موظفون يهدرون ملايين الدنانير عبر تعطيل معاملات والتلاعب بالتخمين

28 نوفمبر 2010

دخل المهندس غالب الجعفري صباح 12 آذار الماضي 2009م مكتب مديرية اراضي عمان الغربية بأمل انجاز معاملة شراء أرض استثمارية خلال ساعة, طبقا لوعود الإدارة وأنظمتها المعلنة. لكنّه اصطدم بإجراءات تعقيدية وتخمين غير واقعي لغايات احتساب الرسوم, ما دفعه في النهاية الى التخلّي عن فكرة الشراء.

تعقيدات يمكن تلافيها, ولكنهم أرادوا استغلالي بالتنسيق المبطن مع سماسرة مرتبطين بأشخاص داخل الدائرة, يقول الجعفري, وهو أحد المستثمرين في قطاع الشقق السكنية.

الكثير من التجار يعرفون خيوط اللعبة على حد وصف الجعفري: يدفعون لسماسرة هم على شكل مكاتب مرخصة لهم علاقة مباشرة مع موظفين يقومون بتخمين العقار بالقيمة الدنيا ويسرّعون إنجاز المعاملة على حساب الخزينة وسائر المتعاملين مع دائرة الأراضي.

آلية تعطيل مصالح الناس تكمن في أن مخمنين يؤخّرون موعد الكشف لأسبوعين أو ثلاثة أسابيع, ما يترك المراجع أمام خيارين; الدفع خارج القانون لتسريع الموعد أو اللجوء الى مكتب خارجي معتمد لدى الدائرة لمتابعة المعاملة في ساعات, على ما يضيف الجعفري.

ويربط الجعفري بين أصحاب هذه المكاتب وبعض الموظفين على قاعدة المنفعة المتبادلة.

لدى مواجهة أصحاب مكاتب وموظفين بهذه التهمة نفى الطرفان أن يكون الجميع متواطئ في عمليات فساد ورشوة. لكنهم أقرّوا بتورط فئة قليلة لافتين إلى أن القضاء برّأ كثيرين منهم بعد توقيفهم لمدد طويلة. وعزا هؤلاء ما يتم تداوله الى أخطأ غير مقصودة وليس إلى الفساد.

على أن المماطلة في إنجاز المعاملات تفتح الباب أمام دفع رشاوى. يرى الجعفري أن المبلغ الذي يدفعه الشاري بين 100 و200 دينار يشكل فرقا لدى مخمنين يعاين كل منهم ثلاثة الى أربعة عقارات في اليوم, أي ما قد يفوق راتبه الشهري. (أنظر إطار: آلية التحايل على إجراءات دائرة الأراضي وأنظمتها).

تجربة الفروقات

كان الجعفري اشترى قطعتي أرض متجاورتين بمواصفات متماثلة. ولكن تقديرات المخمنين حملت فروقات كبيرة, على غرار ما يحصل مع الشقق, حسبما يقول. يؤكد الجعفري انه لم يدفع رشاوى, مرجعا ذلك إلى كونه مستثمرا معروفا وعضوا في جمعية وعلى اتصال مباشر مع المسؤولين. لكنه يؤكد أنه يعرف الكثيرين ممن دفعوا لقاء إنجاز معاملاتهم, محملا الحكومة مسؤولية الخلل في التخمين وتلكؤ الموظفين في إنجاز المعاملات.

بحسب الآلية المتبعة في تخمين الاراضي, يطلب المراجع تخمين العقار الموصوف فيتم تحديد موعد للكشف فيحوّل المخمن – وهو مساح – الكشف إلى مكتب تقدير مرخص لدى الدائرة. يكشف المكتب على العقار مقابل 40 دينارا, ثم يعود المراجع الى دائرة الاراضي التي يتبع لها العقار حتى يصادق المخمن الرسمي على تقدير العقار.

مساومات ولكن..

هنا تبدأ مساومات المراجعين مع المخمنين سعيا لتحديد قيمة التخمين الدنيا. وفي حال تفاهم الطرفان, قد يصل الأمر بهما الى تغيير مواصفات العقار على الورق, بحيث تعظم السلبيات ولا تذكر الايجابيات. وفي بعض الاحيان قد يتغير العقار الموصوف. فإذا كان شقة سكنية بأربع واجهات حجر تستبدل في الورق واجهتين حجر وعن طريق إذن الاشغال الاول للبناية يتم تقدير عمرها.. وهكذا. أما اذا كان العقار أرضا خالية, يتم تصوير منطقة أخرى غير مخدومة أو وعرة على انها العقار المراد تقديره, هي كلها معطيات ستقلل من قيمة تقدير العقار وفق المواطن عبدالله محمود.

وفي حال دفع المواطن مبلغا آخر, ينصحه المخمن بالاعتراض, فيعاد تخمين العقار إلى قيمة أقل, ويظهر وكأن الموظف كان منصفا وأن المواطن متضرر.

التدقيق يؤكد والأرقام تتكلم

بدوره يقول الناطق الرسمي باسم دائرة الاراضي والمساحة خالد عبيدات إن الدائرة اكتشفت فروقات ب¯ 41 مليون دينار (59 مليون دولار) على شكل هدر خلال العام الماضي في صفقات بيع لأردنيين وأجانب. الهدر الأعلى ضبط في تقديرات بيوعات الأجانب إذ بلغ 40 مليون دينار (57 مليون دولار), مع أن نسبة معاملات الأجانب لا تتعدى 20% من إجمالي البيوعات في ذلك العام.

سجلات دائرة الأراضي كشفت حجم الهدر عام 2008 بعدد المعاملات ولم ترصدها بالدنانير. إذ تبين وجود خلل هدر في تخمين 859 معاملة في ذلك العام من اصل (145.328) معاملة بيع.

أما المهندس صقر المعايطة الذي عمل لفترة مذيرا عاما لدائرة الاراضي بالوكالة فيؤكد انه تم التعامل مع 1100 شكوى منذ مطلع العام الحالي تتصل بتأخير إنجاز معاملات وأيضا 424 اعتراضا على القيمة المقدرة للعقار والأراضي.

منذ ارتفاع الأسعار مطلع عام 2005 تضاعفت قيم التقدير. ولكن الدائرة لم تعد النظر بالتقديرات هبوطا بعد الأزمة المالية والانكماش الذي يضرب هذا القطاع منذ عامين.

وبحسب احصائيات صادرة عن دائرة الاراضي فقد بلغ حجم التداول في سوق العقار في المملكة خلال التسعة اشهر الاولى من العام الحالي 3.987 مليار دينار بارتفاع بلغت نسبته 31 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من عام .2009

وبحسب التقرير الصادر عن دائرة الاراضي والمساحة فقد بلغ حجم التداول في سوق العقار في المملكة خلال الشهر الحالي 480 مليون دينار بارتفاع بلغت نسبته 56 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من عام .2009

وبلغت ايرادات دائرة الاراضي والمساحة خلال التسعة اشهر الاولى من العام الحالي 177.272 مليون دينار علما بان قيمة الاعفاءات خلال هذه الفترة بلغت 74.360 مليون دينار.

اما ايرادات الدائرة خلال الشهر الماضي 14.899 مليون دينار علما بان قيمة اعفاءات شهر ايلول الماضي بلغت 15.416 مليون دينار منها 7.278 مليون دينار قيمة اعفاءات الاراضي وبنسبة 47 بالمئة و8.138 مليون دينار قيمة اعفاءات الشقق وبنسبة 53 بالمئة من قيمة الاعفاءات.

وبلغت قيمة الاعفاءات من تاريخ قرار مجلس الوزراء 20/5/2009 القاضي بتخفيض الرسوم على الاراضي والشقق, وقرار مجلس الوزراء بتاريخ 20/6/2010 الذي ينص على اجراء تخفيضات اضافية لتنشيط سوق العقار وحتى الان 100.857 مليون دينار.

وبلغ عدد بيوعات العقارات لمستثمرين غير اردنيين خلال التسعة اشهر الاولى من العام الحالي 3136 معاملة: منها 1559 معاملةً للشقق و1577 معاملةً للاراضي, قيمتها السوقية 232.985 مليون دينار بارتفاع بلغت نسبته 33 بالمئة مقارنة للفترة نفسها من العام الماضي منها 124.399 مليون دينار للشقق وبنسبة 53 بالمئة و108.586 مليون دينار للاراضي بنسبة 47 بالمئة للاراضي.

التملص من دفع الرشاوى

المواطن عبدالله محمود (45 عاما) كان يحاول التملص من دفع الرشوة لحلحلة معاملته. وفي الشارع المحاذي لدائرة الاراضي في اللويبدة كان كمن يدور حول نفسه, يقول: هناك فساد كبير في التخمين.

يضرب محمود مثلا: لنفترض أن قطعة الأرض ب تساوي وفق ما يماثلها 100 ألف دينار, ولكن ما يجري ان المخمّن المعتمد التابع لدائرة الاراضي او المسّاحين يهبط بسعرها الى النصف.

أحد الأساليب المتبعة لدى مخمنين هو تصوير أجزاء من قطعة الأرض المعنية, ولكن دون ان يظهر في الصورة انشاءات, أو خدمات عامة كبيرة, أو تصوير زاوية مغايرة للقطعة المراد تخمينها, أو وضع صورة لقطعة ارض مختلفة ويتم تقديرها على اساسها.

يقول محمود الكشف يتم في غالب الاحيان على الورق فقط, ويكون تقرير المكتب المرخص معتمداً, بحسب محمود, الذي يضيف: تظهر العلاقة بين اصحاب هذه المكاتب وبعض الموظفين بشكل جلي من خلال التوافق على اعتماد الحد الادني من التخمين الصادر عن دائرة الاراضي اضافة الى المقايضة التي تتم بين المواطن والمكتب والموظف بالاتفاق على قيمة توافقية للتقدير.

عندما يكون فرق التقرير خمسة آلاف دينار مثلا, فإن مالك العقار يعتبر ذلك مكسبا ووفرا عليه, ويرى انه لو دفع 200 أو 300 دينار للمخمن فان ذلك أرحم, على حد تعبير المواطن, من دفع ال¯ خمسة آلاف دينار.

أما الخاسر الأكبر فهو خزينة الدولة والمراجع الذي يرفض الدخول في لعبة السمسرة.

بحسب المواطن ذاته: هناك سماسرة تحت مسمى مكاتب مرخصة لغايات المسح والتخمين, وأخرون غير مرخصين يعلنون عن أنفسهم بأنهم وسطاء بين المواطنين والموظفين.

في الطوابق السفلية لإحدى دوائر أراضي عمان, مكاتب عقارية أو هكذا هو عنوانها العريض. وتحت هذه اليافطة يعمل أصحابها بالسمسرة واستصدار المعاملات, وهم وسطاء يلجأ اليهم المواطن في العادة.

تجربة في الميدان

هبط كاتب التحقيق إلى هذه الطوابق حيث الوسطاء. أخبر أحدهم بأنه يريد إستصدار معاملة تخمين عن قطعة ما وأنه – وبوضوح مطلق – يريد أن يقوم بتخفيض قيمة التخمين الذي قد يفرض على الأرض بحكم علاقته بالمخمنين. لا وقت زمنيا بين طلب كاتب التحقيق وموافقة الوسيط. إذ أجاب الوسيط: على طول, ولكنه أردف بأن لخدماته سعر. وطلب مبلغ ال¯ 50 دينارا كتسعيرة لخدماته.

ما يجري لاحقا أن المساح المرخص سيكشف على العقار, ويتم تقدير قيمته ثم يطلب من المواطن استكمال معاملته في دائرة الاراضي حيث يصادق المخمنون الموظفون على الوثائق. وبالفعل تظهر نسب التخفيض بشكل واضح. قد تنخفض قيمة التخمين الى النصف في الاراضي وأقل من هذه النسبة في الشقق بسبب الوصف الموجود لدى البائع والمشتري.

وأحيانا ينبه المخمنون الشاري إلى حقه في الاعتراض كي يحصل على تخفيض آخر للتقدير. فيتقدم بطلب وتتم إعادة التخمين مقابل مبلغ آخر يصل إلى نحو 50 دينارا,ً وهكذا.

متابعة عملية تقدير

رافقنا إحدى عمليات التقدير لإحدى الشقق في أحد أحياء عمان الراقية للمواطنة وفاء محمد, اسم مستعار كما فضلت ان نسميها. بدأت العملية بحصولها على طلب شراء, وتم تكليف مقدر خاص معتمد لدى الاراضي. كشف المقدر على الشقة من الخارج وقيّم سعرها ب 65 الف دينار – تبلغ حصة الخزينة منها 6500 دينار من المبلغ. ولكن بعد تدخل مخمن الاراضي لدى المقدر الخاص توالت عمليات التخفيض لتصل إلى 54 الفا ثم 50 الفا. وبعد اعتراض المشترية, عملا بإرشاد الموظف, خفض التقدير مرة ثالثة ومزقت الصورة الاولى ليعاد التقدير ب¯ 45 الف دينار.

تمت هذه المعادلة بعد أن دفعت صاحبتها مبالغ جانبية بين 30 و60 دينارا, كان آخرها 15 دينارا. وجميعها يذهب الى المكتب المعتمد لدى الدائرة بعد مد وجزر بين المشتري ومخمن الدائرة الذي يصادق على التخمين النهائي والمكتب المعتمد, حسبما تؤكد وفاء محمد.

لعبد المهدي فاضل البالغ من العمر 35 عاما قصة أخرى. ذهبت إلى مديرية تسجيل أراضي الزرقاء من أجل استصدار شهادة تسجيل باسماء أشقائي في ورثة أبي. بموجب إجراءات نقل الملكية يفترض تخمين قطعة الارض مزرعة بمساحة 151 دونما. المخمن طلب مني مراجعته بعد 10 ايام من أجل الكشف على المزرعة وتخمينها, حسبما أكد فاضل, الذي وعد المخمن بأنه سيكرمه إن أنجز المعاملة بوقت أقصر.

بابتسامة رضا, شرع المخمن في تقليب الاوراق ثم نظر إلى فاضل, وقال بثقة: المعاملة ستنتهي غدا. وفي اليوم التالي ترافق الإثنان بسيارة المراجع الخاصة. وقبل الكشف تناولا الغداء في أحد المطاعم. في المطعم دسست 10 دنانير في جيبه وقلت له هذا ثمن فنجان قهوة. على اثر ذلك أبلغ المخمن فاضل أن بإمكانه الآن العودة الى الدائرة ليحصل على الكوشان. وخلال ساعة كانت الوثيقة في جيب فاضل.

مزاجية واتصال هاتفي

كمشهد درامي اتصل رجل ثري معاتبا مدير مديرية أراضي بعد أن اصطدمت بمزاجية إحدى الموظفات. هذا الرجل سعى لتسجيل قطعة أرض باسم ابنته اشتراها بمليون و27 ألف دينار. لكن سائق الرجل الذي تابع إجراءات التسجيل اصطدم بسلسلة عقبات حالت دون تسجيل القطعة. أبلغته الموظفة: لن استخرج الوثيقة مهما حاولت. وانتهت المماطلة بدقائق بعد أن تدخل الرجل الثري لدى أحد المسؤولين في الدائرة.

هذه الحادثة فسرها سائق الرجل الثري بانها مماطلة يراد منها رشوة.

إقرار ولكن..

مدير مديرية تقدير القيم سامر ازحيمات يقر بوجود تجاوزات مرتبطة بعملية تقدير العقارات التخمين بين الحين والآخر. ويتحدث ازحيمات عن صعوبة السيطرة على طرق التحايل. فهؤلاء وإن طالتهم يد القضاء, سيمر وقت طويل حتى تحكم القبضة عليهم, رغم اقرار الجميع بوجود مشكلة قائمة من دون معالجة, على ما يقول.

ويصف ازحيمات مديريته بمصفاة مديريات تسجيل الاراضي لجهة تدقيق وتوثيق معاملاتها, إذ يتم من خلالها تدقيق التقديرات ومراجعتها. يتم ذلك من خلال اجتماعات بين القطاع الخاص وموظفي الدائرة في كل المديريات للتوافق على سعر الأساس في كل حوض. وتوقع ازحيمات أن لا تزيد نسبة الخطأ عن 15 % في التقدير بين الأساس وتوافق القطاعين للحوض الواحد.

على أن مسؤولين في دائرة الأراضي يرون أن غالبية التجاوزات والاختلاف في تقدير العقارات والأراضي تحصل مع مقدرين خاصين تتعاقد معهم الدائرة في عمان حصرا منذ 2007 لمواجهة الطفرة العقارية وتخفيف الضغط على كادرها التخميني; حيث يبلغ عدد المقدرين 23 مقدرا في مختلف مديريات الدائرة. وهو رقم ضئيل مقارنة مع موظفي دائرة الأراضي البالغ عددهم 1693موظفا.

وفق احصائية رسمية داخلية بتاريخ 15 حزيران ,2010 فإن الدائرة جدّدت التعاقد مع 194 مخمنا خاصا هذا العام من أصل ,369 إلى جانب ترخيص 231 مكتبا وعشرات المكاتب غير المرخصة.

الفساد الناتج عن المقدرين مسيطر عليه, بحسب ازحيمات, بسبب نظرتنا كمسؤولين بأن المخطئ غير قاصد, ونعيد المعاملة الى مدير التسجيل المعني من أجل اعادة التقدير.

الأخطاء التي يقع فيها المقدر تتراوح بين عدم الكشف حسيا على العقار بحجة ضغوط العمل وكثرة المراجعين أو أن يكون لديه معرفة سابقة بالعقار, ويجهل أي تغييرات طرأت عليه إضافة إلى تعرضه لضغوط رسمية وتوسط موظفين وأقارب وسماسرة للتعجيل بانهاء المعاملة.

ويعزو ازحيمات تجاوزات التخمين للسماسرة الموجودين بصورة غير شرعية لدى مكاتب تسجيل الاراضي من دون أي رقابة او ضوابط.

لكنه يصر على أن الموظف لا يجرؤ على طلب رشوة معتبرا أن ما قد يحصل هو تلميح بالرشوة من صاحب المعاملة أو عبر سماسرة. ويردف: كل انسان ضعيف, والنتيجة ان المرتشي ليس الموظف وإنما الشاري. فبدلا من دفع الرشوة للموظف يجب على المواطن التقدم بشكوى بشأن المواعيد البعيدة أو رفع سعر التقدير أو عدم الكشف الحسّي.

يقول إزحيمات: سمعت اناسا يتبجحون بأنهم قدموا رشا لموظفين, مقابل سرعة انجاز معاملاتهم وبكلفة اقل. ولكن بعد سنوات تم التدقيق في معاملاتهم وطلب منهم دفع فروقات الرسوم. كذلك يؤكد أن الدائرة كشفت نقص رسوم كلفت الخزينة عشرات آلاف الدنانير, ومنها يعود الى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

تشجيع رسمي

مجلس الوزراء قرر إعفاء المواطنين من تسديد رسوم سابقة تقل عن 1000 دينار, و50 % من الرسوم التي تزيد عن هذا المبلغ. جاء ذلك بعد أن اكتشفت دائرة الاراضي هدرا بملايين الدنانير من سنوات خلت بسبب تجاوزات في تقديرات الاراضي, حسبما يضيف.

للحد من التلاعب, اتخذت الدائرة سلسلة إجراءات منها إنهاء المعاملة وتدقيقها خلال موعد اقصاه أسبوع لتقدير الناتج عن بيوعات الاردنيين. أما غير الأردنيين, فقررت الدائرة منح ولاية تقدير بيوعاتهم إلى دائرة تقدير القيم مباشرة, وليس عبر مكاتب الدائرة في المحافظات.

ازحيمات دعا الحكومة إلى مأسسة قطاع العقار وإخراجه من مرحلة التشويه إلى مرحلة القوانين مع وضع ضوابط على عمل السماسرة وكل من يعمل بقطاع العقار. من بين المخارج الحاق رقابة المقدرين والسماسرة والعاملين بقطاع العقار إلى الاجهزة الامنية ومكافحة الفساد بصورة مباشرة.

ويرى ازحيمات أن النظام الاجتماعي وراء غض الطرف عن مجموعة الفساد الذي يتم اكتشافه ولا يعاقب صاحبه, بالعقوبة المناسبة له.

لا يوجد لدى دائرة تقييم القيم إحصائيات بعدد المقدرين المتورطين في قضايا فساد واستغلال الوظيفة, حسبما يقول ازحيمات وبالتالي فإن معالجات اخطاء الموظفين لا تتم بصورة صحيحة. إلى ذلك يطالب بمعاقبة المخالفين من خلال نظام الخدمة المدنية الذي يتدرج بالعقوبات من التنبيه الى الانذار الى النقل الى مكان آخر او خصم راتب او التنسيب بتحويله الى لجنة تحقيق. لكن غالبية العقوبات المنفذة ليست رادعة بسبب الوضع الاجتماعي العشائري (..) وتهافت الواسطات لمنع معاقبة المخالفين.

دعم مالي للموظفين

ويطالب ازحيمات برفع رواتب الموظفين (هل هناك حوافز مالية حاليا??) وتشكيل نظام حوافز داعم ولجنة عليا للاطلاع على قرارات التخمين بشكل علمي.

ما يزيد الطين بلة أن دائرة الاراضي ليس لديها القدرة القانونية او الفنية لملاحقة الموظفين المشتبه بهم بعد الدوام الرسمي عبر تنفيذ كمائن لهم.

الاجهزة الامنية ودائرة مكافحة الفساد كشفت موظفين يعملون لدى دائرة الاراضي أستخدموا اجهزة مسح تابعة للدائرة وقاموا بالبيع والتقدير من خلال سماسرة او مكاتب عقارية غير مرخصة وتم ضبطهم خارج اوقات الدوام بحسب مدير تقدير القيم في الدائرة.

قطاع خاص!

رئيس قسم الدراسات والابحاث في الدائرة هيثم الفقهاء يرى أن تجربة المقدرين الخاصين استهدفت اشراك القطاع الخاص باعمال الدائرة.

واضاف الفقهاء أن الدائرة تدرس حصر الايجابيات والسلبيات في كل حوض ثم تعميمها على المديريات بهدف معالجة التقديرات الخاطئة التخمينات من خلال خطة مؤتمتة تحمل اسم السعر الاداري, الموحد للحوض, يراعي ما يطرأ على العقارات من تغييرات كل ستة شهور.

يؤكد الفقهاء أن تقدير المتر المربع لدى دائرة الاراضي اقل من سعر السوق ب¯ 25% وان نسبة الخطأ في التقدير من خلال الموظفين لا تزيد عن 10 الى 20 %.

ولكن ماذا عن العقوبات? يقول الناطق الرسمي باسم دائرة الاراضي والمساحة خالد عبيدات إن تفاقم المشكلة في الدائرة يفقد الخزينة أموالا طائلة.

هذا ما دفع رئيس الوزراء سمير الرفاعي إلى تفقد سير العمل في أقسام الدائرة مرتين الاولى في 30 كانون الاول 2009 والثانية 29 اذار .2010

يتفق عبيدات مع مدير تقدير القيم في الاراضي بأن قرار مجلس الوزراء القاضي بإعفاء المخالفين من نصف الرسوم المترتبة عليهم سابقا جاء كجزء من حل للمشكلة.

في الأرشيف

في عام ,1984 زار رئيس الوزراء آنذاك أحمد عبيدات مكتب تسجيل أراضي المفرق. وبعد ان اطلع على حجم الفساد هناك أمر بتحميل جميع الموظفين في سيارات أمن الى عمان وتحويلهم الى المدعي العام, حسبما يستذكر الناطق الرسمي. (عد إلى الأرشيف أو من كان مسؤولا لتكتب كم عدد الموقوفين والمدانين)

المواطن/البائع عندما يوافق تلميحا باستعداده لدفع الرشوة للموظفين مقابل الحصول على خدمة هي حق له, فانه يساهم في تعزيز هذه الظاهرة, حسبما يشتكي عبيدات, مضيفا: الأجدر به ان يتقدم بشكاوى للمسؤولين للحد من المشكلة.

أخرج هذا النص في إطار يتحدث عن آلية الشكوى والاعتراض: واشار الى ان حق إعادة التقدير من صلاحيات المدير العام ومدير التسجيل في المديريات المختلفة فيما اذا لاحظ غبنا في عملية التقدير, ويعلم الناطق باسم الدائرة ان بعض الموظفين قد يستخدمون هذا الحق للتخفيف من قيمة التقدير, بعد الطلب من صاحب العلاقة الاعتراض.

معادلة مقلوبة

إيرادات دائرة الأراضي والمساحة بلغت 355 مليون دينار عام 2007 و373 مليون دينار عام 2008 وفي عام 2009 بلغت 270 مليون دينار, رغم زيادة حجم التداول وحجم المعاملات المسجلة لدى الدائرة.

مدير عام دائرة الاراضي والمساحة نضال السقرات يقول إن الدائرة رفعت لديوان التشريع والرأي مسودة مشروع موحد سيتم تنفيذه على ثلاث مراحل/ يتم بموجبه توحيد 19 قانونا و11 نظاما وعددا من التعليمات الادارية والفنية المعمول بها حاليا في قانون موحد لدائرة الاراضي.

يتضمن مشروع القانون المشترك تحديد نسبة المكافأت المخصصة للموظفين وذلك من نسبة الايرادات المتحققة كخطوة لمكافحة ظواهر الفساد الحاصل في الدائرة.

وسيتم تحويل القضايا بعد التحقيق الداخلي فيها الى المدعي العام وتأتي قضايا التزوير والنصب والاحتيال في المراتب الاولى وبشكل اقل قضايا الرشوة واستثمار الوظيفة في قضايا التقدير.

مدير المساحة في دائرة الاراضي خالد خميس العموش يشدد من جانبه على حاجة الدائرة إلى اعادة النظر في مجمل نظام التقدير والمخالفات, مشيرا إلى أنه طرح مشروع نظام خاص الكتروني للتخمين بدلا من النظام المعمول به حاليا لتحاشي وقوع خطأ بشري.

وأكد أن دائرة الاراضي تقيّم حاليا تجربة المقدرين الخاصين أمام لجنة تخطيط وتنسيق باسم المسار الأخضر الوهمي. وقد تصل العقوبات المتخذة بحق المخمنين الخاصين المخالفين إلى الحرمان من مزاولة المهنة وشطب تقديراتهم.

بحسب احصائية عن الدائرة, صدرت عقوبات بحق ثلاثة مقدرين من القطاع الخاص وكذلك عقوبة التوقيف لمدة ستة أشهر لمقدر واحد من القطاع الخاص. في المقابل تم توجيه ثلاثة كتب شكر لمقدرين من القطاع الخاص خلال العام 2009م.

تقديرات الكترونية

واوضح ان عملية التقدير ستكون الكترونية في المستقبل وتعتمد على السعر الاساس الذي يضع سعر موحد لكل حوض, وسيتم اضافة السلبيات والايجابيات للعقارات, مؤكدا ان سعر الاساس لا يستطيع أحد التلاعب به.

وكشف ان الدائرة تعمل على استصدار بطاقة المقدر الالكترونية وذلك بهدف وضع جميع التقديرات من قبل المقدرين الكترونيا في المملكة بحيث يتم مراجعتها شهريا من قبل لجنة مختصة تسمى لجنة المقدر الالكترونية, وذلك لمنع التلاعب في التقديرات ومكافحة الفساد الحاصل في هذا الملف.

وعدّلت جميع تقديرات دائرة الاراضي في المملكة ووصلت نسبة التخفيض عن السنوات التي حصلت فيها الطفرة الاقتصادية في العاصمة عمان الى 5%, وباقي المحافظات الى 20%.

المالية تَعِد

وتعهد وزير المالية د. محمد ابو حمور بإعادة النظر في اجراءات تخمين الاراضي والمساكن, لتعكس قيمتها السوقية الحقيقية. ما دفع الوزير إلى هذا التعهد هو شكاوى المواطنين من ارتفاع قيمة تخمين دائرة الاراضي والمساحة لعقاراتهم وبنسبة تراوحت بين 20 – 30%.

انجز هذا التحقيق بدعم من شبكة اعلاميون من اجل صحافة استقصائية عربية باشراف الزميل سعد حتر


تعليقاتكم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *