14 ضحية و60 ألف حالة عضّ غالبيّتها من الأطفال
الكلاب تدخل المدن وتهاجم حراس مجلس الوزراء
حسن تحسين ناصر -جريدة بلدنا– الطفل نهاد الحسين من حيّ الراموسة في حلب، وقع ضحية كلبه المدلّل بعد أن تعرّض إلى عضّ مميت عقب إصابته بالسعار، نتيجة اختلاطه بكلاب شاردة تنتشر بالعشرات بين الأحياء السكنية. نهاد كان في الرابعة حين واجه الموت بناب كلبٍ يفترض أن يكون حارسه الأمين، كما تتذكّر شقيقته خلفة الحسين.
في الشهر ذاته، قضت الطفلة أمينة إدريس في حادثة مشابهة في حيّ النيرب ضمن مدينة حلب، وهي في الرابعة من عمرها أيضاً. عضّ كلب مسعور في اليوم ذاته ثلاثة أطفال هم (جمال – حسّون – حسان) في حي النيرب. الأطفال الثلاثة نجوا من الموت بعد أن تلقّوا العلاج في الوقت المناسب، حين سمع أهلهم قصة وفاة أمينة، حسبما يفيد د.عبد الله حمامي، المشرف على عيادة داء الكلب الحكومية.
نهاد وأمينة والأطفال الثلاثة انضمّوا إلى قرابة 10 آلاف شخص في ثاني كبرى المدن السورية، تعرّضوا إلى عضّ كلاب مسعورة، قضى منهم 14 شخصاً على مستوى القطر خلال السنوات الأربع الماضية، وفق إحصاءات دائرة الأمراض المشتركة وزارة الصحة ومستشفى زاهي أزرق في حلب وكذلك الشؤون المدنية.
وتشير إحصاءات عيادة داء الكلب المختصة في حلب إلى أنّ 55-59 % من المعضوضين من الأطفال واليافعين. ويؤيّد هذه النسبة د. هيثم حنبلي مدير برنامج الأمراض المشتركة في وزارة الصحة.
أسباب الفشل
تعزو تقارير وزارة الصحة السنوية ارتفاع عدد المعضوضين إلى فشل الحملات، واقتصارها على ستّ محافظات (دمشق، درعا، دير الزور، حلب، حماة، الحسكة) من أصل 14 محافظة، اندرجت في نطاق الخطة 2007 وأربع محافظات كلّ عام بالنسبة للأعوام الثلاثة الأخيرة. ويرجع مسؤولون وخبراء مستقلّون فشل حملات تطهير الشوارع من الكلاب الشاردة إلى ضعف التنسيق بين الأجهزة المعنية في إطلاق حملة شاملة لمحاصرة الظاهرة وإنهائها تحت إشراف مختلف الفعاليات الرسمية والمؤسسات الأهلية والقطاع الخاص والمخاتير والجمعيات التعاونية.
رغم تنفيذ 10 حملات ميدانية في محافظة حلب من 2007 إلى النصف الأول من 2011 حصدت 10789 كلباً، سجّل في الفترة ذاتها عضّ 10698 شخصاً، بحسب إحصاءات دائرة الأمراض السارية والمزمنة في حلب.
يوضح الجدول رقم 2 زيادة نسب المعضوضين.. يقول د. أحمد سخيطة، رئيس دائرة الأمراض السارية والمزمنة في مديرية صحة حلب، شاركت 3 بلديات فقط حتى تاريخه من أصل 187 بلدية في حملة المكافحة على مستوى سورية، وقد بلغ عدد المعضوضين 69459 بين العامين 2007-2010 رغم قتل32511 كلباً شارداً خلال تلك الأعوام، كما يوضح الجدول رقم 3.. لذلك كان لا بد من إحداث تغيير في منهجيّة الخطة الوطنية لمكافحة الكلاب الشاردة التي وضعت عام 2006 بحسب د سخيطة.
الآثار النفسية على الأطفال
فضلاً عن التكاليف المادية التي تتحمّلها الدولة، ثمّة آثار نفسية ومعنوية تنمو لدى الأهل والأطفال مع الأيام، أبرزها الوسواس وضعف الثقة بالمؤسسات المعنيّة للقضاء على الظاهرة، أو الحد منها، كما يقول د.عمر التنجي، المتخصص في علم النفس في جامعة حلب. ويشرح التنجي أنّ الآثار النفسية تظهر عادة في ثلاثة مستويات من المخاوف التي يمكن أن تحدث للطفل والأهل، أولها مخاوف مباشرة لدى عضّ الطفل (الوسواس)، هل الكلب مسعور أم لا؟ وتبعاتها، كالصدمة النفسية والعيش على الأعصاب حتى إثبات العكس”. يضاف إلى ذلك “هلع الأهل على أطفالهم وحجز حرياتهم ومخاوف الأطفال الذين سيكونون ملازمين لأهلهم لدى ممارسة أيّ نشاط، إضافة إلى تكوين شخصية جبانة مع الزمن”.
الظاهرة في تفاقم
د. هيثم حنبلي، مدير برنامج الأمراض المشتركة في وزارة الصحة والمنسق الوطني لمركز مكافحة الأمراض في حوض البحر المتوسط، وأطباء الصحة والبيطرة، يعزو أسباب الفشل إلى ضعف عمل مفارز مكافحة الكلاب الشاردة في الوحدات الإدارية، وعدم توافر التمويل والمستلزمات المطلوبة لعملها.
إلا أنّ د.عبد الملك خياطة، رئيس شعبة الأمراض المشتركة في مديرية صحة حلب، يرجع السبب إلى عدم شمول الخطة كلَّ قرى ومناطق حلب.
يضاف إلى ذلك كثافة مداجن الدجاج التي تعمل دون ترخيص قانوني، وترحّل نفاياتها بشكل عشوائي إلى الوديان وأطراف المدن والطرقات لتجذب الكلاب الشاردة إليها، وكذلك مخلفات الأسواق الحيوانية وبقايا المسالخ، كما يؤكد د.حنبلي، ففي حلب وحدها 1256 مدجنة؛ منها 650 غير مرخصة وبعيدة عن الإشراف البيطري والصحي، كما يشير د. دريد فاعور، رئيس فرع نقابة الأطباء البيطريين في المحافظة الشمالية.
إهمال الأطباء
ما حدث مع محمد إسماعيل حسن (27 عاماً)، وإبراهيم الأحمد (23 عاماً)، وجميل العلي (25 عاماً) من خدوش بسيطة لم يُعِرها الأطباء والأهل الاهتمام الكافي، كما يروي يونس قاسم، الممرض المتخصص في عيادة داء الكلب، في حين كانت مصيبة حسن سليمان من عفرين (35 سنة) مماثلة حين اكتشف الأطباء المرض بعد 17 يوماً ليقضوا جميعهم.
يقول الدكتور دارم طباع، مدير مشروع حماية الحيوان في سورية: “إنّ غالبية الأطباء لا يعلمون بالمرض وأعراضه وطرق معالجته. فبعضهم يلقّح المصاب بالكزاز، ويعقّم الجروح دون إعطاء الخدوش أيّ أهمية، ما يؤدي إلى تفاقم المضاعفات”، كما أنّ القانون السوري يحظر على الأطباء إجراء أيّ مداخلة طبية في حالات العض خارج إطار المراكز المتخصّصة، نظراً إلى خطورة المرض من جهة، ولأنّ الصحّة هي من تقوم بتدريب العاملين على آليات التمنيع وإعطاء المصل المضاد، بحسب تعليمات منظمة الصحة العالمية، حسبما يضيف الطباع.
د. حمامي يؤكّد من خلال التجربة أنّ: “الأطباء لا يكتفون بتعقيم الجروح؛ بل يخيطونها أحياناً، وإن كان بسيطاً، كما حدث للشاب جميل العلي (25 سنة) الذي توفّي عام 2007”. والخياطة ـ كما يقول د. حنبلي ـ تؤمّن البيئة المناسبة من ظلام ورطوبة ما ينشّط الفيروسات المتبقية، في حين إبقاء الجرح معرضاً للهواء يجفّفه، وبالتالي يكون مفعول اللقاح الذي يبدأ بتكوين الأجسام المضادة داخل الجسم أقوى لأنّ الدواء يأخذ مفعوله عادة من 5-7 أيام.
قمامة حلب النائمة
تعود زيادة العضّات في حلب، بحسب مديرية الشؤون الصحية في المدينة، وكما يقول الدكتور زياد واعظ، معاون المدير إلى “عدم وجود نظام صحي لجمع القمامة في حلب، والتخلص منها”. ويوضح واعظ أنّ ملء حاويات القمامة ليلاً مع بطء التخلّص منها، أو تصريفها، يجذب الكلاب إلى قلب المدينة، فقمامة حلب اليومية، كما يوضح المهندس محمد حزاني، معاون مدير الخدمات المركزية لشؤون النظافة في حلب، تتجاوز وسطياً 1750 طناً يومياً.
مئات الكراسي وثلاثة خراطيش
فنياً، يرجع د. واعظ تزايد العضات إلى اقتصار عمل فرقة مكافحة الكلاب الشاردة على سبعة أشخاص فقط، من أصل 10 آلاف عامل وموظف في مجلس المدينة، تخصّص لهم سيارة واحدة موديل 1977 “فوكس فاغن” قديمة ومعطلة أغلب الأوقات، من أصل 1223 سيارة وآلية يمتلكها المجلس، كما يشير أحمد الزيات، مدير الآليات. تستخدم هذه السيارة صباحاً لأعمال أخرى، ومساء لقتل ومكافحة الكلاب الشاردة، ناهيك عن أن سقف المخصص لها من محروقات 350 ليتراً لا يكفي تحريك السيارة، سوى /10/ أيام لمدينة تتجاوز مساحتها /40/ ألف هكتاراً.
تراشق بالاتهامات
رغم تأكيدات حكومة عبد الرؤوف الكسم عام 1980 (وفق المادة /22/ من القرار رقم /24/) بضرورة تشكيل مفرزة مجهزة متنقلة، أو أكثر في مركز كلّ محافظة أو منطقة تتولّى، بالتعاون مع الشرطة والسلطات الصحية البيطرية المحلية، مكافحة الكلاب الشاردة، وتحديد مهام الوزارات المختصة (الإدارة المحلية والزراعة والصحة والداخلية) بخصوص المكافحة والتعامل مع الكلاب ومالكيها، لم تنتبه الإدارة المحلية إلى ظاهرة الكلاب الشاردة التي روّعت الناس، إلا بعد أن عضّ كلب مسعور 52 مواطناً في دمشق، وتعارك مع شرطة رئاسة الوزراء عام 2006. بعد تلك الواقعة عمّمت الإدارة المحلية على الوحدات الإدارية ضرورة تفعيل المفارز المتنقلة وتأمين مستلزمات مهامها المتمثلة في قنص أو تسميم الحيوانات المشتبه في إصابتها بداء الكلب، أو التي عضت إنساناً أو حيواناً، ثمّ دفنها أو إحراقها حسب الأصول. وشكلت في ذلك الوقت لجان إشراف ومتابعة، لكن دون جدوى، كما يشتكي د. حنبلي، وهو يرجع فشل الحملات إلى تقصير وزارتي الإدارة المحلية والزراعة في التعاون مع وزارة الصحة.
تفعيل الجانب القانوني
مع وجود نصوص قانونية، كالمادة /744/، التي تفرض العقوبة والجزاء وتحمّل مالكي الكلاب المسؤولية المدنية في إعطاء الحق للمتضرر للمطالبة بالتعويض بما يتناسب وحجم الضرر، فإنّ أروقة القضاء في حلب لم تسجل أيّ شكوى تتعلّق بذلك. ويؤكّد المحامي العام في حلب خالد عز الدين أنّه منذ ممارسته هذه المهنة لأكثر من /17/ سنة، لم يمرّ عليه أيّ نوع من هذه القضايا. ويعتبر المحامي العام الأول، القاضي إبراهيم هلال، أنّ عدم تقديم ومتابعة الأهالي للشكاوى والقضاء آتٍ من عدم قيام الجهات المختصة أثناء المعالجة بإبلاغ النيابة والشرطة عن حالات العض، وبخاصة من قبل الكلاب المملوكة، وبالتالي فإنّ الإبلاغ كان سيدفع القضاء ليحمّل مالكي الكلاب المسؤولية المدنية والجزائية، ودفع ما يترتب عليهم من أموال للخزينة والمتضررين.
وتقصير من الزراعة
وزارة الزراعة أوقفت عام /2006/ استيراد اللقاح، رغم أنّ قرار الحكومة اعتبرها مسؤولة عن تلقيح الحيوانات المنزلية. ويبرر زياد نمور، مدير الصحة الحيوانية في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، القرار بتكدّس اللقاح في الوحدات الإرشادية، وانتهاء صلاحيته جرّاء عدم استعماله لتلقيح الكلاب والقطط، كما هو مخطط. وبالتالي ارتأت الوزارة أن يستورد عن طريق القطاع الخاص، بينما رصدت دائرة الأمراض البيئية والمزمنة /1078/ عضة كلب منزلي ومملوك من أصل /2642/ عضة خلال شهر آب 2008 لغاية نهاية 2009؛ أي ما نسبته 40.8 % من العضات، ويذكر د.فاعور، نقيب الأطباء البيطريين في حلب، أن تلقيح الكلاب في تركيا يعتمد على الطائرات حيث تُرمى منها الأغذية المتضمّنة لقاح الكلب.
قرارات لا تنفذ إلا بشكاوى
رغم كمّ القرارات الوزارية والبلاغات الحكومية وتعديلاتها وقرارات منح التراخيص والبلاغ رقم /10/ والبلاغ رقم /16/، وكتب وزارة الزراعة والإدارة المحلية التي تؤكّد وجوب معالجة تراخيص الإنتاج الحيواني غير المرخصة القائمة قبل أو بعد تاريخ صدور بلاغ رئاسة مجلس الوزراء رقم /10/ تاريخ 19/4/2004، والمرونة المقدّمة بخصوص التسويات وإغلاق المخالف منها، فإنّه لم تسوّ مشكلة أو تغلق أيّ مدجنة خلال العامين الفائتين، بحسب ما أكده رئيس دائرة الإنتاج الحيواني في مديرية الزراعة في حلب، ويرى المهندس عمر الشعراني، عضو المكتب التنفيذي لقطاع مجلس المدينة والبيئة والصرف الصحي والمياه في المحافظة، أن عدم الشكوى على تلك المداجن جعلها خارج نطاق الإغلاق إلى الآن، بينما يؤكّد المهندس إبراهيم أن مؤسسات الإدارة المحلية هي المعنيّة برقابة ومتابعة أمور المداجن القائمة غير المرخصة.
الإدارة المحلية لم تحاسب
رغم إسناد قيادة الحملات إلى وزارة الإدارة المحلية، بموجب الخطة الوطنية، فإنّ الصحة أدارت الحملات في بداياتها.
وللوقوف على حقيقة الأمر فإننا أجرينا استبياناً شمل 187 وحدة إدارية وبلدية في حلب، وسألنا: “هل لديك ضمن الوحدة الإدارية مفرزة لمكافحة الكلاب الشاردة؟ فكانت الإجابات: نعم من قبل 37 وحدة وبلدية؛ أي ما نسبته 19.8 % منها (8) فقط لديها مفرزة كاملة، و29 بلدية فيها نقص إمّا في السلاح أو في السيارات أو في العناصر، ولا من قبل121 وحدة وبلدية؛ أي ما نسبته 64.7 %، وامتنع الباقون عن الإجابة، وشكلت نسبتهم 15.5 %.
ويقرّ محمد سالم شلحاوي، مدير المجالس المحلية في حلب، أن /130/ مجلس قرية وبلدية في حلب ليس لها مفارز خاصة تملك الآليات والكوادر والمستلزمات.
المكأفاة صرفت مرتين فقط
صحيح أنّ المكأفاة للمساهمين في قتل الكلاب وردت في آخر بند من الخطة، لكنّها من أبرز العوامل المحفزة لدى العاملين في الحملات، كما يؤكد د.خياطة، حيث أسهم منحها في دفع المزيد من البلديات للمشاركة في الحملات اللاحقة، لكن إيقافها أثر سلباً في إنتاجية الحملات على مستوى القطر. يضيف د.حنبلي، ويؤكد، أنّ الحملة توقفت كلياً في درعا عندما امتنع المحافظ عن دفع المكافآت، وفي حلب صرفت المحافظة لحملتين فقط حوالي 710 آلاف ل.س من أصل 10 حملات، حيث صرفت لقاء قتل كل كلب 200 ل.س؛ أي بما يعادل 4 دولارات كما أقرت الخطة الوطنية للمكافحة.
مقارنات ومفارقات
ويقول أحمد جاسم، رئيس مجلس بلدية إعزاز، إنّ تكلفة قتل الكلب الواحد على أيّ وحدة إدارية تتراوح بين/200-250/ل.س، وهي مصاريف نقل ومحروقات وطلقات، أو حتى لدى الاعتماد على متبرعين، أو استئجار آليات، في حين أنّ أجور تلقيح الكلاب أو القطط، كما يقول الطبيب البيطري عبد الحميد كودهان، صاحب عيادة في قلب مدينة حلب، مع إبرة الحساسية والكشف وإعطاء إبرة الدود تتراوح بين /300/ إلى /500/ ل.س، بينما تكلفة العضة على الصحة تتراوح بين /3 -30/ ألف ل.س يقول د.حنبلي، ويضيف لو قتلت بلديات سورية /100/ ألف كلب فإن مكافأتها /20/ مليون، بينما تكلفة علاج المعضوضين السنوية على الصحة تقترب من/100/ مليون ل.س فقط.
الصحة تتحمل العبء المالي وتحريض الشركاء
بلغت فاتورة الصحة خلال السنوات الأربع الماضية نصف مليار ليرة؛ أي 10 ملايين و526 ألف دولار بعد معالجتها /69586/ معضوضاً؛ منهم /59667/ عولجوا باللقاح، و/9901/ عولجوا باللقاحات والأمصال. وكانت حصة حلب منهم /8506/، منهم /6564/ معضوضاً عولجوا باللقاحات و/1942/ عولجوا باللقاحات والأمصال، وتكلفت الصحة أكثر من77952000 ليرة عدا قيم شراء الكفوف والكمامات والمواد السامة والمحروقات التي تجاوزت 2.5 مليون ليرة سورية للحملات العشر، كما يبيّن عدنان حديقة محاسب نفقات صحة حلب.
خطة الصحة العالمية
ولا يتردّد د.طباع، مدير مشروع حماية الحيوان في سورية، في وصف خطط السنوات السابقة بأنّها “فاشلة وارتجالية”. ويقترح اعتماد خطة منظمة الصحة العالمية المتضمّنة مسك الكلاب الجماعي دون استخدام السم، أو الطلقات النارية، وحجزها وجمعها في مراكز المحافظات، إمّا في مديريات الصحة الحيوانية، أو لدى جمعيات أهلية خاصة تؤسس لها، وبعد فرز الكلاب القابلة للتربية والتطعيم ضدّ داء الكلب تعاد إلى مناطق وجودها أو التخلص السليم والرحيم للتي لا يمكن إعادتها إلى أماكنها، ويضيف إذا وجدت الدولة الإمكانات اللازمة لتغطية الخطة واعتمادها، فإن مشروع حماية الحيوان(سبانا)، بالتعاون مع الجمعية الدولية لحماية الحيوان (ويسبا)، مستعد للتبرع بالخبرة والخبراء وتدريب الكادر والمستلزمات، وبجزء من الميزانية، إضافة إلى إجراء حملات تطعيم وخصي للكلاب التي سيتمّ إعادتها إلى الحياة البرية للحدّ من تكاثرها، وأخيراً فإنّ العبرة في التنفيذ.
أعد هذا التحقيق بدعم من شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية “أريج” www.arij.net
—————————–
ما هو داء الكلب؟
تاريخياً يعدّ داء الكلب (Rabies) من أقدم الأمراض الوبائية التي عرفها المصريّون القدامى والصينيّون. فسمّاه الإغريق lyssa، وفي البلاد العربية عرف بالسعار، أو العنّاز. تعرّفه منظمة الصحة العالمية بأنّه مرض فيروسي حيوانيّ المنشأ يصيب بعض الحيوانات البرية والأليفة، وينتقل إلى الإنسان والحيوان عبر التعرّض إلى لعاب الحيوانات المصابة بعد تمزيق الأنسجة الجلدية أو خدشها أو لحسها، مؤدياً إلى ظهور الأعراض ووفاة المصاب، سواء أكان حيواناً أم آدمياً، ناهيك عن سرعة ظهور أعراضه، التي تكون على ثلاثة أشكال؛ أبرزها داء الكلب التشنجي، حيث ينتهي بالسبات العميق، وصعوبة التنفس، فالموت، ويستمر من2- 7 أيام بحسب د. خياطة، أمّا داء الكلب الشكلي، فيستمر من 7- 10 أيام، ويظهر على المريض اختلاجات وتشنّجات وداء الكلب الجنوني يصيب المرء بفقدان الوعي والإغماء، ثم الموت. وتتبع أشكالَه وخطورته مع الزمن وعمق العضة وعمر المصاب وطوله وكمية الفيروسات وقربها من الدماغ، فالعضّة في الوجه والعنق أو نهايات الأطراف خطرة جداً، لأنّ الفيروس ينتقل في الأعصاب بسرعة 2 سم كلّ 24 ساعة ليتلفها ويدمّر الجملة العصبية والخلايا الدماغية.
Leave a Reply