(الاغتصاب الزوجي) ... جريمة يتجاهلها القانون وتبرر اجتماعياً

7 يناير 2017

تحقيق: آية نبيل

أصوات مصرية -تعالت أصوات الشجار أثناء الليل من منزل زينب. خ في مدينة الخصوص بمحافظة القليوبية الصيف الماضي. لم يأبه الجيران كثيراً، فقد اعتادوا على المشاجرات الليلية بين زينب (32 عاماً) وزوجها أحمد. ر (36 عاماً).

بعد احتدام الشجار، سرعان ما خفتت الأصوات. لكن النهاية كانت مختلفة هذه المرة. فقد غادرت الزوجة تحت جنح الظلام إلى منزل شقيقتها. وفي الصباح عثرت الشرطة على الزوج جثة هامدة.

أثناء الاستجواب بقسم شرطة الخصوص، اعترفت زينب أنها ضربت زوجها على رأسه بيد المكنسة أثناء المشاجرة. وقالت إنها فاض بها الكيل من محاولاته المتكررة، وهو تحت تأثير المخدرات، ممارسة العلاقة الزوجية رغماً عنها.

وفي يوليو الماضي، حررت الشرطة محضراً بالواقعة تحت رقم 3398 إداري 2016. فقد الزوج حياته، والزوجة أضحت وراء القضبان بانتظار المحاكمة بتهمة القتل العمد.

تعرف زينب أن ما فعله زوجها بها من ممارسة العلاقة الزوجية قسراً، ليس مجرّماً في القانون الذي لا يعاقب الزوج إلا في حالة محاولة إجبار الزوجة على العلاقة الزوجية من الدبر، ويعتبره هتكاً للعرض بموجب المادة 269 من قانون العقوبات، بشرط أن يثبت ذلك تقرير الطب الشرعي.

حالة زينب ليست الوحيدة بين النساء في مصر واللواتي لا يمكنهن طلب الطلاق بسبب الشكوى من “الاغتصاب الزوجي” إذ لا يعترف المشرّع بهذه التهمة. في الوقت الذي تعتبرها قوانين عالمية جريمة اغتصاب ولاتختلف في بعض الدول عن الاغتصاب من قبل رجل غريب. بينما في مصر فليس أمام الزوجة التي تعاني من هذا الاغتصاب المشرعن، إلا رفع دعوى خلع تتنازل فيها عن مستحقاتها مقابل إنهاء الزواج. ووفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية في 2013 شمل عدة دول منها مصر، فإن 35% من النساء يتعرضن لعنف جنسي من أزواجهن.

لم تلق زينب سوى الزجر من أهلها حين شكت انتهاكات زوجها. اعتبروا أن له أن يفعل بها ما يشاء بحكم فهمهم للتقاليد والدين. النهاية المأساوية لحياتها الزوجية ليست سوى قمة جبل الجليد الذي تراكم من معاناة زوجات مصريات أخريات، وثق هذا التحقيق عشر حالات منهن.. تختلف الأسماء لكن المعاناة واحدة.

الضرب مقابل الجنس

طوال ست سنوات من الزواج لم تكن داليا (اسم مستعار) تجرؤ على الهروب أو الشكوى من عنف زوجها، وتلذذه بإجبارها على ممارسة العلاقة الزوجية حتى لو كانت مريضة أو متعبة.

العنف الجنسي هو أي علاقة جنسية، أو محاولة للحصول على علاقة جنسية، أو أيّ تعليقات أوتمهيدات جنسية، أو أيّة أعمال ترمي إلى الاتجار بجنس الشخص أو أعمال موجّهة ضدّ جنسه باستخدام الإكراه بقترفها شخص آخر مهما كانت العلاقة القائمة بينهما وفي أيّ مكان. ويشمل العنف الجنسي الاغتصاب، الذي يُعرّف بأنّه إدخال القضيب، أو أي جزء من الجسد أو أداة خارجية أخرى، في الفرج أو الشرج بالإجبار أو الإكراه.

في المرة الأولى التي شكت لأهلها، تلقت “علقة ساخنة ” بالحزام من أخيها الأكبر، الذي اتهمها بأنها ستلوث شرفهم إذا تناثر الحديث حول شكواها. فاض بها الكيل حينما جاءها زوجها منتشياً بجرعة مخدرات وأصر على مواقعتها، وهي تعاني من أوجاع الحمل. أوقعها أرضاً وضربها على بطنها، وبشق الأنفس استطاعت أن تفلت من يديه، وتحبس نفسها في غرفة ابنتهما الوحيدة حتى الصباح. هذه المرة تفهمت والدتها التي كانت انفصلت عن والد داليا شكوى ابنتها، واستضافتها في منزلها، لكن المحامين أكدوا أن خلاصها الوحيد هو رفع قضية خلع.

أما أمل (اسم مستعار) فكان الجرح القطعي الذي تسبب به زوجها في رأسها ، حينما حاول ممارسة الجنس معها عنوة بعد خمسة أيام من ولادتها القيصرية، سببا في انقاذها. فالتقرير الطبي كشف أن الإصابة في منطقة خطيرة قد تؤدي إلى الموت، فأصبح الزوج يواجه اتهاماً بمحاولة قتل زوجته. استغلت أمل الوضع لتتخلص من معاناتها على مدى عشر سنوات زواج، وخيرته بين الحبس أو التنازل عن المحضر مقابل الطلاق والالتزام بالإنفاق على بناتهما الثلاث.

محلياً،لا توجد جهة قامت برصد الاغتصاب الزوجي في مصر، سوى المسح الصحي السكاني عام 2014 والذي تم تنفيذه تحت إشراف وزارة الصحة على مستوى كل محافظات البلاد، وقد رصد أن 4% أي نحو (267) من السيدات المتزوجات في عينة البحث، البالغة 6693 سيدة، تعرضن للعنف من أزواجهن بغية ممارسة الجنس عنوة.

وقالت 30 % ممن انفصلن عن أزواجهن – بحسب نتائج المسح السابق – إنهن تعرضن لهذا العنف مرة واحدة على الأقل، وهي نسبة مقاربة لما ورد في تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2013، والذي أجري في عدة دول بينها مصر، ورصد أن 35% من النساء يتعرضن لعنف جسدي أو جنسي من أزواجهن.

ثقافة مكرسة

في استبيان عبر الإنترنت، تلقت معدة التحقيق على مدى أسبوعين ردوداً من 12 سيدة، تحدثن جميعاً عن تعرضهن لاغتصاب من قبل أزواجهن.واشتركن في استخدام ثلاث كلمات “الألم والإهانة والضعف”.

لم تكن الاستجابة للاستبيان بسهولة، فبعد أسبوع من نشره تقريباً على أحد المجموعات الخاصة بالأمهات الحاضنات على موقع التواصل الاجتماعي” فيس بوك”،لم ترد أي إجابة. لكن بعد نشر تأكيد على عدم نشر أي بيانات شخصية، وإمكانية إخفاء الاسم الحقيقي، وردت في خلال 3 أيام 12 استمارة من أعضاء المجموعة.

ولم تجب أي سيدة بصورة مباشرة عن عدد مرات تعرضها للاغتصاب.

د. فادية أبو شهبة، أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، قالت إن الثقافة المجتمعية في مصر “ذكورية”، تعتبر أن العلاقة الزوجية حق للرجل في أي وقت إذا أراد، وليس للزوجة أن ترفض مهما كانت الأسباب.

تصف أبو شهبة الإحصائيات الميدانية لرصد الاغتصاب الزوجي مجتمعياً بأنها”ذات أرقام مطموسة” لا ترصد سوى 10% من الحجم الحقيقي، وأن الزوجة لا تبوح به إلا بعد مدة طويلة، حينما تشعر بأنها لم تعد قادرة على تحمل الضرر النفسي أو الجسدي.

ناهد عمارة، مسؤولة الدعم النفسي بمركز قضايا المرأة، أوضحت أن الشعور بالذل والانكسار، هو أبسط الأضرار النفسية التي قد تصيب الزوجة نتيجة إجبارها على العلاقة.

 

وأضافت أنه وفقاً للحالات التي قابلتها، فالأضرار النفسية التي تصيب المتزوجة لا تختلف عن المغتصبة العادية، ويمكن أن تتدهور الحالة لتجعل مواطن اللذة في كمون تام لا يحدث لها إثارة، وهؤلاء غالباً من يتهمهن أزواجهن بالبرود الجنسي.

تفسيرات مغلوطة

كل الحالات التي وثقها التحقيق اتفقت على أن الزوج كان يستخدم الدين لتبرير سلوكه العنيف، وإجبار الزوجة على العلاقة بدون رضاها.

لكن محمد حمودة، إمام مسجد الصديق في سوهاج، والمشارك في حملة تطوعية للتوعية بمخاطر العنف ضد المرأة، قال إن الله تعالى بين شكل العلاقة الزوجية بشكل صريح في القرآن حينما قال “وانكحوهن بالمعروف”. وأضاف أن الإسلام نهى عن مواقعة المرأة أثناء الحيض والنفاس، كما نهى عن المواقعة من الدبر لأنها مخالفة للفطرة. وأشار إلى أن الحديث النبوي يقول “لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول.” قيل وما الرسول يا رسول الله، قال “القبلة والكلام”.

وقال حمودة إن ضعف الثقافة الدينية أدى إلى تفسيرات مغلوطة يستخدمها الناس على أهوائهم. وأضاف “قبل أن يستخدم الزوج الأحاديث التي تتحدث عن حقه الشرعي واجب عليه أيضا أن يقرأ في حقوق الزوجة، وألا يقحم الدين في ذلك”.

الوضع يزداد سوءاً في المناطق الريفية ومحافظات الصعيد التي أظهرت أرقام المسح السكاني الصحي أن حالات العنف الجنسي الزوجيبها تجاوزت 50% بين من المنفصلات عن أزواجهن.

وأظهرت دراسة للاتحاد النوعي لمناهضة العنف ضد المرأة والطفل، أجريت في الفترة من منتصف 2012 حتى منتصف 2015، شملت 700 أسرة في مركز أخيم بمحافظة سوهاج، أن 80% من الزوجات يتعرضن لعنف جنسي زوجي.

وقالت أسماء نشأت، المدير التنفيذي السابق لجمعية خدمات ليدا بسوهاج، إحدى الجمعيات التي شاركت في الدراسة السابقة، إن وعي الزوجة بحقوقها غير متوافر في تلك المجتمعات. وأضافت أن الزوجة “تخاف أن تشكو من تصرفات شاذة يجبرها عليها الزوج،لأن المجتمعات المغلقة المحافظة على وجه الخصوص، تعد معرفة الفتاة بالأمور الجنسية سبّة في حقها واتهام بأنها لا تتمتع بالحياء”.

من خلال مركز المرأة للإرشاد والتنمية القانونية، والذي يعمل في نطاق محافظات شمال الدلتا، وصلت إلى سميرة – اسم مستعار – والتي تقطن في قرية بريف محافظة الدقهلية في دلتا النيل. وقالت سميرة إنها لا تريد الانفصال عن زوجها حرصاَ على أطفالها، لكنها لا تستطيع منعه من تكرار إجبارها على ممارسة العلاقة الزوجية. وتقول إنها أصيبت ذات مرة بنزيف، وفي مرة أخرى بإلتهابات شديدة، وكانت تداوي نفسها بنفسها “ذات مرة أجبرني على ممارسة العلاقة، وأنا في دورتي الشهرية، وقال لي بلامبالاة: استخدمي القطن لوقف النزيف”.

وأضافت “إيه الفرق بين ايلي بيحصل معايا وايلي بيحصل لأي واحدة يتم اغتصابها، أنا طول الوقت قرفانة من نفسي ومنه، هو بيدور على متعته وأنا مش مهم”.

المستشفيات ودور الرعاية

وأظهر توثيق الشهادات خلال التحقيق، أن الزوجة إذا لجأت لمستشفى لعلاج إصابات نتيجة الإجبار على ممارسة العلاقة الزوجية، لا يمكنها اثبات هذا السبب في التقرير الطبي.

إذ تقول د. إيمان عبد الله، اخصائية النساء والتوليد في مستشفى المطرية التعليمي، إنها استقبلت إحدى الحالات، كان الزوج يمارس ضدها العنف الجنسي باستخدام يده،لدرجة أدت لتهتك في جهازها التناسلي الداخلي. قدم المستشفى لها العلاج لكن لم يمكنه اتخاذ اجراءات أخرى ضد الزوج، طالما أنها حالة سيدة متزوجة. وأضافت أن التقرير الموثّق من المستشفى لإثبات الاعتداءات الجنسية، يصدر فقط في حالة اغتصاب أنثى من غير زوجها، ويكون ذلك بناء على محضر في قسم الشرطة.

عدم اعتراف الدولة بالعنف الجنسي ضد الزوجة يجعل أيضاً البيوت الآمنة للنساء -وهيتسعة بيوت تخصصها وزارة التضامن الاجتماعي لاستقبال الناجيات من العنف- لا تستقبل الزوجات المتعرضات للاغتصاب الزوجي، إذ لا تعده نوعاً من العنف.

اتصلت معدة التحقيق بالخط الأرضي الذي تخصصه وزارة التضامن الاجتماعي لشؤون المرأة، وتستقبل من خلاله الاستفسارات عن الخدمات التي تقدمها للمعنفات ومن ضمنها البيوت الآمنة. وفي مكالمة مسجلة، قالت للموظفة المسؤولة إن صديقتي تبحث عن بيت آمن لأن أهلها لا يساندونها في حين تتعرض للعنف الجنسي من زوجها.ردت الموظفة بأنها لا تفهم المشكلة. وتساءلت مستنكرة “هو مش جوزها؟ من حقه يعمل اللي هو عايزه.. إن شالله 20 مرة في اليوم. ده مش العنف اللي بنستقبله”. واعتبرت الموظفة أن صديقتي لا تصنّفك حالة معنّفة تدخل في نطاق البيوت الآمنة، ونصحت بأن ترفع صديقتي قضية خلع إذا كانت لا تحتمل الحياة مع الزوج.

غياب قانوني

محمد كارم، مقرر اللجنة الثقافية بنقابة المحامين، أوضح أن المادة 60 من قانون العقوبات تقول أن مواده لا تنطبق على أي فعل تم ارتكابه بحسن نية، لذا فالعلاقة الزوجية تخرج تماماً من مواد القانون، لأن عقد الزواج وفقاً لقانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000، هو وثيقة تبيح للرجل الاستمتاع بزوجته وفقاً للشرع، وهو ما يجعل “الاغتصاب الزوجي” خارج نطاق المادة 267 من قانون العقوبات الخاصة بالاغتصاب.

وأضاف أن عدم وجود قانون يجرم هذه الأفعال، يجعل الزوجة لا تستطيع تحرير محضر شكوى ضده، وبالتالي لن يصدر لها تقرير من الطب الشرعي لإثبات الأمر. وقال “إذا أرادت الانفصال، فليس أمامها سوى الخلع”.

ويقضي الخلع وفقاً للمادة 20 من قانون الأحوال الشخصية،بتنازل الزوجة عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردّ الصداق الذي دفعه الزوج.

وقالت انتصار السعيد، مديرة مؤسسة القاهرة للتنمية، إن عدم وجود أي إجراء قانوني يحمي الزوجة من هذه الانتهاكات، يجعل الحل الوحيد أمامها هو الانفصال مما يهدم الكثير من الأسر. وأضافت أن المعاناة الأسوأ تكون في حالة السيدات اللائي لا يقدرن على تحمل التكلفة الاقتصادية للخلع فيؤثرن الصمت والتحمل.

ويأتي ذلك رغم توقيع مصر على اتفاقية الأمم المتحدة لمنع كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). و التى تحفظت فيها مصر على أربعة مواد في الاتفاقية، وهي المادة الثانية والفقرة الثانية من المادة التاسعة والمادة 16 والفقرة الثانية من المادة 29. وتدور كل التحفظات على ضرورة ألا تخالف تلك المواد مبادئ الشريعة الاسلامية، خاصةالمادة 16 التي تتحدث عن أمور خاصة بالزواج والعلاقة بين الأزواج.

ووفقا للمادة 93 من الدستور المصري، تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا للأوضاع المقررة.

المجتمع المدني حاول من جانبه وضع مشروعات قوانين تجرم العنف الجنسي الزوجي. وعمل مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب وهو منظمة غير حكومية على مشروع قانون في 2008 تضمن إنشاء وحدات خاصة في كل أقسام الشرطة بها شرطيات وطبيبة نسائية ووكيل نيابة، على أن يكون حق الإبلاغ لكل من علم بالانتهاكات، مع وضع آليات لحماية سرية المبلغة.

ونص مشروع القانون على إمكانية إثبات الانتهاكات بتقرير الطب الشرعي وشهادة الشهود مثل الجيران أو الأبناء أو الأقارب. وتدرجت العقوبات المقترحة من إجراءات الحماية مثل إبعاد الزوج عن مكان الواقعة لفترة يحددها القاضي، وفرض فترة خدمة عامة، إلى إجراءات عقابية في حال تكرار الجريمة.

وقالت ماجدة عدلي، مدير مركز النديم ومنسق برنامج دعم النساء الناجيات من العنف، إنه بمجرد الإعلان عن مشروع القانون قامت حملة مضادة قوية باعتباره يخالف الشرع والدين، فتوقف المشروع في البرلمان وقتها. وأضافت “قدمناه في 2010، وتم قبوله، لكنه توقف بعد ثورة 2011، ولم يتجدد الحديث عنه من قبل التشريعيين”.

ومن جانبه، أعلن المجلس القومي للمرأة منذ 2013 عن إعداد مشروع قانون للعنف ضد المرأة، وقدمه مؤخراً في بداية الدورة البرلمانية الحالية والتي بدأت في الثاني من اكتوبر الماضي.

لكن مشروع قانون المجلس، والمنشور الكترونياً، لم يتضمن أي مادة خاصة بالعنف الجنسي الزوجي.

د. إيهاب الطماوي، أمين سر اللجنة التشريعية بالبرلمان، قال إن المجلس قد يناقش مشروع قانون المجلس القومي للمرأة في الدورة البرلمانية الحالية. وعند سؤاله عن قضية العنف الجنسي الزوجي، قال الطماوي إنه لا توجد قضية بعينها يركز المجلس عليها، لكنه تعهد بأن يتضمن القانون الجديد كافة الحقوق التي نص عليها الدستور للمرأة ومناهضة التمييز ضدها.

لكن طوال فترة انعقاد المجلس خلال الدورة البرلمانية الأولى، لم يطرح أي من نوابه قضية العنف ضد المرأة.

ويتشابه هذا الفراغ القانوني لوقف الانتهاكات ضد المرأة مع عدد من الدول العربية الأخرى.

وتبدو تونس الدولة الوحيدة التي بدأ البرلمان فيها اتخاذ موقف واضح من العنف الزوجي ضد المرأة، فبعد أن خرج مفتى الجمهورية السابق حمدة سعيد، في ديسمبر 2015، في حوار مع وكالة تونس افريقيا للأنباء، ليحرم بشكل قاطع ” الإكراه على الجماع ” بين الزوجين، تقدم نواب حزب النهضة، في آخر أكتوبر الماضي، بمشروع قانون جديد لمنع العنف ضد النساء، مازال موضع النقاش، وينص بشكل صريح على تجريم الاغتصاب الزوجي، وهو ما لا يتضمنه قانون العقوبات التونسي حاليا، حيث يتعامل مع وثيقة الزواج – مثل الموقف المصري – على أنها وثيقة تقر رضا الزوجة عن العلاقة الزوجية.

والاغتصاب الزوجي مجرم في تشريعات دول غربية منذ فترة طويلة، مثل فرنسا التي أصدرت عام 2010 قانوناً صريحاً يتعلق بالأعمال المرتكبة بين الأزواج، ويسمح لقاضي شؤون الأسرة بأن يصدرعلى وجه الاستعجال أمراً لحماية الزوجة بالأبعاد المكاني للزوج المعتدي على زوجته في ثلاث جنح من ضمنها الاغتصاب الزوجي.

ذات الأمر في القانون الأمريكي، ففي عام 1993، كانت 50 ولاية والعاصمة واشنطن سنت قوانين ضد الاغتصاب الزوجي، وتساويه ولايات بالاغتصاب من غير الزوج.

وفي اكتوبر الماضي، قبضت قوات الشرطة الألمانية على زوج سوري، اتهمته زوجته بالاغتصاب الزوجي، وهو أمر مجرم في القانون الألماني أيضاً. وقال الرجل أمام المحكمة أنه لم يكن يعلم أن الإجبار على العلاقة الزوجية مجرّم في المانيا وتعهد للمحكمة بأن زوجته إذا قالت “لا” بعد ذلك، فهي تعني “لا”.

أنجز هذا التحقيق بدعم من شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) -www.arij.net وبإشراف الزميل عماد عمر


تعليقاتكم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *