(هدر مقنن) ... فشل حكومي في إدارة قرض البنك الدولي يحرم 7 قرى من الصرف الصحي

8 ديسمبر 2016

تحقيق: محمد طارق ومحمود الواقع

المصري اليوم -ما يزال سكان سبع قرى في محافظة كفر الشيخ يعتمدون على «نظام الترنشات» التقليدي بعد مرور ثمانية سنوات على إطلاق مشروع ممول من البنك الدولي لحل مشكلة الصرف الصحي.

بدأ العمل بهذا المشروع في 15 مايو/ أيار عام 2008، بحسب اتفاق مع البنك الدولي وقعته وزارة التخطيط، على أن ينتهي العمل به بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2014.

منح المشروع مهلة إضافية انتهت في كانون الأول/ ديسمبر عام 2015 بسبب إخلآل الحكومة باتفاقها لتنفيذ «البنية الأساسية للصرف الصحي المتكامل»، ما أدى لتوقيف البنك عن إمداد الحكومة بباقي قيمة القرض 120مليون دولار عند إغلاقه في ديسمبر 2015، بعدما دفع نحو 63% (نحو 75.6 مليون دولار) من المبلغ المتفق عليه بالتزامن مع انتهاء المهلة الإضافية.

كل ذلك لأنه رأى أن نتائج المشروع «غير مرضية» وفقاً لتقيمه في «تقرير النتائج والموقف التنفيذي» للمشروع، الصادر بانتهاء المهلة الإضافية.

ويرجع ذلك إلى غياب القوانين المنظمة لآليات صرف المنح والقروض المقدمة من المؤسسات الأجنبية للحكومة المصرية.

قصة الشحات

بانتظار معجزه، يستمر الشحات سليمان جاهداً في محاولته لفتح مجرى صغير لري أرضه، بعدما أغلقت أسطوانة ضخمة أكلها الصدأ المجرى الرئيسي للري، حين ألقاها مقاول شركة تولت تنفيذ محطة صرف صحي عام 2012 ضمن المشروع، ثم غادر قبل أن يكمل بنائها.

يدخل الشحات إلى المحطة المبنية على قيراطين من أرضه (350 متر مربع) تنازل عنهما لشركة مياه الشرب والصرف الصحي، مقابل مبلغ مالي جمعه الأهالي من بعضهم، حتى يجري بناء المشروع، رغم أن صيغة التعاقد، جاء بموجب عقد تبرع لاشتراط البنك الدولي تبرع الأهالي بالأراضي اللازمة كنوع من المشاركة المجتمعية.

يمسك الشحات بيده الأسمنت الرطب، ويفتته قطعاً على الأرض، متحسراً على محصوله الذي ضاع.

خلال النصف الأول من مايو/ أيار اضطر الشحات إلى تبكير زراعة المشتل على مساحة عشرة فدادين/ 42 ألف متر مربع من أرضه، بعدما أتى المقاول لغلق مجرى ري الأرض مؤقتا وحاوط الاسطوانه بأخشاب وأسمنت لاستبدال مواسير المشروع على ان يعود في اليوم التالي.

 انتظر الشحات أسبوعين، لكنه لم يعد منذ ذلك الوقت. الشحات خسر محصول الأرز بعد توقف مقاول شركة «النصر للأعمال المدنية» عن تنفيذ المشروع ذلك العام.

تصوير: محمد السعيد

تقول الشركة، إن التوقف، يرجع إلى اعتراض أهالي قرية “الحمرا” المجاورة للكوم الطويل على مرور خط الصرف عبر أراضيهم وهم غير مدرجين في المشروع، بحسب عليوة شلبي، رئيس مجلس إدارة الشركة، ما أدى إلى تأخير تسليم المشروع أكثر من 3 سنوات كاملة.

وأضاف في مقابلة: “لدينا محاضر رسمية تثبت عدم تمكن الشركة من تنفيذ أعماله بسبب الأهالي”، مشيرًا إلى عدم دفعهم غرامات أو تعويضات عن التأخير في التنفيذ، لتفهم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، ومحاولة الجهات الأمنية والتنفيذية في المحافظة حل الأمر.

وتابعأن التخطيط العشوائي للمباني، وضيق مساحات الشوارع تجعلنا غير قادرين على تنفيذ المشروع كاملًا في كل القرية، ويجعل بعض المنازل معرضة للتصدع.

ذلك العبء لم يقع على كاهل الشحات سليمان وحده. المشروع المتكامل الذي يقع في سبع قرى بمحافظة كفر الشيخ؛ دقيمرة، والرملة والاتحاد والسرايا والكوم الطويل والحلافي وأبو منسي وسط دلتا مصر، لم تسلمه الحكومة وفق الاتفاق مع البنك الدولي.

ويرجع ذلك بسبب تأخر «شركة مياه الصرف الصحي بكفر الشيخ» – الجهة المنفذة- عن الانتهاء من المشروع بعد تقاعس الشركة الأم «الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي» -شركة حكومية تابعة لوزارة الإسكان-عن دفع حصتها في المشروع والبالغ قدرها 60 مليون دولار، حسب نص اتفاق البنك الدولي. تم تأكيد ذلك وفقاً لمعلومات اطلعت عليها «المصري اليوم» من وثائق «شركة المياه والصرف الصحي بكفر الشيخ»، خاصة بالنشاط المالي التفصيلي للمشروع.

img_3951

يقول الشحات «وحتى إن اكتمل بناء محطة الكوم الطويل، سيستمر الأهالي في صرف مخلفات منازلهم بالطريقة غير الرسمية، لأن المقاولين تجنبوا العمل في الحارات خوفاً من انهيار المنازل فيها، واكتفوا بالحفر في الشوارع الرئيسية». ويتابع، مضيفاً «أخي هنا سيدخل في منظومة الصرف الجديدة، أما أنا سأضطر للاستمرار في استخدام الترانش».

يؤكدذلك محمد هشام، مدير المكتب الفني بشركة مياه الشرب والصرف الصحي، والمشرف على تنفيذ المشروع، موضحًا أن أي اشتراطات بيئية أو هندسية من المستحيل أن تتحقق في دلتا مصر، بسبب الكثافة السكانية العالية والبناء العشوائي في القرى.

الترانش

خزانات تبنى أسفل كل منزل بعمق مترين أو ثلاثة أمتار، تخزن مياه الصرف المطرودة من كل منزل على حدى، وعند امتلاءها، تأتي عربات تشفط المياه من الخزانات وتصرف مياه الصرف الصحي غير المعالجة في المجاري المائية السطحية لنهر النيل بالدلتا الذي يصب في البحر المتوسط.
 أمام المحطة يعيش سكان قرية «الكوم الطويل» في منازل تصرف مخلفاتها داخل خزانات أنشاؤها بجهودهم الذاتية، لتنتهي في الترع والمصارف العمومية المجاورة للقرية بشكل غير رسمي.

فمنذ بناء بيت سهير إبراهيم عام 2000 وهي تطرد مياه الصرف داخل بيارة “ترانش” أسفل البيت بعمق مترين.

زادت معاناة أغلب سكان القرية مع تسرب المياه أحيانا خارج “”ترنشات” المنازل، بعد بدء المشروع وتوقف العمل به.

لذلك تخشى سهير على منزلها من خطورة هذه الطريقة غير الرسمية والتي تؤدي لاختلاط مياه الصرف بمياه الري الزراعية. يفاقم الحال، تسرب مياه الصرف الصحي في الشوارع مع ارتفاع مستوى المياه الجوفية في دلتا النيل، ما يجعل المنازل عرضه للتصدع فوق تلك «الخزانات»، بحسب نتائج المسح الذي أجراه البنك الدولي لتقييم الآثار البيئية والجوفية.

أجرى معدي التحقيق استطلاعاً ميدانياً على 50 منزلاً مجاوراً للمحطات في قرى المشروع السبع، وظهر أن نظام «الترنشات»، الوسيلة الوحيدة لتصريف مخلفات الصرف الصحي من المنازل، بخلاف تعرض نحو 10 منازل لتشققات وتصدعات في الحائط، بسبب الحفر.

خلف منزل سهير ردمت الشركة المنفذة للمشروع في القرية ممراً يقسم الشارع إلى نصفين، بعد أن شققت جدران نحو 7 منازل من بين 11 منزلاً في الشارع بسبب أعمال الحفر.

لم يستطع الأهالي اتخاذ أي اجراء ضد الشركة، على أمل على سرعة تنفيذ المشروع، ورغبتهم في التخلي عن صرف “الترنشات”.

تتكرر المشكله في قرية دقميرة حيث يتوسط الطريق إلى القرية لافتة ضخمة للمشروع الذي تنفذه شركة «حنان السيد حجازي للمقاولات» لبناء محطة تجميع ونقل مياه الصرف الصحي بقريتي «دقميرة» و«الرملة»، بتمويل من البنك الدولي ما بين أكتوبر 2012 وأبريل 2014.

كان من المفترض انتهاء شركة الحنان من المحطة في 18 شهرًا، لكن أعمالها امتدت لأكثر من 3 أعوام. ويقول المهندس أحمد مندور، مدير عام شركة الحنان، إن المشروع جرى تسليمه ابتدائياً لشركة مياه الشرب والصرف الصحي في أغسطس الماضي، لكن مشاهدات معدي التحقيق، تشير إلى أن المحطة لم تدخل الخدمة حتى الآن. 

img_3944

تعزو الشركة على لسان المهندس ” مندور”التأخير إلى اضطراب الأحداث السياسة في البلاد، مشيرًا إلى زيادة التكلفة الفعلية عن المتفق عليه وقت التعاقد بنسبه تتجاوز الـ 10%، نتيجة زيادة الأسعار.

يتكشف الواقع أسفل اللافتة حيث بلاعات بدون غطاء، ومواسير بلاستيكية مليئة بمياه الصرف مكشوفة على الأرض، ومعرضة للانفجار في أي لحظة بمسمار أو بكاوتش سيارة.

قدم الأهالي شكوى إلى شركة المياه، والإدارة المحلية، حصلنا على نسخ منها، ضد الشركة المنفذة نتيجة تأثر منازل الأهالي بتصدعات البيوت. لكن الشركة لم تحرك ساكناً، رغم مطالبتهم بالتعويض.

خلف المحطة وأمام إحدى البلاعات المكشوفة يقع منزل ميرفت إبراهيم الذي تصدعت جدرانه نتيجة حفر الشركة أمام منزلها بحسب ما أثبت تقرير لجنة ثلاثية من محافظة كفر الشيخ، عاينت العقار على الطبيعة.، وطالبت بإخلاء السكان والمنقولات منه حفاظاً على أرواحهم وتمهيداً لإزالته. إذ يبين التقرير الموقع من المحافظ شهر سبتمبر 2015، «وجود شروخ نافذة بجدران العقار، وتنميلات بالسقف، وشروخ نافذة بحائط الدور الأول علوي وذلك بجميع الغرف المطلة على الشارع».

أرفقت “ميرفت” تلك الأوراق في محضر رسمي قدمته إلى مركز الشرطة ضد الشركة المنفذة للمشروع، تقول: «جاءني تهديد من الشركة بعدما طالبتهم بإعادة ترميم المنزل». إضافة لكل ذلك فالمشروع لم يجري الانتهاءرغم انتهاء المدة الزمنية المدونة على لافتة مدخل القرية.

بمواجه شركة الحنان بهذه الأوراق، قال مدير عام الشركة: “الأصل في مشروعات الصرف الصحي هو عودة الشيء إلى أصله”. ويشرح “الشركة ملزمة في حالة تعرض أي من المنازل أو المنشآت للضرر بإصلاحها، ولكن في حالة منزل ميرفيت كان المنازل في حالة متواضعة وأيل للسقوط قبل بدء الإنشاءات، ورغم ذلك الشركة ستعوضها”.

سبب التأخير

img_3914

يفاقم الحال، غياب القوانين المنظمة لآليات صرف المنح والقروض المقدمة من المؤسسات الأجنبية للحكومة المصرية، ما يؤدي إلى تأخر إنجاز هذه المشاريع وفقاً لرأي الدكتور عمرو عادلي، أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

عمل عدلي لمدة عام في وحدة التمويل الدولي بوزارة التعاون الدولي. فبحسب ما قال فإن المشروع يبداء بتفاوض بين وزارة التعاون الدولي، ممثلة عن الحكومة المصرية، والمؤسسة الدولية محل القرض، وينتهي بعد الاتفاق إلى إصدار رئيس الجمهورية قراراً جمهورياً بقانون، يصدق عليه البرلمان، فقط، لإقراره، ومن ثم يتحول إلى التزام على الدولة. ما يعكس البنية المركزية للدولة. المقامة بقريتي «الاتحاد والسرايا».

يقول عادلي أن الوزارة هي مجرد منسق بين الجهات المختلفة، وليس لها أي دور فعلي سواء في وضع الخطط واستراتيجيات التوجه للاقتراض نحو مشروعات معنية، أو الإشراف عليها.

هذه البنية المركزية، ألقت بظلالها على بطء الحكومة في دفع مساهمتها في المشروع ما أدى لتأخر إنجازه، وفق مدير المكتب الفني بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بكفر الشيخ محمد هشام. ويشير إلى أن مشكلة المكون المحلي في التمويل تكمن في انتظار خطة الحكومة المالية، حيث تنتظر فروع الشركات القابضة دخول الموازنة العامة للدولة حيز النفاذ في آخر يونيو/ حزيران من كل عام، لوصول الأموال”.

يعزو محمد هشام، عدم دفع الحكومة المصرية للمبلغ المقرر عليها في القرض، إلى نهج البيروقراطية المصرية، وضرورة تكرار مخاطبة وزارة الإسكان التي تطلب بدورها تخصيص الدولة للأموال اللازمة لتنفيذ المشروع في موازنة الدولة من كل عام.  ويضيف مصدر داخل الشركة ذاتها، لـ«المصري اليوم»، أن عدم وجود اعتمادات مالية للشركة أدى إلى توقف عدد كبير من مشروعات الصرف الصحي ليس في كفر الشيخ فقط ولكن في كل مصر.

استهدف هذا المشروع المتكامل، توفير أنظمة صرف صحي في القرى المطلة على ترعة ميت يزيد، بمحافظة كفر الشيخ، التي نجح أهاليها في توفير أرض لبناء المحطة، عن طريق بناء ست محطات رفع للصرف الصحي- وهي محطات تجميع، ورفع مخلفات الصرف الصحي، إلى محطة معالجة.

562916_0

في تقرير البنك الدولي حول المشروع، فإن دور «الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي» التابعة لوزارة الإسكان لم يتضمن درجة كبيرة من المشاركة في عمليات تخطيط وإعداد المشروعات في المناطق الريفية. يتعلق الدور الرسمي لها ولشركات مياه الشرب والصرف الصحي التابعة لها بالتشغيل والصيانة. وبالتالي فلا توجد آلية منظمة لتقييم احتياجات المجتمع أو آلية لإشراك المجتمعات المحلية في تخطيط المشروعات.

في الطابق الثاني لشركة مياه الشرب والصرف الصحي بكفر الشيخ، يقع مكتب محمد مفتاح، رئيس الشركة الذي استقبلنا في غرفة اجتماعات مساحتها تتعدى 150 متراً، بشكوى لموظفيه من عدم وجود مياه نظراً لانقطاعها بالمبنى كله. طلب منهم مفتاح المياه من أجل الوضوء لصلاة العصر. يقول لنا: «لم نتأخر في التنفيذ يوماً واحداً، المرحلة الأولى انتهت خلال 14 شهراً، مقارنة بمحافظات أخرى»، ويلقى بمسؤولية التأخر في التنفيذ على «الأجانب الذين يستغرقون وقتا طويلاً في دراسة المشروعات بأكثر من وقت تنفيذها».

لكن وثائق البنك الدولي تثبت أن البنك لم يتأخر عن سداد مبالغ الارتباط في المواعيد المنصوص عليها في الاتفاق، وأن الحكومة المصرية هي المتأخرة في دفع حصتها في اتفاقية القرض، ما دفع البنك لإقفاله قبل انتهاء المشروع.

562917_0

وحين واجهناه بذلك، عدل عن تبريره، ملقياً اللوم على تباطؤ الحكومة المصرية في إرسال الأموال اللازمة للشركات المشاركة في المشروع بشكل مباشر، شارحًا: «تنتظر فروع الشركات القابضة، إدراج وزارة الإسكان الأموال في موازنتها، ثم دخول الموازنة العامة للدولة حيز النفاذ في آخر يونيو/حزيران من كل عام، لوصول الأموال «

بخلاف تأخر الحكومة المصرية في دفع حصتها للمشروع، هي مسؤولة أيضا عن تسليم النقود إلى الشركات العاملة، إذ تمر الأموال برحلة مقعدة حتى تصل للمقاولين المنفذين للمشروع. تأتي الأموال من البنك الدولي إلى وزارة التعاون الدولي التي ترسلها إلى وزارة المالية، وبعد تخصيص المالية لها كجزء من موازنة وزارة الإسكان تمر عبر الإسكان والمرافق، إلى الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، حتى تستقر في النهاية لدى شركة مياه الشرب والصرف الصحي في كفر الشيخ، والتي تنفقها عبر مستخلصات يقدمها المقاولين المنفذين. يقول مفتاح: «نحن من وقعنا العقد مع المقاولين، ونقدم مستخلصات بأموالهم للهيئة ثم الهيئة ترد لنا المبالغ المستحقة بشيكات مستحقة الدفع”.

ويرى مفتاح سبب إسناد البنك الدولي تنفيذ المشروع لشركة مياه الشرب والصرف الصحي في كفر الشيخ، لرغبة البنك في تقليل التدخل الحكومي«المركزي»فيعمليات التنفيذ. إذا كان يجري تنفيذ المشروعات في السابق عن طريق وزارة الإسكان مباشرة، قبل أن يكون من خلال الهيئة القومية في الفترة الأخيرة.

لم تدخل المحطات التي جرى الانتهاء منها الخدمة رسميًا حتى الآن، ولم تسلّم إلى «شركة مياه الشرب والصرف الصحي بكفر الشيخ» من المقاولون، بالإضافة إلى المحطات التي توقف العمل بها، نتيجة ارتباط كافة المحطات بالعمل سويا، لارتباطها بمحطة معالجة واحدة.

يصف محمد هشام، مدير المكتب الفني بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بكفر الشيخ، خطوة تسليم المحطات التي جرى الانتهاء منها بـ«الابتدائية»، موضحاً «الشركات المنفذة تدير، لمدة سنة، كأي مشروع في سنة ضمان، لكن المشكلة لدينا في نقص العمالة المدربة لإدارة المحطات».

562918_0

يقول “هشام”، إن البنك الدولي مدد مهلة القرض في المرة الأولى بسبب ثورة 25 يناير 2011. وأضاف بعد الثورة بدأنا طرح المناقصات، وهو ما أخذ وقتاً طويلاً، ولذلك وافق البنك على مدة المشروع عام ونصف.

واجهناه بنتائجنا الميدانية، فصمت لحظات وقال «المشاريع هتتنفذ في الآخر، لكن امتى: ربنا يحييكم ويحيينا».

وكشفت جولة «المصري اليوم» في القرى السبعة عن تنفيذ محطتين فقط الأولى، والثانية في قريتي «الاتحاد والسرايا»، والثانية ” بقريتي “الحلافي وأبو منيسي”، مع أنهما لا يزلان متوقفتان عن العمل بسببارتباط تشغيل جميع المحطات ببعضها البعض، حيث يربط المشروع المحطات جميعها عبر شبكة صرف متصلة بمحطة معالجة واحدة لمياه الصرف.

الكوم الطويل

بدأت شركة النصر للأعمال المدنية العمل في محطتي صرف الكوم الطويل، في يوليو 2012. إذ مرت 4 سنوات دون الانتهاء، أدى ذلك إلى زيادة التكلفة بحسب عليوة شلبي، رئيس مجلس إدارة شركة النصر، بسبب زيادة طول خط الطرد نتيجية اعتراضات الأهالي على مساره.

يقول عليوة، إن مشاكل الأهالي ترجع لأن مسار خطوط المحطة تمر عبر قرية لا يمر من خلالها المشروع، لذلك يرفض الأهالي.

عند البدء في تنفيذ المشروع عام 2012، كانت تكلفته نحو 20 مليون جنيه، غير أن رغم مرور 4 سنوات، يقول عليوة شلبي أن التكلفة ستزيد من 6 إلى 8 ملايين جنيه، نتيجة تغير الأسعار، وزيادة الأعمال.

دقيمرة والرملة

بدأ تنفيذ محطة دقميرة والرملة، في سبتمبر 2012، ولم تنتهي حتى الآن، نتيجة توقف الاعتمادات المالية اللازمة للتنفيذ.

وبينما تقول شركة مياه الشرب والصرف الصحي أن تكلفة محطة «دقميرة والرملة» بلغت نحو 15 مليون جنيه، تشير وثائق البنك الدولي أن شركة الحنان للمقاولات، حصلت على عقد تنفيذ بمبلغ 2.3 مليون دولار (نحو 16 مليون و307 ألف جنيه)، وهي من ضمن الشركات المنفذة التي قدم الأهالي فيها بلاغات بعدما خيبت محطة صرف أمالهم في عيش غدٍ أفضل.

ارتفعت القيمة الفعلية للمشروع نتيجة تأخر التنفيذ بنسب تترواح بين 10 و15% بحسب أحمد مندور مدير عام شركة “الحنان حجازي للمقاولات”. ويقول “مندور”: لن نستطيع حساب حجم الزيادة في التكلفة إلا بعد حصولنا على كامل أموالنا”.

الحلافي والمنيسي

بدأ تنفيذ محطتين صرف صحي في قريتي الحلافي وأبو منيسي، في سبتمبر 2012، وانتهت في 14 يونيو 2016، ورغم ذلك لم تدخل الخدمة حتى الآن، لارتباط كافة المحطات ببعضها.

تختلف التكلفة المعلنة من شركة مياه الشرب والصرف الصحي، عما تشير إليه وثائق البنك الدولي.

بحسب وثائق شركة مياه الشرب في كفر الشيخ، بلغت إجمالي نحو 14 مليون و200 ألف جنية. لكن وثائق البنك الدولي، تشير إلى أن شركة الشهاب للمقاولات، حصلت على عقد تنفيذ محطة رفع مياه الصرف الصحي، مقابل 2.36 دولار ما يعادل (نحو 16مليون و732 ألف جنيه) بسعر الدولار عند بدء تنفيذ المشروع.

يقول محمد عيد شهاب، مدير شركة الشهاب للمقاولات، إن شركته انتهت من تنفيذ المحطة المكلفة بإتمامها في المدة المحددة 18 شهرًا، ورغم ذلك يتبقي له نحو 700 ألف جنيه مصري (40 ألف دولار أمريكي). ويضيف “عيد”، أن الشركة التزمت بالمواعيدتسليم المشروع، وغير مسؤولة عن باقي الشركات، موضحًا أن لم يتجاوز التكلفة المحددة منذ بداية المشروع، متحملًا فروق الأسعار، وتغير سعر الدولار والخامات، ورغم ذلك تماطل شركة مياه الشرب في كفر الشيخ في حصوله على باقي مستحقاته.

الاتحاد والسرايا

يوازي الطريق الفرعي لمدخل قريتي «الاتحاد» و«السرايا» مجرى مياه تنبعث منه رائحة الصرف الصحي مختلطة برائحة أطنان من القمامة. في نهاية هذا الطريق، على بعد ثلاثة كيلو متر، أنشأت الحكومة أول محطة للصرف الصحي في هذا المشروع، ولم تكمل تمهيد الطريق، بعد ردم الحفر.

بدأ تنفيذ محطة «الاتحاد والسرايا»، في 26 مارس 2012، وكان من المقرر الانتهاء منها خلال 18 شهرًا، أي في 25 سبتمبر2013، إلا أنها لم تنتهي إلا بعد 27 شهراً في 19 يونيو 2014، ورغم ذلك لم تدخل مرحلة العمل.

تكلفت المحطة بحسب مدير المكتب الفني والمشرف على المشروع نحو 14 مليون و900 ألف جنيه. لكن البنك الدولي يشير في وثائقه إلى أن شركة المقاولين العرب المنفذة، حصلت على عقد تنفيذ للمحطة بقيمة 2 مليون و480 ألف دولار (15 مليون 53 ألف جنيه). وهذا يعني ارتفاع تكلفة تنفيذ المشروع نتيجة عدم الالتزام بالمدة الزمنية المحددة للتنفيذ، إضافة إلى تذبذب سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري خلال السنوات الماضية.

بنيت «محطة الصرف الصحي بقريتي الاتحاد والسرايا» على قيراطين ضمن ثمانية قراريط يمتلكهم أحمد عبد السلام، حيث يعمل بالفلاحة. اختارت الحكومة أرضه كأنسب منطقة تبنى فيها المحطة، وفقاً لخرائط سير قنوات الصرف، لذلك، اضطر لكتابة تنازل عنها مقابل حملة تبرع قام بها الأهالي وأعطوا له 3.37 ألف دولار(30 ألف جنيه مصري) مقابل عملية التنازل، بموجب عقد اطلعنا عليه. ارتضى عبد السلام ذلك المبلغ على أمل وصول الصرف الصحي إلى قريته.  

تبرر سحر طلعت، مديرة إدارة التخطيط بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بكفر الشيخ، انتزاع الأرض للمنفعة العامة، لعدم حيازة الدولة أراض جديدة للتخصيص في تلك المنطقة، كما أن البنك يرفض أن تكون الأرض ضمن التمويل المقرر.

فعلى الرغم من التزام الدولة بحماية الملكية بأنواعها الثلاثة: الملكية العامة والملكية الخاصة والملكية التعاونية» بموجب دستور 2014 و«حظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك تُعد جريمة لا تسقط بالتقادم»، إلا أن القانون رقم 10 لسنة 1990 الصادر بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة واعتبر مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي من بين المشروعات التي تنطبق عليها إمكانية نزع ملكية أرض خاصة من أجل مشروعات للمنفعة العامة دون الالتزام بدفع تعويض.

وتقول دراسة “تقييم النظام البيئي والاجتماعي» التي أجراها البنك الدولي، عند الحاجة للاستحواذ على أرض لإقامة مشروع صرف صحي، فإن الأولية تُعطى للحصول على الأرض من خلال أملاك الدولة، فيما عدا ذلك يكون الحصول على الأرض إما من التبرع الطوعي؛ أو مساهمة المجتمع؛ أو الشراء الحر؛ أو من خلال استخدام حق نزع الملكية.

بعد كل 100 متر في القريتين يتوسط عرض الطريق غطاء «بلاعة» إسمنتية محاط بغطاء من الكاوتش، بديلاً عن الغطاء الحديد. فالكاوتش تمزق بعد شهر واحد من وضعها ويرجح الأهالي سبب ذلك لاختلاف الخامات المتفق عليها في عملية البناء.

ورغم ذلك، فإن المحطة لا تزال خارج الخدمة، رغم أن تاريخ العقد الذي كتبه عبد السلام بالتنازل عن الأرض يعود إلى 2009، مع بداية تنفيذ المشروع.

يقوم بحراسة المحطة غفير يعمل في شركة المقاولين العرب المنفذة للمشروع. يقول الحارس «المشروع لم يسلم بعد، هناك أشياء بسيطة يجري الانتهاء منها، ولم يأتي المحافظ لافتتاحها».

ورغم ذلك، تقول وثيقة من مكتب شركة مياه الشرب والصرف الصحي، حصلت عليها «المصري اليوم»، أن المشروع انتهى بنسبة تنفيذ 100%، في مارس 2016، بتكلفة نحو 2.92 مليون دولار. لكن المحطات لم تعمل أو تدخل الخدمة من الأساس حتى يونيو 2016، وقت إعداد التحقيق.

تضارب في التكلفة

تضاربت أرقام تكلفة المرحلة الأولى من المشروع بين وثيقة حصلنا عليها من مكتب التخطيط بشركة مياه الشرب في المحافظة، أوضحت أن التكلفة بلغت 26 مليون جنيه، (3 مليون و667 ألف دولار). وصلت التكلفة نحو 64 مليون جينة في تلك المرحلة (9 مليون و26 ألف دولار)، بحسب محمد هشام المشرف على المشروع، في حين تشير وثائق البنك الدولي أنه كلف نحو (10.4 مليون دولار) أي نحو 74.1 مليون جنيه بسعر الدولار عند بدء التنفيذ الفعلي في الأول من عام 2012عند سعر دولار يساوي 7.09 جنيه.

تغير سعر الدولار أمام الجنيه، أكثر من مره خلال الـ 5 سنوات الماضية، من 6.07 جنيه لكل دولار، في يونيو 2012، وقت بدء ترسيه عقود التنفيذ على الشركات، حتى وصل إلى 15 جنيهًا بعد تحرير سعره في 3 نوفمبر الماضي. الأمر الذي يضاعف تكلفة الأعمال حال إكمالها.

البنك الدولي

بحسب الموقع الإلكتروني للبنك الدولي، فإن إقفال القرض جاء وفقاً للاتفاق المبرم مع الحكومة المصرية، حيث نص الاتفاق في البداية على إقفال المشروع في 30 يونيو 2014. لكن خلال استعراض ما انتهى المشروع له في يوليو 2012، تم تمديد المشروع 18شهراً حتى 31 ديسمبر 2015 لإتاحة مزيد من الوقت للتنفيذ، وأقفل في ذلك التاريخ». 

لكن مصدراً داخل المكتب الفني للمشروع في شركة مياه الشرب والصرف الصحي الحكومية، والمنفذة للمشروع، التقت به «المصري اليوم»، ورفض ذكر اسمه، يقول إن الحكومة طلبت زيادة مدة القرض ستة أشهر إضافية، إلا أن البنك رفض، خاصة بعدما وافق على تمديد مدة القرض عام وستة أشهر قبلها».

رفض المكتب الإعلامي التنسيق للقاء أي من مشرفي المشروع المصريين أو الأجانب، بحجة أنهما موجودين في الولايات المتحدة الأمريكية. وعرض المكتب إرسال أي أسئلة أخرى عبر الإيميل.

عشرة أيام حتى وصلنا رد يقول: «سننشر تقيماً نهائيا للمشروع قريباً، ويمكنكم التواصل مع شركة مياه الشرب والصرف الصحي لأي معلومات»، وقوبل طلبنا بإجراء اتصال بهم عبر الهاتف أو سكايب بـ«الرفض»، وقالت مايسه جابر مسؤول المكتب الإعلامي في مكتب البنك الدولي بالقاهرة: «ما لدينا من معلومات عن المشروع موجودة على موقعنا الإلكتروني».

أرسلنا رسالة عبر الإيميل إلى مقر البنك الرئيسي في نيويورك، أرسلها بدوره إلى مكتبه في القاهرة، الذي أبلغنا بأنه «ليس لديه أي إجابات أخرى».

الموقف التنفذي لـمحطات المشروع:

اسم المشروع التكلفة المعلنة من البنك الدولي التكلفة المعلنة من شركة مياه كفر الشيخ حالة التنفيذ بدء العمل عدد المحطات
الاتحاد والسرايا  2 مليون و480 ألف دولار 2.4 مليون دولار نفذت ولم تدخل الخدمة مارس 2012 1
الحلافي والمنيسي 2.3 مليون دولار 2.3مليون دولار  توقف العمل 2 سبتمبر 2012 2
 دقميرة والرملة 2.3 مليون دولار   2.4 مليون دولار توقف العمل سبتمبر 2012 1
الكوم الطويل نحو 3.32 مليون 3.2 مليون دولار  توقف العمل يوليو 2012 2

تصوير: محمد السعيد

أنجز هذا التحقيق بدعم وإشراف شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية (أريج) www.arij.net.

 


تعليقاتكم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *