حوكمة- تنتظر الحكومة انتهاء السلطات التشريعية من إقرار قانون ضريبة الدخل والمبيعات الجديد، وسط رفض من القطاع الخاص باعتباره “يعاقب” الشركات التي تدفع الضرائب. ويطالب القطع الخاص بضرورة تفعيل التحصيل الضريبي بشكل عادل يخدم الاقتصاد الوطني.
وتعتبر هذه المسودة الرابعة للقانون خلال 10 اشهر. إذ اقرت الحكومة المسودة الاولى في شهر آذار من العام 2013، لتعود بعد ذلك وتخفض بعض النسب الضريبية في مسودة اصدرتها في شهر يوليو الذي تلاه، واقرت في مطلع أكتوبر المسودة الثالثة، واصدرت المسودة النهائية بحسب الموقع الالكتروني لديوان الرأي والتشريع في مطلع شهر كانون ثاني 2014.
وفي الوقت الذي ترفض فيه قطاعات اقتصادية زيادة الاعباء الضريبية عليها، فإن ضعف التحصيل الضريبي يشكل هاجسا لوزارة المالية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي اضافة للقطاعات الاقتصادية التي تطالب بتفعيل التحصيل الضريبي.
وكشفت وثيقة رسمية ان حجم المطالبات الحكومية على المكلفين من السنوات التي تسبق عام 2013 حوالي 2.1 مليار دينار، 93 بالمئة منها تتعلق بتحصيلات مطلوبة لضريبة الدخل والمبيعات، وهي مبالغ مترتبة على 740 الف مكلف.
المسودة الجديدة
وبحسب المسودة الاخيرة فقد تم اعفاء اجمالي الدخل من النشاطات المتأتية من الزراعة داخل الاردن لغاية قيمة 150 الف دينار، والجديد في هذا الامر ان القانون المؤقت لعام 2009، كان ينص على الاعفاء دون تحديد اي حد له.
فيما تم فرض ضريبة على الدخل الخاضع للضريبة لجميع الشركات بنسبة 20 بالمئة مقابل 14 بالمئة مفروضة بالقانون الحالي، وفرضت 25 بالمئة على شركات الاتصالات الأساسية وشركات التعدين وشركات التأمين وشركات الوساطة المالية والشركات المالية بما فيها شركات الصرافة والاشخاص الاعتباريين الذين يمارسون انشطة التأجير التمويلي مقابل 24 بالمئة في القانون الحالي، وفرضت 35 بالمئة على البنوك مقابل 30 بالمئة في القانون القديم.
انتقاد معاقبة الشركات الملتزمة
طالب وزير المالية الاسبق باسم السالم الحكومة عبر صفحته الشخصية على الـ(FaceBook) برفع كفاءة التحصيل الضريبي وعدم معاقبة الملتزمين بالدفع من ابناء الطبقة الوسطى.
وقال السالم الذي يرأس جمعية البنوك الاردنية حاليا: ” كنت اتمنى أن تلجأ الحكومة الى زيادة كفاءة التحصيل الضريبي بدلا من معاقبة الملتزمين الذين ينتمي غالبيتهم الى الطبقى الوسطى وخصوصا خلال هذه الفترة التي ستشهد ارتفاعا في تكاليف المعيشة نتيجة لرفع أسعار الكهرباء على الشرائح غير المدعومة”.
القطاع التجاري
وقال رئيس غرفة تجارة عمان عيسى مراد: “ان المعضلة في موضوع ضريبة المبيعات على الحكومة ايجاد حلول منطقية فيما يتعلق بالتحصيل الضرائب المتاخرة على المستحقين”.
وبين في تصريحات صحافية: “ان القطاع التجاري قدم للحكومة العديد من الملاحظات حول مسودات قانون ضريبة الدخل الا انه لم يؤخذ بأي من الملاحظات المقدمة”.
الضريبة.. تنمية ام جباية
وقال المحلل الاقتصادي ثابت الور “انه يجب على الحكومة النظر الى قانون الضريبة من جهة تنمية الاقتصاد، لا بمفهوم الجباية”.
وشدد في رد على استفسارات (حوكمة/رويترز) على “اهمية استقرار التشريعات وعدم تعديل القوانين كل عام”، مبينا ان اي مستثمر يسال عن قانونين قبل استثماره في اي بلد هما: العمل، والضريبة.
الاتصالات.. مسودة المشروع تعاقب الشركات الكبرى
جمعية شركات تقنية المعلومات “انتاج” كانت قد ارسلت خطابا رسميا الى رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور تعترض فيه على ما جاء في مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل.
ودفعت شركات الاتصالات للخزينة خلال عامي 2011 و2012 حوالي 81.3 مليون دينار.
وبينت (انتاج) في خطابها “ان رفع الضرائب في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة كلف الطاقة سيكون له اثر تثبيطي على النمو الاقتصادي، كما ان الجمعية لا تحبذ ان يتضمن القانون شرائح ضريبة تصاعدية، خاصة وان هذا الامر سيعاقب الشركات التي تستثمر في النمو والتوسع ويحابي الشركات الاصغر، وهو عمليا حافز عكسي ضد الاندماج وتوسيع قاعدة راس المال”.
واوضحت “ان الضريبة التصاعدية على الشركات ستؤطر لاساليب تجنب قانونية، كشركة تقدم ثلاث خدمات اساسية، فإذا ارادت التوسع بخدمة جديدة فان وجود تصاعدية نسب الضريبة على الشركات سيحفزها لانشاء شركة جديدة لتجنب تصاعدية نسب الضريبة بدلا من التوسع ضمن الشركة الحالية، فنكون قد وضعنا قيودا امام نشوء شركات كبيرة ذات ربحية عالية”.
ووجدت (انتاج) في مسودة هذا القانون “معاقبة لمن يدفع بأمانة بزيادة نسب الضريبة عليه ومكافأة من يتهرب”، مشيرة الى انه “في ظل التهرب الضريبي الواسع في الاردن والاقتصاد غير الرسمي يبقى الحل الاساس هو توسيع القاعدة الضريبية وتقليل التهرب لا تغيير ورفع النسب الضريبية كل سنتين او ثلاثة وتغيير السياسات التي تحير المستثمرين وتزيد من حوافز التهرب والتجنب الضريبي”.
شركات الصرافة
من جانبه اعتبر نقيب الصرافيين الاردنيين، علاء ديرانية “ان آداء شركات الصرافة محدود ولايمكن مقارنة ارباحه بالقطاعات الاخرى على إعتبار إن مهام شركات الصرافة هي مهام محدودة ومعرضة للخطر”.
وبين في تصريحات صحافية: “انه نتيجة الحركة السريعة للعملات ستؤثر هذه الضريبة سلباً على اداء الشركات لأن هامش أرباح قطاع الصرافة يعتبر ضئيلا مقارنة بالقطاعات المالية الآخرى كالبنوك والشركات المالية الكبرى”.
واشار الى انه: “يجب تعديل القانون وفصل شركات الصرافة عن الشركات المالية والإكتفاء بنسبة ضريبة لا تتجاوز 20 بالمئة وخصوصاً إن شركات الصرافة تتحمل الضريبة بالكامل على عكس الشركات المالية الآخرى التي يمكن أن تزيد من أسعار خدماتها مقابل أي زيادة مفاجئة على نسبة الضريبة”.
وزارة المالية
من جانبها كشفت وزارة المالية ان اهم معوقات تحصيل المال العام يعود الى “قصور التشريع الحالي ووجود عدة مثالب قانونية تعتريه، ووجود نقص في البيانات الخاصة بالمكلفين وعدم وضوح عناوينهم”.
وبينت المالية في خطاب رسمي ارسلته لرئاسة الوزراء في شهر أغسطس “ان المكلفين يلجأون لاقامة دعاوى منع المطالبة، اضافة الى وجود حالات تتضمن وفاة المكلف وعدم وجود تركة له، او وجود مكلفين خارج الاردن وتمتعهم بجنسيات اجنبية”.
واشارت الى “ان ضعف التحصيل يعزى احيانا الى الفساد الاداري وتفشي الواسطة والمحسوبيات، ولجوء المكلفين لوسائل احتيالية لتهريب اموالهم، وعدم تجاوب البنوك التجارية بخصوص تنفيذ طلبات الحجز على الارصدة العائدة للمكلفين الصادرة عن وزارة المالية”.
من جانبه طالب رئيس الحكومة عبدالله النسور اللجنة الفنية المعنية بمتابعة وتسوية المطالبات على الاموال العامة امكانية الاستعانة بمحاكم خاصة لتنفيذ المهام الموكلة لها خاصة في ظل اخفاق دائرة ضريبة الدخل في تحصيل 2.1 مليار دينار مترتبة على مكلفين.
وتشير الارقام أن اجمالي المبالغ التي تم تحصيلها من خلال لجنة التسويات وقرارات مجلس الوزراء المتعلقة بإجراء التسويات المالية مع المكلفين قد بلغ حوالي 116 مليون دينار بواقع 80 مليون دينار لدائرة ضريبة الدخل والمبيعات و36 مليون دينار لدائرة الجمارك.
وتكشف ارقام وزارة المالية ان حجم إيرادات دائرة ضريبة الدخل والمبيعات بلغ 2.82 مليار دينار منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر نوفمبر 2013، وسجلت الإيرادات الضريبية ارتفاعا نسبته 9.6 % في العام 2012 إلى 3.032 مليار دينار مقابل 2.764 مليار دينار في العام 2011.
صندوق النقد
مطالبات صندوق النقد للاردن كانت متكررة في تقاريرها الاخيرة، حيث طالبت الحكومة الاردنية مطلع 2013 بضرورة تفعيل عملية التحصيل للمبالغ الواردة في القضايا المكتسبة الدرجة القطعية والتي مرت في مراحل التقاضي كافة والبالغة 1.7 مليار دينار عن طريق التنفيذ الجبري والبيع بالمزاد العلني.
ويدعم الصندوق الخطط الحكومية لاعتماد قانون معدل لضريبة الدخل بهدف زيادة الإيرادات، حيث انتقد الصندوق في تقاريره انخفاض ضرائب الدخل الشخصي ودخل الشركات في الأردن مقارنة بالمنطقة والبلدان الأخرى، كما ان نسبة لضريبة الدخل على الافراد في الأردن تبلغ حاليا 14 بالمئة، ما يجعلها الأدنى في المنطقة، فيما تبلغ نسبة ضريبة دخل الشركات الرئيسية في الأردن تبلغ حاليا 14 بالمئة، وهو ما ينطبق على الشركات في غير القطاع المالي وقطاع الاتصالات اللذين يطبقان نسبة أعلى، وهذه الضريبة أقل من مثيلاتها في البلدان الأخرى في المنطقة.
وطلب صندوق النقد الدولي من الحكومة تقديم مشروع قانون ضريبة الدخل الى مجلس النواب ليتم اقراره قبل نهاية عام 2013 بهدف تحقيق وفرا نسبته 1% من الناتج المحلي الاجمالي او ما يعادل 260 مليون دينار.
الا ان الصندوق حذر في احد تقاريره من تطبيق تصاعدية النسب الضريبية على الشركات بسبب المخاوف من تقسيم الشركات الكبرى، فوجود تصاعدية نسب الضريبة على الشركات سيحفزها لانشاء شركة جديدة لتجنب تصاعدية نسب الضريبة بدلا من التوسع ضمن الشركة الحالية.
البنك الدولي
واوصى البنك الدولي الاردن في شهر نوفمبر بضرورة التحقق من جانب الإيرادات، من خلال إجراءات فورية تتعلق بالإعفاءات والمتأخرات الضريبية التدابير الأكثر إنصافاً إقتصاديا وإجتماعيا.
وشدد على اهمية وقف تراكم المتأخرات الضريبية، وتحصيل المتأخرات القديمة، وإلغاء الإعفاءات الممنوحة في العام 2008 فيما يخص الضريبة العامة على المبيعات والرسوم الجمركية.
تم إعداد هذا التحقيق من قبل فريق مشروع حوكمة، وهو برنامج اعلامي استقصائي أطلقته مؤسسة طومسون رويترز في الاردن بالشراكة مع شبكة “أريج” إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية.
Leave a Reply