"مصادر تمويل الاخوان"

31 مارس 2013

لم يكن تتبع استثمارات وأموال تنظيم الإخوان المسلمين فى الخارج بالأمر اليسير، حيث يتبع هذا الكيان خطوات بالغة التعقيد والتشابك لإخفاء علاقته بأى من مصادر تمويله المجهولة لدى السلطات المحلية والأجنبية.

ولأنها جماعة وُلدت «سرية» واستمرت «محظورة» فقد اعتادت العمل تحت وطأة المطاردة، وابتكر قادتها أساليب خاصة لإخفاء أموالهم عبر أشخاص ربما لا يعرفهم الكثيرون، ليكونوا فى مأمن عن أعين حكام الدولة التى ظلت تطاردهم وتصادر أموالهم المشكوك فيها طيلة ثمانين عاماً.

كانت جماعة الإخوان أكثر خبرة من رجال نظام مبارك فيما يتعلق بالتعامل مع الجمعيات والشركات التى تدير من خلالها أموالها حول العالم المسمّاة بجزر النعيم الضريبى وشركات الـ«أوف شور»، فأصبحت مهمة فريق تحقيقات «الوطن» أكثر صعوبة فى تتبع تمويل هذه الإمبراطورية عبر هذا التحقيق الذى استغرق 5 أشهر.

البداية

كان من البديهى أن تكون أولى خطوات تتبع تمويل تنظيم الإخوان المسلمين نابعة من الخارج، التمويل الداخلى القائم على جمع التبرعات والاشتراكات من الأعضاء البالغ عددهم 500 ألف عضو – وفق ثروت الخرباوى القيادى السابق بالتنظيم، لذا كان لزاماً التوصل إلى المنبع الرئيسى.

الخيط الأول كان يوسف ندا رجل الأعمال المصرى الحاصل على الجنسية الإيطالية، والذى كان يشغل منصب المفوض لجماعة الإخوان فى الخارج ومؤسس «بنك التقوى» الذى اتهمه الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش بتمويل هجمات 11 سبتمبر.

تشير الوثائق إلى أن يوسف ندا قد أسس «بنك التقوى» فى جزر «البهاما» إضافة إلى شركتى «ندا إنتر ناشيونال للخرسانة» و«التقوى للإدارة» وتمت تصفيتهما فى فبراير 2004.

بدأت شركة التقوى للإدارة «Al Taqwa Management Organization SA» برأس مال قيمته 100 ألف فرنك سويسرى وقت التأسيس فى يوليو 1988، وطرأت عليه عدة تغيرات حتى عام 2001 عندما بدأت السلطات الأمريكية فى وضع اسم مؤسسات «يوسف ندا» و«على غالب همت» أحد أهم شركائه – تحت الحراسة، مما دفع بالشريكين (ندا وهمت) إلى تغيير اسم الشركة من «التقوى للإدارة» إلى «ندا للإدارة» «NADA MANAGEMENT ORGANIZATION SA in liquidazione» وعملت الشركة فى مجال الاستشارات والخدمات الائتمانية وتنفيذ المشروعات وإدارة الممتلكات والوساطة العقارية.

الدراسة التى أعدها المركز الاستراتيجى والتقييم الدولى فى الولايات المتحدة أشارت إلى أن يوسف ندا قام بخرق حظر السفر المفروض عليه من قبل الأمم المتحدة عام 2002 وسافر من محل إقامته فى إيطاليا إلى سويسرا وقام بتغيير أسماء العديد من شركاته وتقدم بطلبات لتصفية شركاته الجديدة وعيّن نفسه مسئولاً عن التصفية، وهو ما تؤكده مستندات سويسرية حصلت عليها «الوطن» بالنسبة لعدد من الشركات التى تحمل اسم «التقوى».

لم تحمل الأوراق جديداً فى هذا الشأن، حيث صودرت أموال ندا «الشركة والبنك» بعد اتهامه بالتورط فى أحداث 11 سبتمبر، إلا أن الأوراق راحت تكشف بعداً أكثر أهمية، وهو خريطة تشابك العلاقات بين المؤسسين والخيوط الأولى وراء تمويل التنظيم، حيث حملت أوراق تأسيس شركات يوسف ندا عدة أسماء لأشخاص ينتمى بعضهم لتنظيم الإخوان فى دول مختلفة، كما أن بعضهم أسس جمعيات عديدة تقوم على جمع التبرعات والاشتراكات من الأعضاء للإنفاق تحت بنود ظاهرية تتمثل فى (تعميق الوعى الإسلامى والرغبة فى مساعدة الآخرين وتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية للأعضاء وتمكين الأعضاء من الوفاء بواجباتهم تجاه أسرهم وأنفسهم).

فى تصريحات صحفية لجريدة «الوفد» فى أكتوبر 2011، كان محمد مهدى عاكف المرشد السابق للجماعة يتباهى بأن تنظيم الإخوان المسلمين منتشر فى 72 دولة حول العالم ويوجد لديهم العديد من التنظيمات فى كل هذه الدول حتى الولايات المتحدة نفسها، حيث توجد الجمعية الإسلامية الأمريكيه «MAS». تصريحات المرشد السابق تؤكد أن الإخوان فى الدول الأجنبية اعتمدوا فى تنظيمهم على جمعيات إسلامية أو دعوية ذات نشاط خيرى.

8 جمعيات خيرية أغلبها فى سويسرا تمكن فريق «الوطن» من كشف سيطرة الإخوان على مجالس إداراتها، والتى تقوم بجمع الاشتراكات والتبرعات من الأعضاء بهدف تمويل أنشطة التنظيم، لم تحصر الأوراق الخاصة بهذه الجمعيات عدد الأعضاء، لكنها ترصد بعض المبالغ التى كانت موجودة فيها وقت حصول الجريدة على المستندات بخلاف معلومات إضافية عن نشاطها ومديرها، وجاءت كالتالى:

– الجمعية الأولى تحت اسم «الجماعة الإسلامية فى «كانتون» بسويسرا «Comunità Islamica nel Canton;Ticino» تم تأسيسها عام 1992، يشغل منصب الرئيس التنفيذى لها رجل الأعمال الإيطالى من أصل سورى «على غالب همت» والذى يعد أحد قيادات الإخوان، بينما يشغل محمد محمود عبدالمعطى (مصرى الجنسية) منصب النائب، وتضم قائمة عضوية مجلس الإدارة كلاً من «محمد كرموص» تونسى يحمل الجنسية الفرنسية و«سليمان سليمان» و«فهيم المحب» ليبيين، وكان من ضمن المؤسسين «سعد أبوزيد إبراهيم» مصرى يحمل الجنسية الإيطالية، خرج من مجلس الإدارة فى 16 أبريل 2002، أعقبه خروج «أحمد نصر الدين إدريس» فى نوفمبر 2003.

الأسماء التى تظهر فى مجلس الإدارة غير معروفة لدينا، فكانت المهمة الأولى معرفة من هؤلاء وتوجهاتهم السياسية لتتكشف المفاجآت تباعاً، الدكتور «محمد كرموص» وفقاً لموقع مركز «سواسية» لحقوق الإنسان الذى أسسته جماعة الإخوان المسلمين فى 2004، يقدمه باعتباره أحد قيادات الإخوان والذى كان يشغل منصب عضو المجلس الاستشارى لمركز سواسية لحقوق الإنسان، وبالبحث عن باقى الأسماء نكتشف أن «سليمان سليمان» ليبى الجنسية هو نفسه «سليمان عبدالقادر» المراقب العام للإخوان المسلمين فى ليبيا، و«إدريس نصر الدين» رجل الأعمال الكويتى ذو الجنسية الإيطالية قد عمل قنصلاً فخرياً للكويت فى «ميلانو»، وأحد الموظفين السابقين فى مؤسسة «بن لادن» وكان أحد المتهمين فى أحداث 11 سبتمبر والتى ثبت عدم صحة تلك الاتهامات ضده خلال 2006، ويمتلك إدريس عدداً كبيراً من الشركات الاستثمارية فى بنما من بينها «COSMO BUILDING MATERIALS INC» وهى شركة مواد بناء مؤسسة فى 1995، وشركة قابضة تحت اسم

NIGERIA SHARES MANAGEMENTHOLDING INC». بخلاف 4 شركات أخرى، كلها مؤسسة فى بنما فى تواريخ ما بين 1992 وحتى 1995.

وفقاً للسجلات السويسرية فإن: الجماعة الإسلامية فى «كانتون» هى منظمة دينية غير هادفة للربح، تهدف فى الأساس إلى تعزيز الممارسات الدينية ونشر الوعى الإسلامى، وتوفير المساعدات للأعضاء والمسلمين للوفاء بواجباتهم تجاه أنفسهم وأسرهم والتعاون مع الجمعيات الإسلامية والهيئات الأخرى، وتعتمد فى تمويلها على الاشتراكات الشهرية الإلزامية التى تحددها اللجنة للأعضاء الفاعلين وغيرهم، والتبرعات والهبات، وتتشكل الجمعية إدارياً من أعضاء مؤسسين ومساهمين ولجنة تتكون من 5 إلى 7 أعضاء بخلاف الأقسام الإدارية الأخرى.

وتوضح المستندات التى تمكنت «الوطن» من الحصول عليها، أن الجمعية الإسلامية وفقاً لميزانية 2006، كان بها سيولة مالية قدرها 414٫5 ألف دولار تعادل «2٫8 مليون جنيه»، بخلاف 531٫2 ألف فرنك سويسرى تعادل «3٫8 مليون جنيه»، لتصل القيمة الإجمالية لهذه السيولة قرابة «6٫6 مليون جنيه».

الجمعية الثانية: «مركز الثقافة الاجتماعية للمسلمين فى لوزان بسويسرا» Centre Socio Culturel des;Musulmans de Lausanne تم تأسيسها فى 2002، وتعتمد فى تمويلها على اشتراكات الأعضاء وأموال الهبات والمنح والاستثمارات الأخرى وذلك وفقاً لمستندات تأسيس الجمعية فى سويسرا.

الهدف من إنشاء الجمعية هو الترويج الثقافى والدينى والاجتماعى والتعاون مع المنظمات الأخرى، وبها سيولة مالية قدرها 6٫6 مليون جنيه، ويشغل منصب الرئيس التنفيذى لها «محمد كرموص»، إلى جانب أمين الصندوق «أحمد بن رحومة» التونسى الأصل والذى يحمل الجنسية السويسرية.

الجمعية الثالثة تحت اسم «المؤسسة الثقافية الاجتماعية فى سويسرا» «FONDATION EURO-SUISSE MITHAK» أنشئت فى أبريل 2010 بهدف تحسين صورة المسلمين فى سويسرا ومساعدتهم على الاندماج فى العمل الاجتماعى وإنشاء جسور تواصل بين الشباب المسلم فى الغرب والدول المسلمة.

لم تذكر السجلات السويسرية أى معلومات عن طرق تمويل الجمعية، إلا أن ميزانية عام 2009 ذكرت أن السيولة المتاحة لديها بعد الصرف على أهدافها بلغت 192 ألف دولار بخلاف 213 ألف فرنك سويسرى «2٫8 مليون جنيه».

ووفقاً للسجلات فإن تشكيل مجلس إدارة المؤسسة يتكون من 5 أعضاء على الأقل، بخلاف مراقبى الحسابات، إلى جانب مجلس أمناء، وتكشف المستندات أيضاً أن محمد كرموص يشغل منصب رئيس مجلس الأمناء إلى جانب آخرين منهم «غريب العربى» فى منصب الرئيس التنفيذى وهو من أصل تونسى، و«فاطمة بوتيرا» تونسية أيضاًً، ولهما حق التوقيع.

الجمعية الرابعة: تحت اسم «مؤسسة التأثير الاجتماعى والثقافى» FONDATION D’OEUVRES A RAYONNEMENT SOCIOCULTURELLES FORS أنشئت فى أوائل 2010 بغرض المساهمة فى الحياة الثقافية وإلغاء الحواجز، والتبادل الثقافى، وتهدف أيضاً المنظمة إلى تقديم الإعانات للأشخاص الذين يحتاجون إلى إعانات اجتماعية وهى منظمة غير هادفة للربح وفقاً للسجلات السويسرية.

الأوراق التى حصلت عليها «الوطن» بشأن المنظمة تكشف وجود سيولة مالية لديها قيمتها تعادل 2٫8 مليون جنيه مصرى، وتدار المنظمة من خلال مجلس أمناء ومجلس تنفيذى، يشغل الدكتور «محمد كرموص» عضواً بمجلس الأمناء بينما ذكرت الأوراق أن «نادية كرموص» تشغل منصب الرئيس التنفيذى.

تكشف أوراق أعضاء الإدارة أن هناك علاقة قرابة ما بين الدكتور محمد كرموص ونادية كرموص، لكنها لم تحدد طبيعة العلاقة، ونادية كرموص كانت أحد المؤسسين فى المنظمة إلى جانب آخرين من بينهم أحمد بن رحومة الذى ورد اسمه فى السابق فى عدد من الجمعيات التى تم ذكرها لكنه تخارج من إدارة الجمعية فى مارس 2013.

الجمعية الخامسة: تحت اسم «اتحاد مسلمى سويسرا» Ligue des Musulmans de Suisse; تم تأسيسها فى يناير 2006، على يد الدكتور محمد كرموص الذى تخارج منها عام 1997 ليترك الإدارة لاثنين آخرين من تونس هما «عادل مجرى» و«طاهر جويلى».

وتكشف مستندات تأسيس الجمعية أن الهدف منها الحوار بين مختلف الثقافات والأديان، وتعتمد فى التمويل على اشتراكات الأعضاء والبالغ عددهم بحسب أوراق سرية حصلت عليها «الوطن» 10 أعضاء متطوعين و120 عضواً ناشطاً، بخلاف 500 عضو آخرين، وذكرت الأوراق أن اشتراكات الأعضاء ورسوم العضوية هى المورد الرئيسى للتمويل، فيما لم تحدد الأوراق أى موارد أخرى، بينما تكشف ميزانية العام الأول لبدء عمل المنظمة فى سويسرا أن بها سيولة مالية تصل إلى 6٫6 مليون جنيه موزعة ما بين دولار وفرنك سويسرى.

وتذكر الأوراق أنه تم نقل مقرها من مدينة «نيوشاتل»، فى عام 2008 مما دفع الإدارة فى السجل التجارى إلى حذف اسمها من السجلات لديهم وتم إدراجها فى مقر آخر.

الجمعية الخامسة: «الاتحاد الإسلامى للمعلمين» «UNION ISLAMIQUE DES ENSEIGNANTS» تأسست فى يناير 2010 على يد «محمد كرموص» وشغل منصب الأمين العام للجمعية و«عبدلله الكندرى» كويتى الجنسية، بهدف الدفاع عن الحقوق النقابية والمهنية ودعم التعاون السياسى بين جميع الدول الأعضاء، وتعتمد فى التمويل على إيرادات سنوية ناتجة عن المطبوعات التى تقدمها والمنح والهبات.

مستندٌ سويسرىٌ آخر يكشف أن ميزانية الجمعية بنهاية عام 2009 كانت تمتلك سيولة قيمتها 479 ألف دولار بخلاف 531 ألف فرنك سويسرى أى ما يعادل 7 ملايين جنيه مصرى.

الجمعية السادسة: «رابطة المنظمات الإسلامية فى زيوريخ» تم تأسيسها عام 1996 «Vereinigung der Islamischen;Organisationen in Zürich» وتعتمد على الرسوم السنوية والاشتراكات، والهدف منها بناء مركز إسلامى ومقبرة إسلامية وذلك وقت التأسيس، كما تكشف الأوراق تغيير الهدف الرئيسى للمنظمة إلى التنسيق بين المنظمات الإسلامية المحلية فى زيوريخ والمنظمات الأخرى فى سويسرا، وتقوم فى حدود قدراتها على ممارسة الشعائر الدينية، والمصالح الاجتماعية والثقافية وتجهيز المسلمين بالمعرفة اللازمة والأدوات لمواجهة المشاكل اليومية.

الجمعية تم تأسيسها على يد «إسماعيل أمين» من أصل مصرى يحمل الجنسية السويسرية و«محمود الجندى» يحمل الجنسية السويسرية وآخرين.

الجمعية السابعة: «مؤسسة الجماعة الإسلامية فى زيوريخ» Stiftung Islamische Gemeinschaft Zürich تم تأسيسها عام 1994، على يد إسماعيل أمين، و23 شخصية أخرى من بينهم «محمد منصور» و«حسن أبويوسف» يحمل الجنسية السويسرية، و«محمد إبراهيم» وهو أحد شركاء «يوسف ندا» فى شركة التقوى للإدارة والتى تم إغلاقها عام 2004، بخلاف آخرين من ليبيا وشخصيات عربية يحملون الجنسية السويسرية.

وتهدف الجمعية إلى مساعدة مسلمى زيوريخ، وتعتمد فى التمويل على رسوم الاشتراك السنوية بخلاف دعم الجمهور والتبرعات وإيرادات الأنشطة المختلفة التى تقوم بها الجمعية من إدارة مساجد ومبانٍ عقارية.

وترصد ميزانية الجمعية، التى حصلت عليها «الوطن»، أنه بنهاية عام 2006 كانت لديها سيولة مالية قيمتها 166 ألف دولار بخلاف 213 ألف فرنك سويسرى «2٫6 مليون جنيه».

الجمعية الثامنة التى نجح فريق «الوطن» فى كشف علاقتها بجماعة «الإخوان» كانت تحت اسم «الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية فى جنيف» International Islamic Charitable Organization٫ Sharq Koweït٫ succursale de Meyrin ولها فروع فى عدد من الدول العربية من بينها الكويت وتم تسجيلها فى عام 2001 فى جنيف كفرع للمركز الرئيسى الموجود الكويت. بهدف مساعدة المحتاجين من المرضى والأيتام وضحايا الكوارث والمجاعات.

وتم إدخال عدة تعديلات على الجمعية من بينها إلغاء الترخيص للفرع فى جنيف فى مارس 2010، وتضم الجمعية 31 عضو مجلس إدارة يتصدرهم من الأسماء المعروفة بانتمائها لجماعة الإخوان الشيخ «يوسف القرضاوى» – قطرى الجنسية والمصرى الأصل، إلى جانب الدكتور «زغلول النجار» و«على غالب همت» القيادى الإخوانى بجانب آخرين من الكويت وليبيا وسويسرا.

ويخلص التحقيق إلى أن الجمعيات الثمانى التى تم رصدها وتتبع ميزانياتها وسجلاتها، تظهر أن الفائض لديها مجتمعة، بعد استنفاد بنود المصروفات عن عام مالى واحد تجاوز 35 مليون جنيه مصرى، علماً بأن بعضها تم تأسيسه منذ 1996 أى ما يقارب 17 عاماً.

ومن بين الجمعيات الأخرى الشهيرة بانتمائها لجماعة الإخوان، الجمعية الإسلامية الأمريكية «MAS» والتى يرأسها الدكتور «عصام عميش» وتم تأسيسها عام 1993 وتعمل فى مجال الدعوة والتعليم والشباب وتضم نحو 1000 عضو عامل وأكثر من 100 ألف من المشاركين وتنتشر من خلال 60 فرعاً فى 35 ولاية وتنشط الجمعية من خلال هيكل إدارى يشمل عدداً من المؤسسات والأقسام من بينها مؤسسة «الحرية للعمل السياسى والحقوقى» ومؤسسة «الدعوة والتعريف بالإسلام» و«مؤسسة الخدمات الاجتماعية» و«الجامعة الإسلامية الأمريكية» و«مجلس المدارس الإسلامية» و«مؤسسة الكشافة الإسلامية» و«مركز التكوين والتنمية» و«مجلة المسلم الأمريكى».

ثروت الخرباوى القيادى الإخوانى السابق، والذى ظل داخل التنظيم لأكثر من 20 عاماً أكد لـ «الوطن» ن الجماعة تعتمد على الجمعيات الخيرية فى الخارج كأنبوبة جمع الاشتراكات الرئيسية واصفاً إياها بأنها «المنبع الرئيسى للأموال والاشتراكات والتبرعات»، غير أنه شدد على أن أموال تلك الجمعيات فى الغالب لا تأتى إلى مصر وإنما يتم تحويلها لبعض الدول الأخرى التى تحتاج قيادات الإخوان فيها إلى دعم مالى بأمر من المرشد العام فى مصر.

وقدر الخرباوى دخل الجماعة الشهرى من تبرعات الأعضاء بنحو 100 مليون جنيه قياساً على عدد الأعضاء فى مصر والبالغ نحو 500 ألف عضو، بخلاف استثمارات تصل إلى 180 مليار جنيه سنويا «تعادل ميزانيات بعض الدول العربية»

وأضاف أنه يتم استثمار بعض فائض الإنفاق فى بعض الشركات فى بعض الدول التى لا تتم فيها ملاحقة «الإخوان»، لكن محمد حبيب النائب السابق للمرشد العام لـ «الإخوان» قال إن الجماعة كان لديها استثمارات ولكن نظراً للتضييق الذى تعرضت له من قبل الجهات الأمنية تم تفكيك كل الاستثمارات وأصبحت تعتمد على الاشتراكات الشهرية وتبرعات الأعضاء، موضحاً أن كل الاستثمارات هى استثمارات تخص أفراد الجماعة، ولهم الحق فى التبرع أو تمويل الجماعة كما يرغبون دون إلزامهم بنسبة معينة أو مبلغ محدد، بخلاف الرسوم والاشتراكات السنوية فقط والتى تبلغ 8% من دخل الفرد.

وتؤكد دراسة منسوبة إلى الدكتور حسين شحاتة، الخبير الاستشارى فى المعاملات المالية، أن مصادر تمويل الجماعة تأتى من بندين رئيسيين، الأول اشتراكات الأعضاء، والثانى هو نسبة من أرباح شركات رجال الأعمال الإخوان تحت بند التبرعات، وتصل قيمتها إلى 20 مليون جنيه سنوياً – حسب الدراسة.

أوراق سويسرية أخرى تكشف شركات مؤسسة فى الخارج يتملكها رجال أعمال ينتمون للإخوان، وردت أسماؤهم داخل الجمعيات الثمانى التى تم ذكرها سالفاً، على رأسها شركة تحت اسم «Stahel Hardmeyer AG in Nachlassliquidation»   تأسست فى مارس 1967، على يد حسن أبويوسف، وهو أحد أعضاء الجماعة الإسلامية التى تم ذكرها فى السابق، وآخرين، وكان رأس مال الشركة وقت التأسيس نحو 2 مليون فرنك سويسرى «تعادل 14 مليون جنيه» وتم إدخال 3 تعديلات على رأس المال كان آخرها بتاريخ 23 يونيو 1993 ليصل رأس المال الحالى إلى 18٫3 مليون فرنك سويسرى «تعادل 131 مليون جنيه مصرى»

وتعمل الشركة فى مجال تجارة الجملة والمنسوجات القطنية ولديها عدد من الشركات التابعة فى عدد من الدول منها بريطانيا وجزر العذارى البريطانية ويشغل منصب الرئيس التنفيذى شخص سويسرى يدعى «أوليفر ستاهيل»

وتوجد أيضاً شركة تحت اسم BS Altena AG تم تأسيسها فى 2010 وتعمل فى مجال العقارات طويلة الأجل، وأحد أعضاء مجلس إدارتها شخص يدعى «حسن أبويوسف» سويسرى الجنسية، الذى سيتكشف لاحقاً أنه عضو فى جمعية خيرية أخرى موجودة بسويسرا اسمها «الجماعة الإسلامية»

وتقول دراسة بحثية أعدها «دوجلاس فرح» الباحث بالمركز الاستراتيجى والتقييم الدولى بولاية فيرجينيا الأمريكية، وهو مركز يهتم بقضايا الأمن وتأثيرها على الولايات المتحدة، إن إمبراطورية المال الاقتصادية لجماعة الإخوان حول العالم تعتمد على استثمارات أفرادها، من بينهم إبراهيم كامل، مؤسس بنك دار المال الإسلامى «DMI» وله عدد من الشركات فى مدينة «ناسو» بجزر البهاما، بخلاف إحدى الشركات التى حصلت «الوطن» على مستنداتها كاملة وتسمى «sirocco aerospace international-uk-limited» وتكشف المستندات أن الشركة مؤسسة فى «جزر العذارى» البريطانية ولها مقر فى لندن تحت رقم «3239579» ووفقاً لميزانية عام 2008 فإن الشركة كانت لديها سيولة وأصول قيمتها 5٫6 مليون يورو، تعادل 48٫7 مليون جنيه مصرى، بخلاف شركة أخرى تحت اسم «Kamel Corporation SA, en liquidation» وهى الآن تحت التصفية وكان قد تم تأسيسها عام 1999، لتعمل فى مجال الاستيراد والتصدير.

وأشارت دراسة «دوجلاس» إلى أن العديد من المؤسسات الصورية والمالية المملوكة للإخوان تنتشر فى بنما وليبيريا والبرازيل بأسماء أشخاص مثل «يوسف ندا» و«نصر الدين» و«القرضاوى» و«همت غالب» والذين يقدمون أنفسهم بشكل عام كقادة فى الجماعة.

وأوضح أنه من الصعوبة أن تستطع التمييز بين الثروات الشخصية المملوكة لرجال أعمال الإخوان وبين ثروة الإخوان.

ويقول النائب السابق للمرشد العام محمد حبيب «إن الجماعة لا ترفض أى تبرع من الأشخاص المنتمين للجماعة، وإن هذه التبرعات من الممكن أن تزيد خلال الأزمات أو فترات الانتخابات البرلمانية وغيرها»، وعن فكرة المصريين فى الخارج أكد أنه يتم الحصول منهم على اشتراكات شهرية كأعضاء بالجماعة مثلهم مثل الموجودين بالداخل.

ورغم أن الأوراق التى حصل عليها فريق «الوطن» كانت تكشف العديد من الخيوط والارتباطات بين الجمعيات والشركات والأشخاص، خاصة المنتمين للإخوان حول العالم، إلا أنها لم تذكر أى عمليات تحويل أموال بين بعضهم، ووسّع «الفريق» نطاق البحث دون جدوى، خاصة أن عمليات التحويل لم ترصدها الشركات والبنوك بل وفشلت أجهزة أمنية فى النظام السابق فى كشف أى خيوط منها.

تأتى نتيجة أخيرة يفجرها الدكتور محمد حبيب، هو أن عمليات تحويل الأموال من الدول لبعضها واشتراكات الأعضاء كانت تتم عن طريق أشخاص عائدين إلى مصر يقومون بتسليم الأموال يداً بيد فى حدود المبلغ المسموح لهم الدخول به.

وكانت السلطات المصرية تسمح للمواطنين العائدين من الخارج أو المسافرين بحمل أموال نقدية قيمتها 10 آلاف دولار أو 100 ألف جنيه كحد أقصى.

الخاتمة: تكشف نهاية التحقيق أن هناك شركات عديدة تخص أفراداً من رجال الأعمال المنتمين لجماعة الإخوان وهم يقومون بتسديد الاشتراكات السنوية، إلى جانب تبرعات لصالح التنظيم، ووفقاً لما تم كشفه فى التحقيق وأكده النائب السابق للمرشد العام محمد حبيب، من أن الجماعة تقوم فى الأساس على اشتراكات أعضائها المصريين فى الداخل والخارج، ويتم تجميع الأموال فى الخارج عن طريق جمعيات خيرية، تمكنت «الوطن» من كشف 8 جمعيات منها فى سويسرا تقوم بدعم العمل فى دولها وتقوم بتوجيه الفائض لديها بحسب أوامر المرشد إلى دول أخرى وأن عمليات التحويل كانت تتم نقدياً عبر أشخاص وليس عبر بنوك أو شركات.


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *