المتاجرة بأوهام الفحولة

22 نوفمبر 2015

عقاقير جنسية في المنامة تتداول في محلات غير مرخصة لبيع العقاقير
6 مفتشين أمام 85 ألف سجل… يعني زيارة تفتيشية كل 3 سنوات
مصانع لا عناوين لها وعقاقير جنسية لها زبائن وليس لها وكيل
المنامة – محمد الجدحفصي
الوسط – يستغل تجار غياب قانون ينظّم تداول المكملات الغذائية والأدوية العشبية في البحرين ليقوموا ببيع منشطات جنسية كيماوية التركيب وضارة بصحة مستهلكيها إلى الرجال الباحثين عن الفحولة أو الذين يخجلون من مراجعة الأطباء لعلاج عجزهم الجنسي.
في العاصمة البحرينية المنامة، الحصول على منشطات جنسية مقلدة بتركيبات كيماوية أو عشبية، لم يعد أمرا صعبا، إذ تدخل هذه المنشطات – ذات المنشأ الصيني غالبا – إلى البحرين إما مع تجار “الشنطة” أو عبر تهريبها.
في أحد المحال المتخصصة ببيع الألعاب والأجهزة الالكترونية بسوق المنامه، طلب الشاب العشريني (ع) من أحد الباعة منشط جنسي. أستجاب له البائع دون تردد وأخرج العقار من أحد الأدراج. تمت عملية البيع والشراء بسهولة تامة على مرأى ومسمع معد التحقيق الذي تصادف وجوده بالمحل في ذلك الوقت.
شدّ هذا الموقف انتباه معد التحقيق، ودفعه لتتبع مسار بيع هذه المنشطات الجنسية غير المرخصة.
أجرى جولات ميدانية على 10 محال تجارية غير مرخصة لبيع المنتجات الطبية ووجد أن جميعها تبيع هذه العقاقير، التي أكدت أكثر من منظمة عالمية مخاطرها الأكيدة أحياناً والمحتملة أحياناً أخرى على الصحة، في ظل ضعف رقابة وزارات الصناعة والتجارة والسياحة وقلة اعداد مفتشيها ممن يحملون صفة الضابطة العدليه
تتركز العقاقير المتداولة في هذه المحال – وفق تتبع معد التحقيق وتوثيقه – في نوعين وهما (“يونغ يانغ” YoungGang ) و(“ماكس مان” Max man II capsules ) وهما عقاران غير مرخصين محلياً وفق مستشار مختبر ضمان جودة الأدوية في هيئة تنظيم المهن الطبية هشام عبدالله العوامي.yong-yang (1)
هذه العقاقير العشبية، هي عقاقير مقلدة وشبيهة بتلك المصرّح بها والصادرة عن شركات دواء عالمية، وتحمل أحياناً أسماء قريبة أو شبيهة بالأسماء الأصلية ضمن تجارة عابرة للحدود. حيث تحذر منظمة الصحة العالمية منذ أكثر من عشر سنوات من ازدهار تجارة تلك العقاقير البديلة في العالم لدرجة دخول منتجي المواد المخدرة إلى هذه التجارة. إذ يقول المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة غرب المحيط الهادى آنذاك،شيجيرو أومى، إن وضع تجارة الأدوية البديلة يزداد سوءا حتى أصبح جريمة منظمة عابرة للحدود.
منتجات ملوثة
يكمن خطر هذه المنتجات من العقاير في أنها غير منضبطة تصنيعياً، ويمكن أن تؤدي إلى نتائج متفاوتة لمستخدميها. فقد جاء في تقرير لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية الصادر 2007 بعنوان “منتجات تقوية القدرة الجنسية الملوثة”، أنه “تعرّفت إدارة التغذية والدواء الأمريكية على منتجات ملوثة، ممثلة في كثير من الأحيان في مكملات غذائية تحتوي مكونات نشطة مخبأة، تستخدم فيها أدوية معالجه الضعف الجنسي، ولكن بنسب عالية من أجل الوصول إلى أداء جنسي أقوى، من غير اكتراث بالآثار الجانبية التي يمكن أن يسببها هذا الاختلال في التركيب”.
وجاء في تقرير آخر بعنوان “Max Man capsules : كبسولات تشكل خطراً كبيراً على الصحة، ولا ينبغي أن تُتناول”، والمؤرخ في 24 مارس/ آذار 2014 التابع لإدارة السلع العلاجية في أستراليا، والمنشور في الموقع الخاص بها، أن إدارة السلع العلاجية الأسترالية (TGA) قامت باختبار الكبسولات ووجدت أنها تحتوي على مادة غير معلنة من الفياغرا. كل ذلك على الرغم من أن ملصق المنتج يدّعي أن العقار مصنوع من مواد طبيعية وآمنة 100٪، ولا تحتوي على الأدوية” ناصحة المستهلكين بالتوجه للمنتجات الطبية المأمونة.
كذلك الحال بالنسبة لأقراص تباع تحت أسم يونغ يانغ وضعت إدارة السلع العلاجية في استراليا تقريراً خاصاً عنه بعنوان”أقراص يونغ يانغ تشكل خطراً كبيراً على صحتك، وينبغي ألا تتناولها” في 5 يونيو/ حزيران 2013، إذ “اختبرت أقراص يونغ يانغ ووجدت ما يلي: “تحتوي الأقراص على وصفة طبية غير معلن عنها من مادة تادالافيل، والتي ننصح المستهلكين بعدم استخدامها إلا بوصفة طبية. كما تحتوي الأقراص أيضا على مادة سيلدينافيل غير معلن عنها. والتي ننصح المستهلكين بعدم استخدامها إلا بوصفة طبية فقط (والسيلدينافيل هو العنصر النشط في الفياجرا).
اذا، أقراص يونغ يانغ لم تحصل على تقييم جيد من قبل إدارة السلع العلاجية للجودة والسلامة والكفاءة على النحو المطلوب بموجب التشريع الأسترالي، ولم تتم الموافقة على مكان الصنع أيضا .
والتحذيرات هذه تتجه للمنتجات غير الرسمية الصادرة من غير ترخيص من الإدارات الطبية المختصة في أستراليا.

إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تحذر
التحذير ذاته قريب في بيان صادر من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بتاريخ 2 مارس/آذار 2015 إذ تنصح الإدارة المستهلكين بعدم شراء أو استخدام Max Man capsules، وهو منتج يُروّج لتقوية القدرة الجنسية. وقد تم التعرف على هذا المنتج من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أثناء فحص الطرود الدولية.
وأكدت التحاليل المختبرية للإدارة الغذاء الأمريكية أن هذا العقار يحتوي على السلدنافيل، وهو العنصر النشط في دواء الفياغرا الطبي. إذ يشير التقرير إلى أن هذا العنصر غير المعلن عنه قد يتفاعل مع النترات الموجودة في بعض الأدوية مثل النتروجليسرين ويمكن أن يُخفّض ضغط الدم إلى مستويات خطيرة. إذ أنه غالباً ما تؤخذ هذه النترات مع أمراض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكولسترول، أو أمراض القلب.
كالتقرير الأسترالي، فهذا التقرير ينبه الجمهور إلى وجود زيادة في المكملات الغذائية، مع العقاقير والمواد الكيميائية المخفية. ويتم الترويج لهذه المنتجات عادة لتقوية القدرة الجنسية، وغالبا ما توصف بأنها “طبيعية ١٠٠٪” .
مسحوبان ويباعان
ويحذر مستشار مختبر ضمان جودة الأدوية في هيئة تنظيم المهن الطبية بمملكة البحرين هشام العوامي من التأثيرات السلبية لهذه العقاقير الجنسية التي تباع على انها بدائل غير مرخصة لعقاقير طبية أصلية متاحة في الصيدليات وتباع بوصفات طبية، لأنه يفترض ان تتناول بإشراف أطباء. ويقول العوامي إن هذه العقاقير غير المرخصة والمقلدة والمغشوشة مخلوطة بكميات كبيرة من عقارات طبية أخرى مما يجعلها سامة في أغلب الأحوال.
ويؤكد العوامي “مستحضر ماكس مان ويونغ يانغ ممنوعان رسمياً من أسواق البحرين، وغير مسجلين لدى الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، وكذلك مرفوضان من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية والهيئة الصحية الوطنية بكندا. وإن وجدا في أسواق البحرين فإن وجودهما غير شرعي”.unnamed

وتابع أن”التأثيرات المحتملة للعقاقير الجنسية غير المسجلة، لا يمكن حصرها ولابد من القيام بتحليل كامل لهذه المواد في مختبرات الهيئة قبل السماح بتداولها بعد تسجيلها”. العوامي قال إن الجهات الرسمية هنا لم تفحص هذه المنتجات واكتفت بالتقارير الدولية المتواترة الصادرة من جهات ذات صدقية واختصاص. مشيراً إلى أن “في حالة التسجيل الأولي للأعشاب الطبية أو المستحضرات الصحية والمنتجات الأخرى البديلة، فإن الهيئة تقوم بتحليل معظم الأصناف لدى مختبر ضمان جودة الأدوية قبل التسجيل وإصدار شهادة التسجيل، إلا إذا كان المختبر لا يستطيع القيام بعملية التحليل، حينها تعتمد الهيئة تحاليل الهيئات المعتمدة والمؤهلة لذلك”.

عدا الأضرار الصحية
تشكل هذه التجارة غير الرسمية بالاعشاب الطبية بحسب صاحب صيدلية الحكمة أحمد العلوي: “نسبة كبيرة من إجمالي التجارة في سوق الأدوية والعقاقير في البحرين، ومكاسبها غير المشروعة قد تؤدي إلى أرباح خيالية نتيجة الضعف الشديد في الردع التشريعي والرقابي”.
ويعزز ما ذهب إليه العلوي، ما سبق وأن حذر منه، منذ أكثر من عشر سنوات مضت، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة غرب المحيط الهادى آنذاك، شيجيرو أومي الذي يقدر حجم هذه التجارة بحوالى 35 مليار دولار. ولذلك لم تكن مفاجأة أن يتحول تجار مخدرات إلى تلك التجارة المربحة .
ويقول صاحب صيدلية الرازي حسين عبدالعزيز: “كان طرح الفياغرا ثورة في مجال علاج الضعف الجنسي، حيث كان هذا العقار مطلوباً بشكل كبير من الصيدليات، ولكن نتيجة لتفشي ظاهرة الأدوية والمنشطات البديلة، اتجه كثيرون لشرائها من أماكن أخرى لرخص ثمنها”.
يعزو وكلاء ثلاثة أدوية جنسية طبية في البحرين (فياغرا، سياليس، سنافي) سبب ذلك التأثر إلى لجوء المستهلك لشراء منتجات جنسية بديلة ومن مصادر غير معروفة. إذ يؤكد مدير المبيعات بمؤسسة بهزاد الطبية (وكيل عقار السنافي)، الدكتور محمد عبدالمنعم، تأثر مبيعات العقارات الجنسية في وجود منافسة مزيفة لها أقل سعراً وأسهل وصولاً. ورجّح سبب انتشار تلك المنتجات بذهاب الكثيرين للسياحة في بلدان آسيوية تعرض تلك المنتجات في السوق بشكل علني وبأسعار رخيصة جداً، فيتبضّعون منها، وربما للبيع والترويج لها.
وذكر أنه وجد أن التناقص في مبيعات دواء “سنافي” الطبي في العامين الأخيرين كان واضحا. وتوقع أن يزداد الإقبال على شراء الأدوية الجنسية من الصيدليات، وأيّده في ذلك خليل إبراهيم، المدير في صيدلية يوسف محمود، وكيل عقار فياغرا الطبي.
بعيداً عن الخجل.. قريباً إلى الوهم
يرجع الاستشاري في مستشفى ابن النفيس الطبي الدكتور وليد علي، سبب تردد الكثير من الأشخاص في الذهاب للطبيب خجلا منهم لمناقشة وضعهم الجنسي. فيقومون بالاستعاضة عن ذلك باللجوء مباشرة لأحد المحال المروجة للعقاقير الجنسية غير الآمنة وغير المرخصة، وتستخدم من دون استشارة طبية ظناً أنها ستعود بالنفع، في حين تكمن خطورتها بمضاعفاتها بعد أخذها سواء كان ذلك على المدى القريب أو البعيد”.
ولا يقل الاجانب المادي أهمية عن الخجل خصوصاً بالنسبة للشباب الصغار. تكلف زيارة الطبيب المختص، وإجراء الفحوصات المخبرية حوالي 100 دينار بحريني (265 دولاراً) بحسب موظف الاستعلامات في مستشفى الكندي الخاص.
أضف إلى ذلك، فإن سعر علبة ماكس مان ذات 100 حبة تباع بسعر 8 دنانير (21 دولاراً)، بحسب المعلومات التي تحصل عليها معد التحقيق من الباعة أنفسهم، أي أن سعر الحبة الواحدة حوالي 12.5 فلساً، وهو مبلغ زهيد جداً إذا ما قورن بالمنشطات الجنسية الأصلية التي تباع بالعلبه. ولكن أصحاب المحلات التي تروّج هذا العقار تبيعه بعدد الحبات، إذ تباع كل 3 حبات من هذا العقار بدينار واحد (2.6 دولاراً)، بينما يصل سعر منتج “يونغ غانغ (الأشهر محلياً) إلى دينار للحبة الواحدة.
وبالمقارنة، فإن سعر علبة الفياغرا (100 ملليغرام – 4 حبات) هو9.890 دينار 26.224) دولار)، أي أن سعر الحبة الواحدة (وهو لا يباع بالحبة الواحدة) يصل إلى 2.472 دينار، (6.556 دولار).
main_loc-m-1-3رسالتك ليس لها عنوان

في خضم البحث عن مصانع للعقارين: Maxman capsules ويونغ غانغ، لم يتبيّن سوى مواقع مبيعات على الانترنت بلا بريد إلكتروني مُفعّل. ارسل معدّ التحقيق الذي عرف بنفسه على أنه تاجر في مجال الأعشاب الطبية والمكملات الغذائية رسالة بالبريد الإلكتروني، وأخرى بالبريد المسجّل، إلى العناوين الشحيحة التي كتبت على علب هذين العقارين. واتصل هاتفياً بعدد من الموزعين طالباً إليهم معلومات وأسعار هذه العقاقير، وطريقة إدخالها إلى مملكة البحرين وهي غير مرخّصة.
لم يحصل أي استجابة أو رد على الرسائل الإلكترونية، فيما عاد البريد المسجل يحمل عبارة تفيد بعدم كفاية المعلومات، أي عدم صحة العنوان. فتبين أن الشركة تستخدم عناوين وهمية.

غش المغشوش
وفي محاولة الوصول إلى مصدر المنتجات داخل البحرين، تخفى معدّ التحقيق في شخصية تاجر أعشاب طبية يعتزم استيراد هذه العقاقير، وتحدّث مع موزّع محلي للمنتجَين ” Maxman capsules ” و”يونغ غانغ. فأشار الموزّع إلى “تقليد التقليد”، قائلاً: “إذا أردت أن تحصل على العقاقير بمبلغ زهيد، فستحصل عليه مقلداً من الصين، لكنني لا أبيع المقلد وهذا يجعل سعره مرتفعاً”.
ويضيف “إذا أردت استيراد المنتجات فستقابلك مشكلتان، أولاهما تكاليف الشحن وضريبة المنشأ، والثانية تصريح للاستيراد كي تستطيع أن تُدخل البضاعة من الجمارك”.
بيد أن هذا الموزّع عارض فكرة معدّ التحقيق، بالاستيراد. وقال له:”شراؤك منتجات من داخل البحرين أفضل وأسهل بدلاً من عناء وتكاليف شرائها بديلة من الصين، وربما تكون خسارتك كبيرة في بيعه هنا وهو بديل”.
بحسب التعليمات الرسمية للحصول على وكالة تلك المنتجات في داخل البحرين يحتاج الشخص إلى سجل تجاري وسجل من وزارة الصحة لبيع واستيراد المنتجات الصحية، وبعدها يأتي بعينات من تلك المنتجات لفحصها في وزارة الصحة لتحديد ما إن كانت مصرحة أم لا قبل السماح بطرحها في الأسواق.
يقول له الموزع: “لن يأخذ يستغرق الحصول على سجل تجاري مدة طويلة، لكن كل الإجراءات المتبقية ستأخذ وقتاً طويلاً يصل إلى ثلاث سنوات”.
ذلك يعني ضمنيا أن معظم المتاجرين في هذه العقاقير يحصلون عليها من موزعين أساسيين محليين غير مرخصين وأن المورد الاساسي على الأغلب “تجار الشنطة” من الدول الآسيوية ممن يجلبون معهم هذه العبوات دون إثارة شك وريبة رجال الجمارك.
وهو ما يؤكده المستشار العوامي بقوله إن هذه الأنواع من البدائل الممنوعة” يتم تهريبها عن طريق الشنط أثناء السفر”.
كما أن محاولات معد التحقيق في الحصول على معلومات حول حجم استيراد البحرين من المنشطات الجنسية المرخصة لم تجد نفعا، سواء من جهة الوكلاء الرسميين لأشهر الأنواع (فياغرا ، سياليس ، سنافي) أو من وزارة الصحة، فرغم الوعود المتكررة التي تلقاها من قسم العلاقات العامة في الوزارة إلا أنه لم يحصل على أي معلومة.

القوانين رادعة؟
في 16 أغسطس/أب أصدر سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة نائب جلالة الملك ولي العهد مرسومين بقانون رقم 20 و 21 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (18) لسنة 1997 في شأن تنظيم مهنة الصيدلة والمراكز الصيدلية، وتناول المرسومان الصيدلة والأدوية، ووصلت العقوبات فيهما إلى الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين وغلق المحل الذي وقعت فيه المخالفة ومصادرة ما يكون فيه من مواد وتجهيزات.
ولكن المواد تتعلق بـ “أدوية” و”صيدلة”، وليست بمنتجات غير طبية غير مسموح باستيرادها، ولا تعد جزءاً من الأدوية، ولا هي متداولة أساساً في الصيدليات، بل في متاجر لا علاقة لها أبداً بالطب أو الصحة.
ويقول الاستشاري في مستشفى ابن النفيس الطبي، الدكتور وليد علي، إن الحاجة ملحة أولاً لسن قانون جديد يشمل كافة الجهات ذات العلاقة لتنظيم دخول الأدوية والمنشطات والأعشاب الطبية “والأهم إيجاد قانون ينظم عملية بيعها بعد السلامة من تأكد إجراءات دخولها البلاد، بالإضافة لضرورة وجود رقابة شديدة على كافة المحال وتدشين عمليات مداهمة مفاجئة”.
وبسؤال المحامي علي العصفور عن رأيه في مواد المرسومين، أجاب: “شمل التعديل على تشديد العقوبة في القانون، بهدف أن تكون العقوبة أكثر ردعاً لمن يقوم ببيع الأدوية والعقاقير والمركبات بشكل يخالف القانون، لما لهذه الأدوية والعقاقير من أضرار تؤثر على حياة و صحة الأنسان”.
ويقول إن العقوبة السالبة للحرية لم تتغير إذ بقيت بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر”وهي في نظري عقوبة غير رادعة إذ يتعلق الأمر بالحفاظ على حياة الناس وصحتهم”. كما لم يتطرق التعديل إلى حالة ما إذا أدى استخدام هذه الأدوية والعقاقير غير المرخصة أو المغشوشة إلى وفاة الشخص، وترك الأمر إلى القواعد القانونية الموجودة في قانون العقوبات.
قانون الصيدلة، بحسب مستشار العوامي يشير إلى “إن إدخال أي أدوية غير مرخصة يمكن أن يشكل إما جريمة إنشاء صيدلية إذا كان البيع يتم في مكان يشكل في واقعه الفعلي صيدلية أو جريمة مزاولة مهنة الصيدلية بدون ترخيص نظراً إلى أن حيازة الأدوية بقصد البيع هو مزاولة لمهنة الصيدلية”.
لذا يرجح أمين سر جمعية الصيادلة البحرينية عادل سرحان “استخدام مروجي هذه المنتجات الجنسية غير المرخصة، وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة الانستغرام، مما سهّل كثيراً انتشار هذه التجارة”.
يلقي الاستشاري في مستشفى ابن النفيس الطبي الدكتور وليد علي، اللائمة في انتشار هذه المنشطات الجنسية لضعف رقابة الجهات المعنية”.
ويحمّل استشاري مسالك بولية الدكتور عيسى أمين، الجهات المختصة مسؤولية انتشار هذه الظاهرة، بالقول: “أن دخول هذه العقاقير البحرين وبيعها بشكل الكبير، وشبه العلني، يؤكد ضعف الرقابة”.
6 مقابل 85 ألفاً
اعتمدت وزارة التجارة والصناعة والسياحة البحرينية عدة أساليب في الرقابة على السجلات التجارية، منها التفتيش الميداني على المحال التجارية بحسب الخطط الإدارية المعدة مسبقا وذلك أثناء الدوام الرسمي أو خارجه، وبواسطة موظفي الإدارة ممن لديه صفة الضبطية القضائية والتفتيش الميداني الطارئ، أو بناء على شكاوى من الأفراد والجهات الرسمية، إلا أن العقبة الكبرى تكمن في عدد المفتشين مقارنة بعدد السجلات التجارية، إذ لا يتجاوز عدد المفتشين 6 أشخاص من المفترض أن يقوموا بالتفتيش على أكثر من 80 ألف سجل تجاري عامل وفق آخر إحصائية للوزارة بنهاية العام 2014.

ومن العطارة ما قتل

خاض (ح . م) تجربة استخدام تلك المنشطات ظناً منه أنها سوف تحسن قدرته الجنسية، إثر نصيحة تلقاها من أصدقائه، فقصد أحد محلات العطارة طالباً من البائع بتزويده بأفضل ما لديه حتى ينال السعادة بعلاقته الجنسية، يقول: “أحضر لي عسلاً فيما يبدو أنه مخلوط بمكونات تساهم في تحسين النشاط الجنسي… ولا أخفي إيجابية النتيجة اللحظية، إلا أن ذلك الأمر سرعان ما تبدد لحظة شعوري بسرعة خفقان القلب والارتعاش، لذلك لم أتوان عن التوقف عن تناول هذه المنتجات من دون الرجوع للأطباء المختصين”.

والشكوى من قلة المفتشين جأر بها وزير الصناعة والتجارة والسياحة زايد راشد الزياني، إن عدد السجلات التجارية العاملة بلغ 85 ألفا سجلا تجاريا، وذلك حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول من العام 2014، يقوم بمراقبتها ستة مفتشين فقط .
وبعملية حسابية قام بها معدّ التحقيق استناداً إلى معلومات استقاها من مفتشين حول طبيعة عملهم، فإنه بافتراض أن المفتش الواحد يعمل 11 شهراً في العام، ومن دون احتساب العطل الدينية والوطنية، فسيكون لديه 247 يوم عمل، وبافتراض أنه في 8 ساعات عمل سيفتش 12 محلاُ في اليوم (وهو افتراض مثالي)، يعني أن المفتش الواحد سيمر على 2964 سجلاً في السنة الواحدة… أي أن المفتشين الستة سيزورون معاً 17784 محلاً في العام الواحد من أصل 80 ألف سجل عامل. هذا يعني حسابياً أن المحل الواحد يجري التقتيش عليه مرة كل 4.4 سنوات.
وأكدت ذلك إجابات سؤال وجهه معد التحقيق لباعة حول آلية الرقابة وطريقتها على المحلات، فأكد عدد منهم بأنه لم يشهد أي حالة تفتيش طوال فترة عمله في المحل والتي وصلت لقرابة 3 سنوات.
يبقى أن معد هذا التحقيق قد كشف الكثير عن مكامن الخلل ليس بدءا من ضعف الرقابة نتيجة عدد المفتشين مقارنة بالكم الهائل من المحال التجارية، وليس وصولاً بممارسة البعض مهنة الصيدلة دون ترخيص، ولا انتهاء بكيفية دخول هذه المنتجات البديلة وغير المرخصة في الداخل، ما يعني أن المسؤولية الملقاة على عاتق الجهات المسؤولة كبيرة حفاظا على صحة وسلامة الأشخاص وهذا لا يكون إلا عبر تعديل القوانين لتكون رادعة وتفعيل رقابة قوية.

أنجز هذا التحقيق بدعم شبكة أريج (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية) www.arij.net وبإشراف الزميل غسّان الشهابي.


تعليقاتكم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *