إقامات مزوّرة "تحت الطلب"

7 أكتوبر 2015

معدا التحقيق يصدران إقامة لسيدة سورية متوفية منذ عامين
“فادي” دفع 5500 جنيه مقابل “إقامة مزوّرة”
تحقيق – محمود عبدالرحمن ومارية الزايد

الوطن – لم يأخذ الشاب السوري فادي – ذو الـ 28 ربيعا – الأمر على محمل الجد في بداية الأمر. ظنّ أن ضابط الأمن في مطار القاهرة يمازحه حين خاطبه “أنت ممنوع من دخول مصر”. لكن سرعان ما كشف هذا الشاب خطأ تقديراته، فنظرات ذلك الضابط التي اعقبت حديثه لا تشي بأي نوع من (الهزار) المزاح.
وابل من الأسئلة بدأ يتزاحم إلى ذهن فادي – العائد إلى مصر في 21 تموز/ يوليو 2014 قادما من تركيا: “ما السبب؟ ماذا سيحدث لي؟ وإلى أين أذهب؟”.
لم يتمالك فادي نفسه. سأل ذات الضابط عن السبب ليخبره الأخير بأن إقامته مزورة فهي “غير مسجلة ضمن الأرقام الرسمية في أجهزة أمن المطار”.
لم يكن أمام فادي أي خيار سوى العودة لتركيا، إذ لا تفرض السلطات هناك أي قيود على دخول السوريين.
فادي وصل إلى مصر بعد اندلاع احتجاجات سوريا في مارس/ آذار 2011، حينها لم يكن هناك أي قيود على دخول السوريين ولم يكن السوري يحتاج إلى إقامة سياحية للبقاء في مصر.
بتاريخ الـ 8 من تموز/يوليو 2013، أي بعد أيام على عزل الرئيس محمد مرسي، تغيّرت الأمور، إذ قررت السلطات ضبط إقامات السوريين لأسباب أمنية. وبحسب التعليمات الجديدة يمنع دخول أي سوري لا يحمل إقامة رسمية (زواج، دراسة، استثمار)، أو حاصل على تأشيرة سياحية مدعمة بموافقة أمنية مسبقة بحسب وزارة الداخلية.
هذه التعليمات فتحت الباب أمام سماسرة مصريين وسوريين يعملون على مساعدة السوريين على تمديد إقاماتهم السياحية خلال أيام بدلا من الانتظار لشهر لإنتهاء الأجراءات البيروقراطية أو إستصدار إقامات مزوّره بإستخدام أختام مسروقه من أقسام الشرطة المختصة بمنح الإقامات أو تقليدها في ورش تصنيع الأختام المنتشرة في وسط العاصمه، بحسب ما يكشف هذا التحقيق الاستقصائي الذي إستغرق إعداده نحو 11 شهرا.
زبائن السماسرة كثر، فعدد السوريين في مصر يتراوح ما بين 133 ألف لاجئ سوري مسجل بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين من إجمالي 300 ألف سورياً يعيشون في مصر طبقاً لتقديرات الحكومة المصرية.
الإقامات الإكثر تزوير هي التي تتم بختم على جواز السفر لتسهيل حركة حاملها داخل المحافظات والمرور عبر الإكمنه الإمنية، إذ لا مجال لإكتشافها لغياب توفر أجهزة الكشف الرسمية المستخدمة داخل صالات المغادرة والدخول في المطارات. فهي غالبا بدون رقم رسمي في سجلات وزارة الداخلية.
تكلف الإقامة الواحدة نحو الخمسة آلاف جنيه، بما يعادل مبلغ 650 دولار تقريبا. بالمقارنه مع الرسوم المدفوعة للحصول على الإقامة الرسمية وهي حوالي 180 جنية/ 23 دولار.
عصابات تزوير الإقامات تنتشر في أماكن تجمع السوريين مثل “الرحاب”، و”أكتوبر”، و”العاشر من رمضان”.
الشاب فادي – يعمل في جمعية أهلية تعنى بتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين في القاهرة – اضطرر للسفر إلى سوريا لاستخراج أوراق رسمية لعائلته بتاريخ 27 نيسان/ أبريل 2014. وكان لابد من عمل إقامة رسمية حتى يتمكن من العودة للقاهرة. يقول “أرشدوني لشخص بمنطقة 6 أكتوبر، يجلس على قهوة شهيرة، يلقبه الناس بـ “محمد معاملات”. كان يعمل إقامات بسرعة لأن الإقامة كانت تأخد شهر على أقل تقدير في وضعها الطبيعي”. ويضيف: “طلب منّي جواز السفر وأكد أن إقامتك ستكون جاهزة بعد يومين، مقابل 2500 جنيه مصري (350 دولار أمريكي) كرسوم يدفعها لمعهد لغات في الإسكندرية لأنه سيسجل اسمي فيه صوريا”.
كما طلب مبلغ 3000 جنيه (400 دولار أمريكي) أجور معاملات وطوابع وسفر للإسكندرية. يوم 30 نيسان/ أبريل 2014 حصل فادي على جوازه مختوما بإقامة دراسية تنتهي بتاريخ 1 أيلول/ سبتمبر 2014. لكن فادي يقول إنه لم يكن يعلم أنها مزوّرة.14.” 

 

إطار – 1

فادي – مواليد مدينة حمص، وحاصل على شهادة في الإعلام من جامعة دمشق – كان يعمل في إحدى الجمعيات الأهلية المعنية بتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين في القاهرة، لكن قرار منعه أثر بشكل كبير على حياته، لأنه فقد عمله، و أثر على حياة عائلته أيضا المؤلفة من فتاتين ووالدتهم فهو المعيل الوحيد لهم. والأمر الأهم أن العائلة تشتت وتعرفوا على فصل آخر من فصول المعاناة.
فادي لم يكن يعلم أن إقامته مزورة لأن السمسار طلب منه صورة مصدقة من الخارجية السورية والسفارة المصرية والخارجية المصرية عن شهادة الثانوية العامة وصور شخصية مدعيا أن التسجيل في معهد أوكسفورد سيتم بطريقة رسمية وله قيود في المعهد.
حينها، كان يحمل فادي إقامة سياحية وبعد أن صدر قرار فرض اقامات رسمية على السوريين المقيمين في مصر لم يجد فادي سوى هذه الطريقة لإستصدار اقامة بشكل سريع تخوله من السفر والعودة.

أسامة 24 عاما، أمضى في القاهرة ستة أشهر منذ قدومه إليها في شهر ديسمبر/ كانون أول من عام 2011. رغب في السفر إلى ألمانيا للبحث عن فرصة عمل هناك بعد تشجيع بعد أصدقاءه له، وبالفعل التحق بالعمل ببعثة من إدارة الهجرة واللجوء الألمانية ضامناً عودته إلى القاهرة وقتما يشاء بحسب الإقامة الدراسية التي إستصدرها عن طريق سمسار مقابل 500 دولار أمريكي من قسم النزهة بمصر الجديدة بتاريخ 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2014.
يتذكر أسامه أن السمسار سلّمها له بعد أربع ساعات فقط من الانتظار وسط ذهول السوريين الجالسين على رصيف قسم الشرطة منذ عدة أيام. إطار 2
يقول أسامة: “ما كان فيه أي شروط عند السمسار حتى تحصل على إقامة دراسية، كان يعمل إقامات لجميع السوريين من مختلف الأعمار ودون أي وثائق دراسية سابقة تخولهم الدخول للجامعة المزعومة، بمجرد إنك تعطيه جواز السفر والفلوس هتكون إقامتك جاهزة وبالوقت المتفق عليه.”
قرر أسامة العودة إلى القاهرة ضمن بعثة من إدارة الهجرة واللجوء الألمانية لتشجيع العائلات السورية على الانتقال للعيش في ألمانيا. غير أنه لم يكن يعلم أن أقامته مزورة إلا حين فاجأه أفراد الأمن في مطار القاهرة بمنعه من الدخول.

مكث أسامة 24 ساعة داخل حجرة حجز المطار برفقة 47 سوريا آخرين بذات التهمة، وأخبرهم ضابط الأمن بقرار ترحيلهم بسبب إقامتهم غير المسجلة في سجلات وزارة الداخلية المصرية. ومنها عاد أسامة إلى تركيا.

اطار – 2
أسامة، من مواليد مدينة دمشق، حاصل على شهادة في علم الإجتماع من جامعة دمشق، غادر دمشق بعد أن تم قصف منزله،ثم استقر وعائلته في القاهرة وقام بدراسة اللغة الألمانية رغبة منه باللجوء إلى ألمانيا.
بعد أن حصل أسامة على الإقامة الألمانية قررعلى إثرها العودة الى مصر ضمن بعثة من إدارة الهجرة واللجوء الألمانية لتشجيع العائلات السورية المتواجدة في مصر على الانتقال للعيش في المانيا، ليتفاجئ بمنع أفراد الأمن له في مطار القاهرة من العبور بسبب إقامته (المزورة).
لم يكن لدى أسامة أي أوراق رسمية تثبت أنه حاصل على شهادة الثانوية العامة أو شهادة جامعية فهو ترك أوراقه في منزله عندما فر وعائلته، لذا لم يلجأ للتسجيل بصورة شخصية واستصدار اقامة رسمية بل لجأ للسمسار عندما علم أنه يصدر اقامات دراسية للسوريين في جامعات خارج القاهرة لا تطلب من السوريين أي وثائق دراسية سابقة. ولم يكن أسامة يعلم أن مبلغ الـ 500 دولار الذي دفعه هو لإستعجال عملية استصدار الإقامة فقط

فادي وأسامة بين الآف السوريين في مصر ممن

حصلوا على إقامات مزورة بعضهم يعلم حقيقتها والبعض الآخر يعتقد أنها رسمية ولا يكتشف الأمر إلا في صالة المطار.
تمتنع وزارة الداخلية عن تزويد معدي التحقيق بأي معلومات حول عدد الإقامات المزورة التي تم ضبطها في مصر منذ دخول التعليمات الجديدة حيز التنفيذ – قبل أكثر من عامين. لكن عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض قاسم الخطيب يقدّر عددها بحوالي 20 ألف إقامة وهنّ في الغالب لمن لا يشملهم قوانين منح الإقامة في مصر والتي تشترط؛ أما لـ “الزواج أو التعليم أو الاستثمار”.
يفاقم ظاهرة الاقامات المزوّره، غياب الرقابة من قبل الأجهزة المعنية التي سمحت لسماسرة بامتهان بزنس تزوير الإقامات. تعقيدات المشهد تستمر. فمنذ صدور التعليمات الجديدة لم يعد بإمكان أي سوري دخول مصر دون الحصول على (تأشيرة) من السفارة المصرية في البلد المتواجد فيها لمده ستة شهور غير قابلة للتجديد.
وقد يستغرف الأمر أحيانا أكثر من شهرين لأستلام السفارة الموافقه الأمنية المسبقة بسبب الأعداد الكبيرة لمقدمي طلبات الحصول على تأشيرات وأيضا الإجراءات البيروقراطية بحسب دبلوماسيين مصريين.
بعد إنتهاء مهلة الإقامة السياحية، تُعد إقامة أي سوري في مصر غير قانونية ولا يستطيع العودة إلى مصر في حال قرر مغادرتها، لذا يتطلب الأمر ألحصول على إقامة خاصة بـ (الدراسة أوالزواج أوالإستثمار) مدتها عام وتسمح لحاملها بالخروج والدخول إلى مصر بشكل قانوني.
التأشيره الخاصة بهذه الفئات الثلاث تتكون من استيكار بلاستيك بعلامة مائية وتكلّف 120 جنيها مصريا/ 16 دولار، ويستغرق استصدارها نحو 3 أسابيع وتكون عبارة عن ستيكار بلاستيكي يوضع على جواز السفر في حالة إقامة الزواج أو الاستثمار، أما الإقامة الدراسية فيتم ختمها على جواز السفر وهو الأمر الذي تسبب بكثرة تزويرها.
وبذلك يتحول الختم على الجواز إلى طريقة رائجة للتزوير بإستخدام مبررات الإقامة الدراسية والأختام المسروقة من مراكز الشرطة أو المقلده.
معدا التحقيق قررا خوض تجربة استخراج إقامة مزورة لإقتحام مافيا “ضرب” الأختام والإقامات بعد أن زودهم أحد الضحايا برقم سمسار سوري يعيش في مدينة السادس من أكتوبر.
تواصلا معه هاتفياً وأخبراه أنهما من طرف شخص سوري يعرفه جاء رده:… اتواصل معايا على (الواتس أب) وأنا هبعت لك تليفون حد هيخلص لك التأشيرة، بس خللي واحد سوري هو اللي يكلّمه عشان ما بيتكلمش مع مصريين”.
بعد دقائق، أرسل أرقام هاتف لسمسارين أحدهما مصري والآخر سوري. اتصلنا بهاتف السمسار المصري وذكرنا له أسم الشخص السوري، فقال: “لو عاوزين التأشيرة دراسية مطبوعة (توضع على ستيكار بلاستيكي يتم تزويره ويلصق على جواز السفر)، هاخد منكم أربعة آلاف جنيه/ نحو 510 دولار وهبعتها لكم بطريقتي. أما لو عاوزينها ختم على الجواز نفسه يبقى هتستنوا كم يوم على ما أقابل الباشا وأخليه يختمها”.

إطار – 3
العاملون في الحكومة او الهيئات العامة أو القطاع العام أو وحدات الحكم المحلي أو شركات قطاع الأعمال – كما يرخص لزوجاتهم وأولادهم
** العاملون بالقطاع الخاص او الاستثماري بموجب ترخيص عمل من وزارة القوي العاملة والتشغيل وزوجاتهم وأبنائهم أسوة بهم
** الدارسون بالجامعات والمعاهد والمدارس بناء علي شهادات القيد الدراسية
** الاباء والأمهات للطلبة الدارسين بالبلاد الحاصلين علي هذه الاقامة بغرض الدراسة
** الأجانب القادمون للبلاد للقيام بأعمال تطوعية على نفقتهم الخاصة
** زواج المصريات – يرخص لهم بالإقامة لمدة سنة بكفالة الزوجة المصرية
** الأبناء الذين تجاوزوا سن الرشد المرخص لهم في الإقامة بموجب تراخيص عمل من وزارة القوي العاملة والتشغيل
** الاباء والأمهات للمستثمر المرخص له في الإقامة الخماسية بكفالة الابن المستثمر ،بناء علي خطاب توصية من هيئة الاستثمار
** مطلقة المصري الحاضنة لأبناء مصريين
** الزوج والأبناء القصر للأجنبية المرخص لها بالإقامة المؤقتة بصفتها الشخصية .
** الذين يمتلكون عقارات بموجب عقود ملكية مسجلة في الشهر العقاري وزوجاتهم وأولادهم، بشرط الا تقل قيمة العقار عن خمسون ألف دولار أمريكي يتم تحويلها عن طريق أحد البنوك المصرية .

رفض السمسار المصري توفير أي معلومات عن “الباشا” الذي يقصده. أخبرناه بأن جواز سفرنا لا يحمل تأشيرة دخول، وافق دون أن يستمع للأسباب قائلاً: “ما ليش فيه، أنت لك عندي تأشيرة تاخدها مطبوعة أو مختومة، تديني الفلوس اللي اتفقنا عليها من غير ما تنقص ولا مليم، وبعدين أنت حر ولا تكلمني إلا لو فيه شغل”. ثم أرسل عبر تطبيق “الواتس أب” نموذجين للتأشيرة المطبوعة والختم للاطلاع عليهما وتحديد التي نرغب في استخراجها.

بدأ معدا التحقيق رحلة طويلة امتدت نحو شهرين للبحث عن جواز سفر منتهي الصلاحية، برفقة أحد المصادر الخاصة التي تم الاعتماد عليها في إنجاز مهمة التحقيق، انتهت العملية بالحصول على جواز سفر لسيدة سورية متوفية منذ عامين تدعى (سميحة عابدين عبدالله)، برقم إصدار 002-05-0065476، تاريخ الولادة 1/1/1926، مكان الولادة/ الشام، رقم الجواز N001401065، تاريخ الاصدار 10 /11/2005 فرع هجرة دمشق.
معدا التحقيق عادا للإتصال مرة أخرى بالسمسار المصري، الذي حدد موعداً في مساء اليوم التالي داخل مطار القاهرة الدولي لتسليمه جواز السفر ومبلغ ألفي جنيه.
حاولنا تقريب مكان المقابلة لكنه رفض بحجة أنه يعمل أمين شرطة داخل المطار ولا يستطيع ترك خدمته. وختم حديثه قائلا: “أنا ما باخدش جوازات سفر من حد غير جوّه المطار”.
عقب عدة مكالمات هاتفية دارت بين معدّي التحقيق والسمسار، تم الإتفاق في المكان المحدد داخل الصالة رقم 3/ مغادرين بمطار القاهرة القديم. حضر السمسار مرتديا زيا مدنيا. رفض الاستفاضة في الحديث وأخذ جواز السفر السوري وقال إنه سيعود للإتصال بنا مساءً. وانطلق ناحية صالة المسافرين من داخل المطار، تتبعناه لمعرفة موقع عمله لكنه اختفى بعد عبوره من أحد البوابات المخصصة للعاملين بالمطار فقط. وعندما حاولنا الدخول منعنا رجل الأمن المكلف بالخدمة على تلك البوابة قائلا: “دي مخصصة للعاملين في المطار فقط”.
بعد مرور ثلاثة أيام، هاتفنا ذات الرجل من رقم خاص وقال: “خلاص كله تمام، جهّز باقي الفلوس وأنا هبعت لك حد بالجواز، بس الفلوس هتزيد 500 جنيه لأن التأشيرة دي واخده رقم من الجوازات (مسجلة رسميا)، والباشا عاملها بنفسه”.
سألناه عن معنى حصولها على رقم بالجوازات، فأجابنا بأنها مثبت بها رقم إقامة حقيقي لشخص سوري آخر سبق وأن استخراج إقامة رسمية. عاودنا الاستفسار عن أهمية ذلك فأكد لنا إنه إجراء في حالة اكتشاف أمر تزويرها فأن ضابط أمن المطار من الممكن أن (يتلخبط) من هو صاحب الإقامة الرسمية الحقيقة وبالتالي يسمح له بالعبور.
في الموعد المحدد، حضر شاب سوري داخل سيارة أجرة نوع سوزوكي، سلّمنا جواز السفر وحصل على بقية المبلغ وغادر.
“إقامة مؤقته لغير السياحة”، بهذه العبارة كانت ترويسة الإقامة الصادرة عن مكتب جوازات مصر الجديدة سجل 219/38، صفحة 128 . وتنتهي إقامة هذه السيدة المتوفاة بتاريخ 31 /12/ 2015. إذ كلف إستصدار هذه التأشيره أربعة آلاف جنيهاً ونصف، ما يعادل 550 دولار تقريباً.

ذهب معدا التحقيق إلى قسم الجوازات بمجمع التحرير حيث غالبية الدوائر الحكومية، للتأكد من صحة الإقامة. قام معدا التحقيق بعرضها على موظفة الجوازات التي اعتذرت بأن دائرتها “غير مختصة”، وطلبت منّا الذهاب إلى مكتب المباحث المجاور لها في ذات المكان.
في مكتب المباحث، طلب منّا ضابط أمن برتبة عميد الاستفسار عن التأشيرة في المباحث الجنائية لذات السبب الذي سمعناه في الجوازات (عدم الاختصاص).
ذهبنا إلى مقر المباحث الجنائية بمجمع التحرير وأخبرنا مديره عميد شرطة أن بحوزتنا إقامة سورية نريد التأكد من صحتها فسألنا مستنكراً: “همّه السوريين وصلوا لكم أنتم كمان؟ اكشفوا عليها في القسم اللي طالعة منه، أو هات صاحب الشأن نفسه وجواز سفره علشان نفحصه”.
يقول مسؤول الجالية السورية في مصر راسم الأتاسي إن اللاجئين السوريين في مصر واجهوا مشكلتين أولهما: تأشيرة الدخول، وثانيهماً: التدقيق والتشديد على الإقامات من قبل أجهزة الأمن، الأمر الذي تسبب بتفرقة أسر سورية بعضها يعيش دون معيل. كما ساهمت التعليمات الجديدة بشأن إقامة السوريين بمزيد من المعاناة.
الاتاسي يتحدث عن دفع السوري في بداية الأمر مبلغاً زهيداً مقابل تأمين دوره في صف الجوازات. لكن الأمر تطوّر لاحقا . إذ بدأ مصريون بعرض تأمين إقامات لكل من يود أخذها، مقابل دفع آلاف الجنيهات، للحصول على ختم إقامة على الجوازات. ويؤكد بأن “غالبية السوريين لا يعلم شيئا عن الطرق الملتوية حيث أن النسبة الأكبر من حاملي الإقامات لا يعلمون أنها مزوّرة”.
من جهته، يرى أمين عام المنظمة العربية لحقوق الانسان علاء شلبي أن المشكلة سببها قصر مدة الإقامة التي تمنحها السلطات المصرية للسوريين بالرغم من طول فترة بقائهم في مصر ما جعلهم يتوافدون بشكل مستمر على أقسام الجوازات المزدحمة أصلا في عملية باتت تتطلب عدة أشهر لاستخراج اقامته الرسمية.
قبل عامين، تفاقم الوضع بحسبه حين تطلب الأمر الحصول على تأشيرة مسبقة من السلطات المصرية للسماح للمواطن السوري بالدخول إلى مصر.

إطار – 4
1- رسوم استصدار إقامة دراسية – 53 جنية ( 7 دولار) أقل من سنة – 83 جنية (10 دولار)لسنة كاملة.
2 – رسوم استصدار إقامة زواج – تمنح هذه الاقامة برسم قدره 203.10 جنيه (27 دولار أمريكي)
3 – رسوم استصدار إقامة مستثمر – 203.10 جنيه (27 دولار أمريكي)

يقترح “شلبي” الذي يمتلك معلومات تؤكد تورط سماسرة مصريين وسوريين في جرائم تزوير إقامات، أهمية تنسيق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مع السلطات المصرية، لوضع حلول بشأن السوريين الذين يتم احتجازهم في المطارات بعد اكتشاف اقامتهم المزوّرة، عن طريق تفعيل قرار “لمّ الشمل”.
شروط التقدم للتسجيل بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ليست معقدة، طبقا لما جاء على لسان “مروى هاشم” مساعد المسؤول الإعلامي، فعند وصول اللاجئ السوري إلى أرض مصر إذا اختار التسجيل مع المفوضية يحصل على موعد، ويقدم أوراقه “شهادة الميلاد، جواز السفر، دفتر الأسرة، بيان مدرسة أو جامعة، وأي وثائق رسمية متاحة” يحصل بعدها على الكرت الأصفر ويصنّف كـ “لاجئ”وهو بمثابة البطاقة الشخصية والعائلية له في تعاملاته مع الحكومة المصرية، ومن ثم يذهب إلى مجمع التحرير/ إدارة الجوازات والهجرة لأخذ إقامة سياحية مدتها ستة أشهر تجدد ثلاث مرات فقط، أي مدتها الإجمالية تصل إلى 18 شهراً مجانية يدفع فيها أسعار رسوم زهيدة، وبعد انتهاء مهلة الـ 18 شهرا يكون الخيار إما بالحصول على الإقامات الرسمية أو مغادرة مصر.
ووفق الخطيب فأن عديد السوريين في مصر يلجأون للحصول على إقامات مزوّرة وذلك لتسهيل دخولهم وخروجهم. الأمر الذي يجعل مروى هاشم تتسائل عن رفض باقي السوريين التسجيل والحصول على الكرت الأصفر بسهولة، ولدى سؤالها عن السبب أجابت: “ده سؤال يجيب عنه السوريون.”
مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية اللواء وائل عبدالودود رفض الرد على استفسارات معدي التحقيق عندما تحدثنا معه على هاتفه الخاص في شهر أبريل/ نيسان الماضي.
تواصل معدا التحقيق كذلك مع مسؤولي الإعلام في الوزارة بخطاب رسمي من “الوطن” موقع بخاتم رئيس التحرير يوم 1 أبريل/ نيسان 2015، وبعد انتظار مدة شهرين جاء رد الوزارة بشكل غير رسمي عبر الهاتف حين أبلغنا عضو في إدارة إعلام وزارة الداخلية أن ملف السوريين “سياسي، ويحظر على قيادات الداخلية التحدث به”.

أنجز هذا التحقيق بدعم من شبكة أريج (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية) www.arij.net .

 

 

 


تعليقاتكم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *