حمودة مكاوي - "آخر راكب"

2013/12/3
التاريخ : 03/12/2013

الاول من يناير/كانون ثاني 2013، برد قارس يمزق المارة في مخيم الزعتري، سماء قاسية تهطل بثقلها لتسكب رذاذ من المطر بين الحين والآخر، على خيم مهترئة، الليل على الأرض قد حل، وبضع رجال وزوجاتهم يحملون اطفالاً خلسه ويوضعون في باصات صغيرة، سيارات “بك اب”، للخروج هربا من المخيم، أمام أعين رجال الأمن.
الطفل السمسار أحمد (15 عاماً)، هو من أشار علينا بفكرة التحقيق، صوته المثقل بالهموم وهو ينادي “اخر راكب.. آخر راكب.. تطلع تهريب.. تعال هربك من المخيم”، بلور لنا الفكرة، أثار فضولنا، اعتقدنا أن هناك قضية وقصة تحاك بين اللاجئ، السمسار، رجل الأمن، فتبعنا فضولنا لتكتمل وقائع التحقيق، ولنكشف عن التجاوزات الحاصلة داخل المخيم.
بدأ كاتب التحقيق بالعمل، بالبحث عن حالات “لاجئون سوريين هربو من المخيم”، بالتنسيق مع السماسرة التي تتعاون بدورها مع رجال الأمن مقابل مبالغ مادية متوسطة “50 دينار” لتهريب اللاجئين من المخيم، صعوبة الحصول على كفالة، صعوبة الأوضاع الصحية، الطبية، المناخية، أسباب كثيرة تدفع باللاجئ السوري إلى الخروج من المخيم مهما كان الثمن.
بعد ثلاثة أشهر من العمل، انضمت الزميلة حنان خندقجي، إلى الزميل حمودة مكاوي لمتابعة حيثيات التحقيق، عملت على زيارة مخيم الزعتري لأكثر من ثلاث اشهر في أوقات الزيارة ودخلت المخيم كزائرة وأخفت هويتها الصحفية، واستطاعت في نهاية الأمر الخروج هرباً من المخيم مع عائلتين بالتنسيق مع أحد السماسرة، مقابل 75 ديناراً للشخص.
كشف التحقيق عن فرار 54 الف لاجئ من مخيم الزعتري بالتواطؤ مع رجال أمن، وتحويل 5 رجال أمن إلى القضاء بتهمة تلقي رشاوى داخل المخيم.
وتكمن أهمية التحقيق، في كشفه عن التجاوزات الانسانية التي تمارس بحق اللاجئين السوريين بعد دخولهم لمخيم الزعتري، إضافة إلى حساسية الموضوع كون الحديث يتعلق بالاجهزة الأمنية الأردنية داخل حدود الدولة، التي ضربت شرف المهنة واخلاقها بعرض الحائط مقابل مبالغ مادية.
صعوبات كثيرة واجهت كاتبي التحقيق، بدءاً من صعوبات الحصول على معلومات، عدم تجاوب المسؤولين الحكومين، تضارب الأرقام الخاصة الصادرة بعدد اللاجئين السوريين داخل وخارج المخيمات من قبل الجهات المسؤولة، صعوبات الحصول على مقابلات وتخوف اللاجئين من الحديث للصحفيين عن طريقة هروبهم من المخيم.
أنجز التحقيق بثلاث نسخ “مرئي، مسموع ومكتوب”، وقد تعاونا في هذا العمل مع المخرجة الأردنية وداد شفاقوج، ايمانا منا بأهمية العمل المرئي، ودور الصورة في نقل الوقائع، والتوثيق.
بعد نشر التحقيق، أثار النائب تامر بينو خلال اجتماع لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب قضية التحقيق بحضور مدير إدارة شؤون المخيمات للاجئين السوريين العميد وضاح الحمود، واستهجن النائب أن يتم تهريب 54 الف لاجئ من المخيم فيما لم يحاسب سوى 5 رجال أمن بتهمة التواطؤ بعمليات التهريب.


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *