تحقيق: بهيجة بلمبروك
(وات)- تنشر شبكة أريج ثمانية تحقيقات ذات أبعاد دولية هي عصارة تقصّي ثمانية صحفيين أريجيين في إطار تحقيقات دولية شارك فيها عشرات الصحفيين من 32 دولة لكشف مسارات تبييض مليارات الدولارات من روسيا الاتحادية إلى بنوك وشركات في أرجاء العالم، في ما بات يعرف بأضخم عملية غسل أموال مكتشفة.
أنجز هذه التحقيقات أريجيون من مصر، ليبيا، تونس، الجزائر وسوريا والعراق بعد تتبع أنشطة وصفقات 71 شركة عربية في الإمارات، السعودية، مصر وتونس لها ارتباطات تجارية ومالية بما تعرف ب”المغسلة الروسية”. وتقدر حصّة الشركات والمصارف العربية بنصف مليار دولار من بين عمليات تبييض 20 مليار و800 مليون دولار على مستوى العالم.
عمليات التقصّي وتحليل البيانات جرت بالتعاون مع مصدري الوثائق، الذي كشف أبعاد “المغسلة الروسية” عام 2014؛ وهو مشروع التحقيقات الصحفية حول الجريمة المنظمة والفساد OCCRP وصحيفة نوفا غازيتا الروسية.
تفجّرت الفضيحة الكونية حين أطلق OCCRP أولى التحقيقات التي كشفت ملف غسل أموال مصدرها شخصيات مهمّة في روسيا. في البدء، بدا هذا الملف محدوداً وكان مقتصراً في تلك الفترة على شركتين أوف شور مسجلتين في بريطانيا انخرطتا في تلك العملية عام 2011.
ثم كشفت الوثائق لاحقا أن رأس جبل الجليد يخفي تورط 21 شركة يديرها ظاهريا (بروكسيس) أي وكلاء مدراء في الظاهر هم في الغالب أشخاص فقراء من أوكرانيا يعملون في روسيا. OCCRP واجهت عائلاتهم، فأبدت اندهاشها حيال المعطيات ولم تتمكن من الاتصال بأبنائها.
وفي 2016، تكشّفت معلومات أكبر بعد تسرب وثائق مهمة من أحد المصارف المتورطة في هذا الملف، ليتبين أن حجم هذه العمليات يقترب من 20.8 مليار دولار. وتم الكشف عن 21 شركة أوف شور أضيفت إلى الشركتين السابقتين المتورطتين في الفضيحة، وكانت هذه الشركات مسجلة في بريطانيا، قبرص ونيوزيلاندا.
بعد نشر سلسلة تحقيقات صحفية قادتها OCCRP، فتحت السلطات تحقيقا في لاتفيا وروسيا، وتم تحويل 14 قاضياً في لاتفيا للتحقيق بتهمة التورط في تسهيل نقل أموال فاسدة (من مخدرات ورشاوى) من روسيا إلى أوروبا وسائر العالم.
وكشفت التحقيقات تورط رجال أعمال روس كبار منهم: أليكسي كربيفين Alexey Krapivin وهو من المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، و كذلك جورجي جينز Georgy Gens وهو رجل أعمال روسي كبير يمتلك مجموعة Lanit group، الموزع الرئيس لشركة آبل في روسيا. كما وصلت أموال مشبوهة الى شركة Trident International Corp التي يمتلكها رجل الأعمال الروسي بافل سمينوفيتش فليدر Pavel Semenovich Flider، الحاصل على الجنسية الأميركية. وقد ورد اسمه عام 2015 بين المتورطين في صفقة تهريب أجهزة تكنولوجيا محظورة من أميركا إلى شركة متخصصة بأجهزة تكنولوجيا عسكرية في روسيا.
كما كان البنك العقاري الروسي مسؤولاً عن تحويل 9.7 مليار دولار ضمن هذه الفضيحة إلى مولدوفا بنك، علماً أن البنك العقاري الروسي بإدارة ايغور بوتين، ابن خال الرئيس الروسي.
نقل الأموال القذرة من روسيا إلى أوروبا والعالم يتم وفق خطّة تقضي بأن توقع اثنتان من الشركات الـ 21 المتورطة عقد اقتراض تتلقى بموجبه من الشركة الأخرى ملايين الدولارات. بموجب العقد، يحدّد كفيل للقرض من الشركات الروسية ورجال أعمال في لاتفيا، يلتزمون بتسديد قيمة القرض بعد أن “يتعثر” المقترض عن السداد. كما بينت الوثائق اكتمال حلقة غسيل الأموال بتصريف أموال مشبوهة عبر شراء بضائع بفواتير وهمية لتدوير الأموال وإعادتها نظيفة. شملت شبكة مسارات الأموال 732 مصرفا و5140 شركة في 96 بلداً، من بينها 167 شركة عربية. وهي تتوزع على النحو التالي: 150 شركة مسجلة في الإمارات، ست في مصر، اثنتان في السعودية، أربع في تونس وثلاث عمانية، واحدة أردنية وواحدة بحرينية.
خلال متابعتنا للشركات العربية التي ورد اسمها، كمتلق لهذه الأموال ومتورطة ولو عن غير قصد، بحثنا وتواصلنا مع الشركات لنتبين إن كانت على علم أم لا، وماذا تصرفت بعد أن عرفت بتورطها؟ كانت لدينا شبهات حول شركات تلقّت تحويلات مالية من الشركات المدانة تشير الوثائق أنها لغايات شراء سلع معينة بينما كان نشاط الشركة مختلفاً تماماً. كما كشفنا عن وجود صلات بين بعض هذه الشركات العربية وشركات روسية أو شخصيات روسية.
فإلى التفاصيل
فضيحة “المغسلة الروسية” التي انقشع غبارها سنة 2016 ، وهزت أركان الاقتصاد في عدد من دول أوروبا الشرقية عاصفة بعديد المؤسسات البنكية والمؤسسات الخاصة التي ساهمت في غسيل 20.8 مليار دولار، ألقت بظلالها على المنطقة العربية والتي تورطت فيها مئات الشركات عن قصد أو دونه في أكبر عملية غسيل أموال قذرة أتتها مجموعة من رجال الأعمال الروس.ويقدم هذا التحقيق تتبعاً وتقصياً لـ 20 شركة من بين 150 مسجلة في الإمارات العربية المتحدة، كان لديها تعاملات مع الشركات المتورطة في فضيحة المغسلة الروسية وساهمت عن قصد أو غيره في هذه المغسلة إلى جانب نحو خمسة آلاف شركة من 96 بلداً حول العالم، والتي وردت أسماؤها في الوثائق التي تم تسريبها من أكبر مؤسسة بنكية متورطة في هذه القضية.
وقد أظهرت الوثائق التي حصلنا عليها عبر شبكة أريج (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية) ومن مصدرها في المؤسستين الإعلاميتين اللتين قادتا هذا التحقيق منذ بدايته عام 2014، وهما مشروع التحقيقات الصحفية في الجريمة المنظمة والفساد OCCRP وصحيفة “نوفا غازيتا” الروسية، تبين أن هذه الشركات المسجلة في الإمارات تلقت من الشركات والبنوك المتورطة مبالغ مالية بقيمة 422,554,213 مليون دولار أمريكي، تم تحويلها عبر عدد من البنوك الإماراتية في مقدمتها بنك الإمارات دبي الوطني.
وقد كشف تحقيقنا أن الشركات العشرين التي تقصيناها من بين الـ 150 شركة إماراتية، تلقت تحويلات بنكية بقيمة 64,101,601 دولار.
وكانت قضية “المغسلة الروسية” قد انطلقت بالكشف عن ملف خطير تعلق بغسيل الأموال مصدره رجال أعمال ومسؤولين في روسيا عام 2014، وهو ما مكن من الكشف بالتعاون بين مشروع التحقيقات في الجريمة المنظمة والفساد مع صحيفة نوفا غازيتا الروسية ضمن تحقيق محدود اقتصر في تلك الفترة على شركتين أوف شور مسجلتين في بريطانيا بدأتا هذه العملية عام 2011.
ثم كشفت الوثائق أنها 21 شركة يديرها ظاهرياً “بروكسيس” أي وكلاء مدراء في الظاهر هم في الغالب أشخاص فقراء من أوكرانيا يعملون في روسيا، من هذه الشركات المتورطة بشكل مثبت وهي قيد المحاكمة في لاتفيا ومولدوفا والولايات المتحدة وأوروبا. كما أدين بنك (B- MOLDINDCONBANK-S.A) في مولدوفا وبنك (TRASTA KOMERCBANKA) في لاتفيا؛ وهما المصرفان الرئيسيان اللذان قادا عملية غسل الأموال بشكل مباشر بحسب الوثائق. وبعد نشر تحقيقات (OCCRP) أغلقت سلطات لاتفيا بنك (ترستا كومرسا بنك) في ربيع 2016 بعد ثبوت تورطه بتلك العمليات، وما يزال البنك الثاني قيد التحقيق والرقابة الشديدة. وبناء علي الوثائق التي سربت من المصرفين فقد تبين أن حلقة غسيل الأموال اتسعت عبر عمليات شراء سلع أغلبها وهمية قامت بها الشركات والبنوك المتورطة بفواتير مشبوهة عبر 732 مصرفاً لأكثر من 5140 شركة في 96 بلداً منها الشركات العشرين التي حققنا بها إلى جانب تحقيقات مماثلة قادها ستة صحفيين عرب ونحو ثلاثين صحفياً من العالم ضمن هذا التعاون الاستقصائي العابر للحدود.
شركات للعطورات تورد مواد انشائية
أثبتت الوثائق التي حصلنا عليها، أن 10 شركات من بين الشركات التي شملها هذا التحقيق، تنشط أغلبها في مجال العطورات ومواد التجميل والحلي، ساهمت في تبييض 36,231,396 دولار عن طريق تحويلات تمت بمقتضى عقود أبرمتها من أجل اقتناء مواد انشائية ومواد بناء. وقامت شركات ثبت تورطها في قضية ” المغسلة الروسية ” بتحويل ملايين الدولارات إلى شركات مقيمة في الامارات العربية المتحدة بمقتضى عقود غالبيتها مشكوك في مدى صدقيتها.
وتم عبر حساب ببنك أبو ظبي التجاري تلقي مبلغ 3,220,302 دولار في غضون أسبوع لفائدة شركة EZE GENERAL TRADING LLC بمقتضى عقود تم ابرامها (بتواريخ متلاحقة أيام 18 و 20 و 24 ديسمبر 2013) لتصدير مواد بناء للشركة البريطانية seabon limited التي ثبت تورطها في القضية.
وفي محاولات متكررة عبر بريدها الإلكتروني للحصول على توضيحات بشأن طبيعة العقود الذي جمعتها بهذه الشركة خاصة أن EZE GENARAL TRADING LLC تعمل في التصدير لتصبح بمقتضى هذه العمليات التجارية موردة للمواد الانشائية، لم يكلف المسؤولون عنها أنفسهم، بعد قراءة الرسائل، الرد على مختلف التساؤلات. وبالاتصال بالهاتف لم يتسن لنا الحصول على إجابة كذلك.كما تلقت شركة فايموس عود للتجارة Famous Oud Trading LLC ستة تحويلات بقيمة 1,175,000 دولار بمقتضى عقود أبرمتها مع شركة Seabon Limited المتواجدة في المملكة المتحدة والتي ثبت تورطها في هذه القضية.
هذه التحويلات تمت من أجل تصدير مواد بناء في حين أن النشاط الأصلي لشركة فايموس هو تجارة العطورات والحلي المقلدة. وبالاتصال بأحد الشركاء بالشركة بالهاتف رحيم افازمارتوف، بعد الفشل في الحصول على رد عن 3 مراسلات الكترونية على العنوانين الالكترونيين المذكورين في معلومات الشركة، أنكر تلقي الشركة مثل هذا المبلغ مشددا على أن الحساب المذكور تحت تصرف شريكه شيروزود آربوف Sherzod ARIPOV ) وهو المدير الذي غادر الإمارات العربية المتحدة منذ نحو سنة على حد قوله. وفي مرحلة لاحقة يقول الشريك رحيم آرزوماتوف، أنه تحدث مع بنك الإمارات دبي الوطني، حيث الحساب المفتوح مؤكداً أنه لاوجود لمثل هذه التحويلات، غير أنه بمواجهته بتواريخ التحويل طلب اعادة ارسال الايميل من جديد للاطلاع عن كثب عن فحوى المعطيات التي تم الاستفسارعنها، وذلك وفق ما أكدته ابنته التي أحال لها المكالمة في آخر المطاف والتي تساءلت عن مصدر المعلومات التي تم التوصل إليها وبأي حق توصلنا بها، معتبرة أنها معطيات ” شخصية وسرية”. ومع ذلك لم ترد إجابة عبر الإيميل إلى حد كتابة التحقيق.
والمثير للانتباه أن هذه الشركة تلقت هذه التحويلات على حساب مشترك مع شركة SCANDINAVIA Furs llc المتخصصة في العطورات ومواد التجميل والحلي المقلدة، وهو الحساب رقم AE570260001024608389002 المفتوح ببنك الإمارات دبي الوطني، تلقت عليه تحويلاً واحداً بقيمة 120,000 دولار بتاريخ 19 نوفمبر 2013 بالإضافة إلى تحويلين آخرين بقيمة 300,000 دولار من أجل تصدير مواد الكترونية لسيبون ليمتد Seabon limted و 16,750 دولار من أجل تصدير ملابس لشركة كاديسا ليمتد KEDASSIA LIMITED الشركة المسجلة في بريطانيا والتي ثبت تورطها.
وفي المقابل لم تظفر معدة التحقيق بإجابات بشأن الأسئلة الصحفية التي توجهت بها إلى القائمين على هذه الشركة وخاصة لاريزا كوزارس كوزارافا الذي تمت مراسلته إلكترونيا في ثلاثة مناسبات على إيميلها، كما تعذر الاتصال به هاتفيا على اعتبار أنه تم قطع خط الهاتف تماماً.
شركات لها سوابق ولم تتم متابعتها
سياسة الآذان الصماء هي ذاتها التي اتبعها مالكو شركة سيمون أليانس SEAMONT ALLIANCE LLC ، وهم بارفيز موسياف Parviz MUSAYEV ( الاذربيجاني) وميرتوال ميرالاموف Mirtual MIRALLAMOV حيث تم التواصل معهم عبر حساباتهم على موقع ” لينكد إن” بسبب غياب وسائل تواصل أخرى، ولم يرد أي رد سوى من ميرتوال الاموف أنكر فيه تماماً توصل الشركة بمبلغ 184,600 دولار من أجل تصدير مواد بناء، التي نص عليها عقد تم ابرامه بتاريخ 12 كانون الثاني/ جانفي 2014 مع شركة دانسيون ليمتد DENSION LIMITED في حين أن شركتهم مختصة في التوريد والتصدير. وقال في رده أنه وشركاؤها اشتروا الشركة سنة 2015، وعندما تمت مجابهته بتواريخ العقود وبأنه في تعريف شخصه على ” اللينكد ان” يقول أنه ضمن فريق الشركة منذ سنة 2012 طلب منا عدم إزعاجه ثانية، وأغلق صفحته عبر هذا الموقع. كما أنه وبتفحص الملفات تبين أن شركة fasten Tourism LLc المتخصصة في الخدمات السياحية والرحلات الجوية والحجوزات، قد تلقت تحويلا من الشركة القبرصية كيستلارد ليمتد crytsalord limited بقيمة 64,155 دولار بتاريخ 22 أكتوبر 2013 من أجل اقتناء مواد صناعية، وبمواجهة المسؤول عن الشركة آرتر بادليان Artur BADALYAN عبر الايميل في مناسبتين على بريده الإلكتروني، لم يرد عليهما إلا لاحقا بعد بعد التواصل مع مسؤول العلاقات الخارجية (فضل عدم نشر اسمه).
ودعا مستهزئاً معدة التحقيق إلى تقديم الوثائق والمعلومات التي بحوزتها إلى القضاء، ليستدرك في مرة ثانية ويؤكد أن لا علاقة له بغسيل الأموال، وإنما كانت معاملة عادية تمت لفائدة زبون طلب القيام بحجز لفائدته في فندق من فئة خمس نجوم وقام بالتحويل من حساب الشركة المعنية دون علمه، وقد ورد الطلب عبر موقع الشركة على شبكة الانترنت، الذي توقف عن العمل حسب موقع archive.org منذ 1 أغسطس/ أوت 2015 ). ويجدر الإشارة إلى أن آرتر بدليان وشركته كانا من بين 28 شخصية وكياناً حددتهم وزارة الخزانة الأمريكية ( أضيف اسمه إلى القائمة يوم 30 أكتوبر 2013، أي بعد 8 أيام فقط من التحويل)، كعضو أساسي في الشبكة الإجرامية الأوروآسيوية ” CIRCLE BROTHER “، هذه الشبكة التي يتزعمها العضوان الرئيسيان من روسيا فلاديسلاف ليونتياف Vladislav Leontyev وغافار رخيموف Gafur Rakhimov وتم الإعلان عنها لأول مرة في شباط/ فيفري 2012 .هذه الشبكة حسب تعريف وزارة الخزانة الأمريكية “جماعة إجرامية” تتألف من قادة وكبار أعضاء العديد من الجماعات الإجرامية الأورآسيوية التي تقيم خاصة في بلدان الاتحاد السوفياتي السابق، ولكنها تعمل أيضا في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، كهيئة تنسيقية لشبكات إجرامية عديدة، ووسيط خلال الخلافات بين الشبكات الإجرامية الفردية، وتوجه الأنشطة الإجرامية للأعضاء على الصعيد العالمي.
وقد منعت بذلك وزارة الخزانة على الأمريكيين التعامل مع أعضاء شبكة “دائرة الإخوة” بما فيهم أرتر بادليان وشركته المتهمين بالعمل مع الشبكة ولفائدتها من خلال إجراء تحويلات مالية وتنظيم التنقلات. كما حظرت أي معاملات مالية أو تجارية مع الكيانات والأفراد المذكورين بالإضافة إلى تجميد أي أصول لديهم في الولايات المتحدة ألامريكية. وعند مواجهة أرتر بهذه المعلومات، رد عن طريق مدير العلاقات بالشركة اعتبر الأمر من قبيل التشويه غير المبني على أسس، وأنه قام بتوكيل محام في نيويورك لفتح ملف القضية مع وزارة الخزانة الأمريكية لإثبات براءته، ولذلك لن يخوض في تفاصيل أكثر لأن المحامي نصحه بذلك.تجارة الحواسيب والتجهيزات الالكترونية وسيلة بعض الشركات في تبييض الأموال
عمدت ست شركات من العشرين موضوع البحث إلى ابرام عقود 44 عملية تجارية لاقتناء حواسيب ولوحات رقمية بقيمة جملية 15.589.142 دولار خلال الفترة بين 16 أبريل / أفريل 2013 و 9 يناير /جانفي 2014 في حين بلغت قيمة التحويلات التي استفادت بها بعض الشركات لتصديرتجهيزات الكترونية مختلفة 7.349665 $.
مالك شركة سنيها للتجارة SNEHA TRADING FZE ، المتخصصة في المواد الإلكترونية والتي تلقت بمقتضى عقد وحيد، تم امضاؤه 9 يناير/ جانفي 2014 لشراء أجهزة كمبيوتر بقيمة مليون دولار، واسمه عاشوق كومار باعتية هندي الجنسية، أنكر في مكالمة هاتفية بعد أن تجاهل تماما الرسائل الإلكترونية التي تم توجيهها إليه في مناسبتين، أن تكون شركته قد تلقت أي تحويل بمثل هذا المبلغ غير أنه وبمقارعته بالتاريخ والدافع طلب مهلة للرد غير أنه إلى حد كتابة التحقيق لم يرد.
كما استفادت شركة ستارجيمس STARGEMS LLC المختصة في تجارة الأحجار الكريمة والنفسية والمجوهرات ( finest diamond) وبمقتضى ست عقود أبرمتها مع الشركة البريطانية المتورطة وابسترن websturn من تحويلات بقيمة 618.340 دولار بذريعة اقتناء حواسيب ولوحات رقمية.
وعمدت بعض الشركات التي كانت موضع التحقيق إلى إبرام صفقات لتصدير مواد صناعية ساهمت مجتمعة في تحويل أموال بقيمة 4854648 $ إلى حسابات بعض الشركات المقيمة في الإمارات على غرار فاستن توريسم fasten Tourism التي سبق ذكرها وستندارات أم أف زاد سي MFZC إلى ابرام عقود لتصدير مواد صناعية بتحويلات هامة استفادت منها الشركتان .
الصمت سيد الموقف أحياناً
شركات عدة انتهجت سياسة الصمت ولم ترد على الاستفسارات بشأن التحويلات التي تلقتها على غرار شركة FAC FZE التي بلغت قيمة التحويلات التي توصلت بها بمقتضى عقدين لاقتناء مواد انشائية أبرما مع شركتي GIRDEN DEVELOPPEMENT و westburn entreprises limited وخلال فترة لم تتجاوز 11 يوماً ( يومي 6 فيفري و27 جانفي 2014)، بما قيمته 1,635,452 دولار. كذلك الحال بالنسبة لشركة فارس الجزيرة العامة للتجارة FARES ALJAZERA GENERAL TRADING EST التي تلقت مبلغ 60,000 دولار في إطار عقد جمعها بالشركة المتورطة kadessia limited ، لم نسمع رداً عن التساؤلات حالها في ذلك، كحال شركة غلوبال الكترونيك GLOBAL ELECTRONICS FZE التي توصلت بمبلغ 632,739 دولار، ولم ترد على الاتصالات عبر الايميل. رغم اطلاع المسؤول عن العلاقات فائق ماميدوف على فحواها. كما أن أرقام الهاتف الخاصة بالشركة كلها خارج نطاق الخدمة.
كما لم تشذ شركة غرين واي الدولية GREENWAY INTERNATIONAL FZCO ، عن القاعدة حيث لم تعر اهتماما للتساؤلات الصحفية التي طرحت عليها بشأن حصولها على مبلغ 349,082 دولار ودواعي توريد مواد بناء وهي المختصة في مواد التجميل وعلاقتها بعملية غسيل الاموال القذرة الروسية، وذلك على عنوان بريدها الالكتروني، وعلى الهاتف غير أنه لا من مجيب.شركات على الورق تبيض ملايين الدولارات عبر عقود لاقتناء مواد بناء تبين من خلال تفحص الوثائق المتوفرة والبحث، أن القائمة التي تم العمل عليها تضمنت 9 شركات وهمية (مسجلة فقط على الورق)، حيث لا أثر لها على أرض الواقع ولا عناوين بريدية ولا الكترونية لها، فقط أحيانا ترقيم بريدي خاطىء ولا إشارة لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولا أرقام هواتف باسمها، كما أنه لم يتم العثور عليها بالاعتماد على موقع غوغل ماب / ستريت فيو، وفي مختلف المصادر المتاحة مما يجعل من تتبع أصحابها وتحديد هوياتهم وعلاقاتهم أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلا .
هذه الشركات تلقت مجتمعة في تحويل 269,187,696 دولار بمبرر تصدير مواد إنشائية أو حواسيب هي أيضاً، وفي مقدمتها شركة GKS general trading llc التي تلقت 12 تحويلات بقيمة 24,467,492 دولار من بينها عشرة خلال اليوم نفسه، وذلك من أجل اقتناء مواد انشائية.
شركة سلفر فيلاج جنرال تريدن Silver village genral trading llc التي استفاد حسابها من تحويلات بقيمة 14,238,063دولار بمقتضى 38 عقداً أبرمت في جلها لتصدير أجهزة كمبيوتر( 35 منها مع الشركة المتورطة واست بورن ليمتد westburn entreprise limted في حين أن نشاطها الأصلي لا علاقة له بهذا المجال
هذا التصرف أتته غيرها من الشركات على غرار شركتي سي فيور جنرال تريدن sea view general trading llc وفالكون كوربورشين FALCON CORPORATION اللتين لا يعرف لهما نشاط ولا عنوان ولا مالك والتي تلقتا تحويلات على التوالي بقيمة 3382518 دولار ( يمقتضى ثلاثة عقود تم ابرامها أيام 20 و 24 و 30 ديسمبر 2013 ) و 701,000 دولار(بمقتضى خمس عقود تم ابرامها خلال الفترة بين 10 أكتوبر 2013 و 15 ديسمبر 2017 ). وكانت مختلف هاته العقود مخصصة لتصدير مواد انشائية وبناء.
هذه الشركات وغيرها كستيل غروب steel group fzc التي تم لفائدتها تحويل مبلغ 4,743,557 دولار بعنوان تجهيزات صناعية منها 7 عقود تم إبرامها في اليوم ذاته ( 15/04/2013) مع شركة سيبون ليمتد المتورطة وكذلك فارس الجزيرة جنرال ترايدن است Fares Eljazeera general trading وفورست وورلد وايد first worldwide llc وستندارت ام اف زاد سي Standart MFZC وسكاندينافيا Scandinavia. وقد تم تحويل هذه الأموال عبر حسابات أكثر من 95 بالمائة منها مفتوحة ببنك الإمارات دبي الوطني.
المؤسسات البنكية المستعملة في تحويل الأموال إلى الإمارات تنكر علمها بالموضوع لقد مر السواد الأعظم من المعاملات المالية التي تم التطرق إليها في مسار هذا التحقيق عبر تحويلات لحسابات بعدد من من المؤسسات البنكية الإماراتية أهمها بنك الإمارات دبي الوطني NBD المرتب عاشراً ضمن قائمة من خمسين بنكا ضالعا في عملية غسيل الأموال. وقد مر 109 تحويل من من جملة 132 تحويلا تم الاشتغال عليها ضمن هذا التحقيق عبر البنك المذكور.
واجمالا مرت تمويلات بقيمة 357.130.391 دولار عبر بنك الامارات دبي الوطني NBD الذي يستأثر بنحو 20 بالمائة من السوق المالية، لفائدة عدد من الشركات الإماراتية والمقيمة بالإمارات العربية المتحدة، أي بما يعادل نسبة 88.776 بالمائة من مجمل التحويلات يليه بنك أبو ظبي التجاري المرتب 44 ضمن في بتحويلات بقيمة 26,333,645 دولار أي بنسبة 6.232 بالمائة من إجمالي التحويلات. وأكد ناطق باسم بنك الإمارات دبي الوطني سابقاً، في بيان سابق نشرته مجلة أرابيان بزنس في الإمارات، أن البنك وقع ضحية لهذه الشبكة ولم يكن على علم مبرزاً صعوبات التصدي إلى غسيل الأموال. وشدد على أن البنك ملتزم بمكافحة الجرائم المالية وغسيل الأموال وفق القوانين الجاري بها العمل وبوضع السياسات والإجراءات الرقابية والمتابعة واحصاء والتقرير من أجل التقليل من المخاطر.
ولعل هذه الحادثة وما حف بها ألقت بظلالها على تصنيف معهد “Basel” للحوكمة للعام 2017 المتخصص في منع الفساد والحوكمة العامة وحوكمة الشركات ومكافحة غسيل الأموال وإنفاذ القانون الجنائي واسترداد الأصول المسروقة، والذي احتلت في الإمارات المرتبة 72 عالمياً من بين 146 دولة في الترتيب العالمي والسادسة عربيا ضمن المؤشر الدولي لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
طريقة الغسيل
يشار إلى أن عملية نقل الأموال القذرة من روسيا إلى أوروبا والعالم كانت تمر عبر خطة تقضي بأن تقوم اثنان من الشركات الـ 21 المتورطة بتوقيع عقد اقتراض تقترض بموجبه من الشركة الأخرى مبلغاً من ملايين الدولارات.
ويتم بموجب العقد وضع كفيل للقرض هو شركات روسية ورجال أعمال من لاتفيا، ويتم بعد فترة من الزمن رفع دعوى قضائية من قبل الشركة المقرضة (المزيفة) ضد الشركة المقترضة، والتي تدعي أمام المحكمة (تم اختيار لاتفيا لرفع الدعاوى نظراً لقربها من روسيا وارتباطها معها باتفاقيات تسمح بمقاضاة شركاتها، إضافة إلي أن لاتفيا تعتبر بلداً أوروربياً، وهو ما يسمح بنقل القضية لأوروبا)، عندها يقضي القاضي بآلزام الضامن والذي هو شركة روسية بتحويل المبلغ من روسيا لبنك في لاتفيا اسمه ترستا كومرسا بنك، وهكذا تنتقل الأموال القذرة بطريقة مشروعة إلى النظام البنكي الأوروبي).
مواجهة
توجهنا بالسؤال إلى البنك المركزي الإماراتي للاطلاع على الإجراءات التي اتخذها، وماهو الدور الذي قامت به وحدة مواجهة غسل الأموال والحالات المشبوهة، باعتبار هذه الممارسات متعارضة ومقتضيات القانون الاتحادي بشأن تجريم غسيل الأموال 2002/4 لدولة الإمارات العربية المتحدة الذي يحمل البنك المركزي والنيابة العامة والمحكمة المختصة على التوالي مسؤولية تجميد الأموال المشتبه فيها لمدة لا 7 أيام والأمر بالحفظ وفق الإجراءات الجاري بها العمل والحجز التحفظي لمدة غير محددة لأية أموال أو متخصصات أو وسائط إذا كانت ناتجة عن جريمة غسل أموال أو مرتبطة بها.
وتعرض جريمة غسل الأموال بمختلف تمظهراتها وبمقتضى هذا القانون مقترفيها إلى عقوبات تتراوح بين الغرامة المالية ( بين 300 ألف درهم و30 ألف درهم) والسجن لمدة لاتزيد عن سبع سنوات أو الإثنين معا فيما تعرض المنشآت المالية والمنشآت المالية الأخرى والتجارية والاقتصادية العاملة في الدولة والمسؤولة جنائياً عن جريمة غسل الأموال إذا ارتكبت بإسمها أو لحسابها عمداً، إلى عقوبة بغرامة لا تقل عن 300 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم ، مع مصادرة المتحصلات أو ممتلكات تعادل قيمتها قيمة تلك المتحصلات أو ما يعادل تلك المتحصلات اذا حولت أو بدلت جزئياً أو كلياً إلى ممتلكات أخرى أو اختلطت بممتلكات أخرى اكتسبت من مصادر مشروعة، فيما يكون رؤساء مجالس إداراتها وأعضاؤها والمديرون الذين علموا وامتنعوا عن ابلاغ الوحدة إلى عقوبة بالسجن أو بغرامة التي لا تجاوز 100 ألف درهم ولا تقل عن 10 آلاف درهم أو بالعقوبتين معاً.
كما تواصلنا مع بنك أبوظبي التجاري وغرفة دبي، غير أننا لم نتلق أية إجابة برغم تحققنا من وصول الإيميلات المرسلة
أنجز هذا التحقيق بدعم شبكة أريج (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية)www.arij.net ومشروع التحقيقات الاستقصائية في الجريمة المنظمة والفسادOCCRP www.occrp.org/en- Organised Crime and – ضمن مشروع The Russian Laundromat.
Leave a Reply