مصرف "المير" بالفيوم يروي الزراعة بمياه الصرف الصحي

8 أكتوبر 2014

 تحقيق استقصائي

ولاد البلد – محافظة الفيوم-  يستذكر السبعيني محمد حسن، بدايات شق مصرف المير للصرف الزراعي في عهد الملك فاروق في أربعينات القرن الماضي، حين كان يستمتع هو وجيرانه بسماع نقيق الضفادع ليلا، وبشم رائحته الرطبة المندية الخارجة من شجر الصفصاف والكافور، وبأكل السمك الذي يتم صيده من مياهها.

اليوم، وبعد سنوات من تغييب هيبة الدولة وكسر القانون على يد السلطات المحلية وزيادة السكان والتوسع العمراني بدون تخطيط، ولا مخصصات مالية للتعامل مع مخلفات الصرف الصحي غير المعالج، تلوثت مياه المصرف التي تروي خضروات تؤكل نيئة مثل الخيار والفلفل والبقدونس والشبت والطماطم والملوخية، وأيضا القمح والذرة، وذلك بالمخالفة للقانون الذي لا يسمح باستخدام هذه المياه غير المعالجة إلا لري الأشجار الخشبية ونباتات الزينة.

وأصبحت نوعية مياه مصرف “المير”غير الصالحة لأي شيء، بحسب ما أظهرت ثلاث عينات مياه سحبتها وحللتها كاتبة هذا التحقيق الاستقصائي، تهدد التربة وسلامة المحاصيل الزراعية وصحة 17,000 مواطن يقطنون القرى العشر التي تطل على مجرى المصرف بطول 4.5 كيلومتر بين قريتي تطون وشدموه.

“نشعر بأننا نأكل ونشرب ’صرف صحي’ من شدة نفاذ الرائحة, زرعنا الذي نزرعه لا نأكل منه ونبيعه، حتى اللبن والزبد نبيعه،” كانت هذه كلمات المزارع جويه فهمي عبد الرسول، يصف بها نوعية حياته وحياة السكان هناك. “نحن نعرف خطورة ما نزرعه على الصحة، لكن ماذا نفعل؟ نموت جوعا وفقرا؟”

 

كيف ظهرت المشكلة

بداية المشكلة كانت مع بناء محطة الصرف الصحي عام 2005 في قرية تطون، مركز إطسا، على مسافة حوالي 120 كيلومترا جنوبي القاهرة،وكان من المقرر أن تقوم المحطة بصرف مياهها في مصرف “الجندي” الذي يبعد عن المحطة نحو 60 مترا وينتهي بمنطقة صحراوية.

المحطة تستقبل أضعاف طاقتها الاستيعابية إذ صممت للتعامل مع 9760 مترا مكعبا/يوميا، لكن فعليا يدخلها 12000 متر مكعب كل يوم، بسبب زيادة عدد السكان. وتم توصيل المحطة بمصرف “المير” عام 2009، بقرار من رئيس المجلس المحلي وصرف مياه المحطة مباشرة إلى المصرف.

كما شيدت 17 عمارة تضم 350 وحدة سكنية يقطنها حوالي 1800 مواطن قرب قرية تطون عام 2007، رغم معرفة البلدية أن المنطقة لا تخدمها شبكة صرف صحي، وكان يتم تجميع مياه صرف العمارات في حجرات خرسانية تحت الأرض، ثم تقوم الوحدة المحلية التابعة لتطون بتفريغ هذه الحجرات من وقت لآخر وإلقاء المخلفات في المنطقة الصحراوية المجاورة.

لكن السكان قاموا بردم هذه الحجرات بعد أحداث 25 يناير عام 2011، وذلك بعد أن استاءوا – كما يقولون – من عدم انتظام الوحدة المحلية في تفريغ الحجرات، رغم أنهم يدفعون رسوم الصرف الصحي على فواتير المياه بنسبة 35 % من قيمة الفاتورة.

ووجدت الوحدة المحلية أن الحل السهل هو مد ماسورة تنقل مياه الصرف الصحي من العمارات إلى مصرف المير مباشرة، وذلك بالمخالفة لقانون 48 لسنة 1982بشأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث.

ويقول رئيس الوحدة المحلية علي مشرف، إنه تولى منصبه أواخر العام الماضي وبالتالي فهو ليس مسؤولا عما حدث أثناء تولي الرؤساء السابقين للوحدة المحلية.

وبعدها أقدم ساكنو حزام عشوائي من 100 بيت، يسكنها أكثر من 800 شخص حول منطقة العمارات، على مد ماسورة تنقل مياه الصرف الصحي مباشرة إلى المصرف.

ما زاد الطين بلة أن المحطة تعمل منذ عام 2011بنصف طاقتها الأصلية بسبب ما ذكره مدير المحطة المهندس أحمد صلاح أنه “مشاكل هندسية” سببها قيام الأهالي بردم الغرف الخارجية للمحطة اعتراضا منهم على صرف مياه المحطة في مصرف المير، ما أدى إلى ارتداد المياه إلى داخل المحطة وتصدع جدرانها. ويتابع، أن المحطة طرحت مناقصة في أواخر العام الماضي وبسبب عدم توفر المخصصات المالية منذ ذلك الحين لم تستطع تنفيذها، رغم رسوم الصرف الصحي التي يدفعها المواطنون.

ويؤكد عبد الرسول أن الأهالي اضطروا إلى سد المواسير التي تنقل المياه من المحطة إلى المصرف.

هذه باختصار قصة تعايش مع الأمر الواقع أبطالها السكان من دافعي الضرائب  والسلطات المحلية الذين يكسرون جميعا القانون بدلا من تطبيقه. يتحول ضمن هذا السيناريو المواطن من ضحية إلى جانٍ والمسؤول من راعي الحق العام إلى متعدٍ على القانون بدون عقاب.

الأهالي يشكون من المياه ويروون منها

يقول المزارع شحات أبو القاسم: ” نضطر لزراعة الأرض واستهلاك المحصول فنصاب بالمرض، نعيش في بؤرة للأمراض المعدية والمزمنة والخطيرة، وتم اكتشاف حالات كثيرة مصابة بالفشل الكلوي، والفيروس الكبدي سي وبي، والكثير من أهالينا يكمن فيهم المرض.”

ويشير عبد الرسول إلى أن المزارعين اتصلوا في عام 2012 بياسر علي، المتحدث الرسمي باسم رئيس الجمهورية حينئذ محمد مرسي، لكن أحدا لم يستجب لهم، ويضيف “لم نحصل من الجميع إلا على وعود فقط.”

يشرح أحد أهالي قرية شدموه، المهندس محمد يادم حميدة، وهو رئيس قسم الأراضي والمياه بمديرية الزراعة سابقا، الوضع قائلا “المشكلة أن هذه المنطقة ليس بها مياه كافية للري، فيضطر الفلاح لاستخدام مياه الصرف الصحي جبرا.”

وهذا ما دفع المواطنين إلى الشكوى للإدارة الزراعية بإطسا من محطة الصرف بتطون ثلاث مرات خلال شهري 8 و9/2009 وشهر 10/2010. وقامت الإدارة الزراعية بعمل معاينات للتثبت من أن المحطة تصب مياهها في مصرف زراعي. وأكدت معاينات الإدارة الزراعية أن المحطة تقوم بالفعل بإلقاء مياه الصرف الصحي في المصرف دون معالجة، كما قام المراقب الصحي بتطون، عبد القادر محمد عبد المقصود، بمعاينة بناءً على شكوى المواطنين، وتبين – كما يذكر – أن المحطة تصرف مخلفاتها دون معالجة. وأرسل المواطنون شكوى أيضا عن طريق الفاكس برقم 309249 في 29/11/2012 إلى رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالفيوم.

وقام رئيس مجلس مدينة إطسا، محمود طلبة عبد اللطيف، بإرسال إنذار لمدير المحطة وعمل محضر مخالفة له، إلى جانب مخاطبة مديرية شؤون البيئة، الإدارة الصحية بإطسا، لاتخاذ اللازم. وكان رد مدير المحطة في كل ذلك أن الأهالي هم السبب فيما يحدث من إلقاء مياه الصرف دون معالجة بعد أن ردموا الحجرات، ما أدى إلى ارتداد المياه إلى داخل المحطة.

“تحكمنا الموارد والاعتمادات المالية”

لم ينكر رئيس مجلس المدينةهذا الوضع، ويقول:”نعلم أن صرف منطقة العمارات يتم بصورة خاطئة، ولكن تحكمنا الموارد والاعتمادات المالية لتحويل صرف هذه العمارات إلى محطة الصرف الصحي (يتكلف التحويل حوالي 400 ألف جنيه)، ولدينا مشاكل مع محطة الصرف الصحي بتطون، بعد أن تقدم الأهالي بشكاوى لمجلس مدينة إطسا والمحافظة، يتضررون فيها  من قيام  المحطة بصرف المياه دون معالجة، وقد قمنا بالفعل بعمل تحاليل لمياه المصرف، وثبت صحة كلامهم.”

ويضيف: أنه يمكن لأي شخص أن يتبين ذلك بمجرد سيره بالقرب من المصرف، الذي تنبعث منه الروائح الكريهة، ويتابع عبد اللطيف “المصيبة أن المصرف يروي نحو 300 فدانا، وقمنا بعمل محضر ضد رئيس المحطة” التي تتبع الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي.

ويؤكد المهندس غطاس إبراهيم، كبير المهندسين والمدير العام بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بالفيوم، وهو المعني بجميع محطات الصرف الصحي بالمحافظة، عدم وجود طاقة معالجة كافية، قائلا: “الطاقة الفعلية لمحطة الصرف بتطون 9760 متر مكعب/ يوم، لكن فعليا يدخلها 12 ألف متر مكعب كل يوم بسبب تزايد عدد السكان.”

ويقول “المحطة آلت إلينا من الوحدة المحلية، التي لم يكن لديها تخطيط علمي لعمل محطة صرف.”

مياه المصرف مخالفة للمواصفات المصرية

حصلنا على عينة من مياه مصرف المير يوم 24/12/2013، وتوجهنا بها إلى معامل  قسم الميكروبيولوجيا بكلية الزراعة جامعة الفيوم.

بعد ثلاثة أيام، اتصل بي هاتفيا د. خالد محمد عطاالله، رئيس قسم الميكروبيولوجيا الزراعية بكلية الزراعة جامعة الفيوم، قائلا “نتيجة العينة زي الزفت.” ولا توجد مواصفات لمياه المصارف الزراعية.

يضيف عطاالله أن أخطر ما في العينة احتواؤها على بكتيريا إي كولاي E.coli بنسبة تصل إلى الملايين، وهذا دليل على خطورة هذه المياه الملوثة لأنه من المفروض ألا يوجد أي نسبة منها.

ويوضح قائلا: “وجود هذه البكتيريا الخطيرة بكثافة في تلك المياه يثبت وجود مخلفات آدميه بهذه المياه.”

ويضيف أن بكتيريا إي كولاي تعيش في أمعاء الإنسان والحيوان، ويمكن لبعض سلالات هذه البكتيريا أن تتحول إلى نوع من السموم تتسبب في أمراض مميتة مثل الإسهال الدموي، والتهاب السحايا، وتليف المخ، ونوبات التشنج الصرعية، وأيضا الفشل الكلوي، وعادة ما يصاب الناس بهذه البكتيريا بعد تناول اللحوم غير المطهية، أو أكل الخضروات المزروعة في أراض ملوثة بمياه الصرف الصحي غير المعالج لأن المصدر الرئيسي لهذه البكتيريا هو البراز.

تقول الدكتورة جميلة حسين، رئيس الوحدة الاستشارية لبحوث الفيروسات بالمعهد القومي للبحوث، إنه من جراء استخدام مياه الصرف الصحي تتعرض التربة الزراعية للتلوث الميكروبي، كما تتسرب الملوثات من التربة إلى المياه الجوفية، ومنها إلى المحاصيل المروية.

وتضيف “أما المشكلة الأخطر التي تتعرض لها التربة بسبب تشبعها بمياه الصرف الصحي فهي الملوحة التي تؤدي إلى تآكل التربة والحد من الأوكسجين، وبالتالي يتوقف النمو الطبيعي للنباتات.”

وتتابع جميلة أن المادتين 64 و68 من القانون 48 لسنة 1982 بشأن النسب المسموح بها في المجاري غير العذبة تنص على ألا يزيد الأوكسجين الكيميائي نسبة تتراوح بين 30 و80 مليجرام/لتر، لكن النسبة في العينة وصلت إلى 400 مليجرام/لتر. أما نسبة الأكسجين الحيوي المسموح بها فهي 20 مليجرام/ لتر في حين أنها وصلت في العينة إلى 162 مليجرام/لتر.

يستخدم تحليل الأوكسجين لقياس نسبة التلوث الموجودة، لأن أي مادة ملوثة تحتاج أكسجين لكي تتم عملية الأكسدة والاختزال، بمعنى إما أن تستهلك أو تنتج الأوكسجين، ويدل تحليل عينة من الأوكسجين الحيوي على وجود ميكروبات وبكتيريا استهلكت نسبة عالية منه، أما الأوكسجين الكيميائي فمعناه أن هناك نسبة تلوث عالية بالعناصر الكيميائية التي تستهلك نسبة مرتفعة من الأوكسجين، كما هو الحال في نتيجة تحليل العينة.

وخلصت إلى أن هذه المياه “لا تصلح لري الأراضي الزراعية، لكنها تصلح فقط لري الغابات الخشبية.”

وبمواجهة المهندس أحمد صلاح، مدير محطة الصرف، بشكاوى المواطنين والتحاليل التي قمنا بإجرائها على ثلاث عينات من مياه المصرف، والمشكلة التي تواجه الفلاحين من جراء ري أراضيهم من هذه المياه، قال: “المعالجة تتم بصورة طبيعية وسليمة.”

وتابع أنه تم تكليف المكتب الهندسي لكلية الهندسة جامعة الفيوم بمعاينة حالة المحطة وما بها من عيوب ومشاكل وعمل تقرير بهذا الخصوص.

وأوضح تقرير المعاينة أن المعاينة بينت وجود شروخ رأسية وأفقية (نتيجة صدأ حديد التسليح) بالحوائط على الجانبين الداخلي والخارجي، وأعلى الحوائط الوسطية، وضعف شديد للخرسانة، وتسريب المياه من حوض واحد نتيجة الصدأ، إضافة لوجود ميل في خمسة أعمدة حديدية داخل المحطة، نتيجة تراكم طبقات من الرمل على جانب السور الخارجي.

أما مدير الري في إطسا المهندس محمد يونس عبد السلام فقال بعد تردد: “لا توجد مشاكل في الري في هذه المنطقة، فالمياه متوفرة لكن الأهالي تستسهل الري من مياه المصرف، لقربه من أراضيهم.”

وعن الإجراءات التي تتخذها مديرية ري إطسا حيال محطة الصرف الصحي، يقول عبد السلام إنه يتم إخطار الإدارة الصحية بإطسا، التي أثبتت أكثر من مرة أن المحطة لا تعالج المياه، وتقوم الإدارة العامة للري بإرسال إنذارات للمحطة وللشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بالفيوم، “وهذا أقصى إجراء متاح أمامنا”، ويضيف أنه ليس أمام المديرية سوى إرسال إنذار لأنه ليس منوطا به اتخاذ إجراءات ضد الشركة القابضة وهي جهة مستقلة.

بكتيريا الصرف الصحي في مياه المير

يقول الدكتور سيد أحمد الحنفي، وهو متخصص في أمراض الكبد والجهاز الهضمي، ويعمل في عيادته الخاصة في قرية أبو النور، إحدى القرى المطلة على المصرف، والتي تخدم أيضا أهالي القرى الصغيرة المجاورة، إن معظم الأمراض التي يعالجها في المنطقة بما فيها امراض الكبد الفيروسية،هي التي تتسبب فيها هذه البكتيريا.

ويضيف “لا يمر يوم إلا وتستقبل عيادتي ما يقرب من خمس حالات مصابة بأمراض الكبد الفيروسية، وهناك حالات للفشل الكلوي…وهذا مؤشر خطير لانتشار المرض لأني لست الطبيب الوحيد الذي يتردد على عيادتي كل أهالي القرية وتوابعها.”

أما الدكتور محمد صابر، وهو دكتور بيطري لديه عيادة خاصة تخدم أهالي  القرى الواقعة في محيط المصرف، فيؤكد أن معظم الأمراض التي يعالجها في حيوانات المنطقة هي الفاشيولا والتهاب الجلد العقدي، وكل من هذين المرضين ينجم عن شرب المياه الملوثة وأكل الأعشاب المروية بهذه المياه.

المخاطر تواجه الزرع والأرض أيضا

يشير الدكتور محمود عبد الجواد، مدير المعمل المركزي لتحليل المياه والتربة والنبات بكلية الزراعة جامعة الفيوم، إلى أن مياه الصرف الصحي سواء المعالجة أو غير المعالجة تتسبب بمرور الوقت في مشاكل متزايدة للتربة وللنبات بالطبع.”

وفي تعقيبه على نتيجة تحليل مياه المصرف، يقول عبد الجواد “المشكلة الخطيرة التي أوضحتها التحاليل أن الأملاح الموجودة في التربة  توجد بنسب مرتفعة جدا وهي 20.5 مليجرام/لتر في حين أن النسبة المسموح بها في الزراعة هي حوالي 8مليجرام/لتر، فالتربة بوضعها الحالي لا تصلح لنمو جميع أنواع النباتات حتى النباتات المقاومة للأملاح.”

ضحايا وجناة

يحظر قانون الري 12 لسنة 1984 استخدام مياه الصرف في الري، إذ ينص على أنه لا يجوز استخدام مياه المصارف الزراعية في أغراض الري إلا بترخيص من وزارة الري.

ويقدم طلب الترخيص مرفقا به صورة من جميع الدراسات والتحاليل، متضمنة  نوع التربة وتحليل مياه الصرف، وأنواع المحاصيل تفصيلا، ودرجة مقاومة كل منها للملوحة، وكيفية استخدام مياه الصرف للري مباشرة أو بعد خلطها بالمياه العذبة، واسم مجرى المياه العذبة الذي سيتم الخلط به ونسبة الخلط.

كذلك يحظر قرار رئيس الوزراء 603 لسنة 2002 استخدام مياه الصرف الصحي في ري المحاصيل الحقلية مثل الخضراوات والفاكهة، ويقتصر استخدامها على زراعة الاشجار الخشبية فقط، ويمنع قرار وزير الزراعة 1083 لسنة 2009 استخدام مياه الصرف الصحي المعالج أو غير المعالج، في زراعة المحاصيل الغذائية، ويعاقب المخالف بإزالة المحاصيل على نفقته.

كل هذه القرارات لا تجعل الأهالي ضحايا فقط، بل باتوا جناة أيضا، بفعل استخدامهم لهذه المياه، وهو ما يضعهم بين خيارين كلاهما صعب إما عدم ري الأرض بهذه المياه غير الصالحة وبوار أرضهم، أو وضعهم تحت طائلة المادة 94 من القانون 12 لسنة 1984الذي يقضى بدفع غرامة لا تقل عن 1000 جنيه ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه للفدان الواحد عند الري بمياه الصرف.

وسيبقى أهالي قرى مركز إطسا يعانون إلى أن تتفق مختلف الجهات الحكومية على منع الصرف الصحي عن مصرف المير، وتوفير المياه الصالحة للمزارعين، مع فرض رقابة شديدة لمنع استخدام مياه المصارف في زراعة المحاصيل الغذائية.

وتستمر معاناة المواطنين، يستيقظ عبد الحميد، المصاب بفشل كلوي بسبب نوعية المياه، من نومه بوجه يميل لونه إلى الاسمرار وعينين صفراوين يبدو عليهما الإجهاد، بعد معاناته في جلسة الغسيل الكلوي لينزل إلى أرضه لريها بمياه مصرف “المير” المجاور.

يقول عبد الحميد: “مرضت بالفشل الكلوي، أقوم بغسيل كلى ثلاث مرات في الأسبوع، المرة الواحدة تكلفني 140 جنيها، وأعرف أن مرضي له علاقة بمياه الري الملوثة، لكن ماذا أفعل؟ ليس لي مصدر رزق غير زراعة أرضي.”

تم إعداد هذا التحقيق الاستقصائي بدعم من شبكة أريج إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية www.arij.net ضمن برنامج تدعيم الإعلام لتغطية قضايا الإدارة العامة في المحافظات


تعليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *