نواب يخرقون القانون .. حين تصبح العضوية في المجلس التشريعي مصدراً للدخل الإضافي!

13 أغسطس 2013

غزة – يُمارس 18% من نواب قطاع غزة الـ 48 مهناً أخرى حرّة ويتقاضون دخولاً إضافية في خرقٍ واضح لقانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي ولنظامه الداخلي الذي يحظر عليهم العمل في أي مهنةٍ أخرى أثناء عضويتهم بالمجلس، بحسب ما كشف تحقيق استقصائي استمر ستة شهور.

 النواب الذين ينتمون إلى كتلتي التغيير والاصلاح (حماس) وكتلة فتح يعمل غالبيتهم في الطب والتدريس الجامعي.

ما يجنيه النائب من عمله غير التشريعي يُضاف إلى ثلاثة آلاف دولار يتقاضاها شهرياً من حكومة الضفة الغربية – في حالة نواب فتح –ومن حكومة غزة في حالة نواب حماس.

وبلغت الميزانية التي أقرتها الحكومة في غزة  لعام 2013 (897 مليون دولار) بعجز 654 مليون دولار، تغطّى من المنح والهبات.لكن ما يهمنا هو أن ازدواجية الدخل تضع المخالفين في مصاف أصحاب الدخول العُليا في قطاع يرزح غالبية سكانه تحت خط الفقر.

ويبلغ مجموع ما تقاضاه النائب الواحد في المجلس التشريعي تحت بند المكافأة منذ 2006 وحتى منتصف عام 2013 (267 ألف دولار). أي أن مكافآت النواب مجتمعين خلال هذه الفترة تصل إلى ( 35 مليون 244 ألف دولار).

المجلس في قطاع غزة

يتكون المجلس التشريعي كاملاً من 132 نائباً بالضفة الغربية وقطاع غزة.

حصة القطاع 48 نائبا انتخبوا من خلال نظامي الدوائر والقوائم، موزعين إلى 27 نائبا لقائمة التغيير والاصلاح التابعة لحركة حماس، و16 نائبا لكتلة حركة فتح، وثلاثة نواب مستقلين، وواحد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومثله لقائمة فلسطين المستقلة.

حسب النائب عن كتلة التغيير والاصلاح يحيى موسى  فان المجلس بغزة منذ الانقسام عام 2007 الى اليوم تنتظم فيه الجلسات بحضور كتلته بما لا يقل عن عشرين نائبا، أي بنحو 75% من عدد أعضاء الكتلة في القطاع، وبنحو 18% من كافة النواب.

ويقول موسى إن هناك تناوب بين اجتماعات اللجان والمجلس ككل، فاسبوع يكون اجتماع لجان والذي يليه يكون للمجلس، كما انه يكون كل اسبوعين اجتماع للكتلة البرلمانية بكامل عضويتها، وخلال الاسبوع يكون انشطة اعتيادية للنواب منها نشاطات في المكاتب وجولات ميدانية.

قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني رقم (10) لسنة (2004)، وتحديداً المادة (7) منه تنص على :”لا يجوز للعضو تولّي أي أعمال وظيفية أو استشارية لدى أية جهة كانت مقابل أجر”

وللوقوف على تفسير لهذه المادة من قبل رئاسة المجلس تواصلنا مع الدائرة الإعلامية للمجلس للحديث مع رئيسه بالإنابة د. أحمد بحر، إلا أن طلبنا قوبل بالرفض بحجة عدم وجود وقتاً لإجراء لقاءً صحفياً لن تزيد مدته عن عشرة دقائق.

لذا توجهنا إلى النائب عن كتلة التغيير والاصلاح ورئيس لجنة الرقابة وحقوق الانسان والحريات العامة في غزة يحيى موسى، الذي أوضح أن التفسير الذي اُتفق عليه داخل كتلة حركة حماس البرلمانية “التغيير والإصلاح” أنه لا يصح للنائب العمل بأي عمل له طبيعة وظيفية أو استشارية لدى جهة يتقاضى عليها أجر، وجرى التعميم بذلك.

مؤكداً :”بغض النظر عن حجم المقابل المادي سواء كبر أو صغر فهو ممنوع”.

في عيادة النائب عن كتلة حماس البرلمانية “التغيير والإصلاح” الدكتور خميس النجار، الواقعة أسفل منزله في خانيونس جنوب القطاع، وثّق كاتب التحقيق بالصوت والصورة كيف تقاضى الطبيب مقابلاً مادياً 30 شيقلاً ما يعادل (8,3 دولار) فيما كتب “روشيتة دواء” مروّسة باسمه وتخصصه، ومذيّلةً بعنوان ورقم تليفون منزله وعيادته، وموقّعةً منه.

ميزات النائب

يتقاضى النائب في المجلس التشريعي مكافأة شهرية قدرها (ثلاثة آلاف دولار)، في وقت بلغت فيه نسبة من يقل دخلهم من سكان قطاع غزة عن خط الفقر 67.1 %، وفقاً لتقرير مستويات المعيشة في الأراضي الفلسطينية الصادر عن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء عام 2011.وفق إحصاءات المركز عام 2012، فإن معدل الرواتب في قطاع غزة للقطاع العام بلغ 1866 شيقلا (أي ما يعادل 518 دولار)، وللقطاع الخاص 1323 شيقلا (أي ما يعادل 367 دولار).يحظى النواب ميزاتٍ مالية أخرى بنص القانون. فالمادة الرابعة من قانون المكافآت والرواتب تنص على أن “يستحق رئيس المجلس وأعضاؤه أو ورثتهم من بعدهم مبلغاً يساوي (12,5 %) من الراتب الشهري عن كل سنة قضّاها في المجلس بحد أقصى لا يتجاوز (80 %) من المبلغ الإجمالي المحدد للمكافأة الشهرية مربوطاً بجدول غلاء المعيشة، يُصرف شهرياً فور شغور مركزه ولهذه الغاية تحسب كسور السنة سنة كاملة”.

تنص المادة الثالثة من قانون مكافآت ورواتب اعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم (11) لسنة (2004) على ما يلي:

“فيما عدا رئيس الوزراء والوزراء يتقاضى عضو المجلس مكافأة شهرية قدرها ثلاثة آلاف دولار امريكي او ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا وتستحق المكافاة من تاريخ حلف العضو اليمين وحتى انتهاء فترة ولايته او شغور مركزه ايهما اقرب”.

أثناء الانتظار في الصالة، سبقتنا أربع حالات مرضية، كل منها دامت 15 دقيقة. وبالقياس على هذا المعدل من عدد المرضى، فإنه وخلال ساعتين ونصف من دوامه اليومي في العيادة يكون قد فحص نحو 10 حالات على الأقل، وبالتالي فإن مجموع ما يتقاضاه هذا الطبيب – مسؤول الملف الصحي ومقرر لجنة التربية والقضايا الإجتماعية في المجلس- يناهز 300 شيقل على مدار الساعتين ونصف ما يعادل (83 دولار). ويجني شهرياً 7800 شيقل ما يعادل (2166 دولار)، عدا أيام الجمعة.

بعد نحو أربعة أشهر، سأل كاتب التحقيق النائب/ الطبيب تحت القبة عن رأيه في العمل خارج إطار التشريعي. فأجاب:”ممنوع قيام النائب بعمل آخر، فالقانون يمنع العمل بوظيفة أخرى، لكن لنفترض أن جامعة بحاجةٍ إلى زميلٍ ذي تخصص نادر، فهو يستطيع بالتنسيق مع المجلس أن يأخذ ساعة أو ساعتين بدون مقابل. أما إذا كان بمقابل فهذا ممنوع”.

النائب النجار يُناقض الواقع بأقواله، فما أثبتناه بالأدلة القاطعة يؤكد عمله بعيادته الخاصة، وهذا ما تأكدنا منه سابقاً في اتصالنا الأول معه لتحديد موعد لزيارته داخل “عيادته”، إلا أنه ينفي أن لديه عيادة. لكنه يردف: “من يأتيني إلى بيتي لا أطرده، وأتقاضى الثلاثين شيقل لأن كثيراً من المرضى يأتوني ولا أتقاضى منهم مقابل، إلا أنهم لا يعودون للمراجعة لأنهم يخجلون، لو كنت أريد إجراء كشفية فلن تقل عن 100 شيقل”.

أما بخصوص تلقّيه كشفية، يتساءل د. النجار: “أتريد منع الناس من خبرتي النادرة (في أمراض الدم والباطنية)؟ إذا لم أستقبل أحد، فخطيّة كل المرضى في رقبتك”.

وجدنا بعد التقصي أن في غزّة أكثر من ثمانية أطباء يعملون بمثل تخصص الدكتور النجار.

توجّه معدّ التحقيق إلى عيادة الدكتور فيصل أبو شهلا النائب عن “كتلة حركة فتح البرلمانية”- البالغ عددها في غزة 16 نائباً- وهو استشاري في الباطنة والكلى وضغط الدم في ميدان الساحة وسط مدينة غزة.

اللافت أن النائب يجاهر في خرقه للقانون وافتتاحه لعيادته الخاصة وسط غزة، واضعاً عدة يافطات على مداخل البناية والعيادة، في مخالفةٍ لقانون المجلس التشريعي.

دخلت عليه متمارضاً ودفعت 50 شيقلاً (ما يعادل 14 دولار) مقابل الكشفية.

ورداً على سؤال عن عدم قانونية مزاولته لمهنته أثناء عضويته بالمجلس؟ أجاب أبو شهلا: “القانون لا يمنع الطبيب من ممارسة مهنته وعمله الخاص”، وأوضح أنه يستند في ذلك إلى استشارةٍ قانونية من مدير الدائرة القانونية بالمجلس التشريعي برام الله جمال الخطيب”.

الخطيب يؤيّد هذا الرأي وقال لكاتب التحقيق: “الأصل الإباحة، العمل الخاص -دون أن يتعارض مع عمل النائب بالمجلس التشريعي- لا دخل للمجلس به”. ويرى الخطيب في فتواه القانونية أنه لا يوجد نص يفرض على النائب التفرّغ بشكلٍ كامل. ويضيف: “دساتير بعض الدول الأجنبية تفرض على النائب تفرّغه وتمنع الجمع بين وظيفتين. أما هنا فالجمع ممنوع بين الوظيفة التنفيذية والتشريعية، أما الوظائف الخاصة فلا، والدكتور فيصل لديه عيادة وهو لا يخرق القانون”.

ويرى الخطيب أن النص القانوني الذي يقول بعدم جواز تولي النائب أي أعمال وظيفية واستشارية لأي جهةٍ كانت مقابل أجر “ينطبق على الموظف العادي ويُستثنى من ذلك بعض المهن المسموحة” حسب تفسيره “لقانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي”. وبالتالي فإن “مهن المحاماة والطب والتدريس الجامعي مسموحة، ولا يوجد نص لها، وبالتالي الاستثناء يحتاج نصاً محدداً”، حسب قوله.

على أن النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الدكتور حسن خريشة يرفض هذا التفسير. وهو يأخذ فقط بما ورد في النظام الداخلي للمجلس التشريعي، والذي ينص على أنه “لا يحق للنائب أن يعمل بغير وظيفته، إضافةً إلى عدم أحقيته بتقاضي سوى راتب واحد”.

وحول قانونية عمل النائب في مصلحة خاصة، يجيب النائب خريشة متسائلاً: “ألا يتقاضى عليها أموالاً؟ إذا كان مجاناً لا يوجد مشكلة، أما إذا كان يتقاضى أموالاً فلا يحق له، فالأصل أن يعمل النائب فقط بالمجلس أو وزيراً، وما قاله الخطيب لا قيمة له”.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح بالضفة الغربية البروفيسور عبد الستار قاسم هو الآخر يرفض كلياً ازدواجية العمل خارج التشريعي. وهو يفضّل عدم مناقشة مثل هذا الأمرخارج نطاق المجلس، معتبراً أن :”لا شرعية في الساحة الفلسطينية الآن لأحد، والقانون سائب وكل واحد يريد تفسيره وفق إرادته، ومن كانت لديه إرادة ينفّذ ما يريد، ومن لم تكن لديه إرادة يُداس بالأقدام”.

ويطالب قاسم باسترداد ما يتقاضاه النواب من أموال مقابل عملهم في المجلس بوصفها أموالاً للشعب الفلسطيني.

النيابة والأستاذية

في خرقٍ آخر، وقفنا على حقيقة أن “أحمد أبو حلبية” النائب عن كتلة التغيير والإصلاح يعمل أستاذاً في قسم الحديث الشريف بكلية أصول الدين بالجامعة الاسلامية بغزة، ومشرفاً ومناقشاً على أبحاث الماجستير في ذات الكلية وغيرها من الجامعات الفلسطينية والعربية، وهذا ما أثبتناه من خلال ولوجنا إلى موقع الجامعة الالكتروني، إذ أن اسمه وعمله مثبّت داخل صفحة الهيئة التدريسية بالقسم.

وبحسب مصدر مطلع على أنشطة د. أبو حلبية داخل الجامعة – يرفض ذكر اسمه – يناقش هذا الأكاديمي رسائل ماجستير ودكتوراه بالجامعة، فيما يتقاضى عن كل جلسة مناقشة 70 ديناراً أردنياً، أي ما يعادل (100دولار).

عمل الدكتور أبو حلبية في الإشراف على الماجستير ليس مقتصراً على الجامعة الإسلامية في غزة. فقد أقر أثناء لقاء أجريناه معه أنه أشرف على طلاب بالدكتوراه بالبرنامج المشترك بين جامعتي الأقصى الفلسطينية وعين شمس المصرية، إضافةً الى جامعة الجنان اللبنانية، وقال: “الأمور تسير معي على قدمٍ وساق في مجال الدراسات العليا، وأركّز في مجال التدريس والإشراف على الطلاب والطالبات الذين يتم تسجيل موضوعاتهم للدراسات العليا”

يؤكد النائب أن المشرف بالجامعة الإسلامية يتقاضى على الرسالة كاملةً منذ بداية التسجيل لها حتى مناقشاتها 600 دينار أردني، أي ما يعادل 900 دولار، أما بجامعة الأقصى فيتقاضى 600 دولار فقط، مضيفًا: “أما بجامعة الجنان اللبنانية، ( حيث كنت مشرفاً على طالب دكتوراه بتخصص الحديث الشريف عام 2012 وناقش أطروحته في شهر يناير كانون ثاني 2013)، فإن الجامعة تدفع للمشرف 500 دولار”

 ويقول النائب إن المناقش يتقاضى بالمتوسط في الجامعات الفلسطينية100 دولار، أما بالجامعة الإسلامية على وجه الخصوص فإنه يتقاضى 75 ديناراً أردنيا أي ما يعادل (107 دولار).

النائب يعترف هنا أن الجهد المبذول بإشرافه ومناقشته لرسائل الدكتوراه والماجستير كبير، وبالتالي فإن مساحة الوقت التي يفردها لعمله كبيرة جداً، فما هو الوقت الذي يبذله بعمله داخل المجلس التشريعي؟!!.

 ولدى مواجهة الدكتور أبو حلبية بهذا السؤال طالب بإغلاق الموضوع وعدم الحديث فيه مرةً أخرى، نافياً تقاضيه أجراً على إشرافه ومناقشته لرسائل الدكتوراه.

وطلب منّا حذف المقابلة الصوتية وعدم نشر ما قاله، مهدداً ايانا بتحمّل مسؤولية نشرها.

وثائق…

في الموقع الإلكتروني لعمادة الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية، وقفنا على عدد من الوثائقالتي تؤكد عمل مجموعة من النواب، وجميعهم من كتلة حماس البرلمانية “التغيير والاصلاح”، كأعضاء هيئة تدريسية ومشرفين ومناقشين في برامج الماجستير والدكتوراه بالجامعة.

الوثيقة الأولى بعنوان “دليل الدراسات العليا- الطبعة الرابعة عام 2012″، وفيهاأن نواب المجلس عن كتلة حماس “أحمد ابو حلبية” سالف الذكر و “سالم سلامة” و “خليل الحية” و “يوسف الشرافي” جميعهم من الهيئة التدريسية للماجستير في برنامج الحديث الشريف، وتستعين بهم الجامعة بنظام الساعة حسب الحاجة والضرورة.

النائب الشرافي، نفى أن يكون عضواً في الهيئة التدريسية في برامج الماجستير والدكتوراه بالجامعة الاسلامية، إلا أنه أكد إشرافه على ثلاث أو أربع رسائل ماجستير، مضيفاً: “هذا ليس ممنوعاً على الإطلاق، في المقابل درّست فصلاً مجاناً”

معللاً عمله كمناقش لرسائل الماجستير أنه ارتباط بالعلم، وأن الوقت الذييبذله في ذلكهو بعد صلاة الفجر، وهو ليس وقت العمل في المجلس التشريعي. !!

وحول مدى قانونية تقاضيه الأموال مقابل مناقشاته يقول: “القانون لا يقيّد هذه الأمور، فالتشريعي يقيّدك بالالتزام بالجلسات، وأنت مقيّد بأن تحضر كحد أدنى، ومع ذلك فإننا نحضر 100% من جلسات التشريعي”.

حاولنا التواصل مع النواب الآخرين، لإعطائهم حق الرد، إلا أن جهودنا باءت بالفشل..

أما قائمة الهيئة التدريسية لبرنامج التفسير وعلوم القرآن فقد احتوت على النواب من كتلة التغيير والإصلاح أيضاً “عبد الرحمن الجمل” و “مروان ابو راس”، وتستعين بهم كذلك الجامعة بنظام الساعة حسب الحاجة والضرورة.

النائب أبو راس نفى أنه ضمن الهيئة التدريسية بالجامعة الاسلامية، على عكس ما أثبتته الوثائق، وأفاد أيضاً أنه ناقش عدداً من الرسائل إلا إنه لم يتقاضَ أي مقابل عليها. ولم نستطع إثبات عكس ما أفاد به النائب أبو راس.

الوثيقة الثانية داخل الموقع بعنوان “دليل الدراسات العليا 2010- 2011” وتحتوي على رسائل الماجستير التي أُنجزت حتى عام 2011 وأشرف وناقش عدداً منها بعض النواب. تشير الوثيقة إلى أن، النائب الدكتور “سالم سلامة” كان مناقشاً خارجياً لثلاث رسائل ماجستير خلال عامي 2010 و2011.

أما النائب “عبد الرحمن الجمل” فكان في شهر سبتمبر من العام 2006 وبعد انتخابه بأشهر قليلة نائباً بالمجلس التشريعي، كان مناقشاً خارجياً لرسالة ماجستير، وفي عام 2007 كان مناقشاً داخلياً لرسالتين أخريين، وفي العام 2011 كان مناقشاً خارجياً لثلاث رسائل أخريات، أما في العام 2010 فكان مشرفاً ورئيساً للجنة المناقشة لرسالة أخرى. إضافةً الى أن النائب “يونس الأسطل” كان مشرفاً ورئيساً للجنة الإشراف على رسالةٍ واحدة خلال العام 2007.

حاولنا الاتصال بالنائب الجمل إلا أنه بداية لم يرد على أي اتصال منا. وبتواصلنا مع المجلس مباشرةً علمنا أنه خارج قطاع غزة، ما جعلنا نحاول الاتصال به مرة أخرى بعد فترة تزيد عن الشهر إلا أنه لم يرد أيضاً على اتصالاتنا حتى توقيت نشر التحقيق.

رئيس لجنة الرقابة وحقوق الإنسان والحريات العامة في غزة يحيى موسى قال: “بحثت كتلة التغيير والاصلاح موضوع العمل، وتم الإتفاق على أن أي ساعات والتي لا تزيد عن ثلاثة يتم إعطائها في أي جامعة أن تكون تطوعاً بدون أجر. والعمل التطوعي ألزمت فيه الكتلة جميع أعضائها، وهذا التعميم كان منذ أكثر من عامين”

 وعلى الرغم من أن ولاية المجلس التشريعي بدأت في منتصف العام 2006، أي قبل نحو سبع سنوات، فإن موسى يعتبر الخمس سنوات الأولى هي بدايات،  لذلك تمت مناقشة  ازدواجية العمل لدى بعض النواب قبل نحو عامين فقط على الرغم من ثبوتها لديهم واختراق بعضهم للقانون، وفق قوله.

ويوضح النائب موسى أن تقاضي أجر مادي مقابل خدمات يقدّمها النائب هو إساءة للمجلس، ويضع النائب في شبهات، مفضّلاً عدم العمل فيها أو تقاضي المال مقابلها، ومن بين تلك الخدمات التي يمكن أن يقدمها النائب للمواطنين، إن توفرت لديه، والتي يُمنع تقاضي مقابل عليها، هي مهنة الطب! وبذلك يكون النائب موسى أقر بشكل عام بمخالفة كل من النائبين أبو شهلا والنجار للقانون، حتى وإن لم يقل ذلك بشكل مباشر.

تنص المادة الثالثة من قانون المجلس التشريعي، وهي عبارة عن القسم الذي يؤديه النواب أمام المجلس قبل شروعهم بالأعمال: “أُقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن وأن أحافظ على حقوق ومصالح الشعب والأمة وأن أحترم القانون الأساسي، وأن أقوم بواجباتي حق القيام، والله على ما أقول شهيد”.

رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، الدكتور عزيز دويك، يوضح أن من يمارس ازدواجية العمل مخالف لبنود النظام الداخلي لعمل أعضاء المجلس التشريعي، ومن ثم يمكن لمكتب هيئة الرئاسة في هذه الحالة من خلال د. أحمد بحر نائب رئيس المجلس الذي يقوم في غزة بمهام رئيس المجلس، أن ينذره ومن ثم تقع عليه العقوبة ان استمر.

ممنوع.. لكن!!

ولأن محاولاتنا للتواصل مع الدكتور بحر باءت جميعها بالفشل، قابلنا رئيس لجنة الرقابة وحقوق الإنسان والحريّات العامة النائب يحيى موسى، الذي يقول: “لا يوجد في القانون واللوائح تفصيلات في عقوبة النواب الذين يعملون خارج إطار التشريعي، فالنصوص عامة ومبهمة”.

ويوضح موسى: “عندما وصل إلينا أن أحد النواب يمارس عملاً يمكن أن يعوّق عمل المجلس أو يمثّل خللاً فيه أو يسيئ إليه، فالمجلس له إجراءات مثل تنبيه هذا النائب ولفت انتباهه ومراجعته. أما العقوبات فليس لها نص محدد وواضح في عقوبة النائب، بمعنى: لا يوجد بالقانون عقوبة لذلك، لكن هذا يأتي بشكل أدبي ومن خلال الاتصال والمراجعة”.

على الرغم من بعض الشكاوى التي وصلت المجلس إلا أنه لم يقم بأية اجراءات من شأنها أن تمنع النواب من الاستمرار بمخالفاتهم.

للنائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة رأي آخر عن الإجراءات التي يمكن أن تتخذ بحق النائب مزدوج العمل. إذ يقول: “من يضع عقوبته هو المحكمة الدستورية، ومن ثم بإمكان أي أحد التقدم بالشكوى للنائب العام الذي بدوره يحيل إلى المجلس التشريعي المطالبة برفع الحصانة عن النائب، والمجلس بدوره يتخذ القرار بثلثي أعضائه، ومن ثم يُحوّل إلى المحكمة التي تقرر أن هذا منافٍ للقانون، وتقوم باتخاذ الإجراءات ضده ما بين الفصل والحبس لأنه فاقد للحصانة، إضافةً الى أنه بالإمكان التقدّم بشكوى إلى مؤسسة الكسب غير المشروع ومحاربة الفساد، لأن ما قام به النائب هو شكل من أشكال الفساد”.

د.عزمي الشعيبي مفوض الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة “أمان”،  الذي يعمل على تعزيز الشفافية والمساءلة وقيم النزاهة في المؤسسات الفلسطينية وأحد المساهمين في صوغ القانون الأساسي الفلسطيني، يقول: “عمل النواب يتعارض بين تفرغهم لأعمال المجلس وتمثيل المواطنين وبين الأعمال التي تتطلّب وقتاً وتدر دخلاً، لأنه يتقاضى مكافأة بدل التفرغّ، وإذا كان يريد أن يبقى دخله العادي بالمجلس على الأقل بعد التبليغ، يجب أن تنتقص منه المكافأة”.

ممارسة نواب التشريعي لأعمال ومهن أثناء فترة عضويتهم يفتح الباب على مسألة أخرى ذات علاقة بدخل النواب وما يتقاضونه من الحكومة مقابل عضويتهم. فمن المعروف أن المجلس معطّل بالأساس، فلماذا يستمرون أصلاً بتقاضي رواتبهم وهم لا يمارسون دورهم في التشريع والرقابة؟

يقول المستشار القانوني ومدير الدراسات في مركز الميزان لحقوق الإنسان الدكتور عدنان الحجار: “مطلوب منهم أن يؤدوا عملاً مقابل الأموال الضخمة التي يأخذونها من قوت المواطنين، وبالتالي يجب إعادة النظر في هذه المخصصات”.

تم اعداد هذا التحقيق بدعم من شبكة صحافيون من اجل صحافة استقصائية (اريج) وباشراف الاستاذ عبدالله السعافين. 


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *