسبب تأخر وزارة الصحة في توفيره، لأن المستشفى مجرد منفذ للتوزيع”.

وتقول عايدة إن الوزارة تتعلل دائماً بالإجراءات الجمركية٬ وكان آخرها في شهر يناير/ كانون ثاني ٢٠١٤ عندما تأخر توفر الدواء في مخازن وزارة الصحة لمدة أسبوعين.

حميات امبابة

*زياد فضل الهجرة عن انتظار الموت 

زياد رجل اربعيني ، رب لأسرة قوامها صبي وطفلة وزوجة٬ غالبيتهم مصابون بفيروس نقص المناعة المكتسبة “الإيدز” باستثناء الابن.دفعته أزمات الدواء للهجرة إلى إسبانيا. تحدث عن تأخر الدواء في “حميات امبابة” قائلا:” تدنت مناعتى وكدت أفقد حياتى بسبب تأخر صرف الدواء لمدة وصلت إلى ثلاثة أشهر٬ فضلاً عن تقديم أدوية بديلة تخص خطوطاً علاجية أخرى لم يستطع جهاز مناعتى تحملها، ولم أجد بديلا عن إجراء تحليل المناعة الدوائية في ألمانيا مقابل 800 يورو”.

وجاء في التقرير الطبي أن: “تعاطي أدوية غير مناسبة لحالته الصحية أثرت سلباً على مستوى مناعته”، ومن ثم تضاءلت فرصه في التعايش مع الفيروس. يقدم طبيبه المعالج عبد الهادي مصباح، تشخيصا مفصلاً في تقريره الطبي: ” أصيب المريض بهذه الأزمة الصحية نتيجة المناعة الدوائية بسبب التغيير المتكرر لنوع الدواء ما أدى إلى زيادة مقاومة الفيروس ومن ثم انتقل المريض إلى الخط العلاجي الثاني٬ ونتج عنه تدهور حالة جهازه المناعي”. يؤكد زياد أن وزارة الصحة تأخرت لمدة ستة أشهر قبل تغيير الدواء المجاني المصروف له، ما اضطره لشراء الدواء البديل من الهند على نفقته الخاصة.

أزمات الدواء المجاني طالت ابنة زياد الكبرى آية (ثمان سنوات). تأخر صرف جرعة الدواء لها في شهر سبتمبر- أيلول عام ٢٠١٢ لمدة شهرين، وتسبب في إصابتها بحالة استسقاء متقدمة، باتت معها غير قادرة على الحركة. يشرح د. عبد الهادي مصباح “في بعض الأحيان يحدث للمريض ما يسمى بالفشل العلاجي،  إما بسبب عدم التزام المريض بالجرعة العلاجية، أو لأن الفيروس استطاع مقاومة الخط العلاجي والانتصار عليه نتيجة الخلط بين أكثر من نوع من الدواء”.

بهاء يساعد المرضى على شراء الدواء من الخارج

مصيبة نزلت فوق رأس بهاء، عندما كشفت تحاليل طبية أجراها في يوليو/ تموز ٢٠٠٩ خلال رحلة علاجية لكل من انجلترا وفرنسا، أن جسمه لم يعد يتجاوب سوى مع نوعين فقط من الدواء من أصل ٢٢ من مضادات الفيروسات القهقرية المستخدمة عالمياً، بسبب تأخر صرف الدواء من “حميات إمبابة” وتقديم بدائل عشوائية ما أدى لتقليل فرصته في التعايش مع الفيروس.

بعد عودة بهاء من رحلته العلاجية، طلب من وزارة الصحة ، تغيير نوع الخط العلاجي الذي يحصل عليه، إلا أن الاستجابة لطلبه استغرقت أكثر من عام، ما دفعه للبحث عن وسيلة بديلة لشراء الدواء بنفسه. “الدواء غير متوفر محلياً كما أنني وجدت ثمنه مرتفعا جداً عندما حاولت شرائه من أمريكا مقابل ٤٠٠ دولار لعلبة واحدة تكفي لمدة شهر، فلجأت إلى جاري هندي الجنسية، الذي تمتلك بلده حق تصنيع الدواء بسعر 30 دولار للعلبة، وأصبح يساعدني في شراء الدواء عبر شركات الشحن٬ وصرت من خلاله أساعد غيري من المتعايشين مع الفيروس على جلب الدواء من الخارج” على ما يقول بهاء.

سليم.. يبحث عن فرصة للحياة

٦ أشهر هي المدة التي قضاها سليم المتعايش مع الفيروس في الفترة من شهر مارس حتى شهر اغسطس عام ٢٠٠٧ كي يتمكن من صرف الدواء لابنه “وائل” ذو الست سنوات  من “حميات إمبابة” . احساسه بالذنب لأنه نقل العدوى إلى صغيره الذي يفقد مناعته،ويعجز عن توفير الدواء له٬ جعله يقدم على الإنتحار ثلاث مرات، فشلت جميعها، “أكثر ما يزعجنى وصم حامل الفيروس بأن إصابته نتيجة علاقة جنسية أثمة، وهو ما ليس صحيحا بالضرورة”، يقول سليم.

من خلال إحدى الجمعيات التي تساعد مرضى فيروس الايدز، تعرف سليم على متعايشين ساعدوه على شراء الدواء من الخارج لابنه،وبالاستعلام من الوزارة جاءه الرد أن “الشحنات الموجودة في المخازن نفذت وأن اجراءات الصرف تستغرق وقتا من أجل توفير الجرعات الكافية للاطفال”.

منير.. مات وهو يردد ‘معلش أصل المركب بتتأخر وفيها العلاج’

 داخل عنبر علاج مرضى نقص المناعة في مستشفي حميات إمبابة، إلتقينا (منير.م)  ثلاثيني كان يعمل مصفف شعر قبل مرضه.”معلش أصل المركب اتأخرت بسبب الجمارك والإجراءات” عبارة ترددت مراراً على مسامع منيرالمصاب بالفيروس منذ سبع سنوات، أثناء علاج أسنانه في أحد  مستشفيات شبرا، كلما تأخر صرف الدواء الحكومي لعدة أسابيع، لم يكن يملك بديلا عن الانتظار، بعد توقفه عن عمله.

تأثرت حالة منير الصحية بعدم انتظام حصوله على الدواء، ما أدى إلى خلل في أغلب وظائفه الحيوية، ومن ثم انتشرت القروح في جسده، حتى أن الأطباء رجحوا إصابته بسرطان الجلد. بعد شهر ونصف من زيارة معدة التحقيق إلى منير وافته المنيه متأثراً بإنهيار جهازه المناعي في يناير ٢٠١٤، وأكدت شقيقته في إتصال هاتفي أنه أصيب بورم جلدي جديد في قدمه تدهورت معه حالته الصحية حتى وفاته.

anti

دكتور وليد كمال، مدير البرنامج الوطنى لمكافحة الإيدز في وزارة الصحة أقر أن منظومة صرف الدواء تعاني من خلل، وهو ما كان واضحًا في بداية الألفية بالأخص في عامي 2004 و2005، وأن وصول الدواء لمخازن وزارة الصحة لم يكن منتظمًا. وهو ما برره بسبب عدم اهتمام المنظمات الدولية بتمويل مصر في تلك الفترة.

د. محمد حمد، مدير وحدة الصحة والبحث العلمي في مركز خدمات التنمية، أوضح أن أزمات صرف الدواء بدأت منذ عام ٢٠٠٠، الأمر الذي دفع مرضى لشراء الدواء غير المتوفر محلياً من الهند والبرازيل٬ لأن لديهما حق تصنيع الدواء من الشركة الأمريكية المصنعة له في الأساس، نظراً لزيادة عدد المتعايشين مع الفيروس في هاتين الدولتين.

أضاف د. حمد أن مشاكل وزارة الصحة دفعت المرضى المقتدرين إلى شرائه الدواء بأنفسهم بدون القيد في كشوف وزارة الصحة، وهو ما يظهر الفجوة بين الأرقام التي تعلنها وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.

بدوره نفى د. صلاح عبدالمنعم السيد، مدير عام مستشفى حميات إمبابة، وجود خلل في منظومة صرف الدواء٬ أو تأخر صرفه أو نقص المخزون الموجود لدى المستشفى٬ مؤكداً أنه يتم طلب دفعة جديدة من الدواء من وزارة الصحة قبل انتهاء المخزون بوقت كاف.

حميات طنطا

المحطة الثالثة كانت “حميات طنطا” في محافظة الغربية شمال القاهرة، صرف الدواء يتم عبر وحدة “الفحص والمشورة”، إحدى ممرضتان مسؤولتان عنها وتدعى أنوار محمد إبراهيم، نفت وجود أي مشكلات في صرف الدواء لمرضى الإيدز.

زينب: “زوجي قلل من جرعته لأنتظم فيها لكنى فقدت القدرة على الحركة” 

من بين المترددات على المستشفى شابة عشرينية تدعى زينب، عاد زوجها بعد إقامة طويلة في إيطاليا حاملا فيروس نقص المناعة المكتسبة، لترافقه رحلة العلاج. تقول زينب: “كنا نصرف الدواء في وزارة الصحة٬ لكنه كان غير منتظم. ثم توجهنا إلى حميات العباسيةً”. تكرر الأمر عدة مرات “على مدار عامين منذ تاريخ إصابتي في عام ٢٠١١ ثم انتقلنا للصرف من “حميات طنطا”، حسبما تضيف: “لكن الجرعات تتأخر أيضا لعدة أسابيع وأحيانا لأشهر٬ فما كان من زوجي إلا أن قلل من جرعته لأنتظم أنا في تناول جرعتي”. وفي صباح يوم ١٨ ديسمبر/ كانون أول ٢٠١٣ استيقظت زينب من نومها لتجد نفسها غير قادرة على تحريك جميع أطرافها٬ وبتوقيع الكشف عليها في مستشفى طنطا الجامعي فسر الأطباء إصابتها بإلتهاب في شرايين الجسم، فيما أكد التقرير الطبي أنه ما تعانيه زينب هو عرض ناتج عن دواء نقص المناعة.

*نادية: ‘ لا أمتلك سوى الانتظار’

 بعد اعتلال صحتها بشكل ملحوظ أعجزها عن مراعاة شؤون بيتها وبناتها الأربع٬ قررت نادية أن تستسر لابنتها الكبرى ولاء بمكنون مرضها، الذي اكتشفته بعد وفاة الأب بشهور قليلة. “في البداية طلبت مني المسؤولة الإتصال للتأكد من وجود الدواء قبل الحضور لاستلامه، ولضمان توافره أيضاً أفضل صرفه في منتصف الشهر”، حسبما تقول. إلا أن محاولاتها لضمان توافر الدواء لم تفلح، لكنها لا تجد بديلاً عن انتظار قدومه.

*العلاج الخاطئ.. أفقد رضا مناعته

 في أكتوبر ١٩٩٩ قرر رضا التبرع بدمه ليأتى بعدها الطبيب ليهمس في أذنه “لن نستطيع قبول تبرعك، أنت مصاب بالإيدز”. ظل رضا متعايشا مع الفيروس حتى  ٢٠٠٨ دون أن تظهر عليه أي أعراض مرضية لنقص المناعة٬ إلا أنه وفي شهر يونيو/ حزيران من نفس العام أصيب بقيء وارتفاع في درجة الحرارة، وكان مستوى مناعته حينها ٧٥٠ خلية تائية، وقرر دكتور إيهاب عبدالرحمن، مسؤول وزارة الصحة السابق صرف علاج المناعة له.

بمجرد حصول رضا على الدواء تبدلت حاله٬ وأصيب بعدها بإلتهاب رئوي شديد، وتراجع مستوى مناعته ليصل في أكتوبر- 2009، إلى ٣٠ رغم انتظامه في تناول الدواء.”كنت أنتظر الموت٬ حينها قررت التوجه إلى جمعية كاريتاس التي تقدم الدعم لمرضى الايدز وأطلعتهم على تقاريري الطبية٬ وقاموا بمساعدتي في إجراء تحليل المناعة الدوائية في ألمانيا في بداية ٢٠١٠” يقول رضا.

أثبت التقرير الذي تم إجرائه في أحد المعامل المعتمدة دولياً في ألمانيا أن إعطاء المريض بدائل متنوعة من دواء علاج المناعة أدت إلى إصابته بالفشل العلاجي، وأصبح جسده لا يتجاوب سوى مع دواء الخط العلاجي الثالث، وهو أغلى من بقية الخطوط العلاجية.

د. علي الكيلاني، مدير مستشفى حميات طنطا، أقر بوجود شكاوى من نقص أدوية علاج نقص المناعة في بعض الأحيان، مبررا ذلك بعدم امتلاك المستشفى سيارة للإنتقال إلى المخزن الرئيسي للدواء في إدارة التموين الطبي في العباسية، ما يدفعهم للدخول في إجراءات روتينية لطلب سيارة من مديرية الصحة في محافظة الغربية، الأمر الذي يطول لعدة أسابيع. الكيلاني أقر بأن صرف الدواء يتأثر بشكل مباشر بالأحداث المحلية وأزمات الوقود، فضلاً عن ضعف تأمين الطرق.

بسؤال الدكتورة مها الرباط وزيرة الصحة السابقة في حكومة د. حازم الببلاوي المستقيلة في نهاية فبراير 2014، والتي كانت في منصبها وقت اجراء التحقيق٬ أفادت بأن مخزون الدواء كاف للمرضى وأن صرف الدواء يتم شهرياً بشكل منتظم. لكن المشكلة تكمن ـ بحسبها ـ في سلوكات المرضى الذين يكررون عملية صرف الدواء في غير موعده لتخوفهم من نقص المخزون.

وبعد اطلاعها على نتائج التحقيق الاستقصائي الذي قام به “مصراوي” قالت الرباط إنها سترسل لجنة لتقصي الحقائق حول الوضع في مستشفيات حميات العباسية وامبابة.

تقر الوزيرة السابقة بصحة ما كشفه التحقيق حول وجود قصور في مستشفى “حميات طنطا” فيما يخص عدم انتظام عملية صرف الدواء. إلا أنها تلقي باللائمة على حساسية المرضى الزائدة التي تدفعهم لعدم الصبر والمبالغة في الشكوى.

alyaa

خلال 5 أشهر هي فترة إنجاز هذا التحقيق٬ حاولت المحررة التواصل مع  “صندوق مكافحة السل والإيدز والملاريا Global Fund”، وجاء الرد المبدئي من جومانة العطوانى مسؤول المنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في نوفمبر/ تشرين ثاني 2013 أن المنظمة تعمل على التواصل مع السلطات المصرية ومع الشركاء الآخرين لحل المشكلة، ووعدت بالرد التفصيلي على الاسئلة، وهو ما لم يحدث حتى تاريخه، رغم المحاولات المتكررة لمعدة التحقيق عبر البريد الإلكتروني والهاتف.

 دكتور وليد كمال مدير البرنامج الوطني لمكافحة “الإيدز” في وزارة الصحة، قال : “منظومة صرف الدواء تأثرت بالأوضاع الداخلية في مصر، وأن الشائعات التي أطلقها المتعايشون أنفسهم دفعتهم للشعور بالفزع وتكرار صرف الدواء وتخزينه مما أثر على المخزون”.

وعن صرف بدائل للدواء، أكد كمال، أن منظومة صرف الدواء تتم وفقًا للمواصفات الخاصة بالأدلة الوطنية المصرية للعلاج والأدلة الإرشادية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية.

وحول تأخر تغيير الخط العلاجي للمرضى نتيجة عدم توافر الأدوية التي يفترض أن تقدم لهم٬ قال كمال إن توافر الأدوية كان يشوبه تأخير وهو ما حاول نوعاً ما التغلب عليه٬ بحسب قوله٬ منذ توليه منصبه.

عشرات المتعايشين يخشون انهيار مناعاتهم نتيجة عدم الانتظام في توفر الدواء فضلا عن صرف بدائل غير مناسبة لحالتهم الصحية، ما يجعلهم يعيشون في خوف من أن يكون مصيرهم مثل ثناء، التي فقدت حياتها، وتركت لشريف الذي يفقد مناعته كل يوم عبء رعاية أبنائهم، الذين يعرفون بدورهم أن الموت القريب هو مصير الأب المريض.

تم إعداد هذا التقرير الاستقصائي بدعم من شبكة أريج (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية ) وبإشراف الزميل هشام علام.


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *