بيئة
"الضريبة الإضافية على سيارات الهايبرد كانت خطأً" كلمات أقرّ بها وزير المالية الأسبق عمر ملحس في مقابلة تلفزيونية حول تراجع الحكومة عن إعفاء المركبات التي تعمل بمحرك هجين من الرسوم الإضافية.
وكان ملحس أعلن في العام 2017 عدم تجديد الحكومة إعفاء المركبات الهايبرد (الهجينة) لعام آخر، وأن الهدف من الإعفاء كان إدخال ما نسبته 10 في المئة من مركبات الهايبرد إلى الأردن، في حين تجاوزت النسبة 50 في المئة، بحسب ملحس، الذي شغل منصب وزير المالية في تلك الفترة.
شجعت الحكومة الأردنية في الماضي شراء المركبات ذات الكفاءة في استخدام الطاقة، عن طريق تقليص الضرائب على سيارات الهايبرد، من 55 في المئة إلى 25 في المئة. إلا أنه تم التخلي عن تلك الإعفاءات الضريبية في العام 2012.
تمتاز المركبات الهجينة (الهايبرد) بالكفاءة العالية في استخدام الوقود، فهي تجمع بين محرك احتراق داخلي ومحرك كهربائي (واحد أو أكثر). غير أنها أغلى ثمنًا من السيارات التقليدية.
يُظهر تحليل بيانات دائرة الجمارك العامة تزايد حصة سيارات البنزين من السوق، بدأ ذلك في أعقاب إلغاء الإعفاء على سيارات الهايبرد، وزيادة نسبة الضريبة الخاصة عليها.
ارتفعت حصة سيارات البنزين من إجمالي السيارات المخلص عليها من نحو الربع (27 في المئة) في العام 2018 إلى النصف تقريبًا (47 في المئة) في العام 2021.
ومع أن التخليص على سيارات الهايبرد تزايد منذ العام 2016، ليشكل نحو نصف المركبات المخلص عليها، إلا أن العامين الأخيرين شهدا تراجعًا في حصة تلك الفئة من السيارات لصالح السيارات العاملة بالبنزين.
تراجعت نسبة سيارات الهايبرد من إجمالي السيارات المخلص عليها لتبلغ 43 في المئة في العام 2021، مقابل 54 في المئة في العام 2019.
في العام 2018، صرح وزير المالية عمر ملحس بأنه يصعب إلغاء تخفيض إعفاء المركبات الهايبرد، مقابل بدائل أُخرى، بسبب عدم تحقيقها العائد المأمول للحكومة، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.
يرى ممثل قطاع المركبات في هيئة مستثمري المناطق الحرة جهاد أبو ناصر أن زيادة رسوم على المركبات الهايبرد نشأت عن توقعات الحكومة بارتفاع إيراداتها من التخليص على مركبات الهايبرد عند إلغاء الإعفاء، إلا أن ما حدث هو تراجع إيرادات هذا البند، حسب رأيه.
يكشف تحليل بيانات دائرة الجمارك الأردنية عن تراجع إيرادات التخليص على مركبات الهايبرد بشكل ملحوظ، بدءاً من العام 2019، والذي شهد زيادة في الرسوم على تلك المركبات. تزامن ذلك مع تراجع في عدد المركبات المخلص عليها من تلك الفئة.
ومع ذلك، طرأ تحسن على إيرادات التخليص على مركبات الهايبرد في العام 2021 إلا أنها بقيت أقل من المسجلة قبل العام 2018.
ومع أن التخليص على مركبات الهايبرد تراجع مقارنة مع المركبات العاملة بالبنزين، إلا أنّ قيمة التخليص على الأولى تكون أعلى بسبب ارتفاع أسعار تلك الفئة من المركبات، حسب أبو ناصر.
تنخفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن استعمال مركبات الهايبرد، وهي لا تحتاج إلى متطلبات إضافية في البنية التحتية .
تشير دراسة نشرتها مجموعة البنك الدولي عام 2022 إلى تزايد انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بالنقل في الأردن بأكثر من 20 في المئة بين العام 2016 والعام 2021. تُكلف هذه الانبعاثات الاقتصاد الوطني بين 272.8 إلى 545.7 مليون دينار.، حسب الدراسة.
يرى الخبير البيئي محمد حامد أن استخدام سيارات الهايبرد كان يشكل خطوة للتحول من محركات الاحتراق الداخلي.
وحسب ما أشار ستشهد السنوات القادمة تحولًا نحو سيارات الكهرباء.
يؤكد حامد أن التحول الكامل إلى المركبات الكهربائية يتطلب وضع خطط وسياسات واضحة، وصولًا إلى المنع الكامل لاستخدام سيارات الاحتراق الداخلي في سنوات قادمة.
يوضح الخبير في التخطيط الاستراتيجي محمد عصفور أن الأردن اتجه إلى التخفيف من استخدام المركبات التي تعتمد على الوقود الأحفوري عن طريق إعفاءات مركبات الهايبرد من الرسوم، إلا أن العودة عن هذا القرار يخلق شعورًا من عدم التوازن في التعامل مع هذا الأمر، حسب عصفور.
ولفت إلى أهمية استقرار السياسات الحكومية والقوانين المؤثرة في الاقتصاد وأخذ مصالح الجميع بعين الاعتبار، ما يسهم في تشجيع حركة الاستثمار والحركة التجارية.
كما يؤكد عصفور ضرورة وجود خطة واضحة للتحول نحو النقل الكهربائي، تضمن استقرار السوق خلال السنوات القادمة.
تزايد الإقبال على سيارات الكهرباء مطلع عام 2022 بسبب ارتفاع أسعار الوقود، إذ تضاعف عدد السيارات العاملة بالكهرباء التي جرى التخليص عليها في تلك الفترة.
توجه الحكومة نحو التحول إلى الكهرباء كان جليًا في العام 2019، حين أصدرت قرارًا بتخفيض الضريبة على سيارات الكهرباء.
ومع ذلك فإن التقدم المُحْرَزَ في البنية التحتية للشحن كان بطيئاً مقارنة مع عدد المركبات الكهربائية الموجودة في الأردن، ما يعيق أي زيادة في اقتنائها مستقبلا، حسب الدراسة التشخيصية والتوصيات الخاصة بقطاع النقل في الأردن، الصادرة عن البنك الدولي في عام 2022.
وبالتزامن مع ذلك، واصلت الحكومة زيادة نسبة الضريبة الخاصة على مركبات الهايبرد، والتي ارتفعت مطلع عام 2022 بمقدار 10 في المئة، ليبلغ إجمالي النسبة المفروضة على تلك الفئة من المركبات 55 في المئة.
يعمل وليد محمد سائق مركبة مع شركات تطبيقات النقل الذكية. لجأ وليد إلى شراء سيارة تعمل بالبنزين في العام 2018، لأن سيارات الهايبرد أعلى ثمنًا من المركبات الأخرى. فضلًا عن ارتفاع أسعار قطع الغيار لتلك المركبات، حسب ما أوضح.
لا يفكر وليد في الوقت الراهن في شراء سيارة تعمل بالكهرباء، مع أنه يواجه تحديات بسبب زيادة تكلفة تشغيل مركبته إثر ارتفاع أسعار الوقود، وزيادة نسبة العمولة التي تحصل عليها شركات التطبيقات الذكية.
يوضح وليد أن قطع الغيار غير متوفرة لكافة السيارات العاملة بالكهرباء. كما أن نقاط الشحن العامة محدودة، في الوقت الذي باتت تلك الفئة من المركبات تنتشر في الأسواق، حسب ما أشار.
وهو يبدي قلقًا حيال ما وصفه بالقرارات المفاجئة التي تصدرها الحكومة، "نحن كأولاد بلد بطلنا نحزر على دولتنا، بطلت تغامر بشي تعمله، لأنه فجأءة بتطلع قرارات غير مدروسة"، قالها وليد بمرارة.