اسطوانات الغاز .... قنابل موقوتة في بيوت اليمنيين

10 يوليو 2016

صنعاء، معين النجري

العربي الجديد: توفيت نبات قبيدي (35عاماً) مع ابنها محمد (ست سنوات) في انفجار مدوٍ أحدثته اسطوانة الغاز في منزلهم الواقع في قرية “الأكمة بني قبيدي” وسط محافظة ريمة 130 كيلومتر جنوب غرب العاصمة صنعاء.
قضت في الانفجار مع طفلها الذكر الوحيد الذي رزقت به بعد إنجاب أربع فتيات نجين من الموت بإعجوبة، بسبب بعد غرفة نومهم عن موقع الانفجار.
ورغم الجروح الطفيفة التي أحدثها انفجار اسطوانة الغاز على أجسادهن، إلا أن رحيل والدتهن وشقيقهن الوحيد، خلّف في قلوبهن جروحاً عميقة لم تندمل بعد مرور سنة على الحادث الذي وقع في 7 آذار/ مارس 2015.
الحاج محمد حسن الحاج – 64 عاماً – أحد أقرباء الأسرة المنكوبة، يقول إنه أيقظ سكان القرية الساعة السادسة صباحاً.
ما حدث لهذه العائلة يمكن أن يتكرار في أي دقيقة؟ فالسوق المحلية في اليمن تعج بنحو 12 مليون اسطوانة غاز منزلي غير صالحة للاستخدام وفق تقديرات – الشركة اليمنية للغاز – يتداولها اليمنيون وفق ما يكشفه هذا التحقيق، إما لانتهاء عمرها الافتراضي، أو لسوء الاستخدام، أو لرداءة المنتج.
يستمر ذلك ظل عجز الشركة اليمنية للغاز “الجهة الحكومية المسؤولة عن صيانة واستبدال الاسطوانات”، نظراً لعدم توفر ميزانية كافية تتطلبها عملية الصيانة والاستبدال للتالف بحسب رد الشركة على مواجهة معد التحقيق لها بمسؤوليتها عن تكرار تسرب الغاز المنزلي وما تتسببه بحوادث انفجار.
ويقول المهندس عبدالعزيز شائف رئيس قسم صيانة اسطوانات الغاز في الشركة إن مشكلة الاسطوانات التالفة تتفاقم من عام إلى آخر. ويقدر عدد الاسطوانات غير الصالحة للاستخدام في السوق المحلية في العام 2016 بحسب توثيق الشركة، بنحو (12 مليون اسطوانة)، نظراً لانتهاء العمر الافتراضي المقدر بـ15عاما، وسوء الاستخدام ودخول أعداد جديدة من الاسطوانات مجهولة المصدربسبب الفوضى السياسية في البلاد.
تدعم نتائج الاستبيان الذي نفذه معد التحقيق في أمانة العاصمة ما قاله المهندس شائف، فمن ضمن 2000 مواطن شملهم الاستبيان حصل 1196 مواطن على اسطوانات تالفة، 80 % منهم حصلوا على اسطوانات غير سليمة أكثر من ثلاث مرات خلال عام. وبحسب الاستبيان فإن 83 % قالوا إن الخلل في المحبس أو بين المحبس والاسطوانة يؤدي لتسرب الغاز، غير أن أياً من المستطلع آراؤهم لم يفكروا إطلاقاً في الذهاب إلى قسم الشرطة ليبلغ عن وجود اسطوانات تالفة في السوق بسبب عدم الثقة في الوصول إلى نتيجة.

مركز الحروق
لا يكاد يمر أسبوع إلا ويستقبل مركز الحروق الطبي بالمستشفى الجمهوري – المركز الوحيد بصنعاء – مصابين جدد جراء حرائق سببها تسرب الغاز أو انفجار اسطواناته. ويقول رئيس المركز لمعد التحقيق الدكتور صالح الحيضاني أن عدد المصابين بالحروق في عام 2014بسبب الغاز المنزلي بلغ 181 حالة، فيما بلغ العام 2015 نحو126 حالة.
هذه الإحصاءات لا تشتمل على الحوادث المماثلة التي تحدث في محافظات ومدن أخرى، ويلجأ ضحاياها للعلاج في المستشفيات المحلية القريبة من موقع الحادث.
كما أن وزارة الصحة لا تمتلك إحصاء دقيقاً بعدد الحالات المصابة بالحروق بسبب الغاز في عموم اليمن، نظراً لعدم اهتمام المشافي بتسجيل طبيعة الحالات المرضية الواصلة إليها. وبحسب مصدر في العلاقات العامة في الوزارة، هناك غياب للجهاز الإحصائي المتخصص بجمع البيانات الطبية من مختلف المرافق الصحية الحكومية والخاصة.

في المجمع الطبي العام بمدينة ذمار (100 كم جنوبي صنعاء) استعادت فوزية سعيد الصناعي (16 عاماً) وعيها بعد ثلاثة أيام من انفجارأسطوانه غاز في مطبخ المنزل. يقول شقيقها نبيل ذو الـ 27 عاماً، والذي يسكن معها في ذات المنزل:”أنها محظوظة لأنها على قيد الحياة، فالمطبخ المبني في فناء المنزل، اختفى تماماً حيث انهارت جدرانه الأربع وسقط سقفه على الأرض”.
يوضّح نبيل أن المطبخ كان محكم البناء والإغلاق، ونتيجة لتسرب الغاز تحوّل إلى قنبلة كبيرة انفجرت بمجرد فتح فوزية لباب المطبخ في الساعة الثالثة والنصف من صباح يوم الأحد 21 حزيران/ يونيو2015.
كانت فوزية تحمل شمعة عندما فتحت باب المطبخ، ما سبب الانفجار الذي قذف بها نحو 20 متراً تقريباً بحسب نبيل. ويذكر تقرير المستشفى أن فوزية أصيبت بكدمات وحروق من الدرجة الثانية والثالثة، واستغرق علاجها بالكامل نحو ثلاثة أشهر.
فوزية تحولت من فتاة مرحة، إلى شخصية انطوائية تخشى التعامل مع الناس، وفق التقرير الطبي المذيل بتوقيع الأخصائي النفسي عبدالسلام السعيدي، الذي بين أن هذه “الحالة جاءت نتيجة للآثار التي خلفها الحريق في رقبتها ويديها”.
أربعة اشخاص من عائلة خالد هراش البدجي (38 عاماً) اصبحوا نزلاء مركز الحروق بعد أن خسرت العائلة ثلاثة من أطفالها في حادث حريق سببه تسرب للغاز.
حيث توفي محمد (15 سنة) في غرفته، وتشبث عبدالله (9 سنوات) بالحياة حتى وصل فناء المستشفى الجمهوري، حيث فارق الحياة قبل أن يدخلها. أما غدير (12عاماً) صارعت الموت ثمانية أيام في غرفة العناية المركزة في المستشفى الاستشاري قبل أن تلحق بشقيقيها إلى العالم الآخر.
يبدو خالد هراش والد الضحايا الثلاث متماسكاً، وهو يتحدث للمحرر عن الساعات الأولى من صباح 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 “الصبح الدامي”يوم وقوع الحادث، لكن دمعة يتيمة في عينيه تخون صلابته.

يستذكر كيف التهم حريق هائل منزله في حي القاع بصنعاء نتيجة تسرب الغاز، ما سبب وفاة ثلاثة من أبناءه، بينما أصيب هو ووالده وزوجته وابنه الرابع فارس (10سنوات) بحروق من الدرجة الأولى والثانية والثالثة.
استشاري الحروق في المركزالتابع للمستشفى الجمهوري (الحكومي) د.محمد الحجاجي الذي يشرف على علاجهم، يؤكد في حديثه لمعد التحقيق أن أسرة خالد هراش حالة ضمن حالات كثيرة، إذ يقول”الحريق بالغاز المنزلي عادة ما يطال عدد من أفراد الأسرة وأحيانا جميعهم”، كما حدث مع أسرة هراش.
وتشير إحصاءات الدفاع المدني إلى أن عدد البلاغات التي تلقاها عام 2014 عن وجود حريق بسبب الغاز المنزلي بلغت 82 بلاغاًفي عموم محافظات الجمهورية. بيد أن هذه البلاغات وفق ذات الإحصاء لا يتلقاها الدفاع المدني، إلا حين يكون هناك طلب مساعدة لإطفاء حريق.
تقارير رسمية
طلبت رئاسة الجمهورية في مارس/ آذارعام 2009 بسحب أربعة ملايين اسطوانة تالفة من السوق المحلية، بعد أن رفعت الشركة اليمنية للغاز التابعة لوزارة النفطتقريراً اشتركت في إعداده مع وزارتي الصناعة والصحة والدفاع المدني يتحدث عن وجود سبعة ملايين و600 ألف اسطوانة غيرصالحة للاستخدام من أصل16 مليون اسطوانة يتداولها اليمنيون. ويقول التقرير أن ثلاثة ملايين و600 ألف اسطوانة مازالت قابلة للصيانة، بينما يجب إتلاف أربعة ملايين. وتبلغ كلفة الصيانة الشاملة لاسطوانة الغاز قرابة الـ 13 دولار، أما الصيانة الجزئية فتقدر بنحو أربع دولارات بالإضافة إلى قيمة المحبس وهي خمسة دولارات.

غير أن وزارة المالية رفضت تنفيذ الطلب في حينه، مبررة – في تقرير رفعته إلى رئاسة الجمهورية- بعجز ميزانية الدولة عن إنفاق 30 مليار ريال يمني (140 مليون دولار)، لتمويل خطة على مدى سبع سنوات كانت كفيلة بسحب الكمية واستبدالها بجديدة وصيانة الكمية القابلة للصيانة، “لأن ذلك فوق طاقتها”. كما تذرعتبأن هذا الرقم مبالغ فيه.
وبدلاً عن ذلك اعتمدت وزارة المالية ميزانية سنوية خاصة بالصيانة والإتلاف بلغت 444 مليون ريال في عام 2015 تعادل نحو (2 مليون دولار أمريكي)، بينما بلغ إجمالي ما صرفته الشركة اليمنية للغاز في الصيانة والإهلاك، بحسب تقريرها المالي لذات للعام، 800 مليون ريال أي ما يوازي ضعف الميزانية المعتمدة من المالية.
بحسب المادة304 من القانون المدني اليمني فانه يحق للمواطن رفع قضية ضد أي جهة حكومية أو غير حكومية أو شخص باعتبارها “المسؤول عن الأشياء” أي المسؤولة عن الضرر الذي وقع، قال القاضي فارس النواري _ المعهد العالي للقضاء_ لمعد التحقيق “تنطبق هذه المادة على المؤسسات مثلما تنطبق على الأشخاص” مضيفا “الجهة المسؤولة تعتبر شخصا معنويا”.

تبعات قانونية
يقلل المحامي عبدالقدوس المطري من فرص حصول أي مواطن على تعويض في حال قرر رفع دعوى قضائية ضد شركة الغاز وهي الجهة المسؤولة عن مراقبة وضبط السوق على حكم لأن ثقافة رفع قضية ضد مؤسسة حكومية غير موجودة عند المواطن.
ولذلك يقول المطري: “قد يخسر مئات الآلاف من الريالات، دون أن يصل إلى نتيجة”، في بلد يقدر متوسط دخل الفرد بـ150 دولاراً قبل الحرب”.

بحسب المادة 304 من القانون المدني اليمني فانه يحق للمواطن رفع قضية ضد أي جهة حكومية أو غير حكومية أو شخص باعتبارها “المسؤول عن الأشياء” أي المسؤولة عن الضرر الذي وقع،  قال القاضي فارس النواري _ المعهد العالي للقضاء_ لمعد التحقيق “تنطبق هذه المادة على المؤسسات مثلما تنطبق على الأشخاص” مضيفا  “الجهة المسؤولة تعتبر شخصا معنويا”.  

الغريب أن 30% من العينة التي استطلعها التحقيق وتبلغ ألفي مواطن، استخدموا الاسطوانات التالفة التي حصلوا عليها، رغم اكتشافهم للخلل من خلال التسريب الذي يحدث عند تركيب الاسطوانة عند فحصها بالطريقة البدائية من خلال وضع رغوة الصابون. بينما أعاد 60% منهم الاسطوانات إلى التاجر، واضطر 10% إلى تفريغ محتواها في الهواء، ورغم ارتفاع نسبة التالف، إلا أن 30% فقط فحصوا الاسطوانات قبل شرائهاعن طريق غمر المحبس برغوة الصابون.

عينات تالفة
الفحوصات التي أجريناها أيضاً لصالح التحقيق في مختبر الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس، على عينة عشوائية مكونة من ثلاث اسطوانات متداولة في السوق، أثبتت عدم مطابقة اسطوانتين لاشتراطات ومتطلبات المواصفات والمقاييس اليمنية، بسبب مخالفة الفحص الظاهري لاحتوائها على كدمات وحفر في جسم الاسطوانة ووجود زيادة في وزنها فارغة “في واحدة من العينات”. بالإضافة إلى عدم وجود بلد المنشأ وتاريخ الصنع والعلامة التجارية واسم الشركة المصنعة.
وأكدت الفحوصات التي أجراها معد التحقيق في الثاني من كانون أول/ ديسمبر 2014، أن المخالفات في العينة الثانية تتركز في زيادة قطر الطوق الواقي ونقص في وزن الاسطوانة فارغة. وهذا بحسب اشتراطات المواصفات والمقاييس يجعل الاسطوانة غير مرنة ما يعني أنها قد تتعرض للانفجار في حال تعرضت لصدمات.
بينما كانت المخالفة في العينة الثالثة عدم وضوح رقم متسلسل الإنتاج وتاريخ الصنع وقد اعتبرها التقرير المخبري في حدود متطلبات المواصفات المعتمدة في الاختبارات. وتعتبر مخالفة لكن الهيئة تتجاوز عنها لمرة واحدة وتحذر المستورد من تكرارها. وسبق وأن أصدرت الهيئة تحذيرات في حق ثلاثة تجار لتجاوز شروط المواصفات والمقاييس وبحسب مصدر في الهيئة، فقد التزم التجار الثلاثة بعد ذلك بالشروط.
وبحسب وثيقة حصل عليها معد التحقيق من إدارة ضبط الجودة في الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس، فإن أهم المخالفات التي غالباً ما تكتشفها فِرق الفحص في الخصائص الفنية، تكمن في أرتفاع مقاومة الشد لجسم الاسطوانة، وموضع اللحام وزيادة قطر الطوق الواقي ما يجعلها عرضة للانفجار.
وبالمقابل فإن الانخفاض في وزن الاسطوانة فارغة، والانخفاض في النسبة المئوية للاستطالة وسمك الاسطوانة وسمك الطوق الواقي للمحبس واختلاف القطر الخارجي للطوق الواقي أيضا تعد بحسب وثيقة صادرة عن إدارة ضبط الجودة في الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس في فبراير/ شباط2015 ، مخالفات خطيرة تجعل اسطوانة الغاز عرضة للانفجار في أي لحظة.
عجز في الصيانة
وبحسب العقد الموقع عام 1996 بين شركة النفط “الجهة التي كانت مسؤولة عن الغاز قبل إنشاء شركة الغازعام 2000″والمصنع اليمني لاسطوانات الغاز (خاص) المملوك لرجل الأعمال علي المفزر وهو المصنع الوحيد في اليمن، والذي يمنحه حق صيانة وإتلاف اسطوانات الغاز بناء على طلب شركة الغاز، فقد استقبل المصنع خلال الخمس السنوات الماضية أعداداً متفاوتة كان أعلاها عام 2014 وبواقع 217450 اسطوانة تم إتلاف 99128 اسطوانة فقط، بينما خضعت الكمية الأخرى للصيانة الشاملة والجزئية.
ويقتصر دور المصنع اليمني لاسطوانات الغاز بحسب العقد على صيانة واتلاف ما يتم توريده إلى مستودعات المصنع من قبل الشركة اليمنية للغاز.
ويمثل الشركة اليمنية للغاز في المصنع طاقم مكون من خمسة مهندسين متخصصين في الصيانة، هم من يقرر ما هي الاسطوانات التي تحتاج إلى صيانة، وتلك التي يجب إتلافها.

Capture
وتكشف الجداول الصادرة عن الشركة اليمنية للغاز، ارتفاع مستمر لنسب التالف من الكمية المرحلة للصيانة والتي بلغت 33% العام 2010 و45 % العام 2014.
وتلزم الاتفاقية الموقعة بين الشركة اليمنية للغاز والمصنع اليمني لاسطوانات الغاز الأخير على “كبس” إتلاف الاسطوانات غير القابلة للصيانة مجاناً مقابل أن تشتري الشركة البديل لهذه الاسطوانات من المصنع.
وبحسب إحصاءات الشركة، فإن متوسط إنتاج المصنع يتراوح بين 120 إلى115 ألف اسطوانة سنوياً، وقد بلغ إنتاجه في العام الماضي 115 ألف اسطوانة.

الصيانة أنواع
تعتمد الشركة اليمنية للغاز نوعين من الفحص، الأول بالمشاهدة وعند وجود خلل ظاهري، يقول المهندس أحمد الحداد مدير الدائرة الفنية بالشركة “هناك صيانة جزئية تقتصر على تغيير المحبس وأخرى شاملة تخضع لها كل أجزاء الاسطوانة”.

jad3

وتدخل الاسطوانة دائرة الصيانة الشاملة عندما تعاني من خلل في الخصائص الفنية، التي يحددها المهندس عبدالرقيب النجار مدير إدارة الصيانة في الشركة بـ”ظهور الكدمات أو الصدأ القابل للمعالجة، والحفر أو خلل في الشفرات الحامية للمحبس، وهو ما يوجب خضوعها لصيانة شاملة”.

jad2

الرطوبة

وتعد الرطوبة أحد أهم الأسباب لتلف اسطوانات الغاز في المناطق الساحلية، مثل الحديدة وعدن وحضرموت وغيرها، والتي بات لها أسنان فتاكة، وتعتبر العدو الأول للحديد وفي الطليعة اسطوانات الغاز، ما لم يكن هناك صيانة مستمرة، بحسب المهندس أحمد الحداد.
ويؤكد الحداد أنه سرعان ما يظهر الصدأ على جسم الاسطوانة مختصراً عمرها الافتراضي المقدر بـ “15 عاماً” إلى نحو 10 سنوات، وربما أقل بحسب كثافة الرطوبة التي تختلف من منطقة إلى أخرى، بالإضافة إلى انتهاء فترة صلاحية الكثير من الاسطوانات المتداولة، البعض منها دخلت الخدمة في الثمانينات، والبعض لا تحمل تاريخ إنتاج في مخالفة للتعليمات.
مجهولة المصدر
يقر مصدر في الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس بأن السوق اليمنية مليئة بالاسطوانات مجهولة بلد المنشأ، ومجهولة الشركة المصنعة، ولا تحمل أي علامة تجارية ذات دلالة على منشأها. معد التحقيق حصل على تقارير صادرة عن الهيئة خاصة بصفقات دخلت اليمن بطرق رسمية وبتصريح من الهيئة ذاتها في 29 مايو/ أيار2006م، رغم أنها مجهولة المنشأ والشركة المصنعة، ولا تحمل أي علامة تجارية.

jad4

نتائج الاختبارات لتقرير رقم 64

مصدر في إدارة ضبط الجودة في الهيئة طلب عدم ذكر اسمه، أكد إنهم يسمحوا بدخول الصفقة في حال كانت مطابقة للمواصفات الفنية، حتى لو لم تحمل معلومات بلد المنشأ والشركة المصنعة والعلامة التجارية لمرة واحدة مع إنذار التاجر المورد بعدم تكرارها، وفي حال تكرار الخطأ تمنع الشحنة من الدخول.
ويوضح ذات المصدر أن الهيئة منعت صفقة تبلغ 10000 اسطوانة عام 2014 ،لأنها بحسب تقرير الهيئة مخالفة لبعض المواصفات الفنية مثل وزن الاسطوانة فارغة، حيث تشترط المواصفات اليمنية أن يكون وزن الاسطوانة فارغة بين 5.14 و 15 كغم، بالإضافة إلى نقص في سمك الاسطوانة الذي تشترط الواصفات اليمنية أن لا يقل عن ثلاثة ملم.
وبالرغم من أن المواصفات والمقاييس اليمنية – التي تضاهي باشتراطاتها المواصفات والمقاييس في عدد من الدول العربية والأوربية المتقدمة- تشترط أن تحمل كل اسطوانة اسم الصانع والعلامة التجارية وبلد المنشأ وشهر وسنة الإنتاج والرقم التسلسلي للاسطوانة، غير أن تقارير حصل عليها معد التحقيق من شركة الغاز أثبتت أن 15 نوع من الاسطوانات المتداولة في السوق لا تحمل اسم الشركة المصنعة وبعضها لا تحمل أيضا علامة تجارية.
وتؤكد ذات التقارير أن معظم هذه المنتجات صينية الصنع. وتستورد اليمن الاسطوانات بشكل أساسي من السعودية والصين وتركيا، ويشير تقرير صادر من الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس إلى أن هناك سبعة تجار يقومون باستيراد الاسطوانات من هذه الدول بطرق رسمية، وبشكل نظامي ولا تملك الهيئة أي إحصاءات للكميات المستوردة.
ويستطيع أي تاجر استيراد أي سلعة دون الحصول على ترخيص من أي جهة حكومية باستثناء الأدوية، وما يحدث مع اسطوانات الغاز لا يختلف عن ما يحدث مع أي سلعة أخرى، إذ يشتري المستورد وثيقة المواصفات والمقاييس الخاصة بالاسطوانات من الهيئة اليمنية للمواصفات ومن ثم يجلب شحنة الاسطوانات من أي بلد إلى المنفذ البحري أو البري وعندها يقوم بتقديم عينة الفحص إلى الهيئة. يتم الفحص فإذا كانت العينة مطابقة للمواصفات والمقاييس اليمنية يسمح بدخولها، وإذا كانت مخالفة يتم منعها.
تلف بفعل فاعل
إلى جانب الرطوبة وتدني مستوى الجودة، يساهم سوء الاستخدام من قبل الأهالي ووكالات البيع في تلف كميات كبيرة من الاسطوانات بسبب دحرجتها على الأرض عند نقلها فارغة إلى معارض البيع لاستبدالها بأخرى مليئة بالغاز، ليتم دحرجتها أيضا إلى المنزل، بينما يقوم العاملون في معارض البيع برمي الاسطوانات بعنف وعشوائية من شاحنات النقل إلى الأرض عند بوابات المعارض.
يعد وكيل ووزارة التجارة والصناعة عبدالاله شيبان سوء استخدام المواطنين أهم أسباب التلف. ويقول أن دحرجة الاسطوانات يؤدي إلى حدوث حفر وتغير في وزن الاسطوانة نتيجة الاحتكاك.
يفاقم الحال، بحسب المهندس أحمد الحداد لجوء البعض لاستخدام مطرقة أو سيخ حديد لفتح المحبس عن طريق ضربه بقوة حين تكون محكمة الإغلاق، ومع تكرار هذه العملية تظهر الشقوق والتلف في المحابس. ويرجع 70 % ممن شملهم الاستبيان أسباب التلف إلى سوء الاستخدام.
إعادة التالف
وفي استبيان آخر وزعه معد التحقيق على 30 محلاً في أمانة العاصمة لتبديل اسطوانات الغاز، أثبت أن نسبة الاسطوانات غير الصالحة للاستخدام بسبب حدوث انبعاجات أو ضربات حادة في هيكل الاسطوانة، أو فقدان جزء من دهان الاسطوانة مما يجعل جسمها عرضة للصدأ ، ومنها ما يكون على شكل ضربات على الصمام، تتراوح بين 35 -40 % من الكمية التي يمتلكها التاجر عند كل تعبئة.
ويضطر ملّاك محلات تبديل الاسطوانات إلى إعادة الاسطوانات غير الصالحة إلى المحطات الرئيسة. إذ يقول علي صالح الرعيني مالك معرض التوفيق لاستبدال الاسطوانات والذي يمتلك ستون اسطوانة، “في كل تعبئة هناك مابين 25 إلى 30 اسطوانة غير سليمة”.
محاولات ولكن
وفي محاولات للبحث عن حلول ممكنة لهذه المشكلة، قدمت وزارة الصناعة مقترحاً عام 2010 برفع النسبة المخصصة للصيانة من خمس ريالات عن كل تعبئة إلى 200 ريال، لكن “جهات حكومية بحسب وكيل الوزارة – لم يسمها – رفضت المقترح بحجة أنها قد تذهب لصالح أطراف معينة”.
غير أن وزارة المالية في المحصلة لم تعتمد سوى 14 ريالاً فقط، وهو ما يعد في نظر المهندس الحداد “غير كاف أبدا لمعالجة وضع الاسطوانات التالفة”. وبرفض هذا المقترح كإجراء يمكن أن يساعد على الحد من مخاطر الغاز، تستمر الحرائق في البيوت اليمنية مخلفة مئات الضحايا معظمهم من الأطفال والنساء، باعتبار النساء والأطفال هم الأكثر تواجدا في المطابخ.
أنجز هذا التحقيق بدعم من شبكة (أريج( إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية) www.arij.net وبإشراف الزميل خالد الهروجي.


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *