|
جانب من وثائق امبرطورية آل مخلوف المالية (العربي الجديد) |
شخصي وسري
يظهر من ملفات حسابات العائلة في البنك السويسري، أنّ الحسابات لم تكن لاكتناز الأموال، وإنما لتمرير أموال ولربط أسماء وشخصيات وشركات بهذه الحسابات، وتحويلها إلى بنوك وشركات أخرى مخفية، فبعض الحسابات، مثل سارة وربا وإيهاب مخلوف جرت فيها حركات مالية لمدة لا تزيد عن ثلاث دقائق، ومعظم هذه الحسابات فيها مالكون، إضافة إلى عائلة مخلوف، لا تظهر أسماؤهم، بل أرقامهم فقط، وفي حساب رامي مخلوف تركيبة معقدة من المرتبطين بالحساب والمستفيدين، فهو مرتبط بـ 18 حساباً في البنك، وفي حسابه حركة مالية بقيمة 27 مليون دولار، وشركاء مرتبطون بالحساب يحملون أرقاماً مشفرة لبعض الأسماء المخفية مستفيدين من القوانين السويسرية التي كانت تسمح بذلك، وفيه اسم “منى” فقط دون اسم العائلة، وفيه شريك في الواجهة باسم “أحمد غسان البنشي” والذي ظهر كمساهم في شركة شام القابضة، وهي أكبر شركة في سورية، كما ظهر في حساب رامي، أيضاً، الإسرائيلي فريدي زينغر، وأسماء ثماني شركات مرتبطة بعائلة مخلوف (دريكس، ماسماك وموساك إضافة إلى الشركات الخمس في جزر العذراء والتي ذكرت سابقاً).
في حساب رب العائلة وزوجته غادة مهنا كثيرٌ من الألغاز التي تكشفها الوثائق، منها اللقاءات التي عقدها محمد مخلوف مع إدارة بنك “اتش اس بي سي” لإدارة استثماره الجديد، وتم ذلك بزيارة قام بها مخلوف مع زوجته غادة للبنك في سويسرا، بتاريخ 5 كانون الثاني 2005، وفقاً للوثائق. كما ظهر في الحساب فريد إبراهيم زاك من تورنتو في كندا، وهو متقاعد من مواليد 1924 بينت متابعات معد التقرير أنه توفي أخيراً.
“يظهر من ملفات حسابات العائلة في البنك السويسري، أنّها لم تكن لاكتناز الأموال، وإنما لتمريرها ولربط أسماء وشخصيات وشركات بالحسابات، وتحويلها إلى أخرى مخفية
“
|
كما تشير معلومات حساب الخال محمد مخلوف، إلى أنّه قدم أحد عناوينه باسم “شخصي وسري” ذاكراً عنوانين بعض مسؤولي فرع بنك “اتش اس بي سي” في لبنان منهم، روي أبو عسلي، بحسب الوثائق.
ولتتبع العلاقة بين عائلة مخلوف والبنك نفسه HSBC، فإنّنا ننتقل من ملفات البنك المسربة إلى الوثائق التي حصلنا عليها من سلطات جزر العذراء. تكشف هذه الوثائق أنّ إحدى الشخصيات المسؤولة في بنك “اتش اس بي سي”، وهي نادين ركاح، ظهر اسمها كمديرة في شركتين من الشركات السرية لعائلة مخلوف في جزر العذراء، وهما شركتا (كارا وهوكسيم) وفقاً للسجلات المحدثة في عام 2011، واعتمدت ضمن سجلات الشركتين بريدها الإلكتروني الرسمي على موقع البنك (hsbcpb.com ) علماً أنّ السيدة ركاح، وبحسب حسابها على موقع التواصل الاجتماعي”لينكد إن” فإنها كانت في وقت عملها كإدارية في هاتين الشركتين، تعمل، أيضاً، مسؤولة في البنك عن الفريق الإسرائيلي بين أعوام 2000 و 2012.
تم التواصل مع ركاح من مُعد التحقيق عبر البريد الإلكتروني وموقع التواصل الاجتماعي (لينكد إن)، لكنها لم تجب عن الأسئلة التي وجهت إليها، على الرغم من انتهاء الموعد النهائي للإجابة ومرور أكثر من 5 أشهر (تم إرسال البريد الإلكتروني، بتاريخ الأول من أبريل/نيسان، ورسالة على حسابها في “لينكد إن” بتاريخ التاسع عشر من أبريل/نيسان2015) ولم تجب حتى الآن.
وتتشابك العلاقة بين بنك “اتش اس بي سي” وعائلة مخلوف في وثيقة أخرى من وثائق جزر العذراء، التي حصل عليها المحرر من إدارة السجل التجاري في جزر العذراء البريطانية بشكل رسمي، تظهر الوثيقة أنّ إحدى شركات مخلوف في هذه الجزر وتدعى سيديل انترناشيونال، والتي ظهر في إدارتها إيهاب مخلوف ورجل يدعى محمد عباس، وهو أحد واجهات مخلوف في رومانيا وجمهورية التشيك، ويدير مجموعة مشاريع، منها مطاعم ووسائل إعلام وشركة طيران تسمى “الأجنحة”، حاول رامي مخلوف إطلاقها من سورية، لكنّ الاثنين وثقا عنوانهما في السجلات الرسمية للشركة على أنّه بنك “اتش اس بي سي” في سويسرا.
بروكسيات بنما
في وثائق جزر العذراء البريطانية التي حصلت عليها “العربي الجديد” ووثاِئق من السجل التجاري في بنما واللتين تعتبران ملاذات ضريبية آمنة، يلجأ إليها الراغبون في إخفاء أموالهم، ظهر اثنان من أشهر الواجهات التي تغطي أموال مسؤولين ونافذين حول العالم، وهما هوزيه جيمي مالانديز jose jaime Melendez وليزت مورينو LIZET MORENO ويطلق عليهما في أنظمة إخفاء الأموال اسم “بروكسي” أي وكيل أو واجهة شكلية لصاحب المال، إذ سجل الاثنان من عائلة مخلوف، كمديرين لشركة “راماك ليمتد” المسجلة في بنما والتي تدير تعهدات ضخمة في سورية ولبنان حالياً، وتحصل على المناقصات والعطاءات كشركة أجنبية، لكنها في الواقع مملوكة لآل مخلوف وأصحاب الحسابات المشفرة الذين يخفون أسماءهم.
ووفقاً للسجل التجاري في بنما والذي اطلع عليه معد التحقيق، يدير البروكسي مالانديز أكثر من 700 شركة أخرى لشخصيات أخرى حول العالم، وتدير مورينو حوالي 16 شركة لآخرين مسجلين في بنما.
ويعتبر الاثنان واجهات مستأجرة لشخصيات سياسية، وأقارب مسؤولين في العالم، يتقاضون عمولات محددة، كمقابل لعملهم كبروكسي، من شركات قانونية متخصصة حول العالم في إخفاء شبكات الأموال السرية للفاسدين.
|
عائلة مخلوف تسيطر على سوق المنتجات الزراعية الخاصة في سورية (فرانس برس) |
النهم
على الرغم من إعلان رامي مخلوف في مؤتمر صحافي، في يونيو/حزيران 2011 ، نيته تحويل أرباح مساهمته في شركة سيريتل التي تدر أرباحاً قدرت بنحو ربع مليار دولار سنوياً للعمل الخيري الذي تديره جمعية البستان “الخيرية”، ظهرت تسريبات ويكيلكيس، لاحقاً، لإعلانه، والتي اعتمدت على رسائل إلكترونية مخترقة من شركة شام كابيتال للوساطة المالية ونشرتها صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله الموالي للنظام السوري، بينت الوثاق المسربة، أن مخلوف كان يستغل أجواء الحرب في سورية، لشراء مزيد من الأسهم في المصارف السورية، على الرغم من إعلانه التحول الى العمل الخيري، وإعلانه وأشقائه الاستقالة من مجالس إدارات مصارف وشركات مثل بنك سورية الدولي الإسلامي وبنك بيبلوس وشركة العقيلة للتأمين التكافلي.
وفي شهر يونيو/حزيران العام الحالي، رفضت المحكمة الإدارية الفيدرالية السويسرية رفع الحجز عن أموال رامي مخلوف، وبينت المحكمة: “أن إعلان مخلوف انتقاله إلى العمل الخيري لا يثبت أنه نأى بنفسه عن النظام وممارساته. وأضافت أن لمخلوف “مصلحة شخصية ومباشرة في إدامة النظام السوري الحالي للحفاظ على مكانته وبالتالي على مستوى معيشته”.
لا رد من آل مخلوف
لم تتمكن “العربي الجديد” من الحصول على أي رد من عائلة مخلوف على الرغم من المحاولات الكثيرة للتواصل مع العائلة، عبر أرقام هواتفهم المرتبطة بحسابتهم في بنك “اتش اس بي سي”، وعلى الرغم من ابتعاد العائلة عن الإعلام حتى ما قبل اندلاع الاحتجاجات التي نادت “لا مخلوف ولا شاليش الشعب السوري بدو يعيش”، لكن العائلة التي تسيطر على شركات معلنة وسرية ووسائل إعلام مثل صحيفة الوطن شبه الرسمية وإذاعات مثل “نينار أف أم” وشركات إنتاج تلفزيوني، كانت تجد دوماً من يقدم أفرادها كفاعلي خير.
الصراع مع العقوبات
بدأت العقوبات تطاول عائلة مخلوف منذ عام 2008، حينما استهدفت وزارة الخزانة الأميركية رامي بالعقوبات ضد سيريتل وشركة راماك، واعتبر القرار أنّ مخلوف: “من بين المستفيدين من الفساد الذي يحدث في سورية، وأن نفوذه واتصالاته مع النظام السوري وقربه منه قد كان سبباً في احتكار بعض السلع الربحية” وأنّه: “تلاعب بالنظام القضائي السوري، واستخدم مسؤولي الاستخبارات السورية لترهيب منافسيه في الأعمال.
ووظف هذه التقنيات عند محاولة الحصول على تراخيص حصرية لتمثيل شركات أجنبية في سورية والحصول على منح العقود”. ومع اندلاع الثورة السورية، خضعت عائلة مخلوف، الذكور منهم، للعقوبات، بسبب تورطهم المباشر في تمويل النظام وعملية قمع الاحتجاجات بحسب ما استند إليه الاتحاد الأوروبي والعقوبات الأميركية: رامي مخلوف: من مواليد 1969، وصفته العقوبات الأوروبية بأنه مرتبط مع ماهر الأسد، وطاولته العقوبات بداية الثورة في شهر مايو/ أيار 2011، من خلال معاقبته هو وشركتيه (صندوق المشرق الاستثماري وشركة بنا للعقارات)، واعتبره القرار الأوروبي ممولاً للعنف ضد المتظاهرين.
“تظهر حسابات البنك السويسري والوثائق الرسمية لسجلات شركات آل مخلوف، شخصيات أخرى مرتبطة بهذه الشركات منها: رجل الأعمال الإسرائيلي، فريدي زينغر”
|
ثم أضافه الاتحاد الأوروبي لعقوبات جديدة في يوليو/تموز من ذات العام، وأدرج شركته دريكس تكنولوجي في العقوبات، تلا ذلك قرارات أميركية وسويسرية بمعاقبته.
حافظ مخلوف: من مواليد 1971، شغل حتى العام الفائت منصباً رفيعاً في أمن الدولة، حيث كان يرأس فرع الخطيب سيئ الصيت، حتى تركه في ظروف غامضة العام الفائت، وحاول السفر إلى سويسرا، إلا أنّ السلطات السويسرية لم تسمح له، ولم تفرج عن أمواله برغم الدعوى القضائية.
تعرّض للعقوبات الأوروبية في شهر مايو/أيار 2011، لدوره في العنف والقمع، إياد مخلوف: من مواليد 1973، وقد طاولته الدفعة الأولى من العقوبات ضد عائلة مخلوف بعد الثورة في مايو /أيار 2011، وحاول الاستئناف لدى المحكمة الأوروبية لكنها رفضت طلبه في عام 2013، ويصفه الاتحاد الأوروبي بأنه “ضابط في مديرية الاستخبارات العامة ومتورط في أعمال العنف التي جرت ضد السكان المدنيين”.
إيهاب مخلوف: من مواليد 1973، وقد عوقب أوروبياً مع بداية الثورة في مايو /أيار 2011، وهو نائب رئيس شركة سيريتل، ويتولى الإدارة المباشرة لكثير من شركات شقيقه رامي.
محمد مخلوف: كبير العائلة وخال الرئيس، من مواليد 1932، وقد طاولته العقوبات الأوروبية في بداية أغسطس /آب عام 2011، ولقّبه الاتحاد الأوروبي في قرار العقوبات “أبو رامي”، واعتبره القرار وثيق الصلة بالرئيس الأسد وأعمال أبنائه.
ورفضت المحكمة العامة الأوروبية استئناف محمد مخلوف والذي طالب فيه برفع العقوبات عنه في قرار صدر عن المحكمة بداية العام الحالي 2015، ورفضت المحكمة الحجج التي قدمها مخلوف بأن “العقوبات تخرق حقه في الخصوصية لأنها تمنعه من الحفاظ على المستوى الاجتماعي الذي اعتادت عائلته العيش فيه”.
ومن أهم الشركات المملوكة لعائلة مخلوف أول شركة اتصالات خليوية سيريتل موبايل تيليكوم، وأكبر شركة سورية قابضة شام القابضة، وأكبر شركة تعهدات في سورية راماك ليمتد، ومجموعات استثمارات ضخمة باسم رامي مخلوف وإيهاب يديرها صندوق المشرق الاستثماري وراماك للأسواق تعمل في مجال الأسواق الحرة، والسورية الإيطالية المتحدة لنقل وتصدير زيت الزيتون، وشركة بيلسان للإدارة والإطعام لتعهدات شركات الطيران وغلف ساندز- البريطانية تعمل في مجال النفط، وشركة سنا للاستثمار المحدودة المسؤولية تعمل في استكشاف ومعالجة وتسويق النفط والغاز، بنك سورية الدولي الإسلامي، مصارف بنك بيبلوس.
Leave a Reply