حقوق الطفل
يشعر بضيق في التنفس، ولا يكتفي بالأكسجين الذي يحصل عليه من أنفه. يلجأ إلى فتح فمه أملًا في دخول المزيد من الهواء إلى صدره الصغير، تصيبه نوبة سعالٍ قوية.
يعاني عدنان ذو التسعة أعوام من تحسس في القصبات الهوائية تزداد شدته في موسمين خلال العام؛ الربيع والخريف، ما يتطلب علاجاً ومراقبة دورية بحسب والدته "ندى حاتم".
تدفع أسرة عدنان تكاليف المتابعة الطبية من جيبها الخاص، فالطفل ليس لديه تأمين صحي حكومي يعين الأسرة في نفقات العلاج.
لا تملك أسرة عدنان تأمينًا صحيًا حكوميًا، فربُ الأسرة يمتهن الأعمال الحرة، ولا يعمل في شركة توفر خدمات تأمين صحي في القطاع الخاص.
توضح ندى أن ولدها يحتاج إلى إجراءات طبية تتطلب الذهاب إلى غرفة الطوارئ بشكل متكرر في العام، وأحيانًا يستدعي الأمر الإقامة في المشفى، بسبب حالته الصحية.
وتتابع: "يكلفنا بمعدّل الـ200 إلى 300 دينار ما بين المبيت في مشفى خاص والمراقبة والعلاج" .
يكلفنا بمعدّل الـ200 إلى 300 دينار ما بين المبيت في مشفى خاص والمراقبة والعلاج" .
لا تقتصر المعاناة في توفير الرعاية الصحية للطفل على أسرة ندى، إذ أن معظم الأطفال في الأردن لا يشملهم التأمين الصحي الحكومي.
يشكل الأطفال نحو ثلث السكان في الأردن، أكثرهم لا يمكنه الانتفاع من التأمين الصحي المخصص للأطفال، فهو ينتمون إلى الفئة العمرية 6-18 عامًا.
المصدر :
يتمتع الأطفال دون السادسة في الأردن بتأمين صحي حكومي وفق المادة 27 من نظام التأمين الصحي المدني، شريطة عدم انتفاع الطفل من تأمين صحي آخر. وتُوقف الخدمات الصحية المجانية التي ُتقدم تحت هذا البند بعد بلوغ الطفل سن السادسة.
تزايد إنفاق المواطنين في الأردن على الصحة منذ عام 2010 بنحو 40 في المائة. شكل الدفع من جيب المواطن كنسبة من إجمالي الإنفاق على الصحة نحو 21 في المائة في عام 2010، في حين تشير أحدث إحصاءات وزارة الصحة إلى أن مساهمة جيب المواطن ارتفعت إلى 30 في المائة.
سيتوجب على الحكومة الأردنية توفير خدمات الرعاية الصحية الأولية وعلاج الحالات الطارئة مجانًا لكافة الأطفال في البلاد، بعد إقرار قانون حقوق الطفل.
المصدر: دائرة الإحصاءات العامة
شهد عام 1998 إعداد أول مسودة لقانون حقوق الطفل في الأردن، إلا أن الحكومة اتخذت قرارًا بسحبها من مجلس النواب في عام 2008 بهدف ملاءمتها مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
أقّر مجلس الوزراء مشروع قانون حقوق الطفل في شهر نيسان/ إبريل من العام 2022، ويتوقع عرضه على السلطة التشريعية لإقراره، أو تعديله قبل إقراره، أو رده.
يوضح المحامي عيسى الهواوشة أن المادة 13 من مسودة قانون حقوق الطفل تتحدث عن الخدمات الأولية المجانية التي يجب أن تقدمها الجهات الصحية المعنية لكل طفل دون تمييز بسبب الجنس أو اللون وغيره.
يقول الهواوشة "هنا يؤخذ الأمر على إطلاقه؛ وذلك يعني تقديم الخدمات الصحية المجانية لجميع الأطفال المقيمين على الأرض الأردنية".
وحسب الهواوشة فإن شمول كافة فئات الأطفال في التأمين يهدف إلى الحفاظ على صحتهم العامة ومنع انتشار الأوبئة ورفع المستوى الصحي للمجتمع.
لا تبدو مهمة إقرار القانون عبر المسار الإجرائي المتبع بالأمر السهل، إذ يطالب قانونيون بضرورة ربطه بغيره من القوانين مثل قانون الأحوال المدنية، وقانون الأحداث، وقانون أصول المحاكمات الجزائية، و غيرها، مع تعديل التشريعات بما يتناسب مع مسودة قانون حقوق الطفل منعًا لأي تعارض أو تنازع للقوانين عند التطبيق.
يؤكد عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني الدكتور فايز بصبوص أنه من الممكن إجراء تعديل على مسودة قانون حقوق الطفل وربط نصوصه مع قوانين أخرى.
ويشير بصوص إلى أن الوقت المتوقع لمناقشة القانون يتحدد بما تستدعيه من اجتماع مع أصحاب الاختصاص من حقوقيين وغيرهم، إلى جانب الأخذ بالرأي فنيًا وقانونيًا.
لا تقتصر التحديات التي تواجه قانون حقوق الطفل على المسار التشريعي، إذ قد يجري تنفيذه على مراحل تمتد لسنوات.
يوضح وزير التنمية الاجتماعية أيمن المفلح أن مشروع قانون حقوق الطفل لم يطرأ عليه أي تعديلات قبل إقراره أخيرًا من مجلس الوزراء، إلا أنه جرت التوصية بتطبيقه على مراحل كي لا يكون هناك تبعات مالية.
يناط بوزارة التنمية الاجتماعية إعداد الدراسات لاختيار الأسر الفقيرة التي ستحصل على التأمين الصحي. ويبلغ عدد الأسر الفقيرة الحاصلة على تأمين صحي ثلاثين ألف أسرة، ضمن معايير التأمين الصحي الشامل.
المصدر: الموازنة العامة
تكشف المسودة الأخيرة لمشروع قانون حقوق الطفل لسنة (2022)، والتي أقرها مجلس الوزراء في نيسان/ إبريل الماضي، عن تعديلات طالت نصوص مشروع القانون من أبرزها؛ وضع مدد زمنية لتوفير الرعاية الصحية الأولية المجانية للأطفال، على أن يكون البدء بالتطبيق "خلال مدة لا تتجاوز سنتين من تاريخ نفاذ أحكام هذا القانون وتستكمل تنفيذها بمدة لا تتجاوز (١٠) سنوات."
كما ينص مشروع القانون على وضع نظام لتنظيم الشؤون المتعلقة بتنفيذ المهام المترتبة على وزارة الصحة وفقا لأحكام هذه المادة ومراحل التنفيذ والفئات والأعمار المستهدفة.
المادة 10 من مشروع قانون حقوق الطفل
أ-للطفل الحق في الحصول على الخدمات الصحية الأولية المجانية.
ب-تقدم الخدمات الصحية مجانا للطفل غير المنتفع من أي تأمين صحي في الحالات الطارئة والتي تهدد حياته.
ج-تعمل وزارة الصحة على وضع السياسات والبرامج الشاملة لتحسين الحالة الصحية للطفل وتنفذها وتخصص موارد كافية لخدمات الرعاية الصحية للاطفال.
د-تتخد وزارة الصحة الاجراءات اللازمة لتطبيق أحكام الفقرة (أ) من هذه المادة، على أن تبدأ بتطبيقها خلال مدة لا تتجاوز سنتين من تاريخ نفاذ أحكام هذا القانون وتستكمل تنفيذها بمدة لا تتجاوز (10) سنوات.
هـ-تنظم جميع الشؤون المتعلقة بتنفيذ المهام والواجبات المترتبة على وزارة الصحة وفقا لأحكام هذه المادة ومراحل التنفيذ والفئات والأعمار المستهدفة بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية.
توضح الخبيرة في موازنات الطفل أروى النجداوي أن الحكومة الأردنية بدأت برصد مخصصات للطفل في موازنات الوزارات المعنية منذ عام 2009، كأداة لتوجيه الموارد المالية لتلبية حقوق الطفل في مختلف المجالات.
يشكل توفير مخصصات مالية لتقديم الرعاية الصحية المجانية لجميع الأطفال في البلاد، في حال إقرار القانون، تحديًا كبيرًا أمام الحكومة.
تراجعت حصة وزارة الصحة من الإنفاق الحكومي ضمن مخصصات الطفل في الأعوام الأخيرة، حسب ما يظهر تحليل بيانات قانون الموازنة العامة للفترة 2015-2021.
كما انخفض إنفاق الوزارة على توسيع مظلة التأمين الصحي ضمن مخصصات الطفل، إلى النصف في الفترة ذاتها.
المصدر: الموازنة العامة
تعتبر النجداوي، وهي مستشارة في المجلس الوطني لشؤون الأسرة أنه لا يوجد ما يستدعي تطبيق قانون حقوق الطفل على مراحل في حال إقراره، فالمخصصات المالية ضمن موازنات الوزارات المعنية بحقوق الطفل مدرجة ضمن قانون الموازنة العامة.
مشيرةً إلى أنه كان لا بد من إقرار قانون حقوق الطفل منذ البدء بتنفيذ الموازنات المخصصة للطفل قبل ما يزيد عن عقد من الزمن، إلا أن تأخر ذلك يعود إلى البطء وضعف الإرادة السياسية ضمن القنوات التشريعية، حسب رأيها.
توجهنا بأسئلة إلى وزارة الصحة الأردنية لمعرفة أسباب تراجع مخصصات "توسيع مظلة التأمين الصحي" ضمن مخصصات الطفل للفترة 2021-2015، وكذلك الاستفسار عن الفئات والأعمار التي ستُمنح الأولوية عند البدء بتنفيذ القانون بعد إقراره، إلا أننا لم نتلق ردا حتى تاريخ نشر التقرير.