تشخيص واهم

2019/06/16
التاريخ : 16/06/2019

قبل أعوام لفتت انتباهي تلك اللافتة الكبيرة المنصوبة على قارعة طريق عام، وقد كتب عليها، مركز أحباب الرسول للرقية الشرعية، وعند قراءة الاسم قفز إلى ذهني اسم الحراك الذي ظهر 2013 وقد هاجم أصحابه الكثير من النشاطين، واتهموهم بالإلحاد وأسألوا دماءهم.

بعد فترة أدركت أن تلك اللافتة ليست الوحيدة في نواكشوط، فقد ظهرت لافتات أخريات لمراكز مختلفة، حينها عرفت بأن ظاهرة  جديدة بدأت تظهر في صمت من الجميع.

أثناء بحثي في الموضوع، وصلت إلى شاب موريتاني، عمل مع يمني  صاحب مركز للرقية الشرعية في نواكشوط، ليكشف لي أنه جمع الكثير من المال، وغادر البلد، بعد ما جاءه لافتتاح مشروع مطعم.

في البداية أخبرني الشاب الكثير عن طريقة عمل اليمني، التي من بينها خلط حبوب النوم في المياه، للمرضى، دون علمهم، وإعطائها لهم، لمساعدتهم على النوم، غير أن الشاب اختفى بعدما أخبرته بأنني أريد التسجيل معه، ولم يعد يرد على اتصالاتي، ولا يجيب على رسائلي، علمت لاحقا، أن اليمني سوى معه المشاكل الشخصية من خلال تسديد المال له.

عند هذه النقطة عرفت أن الموضوع، يستحق أن يتم الاستقصاء فيه، من أجل كشف ما يحصل في هذه المراكز للناس والمسؤولين.

كانت الصعاب التي تواجهني كثيرة، ففي مجتمع تقليدي مثل موريتانيا، لا يجرؤ الكثير من الأشخاص على الحديث عن من يستخدمون الدين، إذ يعتبرونهم أبناء صالحين، أو يمكن أن يضروا أي أحد تحدث عنهم بسوء.

ضحايا هؤلاء كثر، لكن لا أحد منهم، مستعد للتحدث تحت أي ظرف، فمن بين الحالات التي  اشتهرت قضيتها، أمرأة كادت أن تموت بسبب الذهاب إلى هؤلاء، قبل أن يذهب بها أهلها أهل دولة مجاورة، وهناك أجروا لها عملية جراحية على وجه السرعة أنقذت حياتها، لكنها وأهلها رفضوا الحديث عن الموضوع رفضا باتا.

هذه الصعاب تنضاف إلى صعوبة رصد عدد مراكز الرقية التي يتخذ بعض أصحابها، من منازلهم الخاصة مكانا لها، وسرعة تنقلهم من مكان لآخر.

لكن ورغم ذلك استطعنا الحصول على حالات مؤثرة، وذلك عن طريق حديثنا مع العامة، وسؤالهم عن هذه المراكز، والناس التي تزرهم، فكان البعض يدلنا على من يرتادون أهل الرقية الشرعية، ونجحنا في إقناع بعضهم للحديث لنا.