رأس عباس الضالعي مطلب المتحاربين

عباس الضالعي

"من يأتيني برأس هذا الكاذب الزنديق فله مليون ريال سعودي".

هذا ليس التهديد الأول والأخير لعباس الضالعي ردّاً على كتاباته في مواقع التواصل الاجتماعي، مذ وصلت رياح ما يسمّى الربيع العربي إلى اليمن عام 2011. "فيسبوك" و"تويتر" وسيلتا الضالعي للتعبير عن غضبه تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية. إذ ينتقد على جدرانهما السياسيين عسى أن يعود وطنه سعيداً.

يقضي هذا الشاب جلّ نهاره خلف شاشة حاسوبه. كان يظنّ أن مواقع التواصل الاجتماعي جاءت لمصلحة الصحافيين والناشطين، لتشكّل صدمة كبيرة للفاسدين. في مطلع 2012 نشر على مواقع التواصل الاجتماعي وثائق رسمية يدعّي أنها تكشف قضايا فساد لمسؤول كبير نهب أراضٍ ثمنها خمسة ملايين ريال يمني (24 ألف دولار). بعد أشهر تحوّل ادعاؤه إلى حقيقة. حوكم المتهم وصدر بحقه قرار قضائي يقضي باسترجاع الأراضي.

على أن فرحة عباس بهذه النتيجة سرعان ما تبخرت، وخاب ظنّه. إذ توالت عليه التهديدات بقطع لسانه ويديه. اختطف على يد أفراد من الحرس الجمهوري، وتعرض ابنه لثلاث محاولات اختطاف. يقول: "ندفع الضريبة للأسف ولا توجد جهات تحمينا".

أصبح رأسه المطلوب قاسماً مشتركاً للخصوم السياسيين. ما إن نشر رسماً كاريكاتورياً للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ينتقد سقوط محافظة عمران بيد جماعة أنصار الله، ومحاصرتهم لصنعاء، تلقى الضالعي اتصالاً هاتفياً من جلال هادي نجل الرئيس مهدداً: "باجي أسحلك أمام أسرتك".

لجأ الناشط الرقمي إلى النائب العام شاكياً ابن الرئيس، لعلّه يشعر وأسرته بالأمان. أيام وتحولت القضية إلى وزارة الداخلية لتنام في أدراجها منذ آواخر 2014 إلى الآن. هذا المآل أفقد الشاكي الأمل في تحقيق العدالة، وبات مقتنعاً بأن "ابن الرئيس ما بتحاكم".

أراد الضالعي من نشر الكاريكاتور توصيل فكرة ما حدث "أن عبد ربه منصور هادي كان جسراً للحوثي للعبور إلى صنعاء، وتسليم الدولة، لكنهم لا يريدون أن ننشر أي شيء".

صورة البلاغ للنائب العام

أرسل معد التحقيق في نهاية كانون الثاني الماضي سؤالاً مكتوباً إلى جلال هادي عن واقعة تهديده الضالعي، إلا أنه لم يجب.

في خندق مقابل، تلقّى الضالعي تهديداً بـ "التصفية" من المشرف السابق لجماعة أنصار الله المعروفة "بالحوثيين" في ذمار أبو عادل الطاووس. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي أمام كاميرات التلفزة، أعقبه اقتحام تسعة منازل لأقربائه وتفتيشها بهدف البحث عنه، وفق سردية.

عام 2015 اضطر الضالعي للسفر إلى الهند ثم إلى الأردن مع أطفاله الأربعة وزوجته ووالدته. يعيش الآن بلا دخل في عمان- أغلى المدن العربية معيشة بحسب مؤشر مجلة "الإيكونوميست" البريطانية. يقول هذا الطريد: "نحن هنا لا مغتربين ولا موظفين. العودة إلى اليمن صعبة، فلا يوجد قانون ولا سلطة. البلد يعيش في فوضى".

الضالعي ليس وحده من تعرض للتهديد، إذ سجّل 1026 انتهاكاً ضد صحافيين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بين 2015 و2017، وتوثيقها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، منها 120 حالة تهديد بالقتل.

2015
9
12
2016
2017
3
محاولات القتل لنشطاء مواقع التواصل الاجتماعي والصحفيين

تقر وزارة الداخلية في الحكومة الشرعية بوجود تجاوزات وانتهاكات نتيجة عدم توحيد الأطراف الأمنية العاملة على الأرض. ويقول رئيس دائرة التوجيه المعنوي والعلاقات العامّة في الوزارة عبد القوي باعش: "ليست هناك وزارة من وزارات الحكومة الشرعية مفعلة على الأرض، وهناك أخطاء تحدث من فترة إلى أخرى".

حكومة الإنقاذ الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله تقرّ أيضاً وجود انتهاكات بحق نشطاء التواصل الاجتماعي. يقول طلعت الشرجبي مدير مكتب وزيرة حقوق الإنسان في حكومة الإنقاذ: "نعيش ظروفاً استثنائية تجبرنا على التقصير". ويردف قائلاً: "وصلنا إلى مرحلة لم نعد نستطيع توثيق جريمة انتهاك مواطن يمني سفك دمه، وقتل وأزهقت روحه، فما بالك أننا لا نستطيع أن نحمي صحافيّاً كتب، أتمنى أن تكون هناك مراعاة".

تقول إشراق المقطري المتحدثة باسم اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان: "يبرز الخوف على نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بعد إغلاق الصحف ووسائط الإعلام المقروءة والمسموعة، وأصبح اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي خياراً".