7 محارق تنشر غاز الديوكسين المسرطن على السكان المجاورين للمشافي
محارق في دمشق وحلب واللاذقية تعمل منذ عشرات السنين خلافاً للمعايير العالمية
وزارة الصحة تدعو لوقف استخدام المحارق بعد اتجاه دول العالم
حمود المحمود
11 مارس/آذار 2007 () –“يسمى الغاز القاتل أو السمّ الأصفر.. لتر واحد منه يكفي لإبادة مليون شخص في الحال وإصابة مليون آخر بالأمراض والعاهات”. هذه فقط “بعض” تأثيرات غاز الديوكسين Dioxin المسرطن الذي ينتج عن محارق النفايات الطبية.، كما تذكر المهندسة سونيا عباسي في بحثها الجامعي: (إدارة التفايات الطبية الصلبة).
ووفقاً للنتائج الموثقة التي وصل إليها تحقيق استقصائي قامت به صحيفة الثورة استمر ثلاثة أشهر فإن (7) محارق من أصل الـ(14 ) العاملة والمعلن وجودها في المشافي السورية، تخرق قوانين حرق النفايات الطبية ومعالجة الغازات الناتجة عن الحرق، ما يتسبب في نشر غاز الديوكسين على ماحولها من المناطق السكنية.
وهذه المحارق السبعة هي: محرقة مشفى الأسد الجامعي في دمشق، محرقة مشفى المواساة في دمشق، محرقة مشفى الأطفال في دمشق، محرقة المشفى الوطني في اللاذقية، محرقة مشفى الأسد الجامعي في اللاذقية، محرقة مشفى حلب الجامعي، محرقة مشفى ابن خلدون في منطقة الدويرينة في حلب).
14 محرقة مخالفة للشروط في سورية
وفقاً لآخر إصدار (للدليل العام لإدارة النفايات الطبية) نشرته وزارتا البيئة والصحة عام 1999 فإن عدد المحارق التي لازالت قيد التشغيل في سورية هي 14 محرقة جمميعاً “لاتحرق بدرجة حرارة مناسبة ولاتوجد فيها تجهيزات معالجة للغازات” بحسب المرجع ذاته.
وهذا مايؤدي-بحسب “دليل معايير الديوكسين والفيوران” الصادر عن منظمة الصحة العالمية-إلى تشكّل غاز الديوكسين الذي صنّفته الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) على أنه: “مصدر مؤكد لسرطان الإنسان”.
إذاً فقد كانت الجهات الرسمية التي أصدرت الدليل المذكور آنفاً (وزارتا البيئة والصحة) على علم منذ عام 1999 أنّ جميع المحارق المنتشرة في القطر تنشر غاز الديوكسين المسرطن على السكان المجاورين للمشافي. ولابد أنهم قرؤوا نشرة “إدارة نفايات الرعاية الصحية” الصادرة عن منظمة الصحة العالمية والتي ذكرت أن “الدراسات التي أجريت على السكان المعرضين للديوكسين والفيوران بسبب المحارق أثبتت تسببها بالسرطان”.
لكن مع ذلك لم يصدر أي قرار رسمي بمنع استعمال المحارق منذ ثمانية سنوات، أقلّه لان الجهات المعنية لازالت ترى ان استعمال المحارق ضرورة مرحلية للتخلص من مخلفات المشافي، ضمن الامكانات المتاحة، وقبل ان تتغير الاستراتيجية مرة اخرى لاعتماد وسائل اكثر ضمان للبيئة ولصحة الانسان، بحسب معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة المهندس صادق أبو وطفة.
أمّا السكان الذين تعرضوا لديوكسين هذه المحارق منذ إصدار التقرير عام 1999 أصبحوا الآن مهددين بتحلله في دمائهم، لأنّ درسات الصحة العالمية تذكر أن “العمر النصفي اللازم لتحلل الديوكسين في جسم الإنسان يقدر بسبع سنوات”.
كما نبّه التقرير الذي أصدرته جامعة برمننغهام البريطانية إلى أن “مخاطر الديوكسين الناتج عن المحارق قد تظهر باكراً أو تتأخر في الظهور على السكان المحيطين”.
شكاوى الجوار
ومع عدم صدور أي قرار رسمي بإغلاق هذه المحارق، كانت شكاوى السكان المجاورين كفيلة بإغلاق بعضها، بحسب ما قالته المهندسة رولا أبازيد رئيسة قسم النفايات الصلبة في وزارة البيئة.
و ذكر تقرير لمديرية تلوث المياه العامة صدر عام 2001 ان من بين المشافي التي أوقفت استخدام المحارق بسبب شكاوى الجوار: (مجمع مشافي ابن النفيس ومشفى الشامي الخاص).
من جهته قال المهندس رياض قابقلي المدير السابق لمعمل النفايات الصلبة في دمشق، أنه وحتى انتهاء مسؤولياته مع بدايات العام 2006 “كان قد أُبلغ من (جميع مشافي دمشق) أنها أغلقت محارقها منذ قرابة العشر سنوات”.
إلاّ ان تحقيق الثورة الميداني أثبت استمرار بعضها بالعمل وخاصة محرقتي المشفيين الأكبر في قلب دمشق (مجمع مشافي المواساة، مشفى الأسد الجامعي).
محارق مشافي جامعة دمشق
وفي رسالة ماجيستير أعدتها العام 2005 المهندسة سونيا عباسي في قسم الهندسة البيئية بجامعة دمشق، درست إدارة النفايات الطبية في المشافي التابعة لجامعة دمشق، وتناولت محارق النفايات في أحد فصولها واستندت على توزيع إستبيان رسمي على هذه المشافي كان من نتيجته مايلي: مشفى المواساة فيه محرقة لازالت تعمل بعد أعيدت صيانتها عام 2004 وعمرها خمسين عاماً تقريباً وهي تحرق نفايات المواساة ومركز الطب النووي ومركز جراحة القلب، كذلك محرقة عاملة في مشفى الأسد الجامعي عمرها 17 عاماً، ومحرقة في مشفى الأطفال تعمل لحرق الورقيات فقط بحسب إدارة المشفى وعمرها 25 عاماً تقريباً، وكذلك توجد محرقة في مشفى الامراض الجلدية لكنها معطلة بحسب المشفى).
كذلك أظهر استبيان البحث أن “جميع هذه المحارق” لاتوجد فيها أية تقنية لفلترة أو معالجة الغازات، ما يجعلها مصدراً للديوكسين في قلب دمشق بما فيها محرقة مشفى الأطفال التي تحرق الورقيات فقط، ونحن في ذلك نستند إلى نص من اتفاقية استوكهولم الذي اعتبر المادة المبيّضة الموجودة في الورق مصدراً للديوكسين أثناء معالجته بالحرق.
وهذا الأمر ينطبق أيضاً على ماذكره لنا مسؤولوا مشفى المواساة (د. شادية خضري-المديرة الطبية و المهندس محمد الحاج-مدير الشؤون الهندسية) من أن المحرقة تستخدم حالياً لحرق: المفروشات والورق والأضابير.
ويؤكد الكيميائي فؤاد العك مدير السلامة الكيميائية في الهيئة العامة للبيئة إمكانية صدور الديوكسين عن حرق هذه المواد بمافيها المفروشات أو أجزاء الجثث البشرية وبقايا العمليات نظراً لاحتوائها على الكلور “ولو بأجزاء بسيطة”.
وينطبق ماقاله، على ماسمعناه من إدارة مشفى الأسد الجامعي بدمشق حيث قال كلا من د.غسان حمّص-المدير الطبي و سامي حامد مسؤول السلامة الصحية أن المحرقة تعمل يومياً لحرق “أكياس الدم، علب الأدوية، الأجزاء البشرية، الشراشف الحاوية على إنتانات”.
ورغم أنهم يؤكدون أن درجة حرارة الحرق تصل إلى 1200 إلاّ أن عدم معالجة الغازات وحرق هذه المواد التي ورد ذكرها بالاسم في تقارير الصحة العالمية واتفاقية ستوكهولم، يعتبر كافياً لنشر الديوكسين.
ويؤكد مدير السلامة سامي حامد أنه “ضد استخدام المحارق لأنها تعتبر مصدراً للديوكسين المسرطن”.
محرقة مشفى حلب الجامعي
محرقة المشفى الجامعي وهو الأكبر في مدينة حلب لازالت عاملة. تحرق كافة “أنواع النفايات الطبية والبلاستيكية” وفقاً لكتاب رسمي زودتنا به المهندسة إيمان رئيسة المكتب الهندسي. رفعته بداية العام الماضي لرئيس جامعة حلب بناءً على طلبه لتقييم وضع المحرقة، تمهيداً لمحرقة جديدة سيجري الإعلان عنها عام 2007، كما قالت.
واستناداً إلى الكتاب وإلى الزيارة الميدانية للمحرقة الحالية وعمرها الحالي خمسة وعشرين عاماً فانها لا تحقق الحد الأدنى من درجة الاحتراق ولا توجد فيها أية فلترة أو معالجة للغازات.
وبالعودة أيضاً إلى “دليل معايير الديوكسين والفيوران” الصادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن هذه المحرقة تعتبر مولدة للديوكسين لمجرد “عدم التزامها بدرجة الحرق أو عدم معالجة الغازات والأخطر من ذلك لـ”حرق المواد البلاستيكية”” حيث تعتبر كل واحدة من هذه الحالات- بحسب دليل الصحة العالمية-مسبباً للديوكسين.
وفي حين تشير دراسات الصحة العالمية أن الديوكسين ينتشر لمسافة لاتقل عن عشرين كيلومتراً من الجهات الأربع للمحرقة، فإن موقع محرقة المشفى الجامعي على تلّة مرتفعة في قلب حلب يزيد من مسافة انتشار هذا الغاز المسرطن.
محارق مشفى ابن خلدون في حلب
أما المحارق الرئيسية التي تستخدمها مديرية النظافة في حلب لحرق جميع النفايات الطبية، فهما محرقتان صغيرتان في مشفى ابن خلدون للأمراض العقلية في منطقة الدويرينة قرب حلب.
وقد صادف زيارتنا لهاتين المحرقتين خضوعهما للصيانة بعد تعرضهما للحريق بسبب ماس كهربائي، إلا أن مسؤول النفايات الطبية والمشرف على المحرقتين سليم بيطار ذكر أنهما تعملان بدرجة حرارة تتراوح بين 1000-1200 درجة. وقال إنه مهتم باعتماد طريقة لفلترة الغازات إلاّ أن الجواب الرسمي كان يأتيه في كل مرّة هو: “عدم توفر اعتمادات مالية”.
وفي هذا السياق أكّد الدكتور عبد الحكيم بنود عميد كلية الهندسة التقنية في حلب ورئيس لجنة البيئة في نقابة مهنسي سورية، أن معظم المحارق العاملة في سورية-ومنها محارق حلب- تتساهل في الالتزام بدرجة حرارة الحرق التي يجب أن (تزيد) عن 1200 درجة كما قال، إضافة إلى ضرورة الاهتمام “بمعالجة الغازات وليس فقط فلترتها لتجنب الديوكسين”.
من جهته ذكر المهندس محمد حزّاني مدير النظافة في حلب ذكر أنه ضد استخدام تقنية الحرق للنفايات الطبية وأنه يدعو لاستخدام التقانات الجديدة الصديقة للبيئة كالتعقيم والتطهير
محرقة مشفى الأسد الجامعي في اللاذقية
في قلب مدينة اللاذقية تقع أهم محرقتين في أكبر مشفيين: (محرقة المشفى الوطني ومحرقة مشفى الأسد الجامعي):
محرقة مشفى الأسد الجامعي- بحسب المهندس المسؤول عنها عدنان اسماعيل- عمرها 22 عاماً تعمل بدرجة حرارة لاتزيد عن 800 درجة ولايمكن إيصالها للحرارة المناسبة ( 1200 درجة) لمنع الديوكسين، “لأنهم جربوا زيادة حرارتها، فتكسّر سيراميك الجدران في الغرفة المحيطة بها بدلاً من تكسّر الديوكسين”.
تعمل يومياً مدة ثلاث ساعات ولايوجد فيها أية فلترة أو معالجة للملوثات الصادرة عن مدخنتها.
ويضيف لهذه المعلومات المهندس محسن شريبا مدير معمل النفايات الصلبة في اللاذقية، أنه أجرى دراسة ميدانية ويومية على هذه المحرقة لمدة عشرة أيام فوجد أنها “لاتحرق بدرجة حرارة كافية للقضاء على الجراثيم والبكتيريا فضلاً عن الديوكسين، وأنها تحرق النفايات الطبية لكل من المشافي التالية: المشفى العسكري، بنك الدم، إضافة إلى نفايات المشفى ذاته”.
محرقة المشفى الوطني في اللاذقية
أما محرقة المشفى الوطني في اللاذقية فتعتبر حديثة إذ بدأ العمل بها في عام 2001 بدلاً من المحرقة القديمة. وهي- بحسب المهندس المسؤول هيثم زويفة- “تعمل مرتين يومياً ولمدة أربع ساعات وتحرق نفايات عدد من المشافي العامة والخاصة في اللاذقية إضافة إلى نفايات المشفى ذاته. درجة حرارة الاحتراق فيها تصل إلى 1000 درجة”.
إلاّ أن مدير معمل النفايات في اللاذقية محسن شريبا ذكر-في محاضرة له- أن درجة حرارة الحرق في هذه المحرقة هو فقط (600 للاحتراق الأولي و 900 للثانوي).
كما قامت وكالة جايكا اليابانية بدراسة لصالح وزارتي الإدارة المحلية والبيئة عام 2002 على هذه المحرقة -وكانت لاتزال جديدة حينها- فأكدت أن درجة حرقها ( 500 للأولي و850 للثانوي!!). ورغم هذا التضارب في درجات حرارة الحرق في هذه المحرقة، فإنها جميعاً مخالفة لمعايير الصحة العالمية والتي اشترطت ألا تقل عن 800 درجة عند الاحتراق الأولي و 1100 للثانوي. وبالاطلاع على دفتر الشروط الفنية الخاصة بهذه المحرقة لم نجد أي شرط واضح يحدد درجة حرارة الاحتراق أو معالجة الغازات.
كما ” تعاني المحرقة من سوء تشغيل وسوء صيانة من قبل الشركة الصانعة، ولايوجد فيها أية تقنية لمعالجة الغازات”، وفقا للمهندس زويفه.
وفي دراسة أجراها الدكتور هيثم شاهين عميد المعهد العالي للبحوث البئية في جامعة تشرين، خلص إلى أن (جميع المحارق العاملة في اللاذقية) مخالفة للشروط التي تمنع نشر الديوكسين.
محرقة مشفى الأسد الجامعي في اللاذقية
في قلب مدينة اللاذقية تقع أهم محرقتين في أكبر مشفيين: (محرقة المشفى الوطني ومحرقة مشفى الأسد الجامعي):
محرقة مشفى الأسد الجامعي- بحسب المهندس المسؤول عنها عدنان اسماعيل- عمرها 22 عاماً تعمل بدرجة حرارة لاتزيد عن 800 درجة ولايمكن إيصالها للحرارة المناسبة ( 1200 درجة) لمنع الديوكسين، “لأنهم جربوا زيادة حرارتها، فتكسّر سيراميك الجدران في الغرفة المحيطة بها بدلاً من تكسّر الديوكسين”.
تعمل يومياً مدة ثلاث ساعات ولايوجد فيها أية فلترة أو معالجة للملوثات الصادرة عن مدخنتها.
ويضيف لهذه المعلومات المهندس محسن شريبا مدير معمل النفايات الصلبة في اللاذقية، أنه أجرى دراسة ميدانية ويومية على هذه المحرقة لمدة عشرة أيام فوجد أنها “لاتحرق بدرجة حرارة كافية للقضاء على الجراثيم والبكتيريا فضلاً عن الديوكسين، وأنها تحرق النفايات الطبية لكل من المشافي التالية: المشفى العسكري، بنك الدم، إضافة إلى نفايات المشفى ذاته”.
محرقة المشفى الوطني في اللاذقية
أما محرقة المشفى الوطني في اللاذقية فتعتبر حديثة إذ بدأ العمل بها في عام 2001 بدلاً من المحرقة القديمة. وهي- بحسب المهندس المسؤول هيثم زويفة- “تعمل مرتين يومياً ولمدة أربع ساعات وتحرق نفايات عدد من المشافي العامة والخاصة في اللاذقية إضافة إلى نفايات المشفى ذاته. درجة حرارة الاحتراق فيها تصل إلى 1000 درجة”.
إلاّ أن مدير معمل النفايات في اللاذقية محسن شريبا ذكر-في محاضرة له- أن درجة حرارة الحرق في هذه المحرقة هو فقط (600 للاحتراق الأولي و 900 للثانوي).
كما قامت وكالة جايكا اليابانية بدراسة لصالح وزارتي الإدارة المحلية والبيئة عام 2002 على هذه المحرقة -وكانت لاتزال جديدة حينها- فأكدت أن درجة حرقها ( 500 للأولي و850 للثانوي!!). ورغم هذا التضارب في درجات حرارة الحرق في هذه المحرقة، فإنها جميعاً مخالفة لمعايير الصحة العالمية والتي اشترطت ألا تقل عن 800 درجة عند الاحتراق الأولي و 1100 للثانوي. وبالاطلاع على دفتر الشروط الفنية الخاصة بهذه المحرقة لم نجد أي شرط واضح يحدد درجة حرارة الاحتراق أو معالجة الغازات.
كما ” تعاني المحرقة من سوء تشغيل وسوء صيانة من قبل الشركة الصانعة، ولايوجد فيها أية تقنية لمعالجة الغازات”، وفقا للمهندس زويفه.
وفي دراسة أجراها الدكتور هيثم شاهين عميد المعهد العالي للبحوث البئية في جامعة تشرين، خلص إلى أن (جميع المحارق العاملة في اللاذقية) مخالفة للشروط التي تمنع نشر الديوكسين.
أمراض المحارق بالتفصيل
ونظراً لعدم توفر التجهيزات والمختبرات اللازمة لقياس الديوكسين في أية دولة من دول الشرق الأوسط بما فيها سورية، بحسب ما قاله مدير السلامة الكيميائية فؤاد العك، فإنّ منظمة السلام الأخضر ( (Greenpeaceأجرت اختباراً حول الغازات المنبعثة من محرقة أحد المشافي اللبنانية (مشفى أوتيل ديو) في منطقة الأشرفية وسط بيروت في عام 2001 كنموذج للدول النامية. فثبت من خلال العينات التي أرسلت إلى مختبرات بريطانية متخصصة ارتفاع نسبة الديوكسين والمعادن الثقيلة.
كما أثبتت دراسات أجريت على السكان المجاورين للمشافي التي تحتوي محارق في كل من (فرنسا وبريطانيا وألمانية والسويد واسكتلندا) ارتفاع السرطانات والعقم والأمراض العصبية والهرمونية وتشوهات الأطفال.
وبعد تثبتنا من عدم وجود أية إحصائية رسمية عن انتشار مرض السرطان مناطقياً في سورية (أي كل منطقة ضمن دمشق مثلاً) لنتمكن من مقارنة نسبة السرطانات في المناطق المجاورة للمحارق مع غيرها. لذلك رجعنا إلى الأضابير الأصلية لمرضى السرطان ووسجلات الكمبيوتر في مشفى البيروني (مركز الطب النووي سابقاً). وبعد دراسة نماذج لكافة المراجعين خلال ستة أشهر عن كل عام من أعوام (2004-2005-2006) ظهرت نسب مرتفعة لمرضى السرطان في المناطق التالية مقارنة بغيرها (المزة القديمة -القريبة من محرقة مشفى المواساة، كفرسوسة-القريبة من محرقة مشفى الأسد الجامعي في مشق، منطقة الصليبة-القريبة من المشفى الوطني في اللاذقية، منطقة الشيخ ضاهر-القريبة من مشفى الأسد الجامعي في اللاذقية).
يقدم تحقيق الثورة بحسب خبراء البيئه مؤشرات تصلح لان يقوم الباحثين المختصين بتقديم دراسات علمية أكثر تخصصاً، علماً أن دراسة مماثلة قمنا بها حول المناطق المتأثرة بحرائق الغابات في محيط محافظة حماة، التقت فيها المؤشرات التي وصلنا إليها عن انتشار السرطان في منطقة شطحة مع تقييمات رسمية في نفس المنطقة.
وتلخص منظمة الصحة العالمية ومنظمة السلام الأخضر الدولية في تقريرين منفصلين الأمراض التي تنشرها المحارق عبر ملوثاتها التي تضم (الزئبق، الزرنيخ، الرصاص، الكادميوم..) إلى جانب الديوكسين: السرطان، السكري، التخلف العقلي، نقص المناعة، نقص الهرمونات الجنسية، أمراض عصبية، أمراض دماغية، أمراض في الرئتين، أمراض في الكليتين). كما أضافت “الرابطة الإيرلندية لأطباء البيئة” أن “الديوكسين مركّب من 210 مادة تعتبر شديدة السميّة وهي تسبب -إضافة إلى الأمراض المذكورة آنفاً- “ضياعاً في أعراض هذه الأمراض”.
نحو مزيد من المحارق
تبدو الجهات الرسمية في سورية جادة في العمل على الحد من انتشار الديوكسين حيث انضمت سورية عام 2005 لاتفاقية ستوكهولم التي تنص على الحد من الملوثات السامة وعلى رأسها الديوكسين. وصدرت نشرات رسمية تحذّر من حرق النفايات الطبية والجثث وعدم معالجة غازات المحارق لأنها الناشر الأساسي للديوكسين.
كما صدر القانون 49 الذي تضمن فصلاً كاملاً عن إدارة النفايات الطبية من أول مراحلها إلى آخرها وركّز على ضرورة معالجتها “بطريقة صحية وآمنة وسليمة بيئياً”.
واستكمالاً لهذه الخطوات أصدر السيد رئيس الجمهورية مرسوماً في 7/9/2006 حول (العوامل المسرطنة بشكل أكيد) وكان من العوامل المسرطنة مكونات الديوكسين.
وفي الوقت نفسه أوصت وزارة الصحة في العام 2005 باعتماد التعقيم البخاري (Autoclave ) بدلاً من المحارق في معالجة النفايات الطبية لكونه تقانة صديقة للبيئة وأقل تكلفة من المحارق التي تصدر الديوكسين، لا سيما ان كتاب الوزارة استشهد بأن 85% من المحارق الأمريكية أصبحت في طريقها للإغلاق.
بالرغم من ذلك تتجه الجهات الرسمية في سورية إلى شراء المزيد من المحارق ونشرها في مختلف مناطق القطر وفقاً لخطط ومناقصات أعدّت فعلاً وأصبحت جاهزة للتنفيذ. “
شهادات محلية من أطباء في الأورام والأطفال والعقم والعصبية
فيمايلي بعض المقتطفات من ابحاث اعدها أطباء مختصين في تأثيرات غاز الديوكسين (اسمه العلمي TCDD ) على صحة الناس:
– الدكتور عامر الشيخ يوسف-اختصاصي معالجة الأورام في مشفى البيروني المتخصص بالأورام وحائز على جوائز عالمية وبراءات اختراع في أبحاث السرطان: ” تفيد آخر الدراسات العالمية أن كل المواد المسرطنة أو السامة تشترط عادة حدوث درجة معينة من التعرض لها حتى يحدث التأثير، أما الديوكسين فهو المسرطن الوحيد الذي ليس له درجة، إذ يكفي التعرض له ولو لمرة واحدة حتى يستقر في جسم الإنسان لفترة طويلة…وهو ليس مسرطن فقط بل شديد السمّية ومسبب لأمراض أخرى..”.
– الدكتور جمال حسين-اختصاصي أمراض العقم: “من المؤكد أن الديوكسين يزيد انتاج مادة Inhbin التي تؤدي لتسمم الحمل وتخريب البيوض مما يتسبب بضعف الخصوبة والعقم أو الإسقاط المبكر للجنين..كما يؤثر على تطور الأقناد ممايزيد نسبة الإناث إلى الذكور..وقد جرت دراسة أثبتت تأثير الديوكسين على الأجنة، فتبين تسببه بخلل في الدماغ من حيث الذاكرة والقدرة على التعلم ويؤثر على الرئة والكبد وأمراض أخرى..”.
– د. فرحان ناصر المسالمة-اختصاصي جراحة الأطفال: ثبت أن من تعرضوا لهذه المادة ولو بالصدفة تعرضوا لتبدلات مناعية وتشوهات ولادية لاحقة..وتشير الدراسات أنه ينتقل عبر الغذاء بنسبة 95% وهو ما يشكل خطراً أكبر على مناعة الأطفال لتسربه إليهم عبر تناول الحليب وغيره من المواد الغذائية شديدة التخزين لهذه المادة…).
– د. سعيد يعقوب: اختصاصي أمراض عصبية: “يسبب تسمماً في الخلية الدماغية ويؤدي إلى خلل في استقلاب الخلية وتحول في لونها وتسممها..وينتهي إلى تأثير على النخاع الشوكي والدماغ واضطراب الوعي..”
Leave a Reply