title
frame

"تسليع" الفيزا المجّانية على أبواب قنصلية مصر في الخرطوم

حيدر عبد الكريم

02/05/2022
frame

"لا توجد أيّ رسوم للحصول على تأشيرة الدخول إلى جمهورية مصر العربية"

هذه الملاحظة التطمينية بالخطّ العريض تنتصب أمام مبنى قنصلية مصر في الخرطوم، حيث يصطفّ مئات السودانيين لستِّ ساعاتٍ يومياً، قبالة نافذة استقبال طلبات التأشيرة التي لا ينالها إلّا القليل منهم. إلّا أنّ معظم الساعين وراء التأشيرة يضّطرون لدفع بدل "سمسرة" يفرضها وسطاء بمعرفة موظّفين داخل القنصلية، كما تنشط سوق لبيع وثائق طبّية مزوّرة يُشترط وجودُها لمنح التأشيرة. هذه التأشيرة التي ينالها الآلاف من السودانيين عبر عدد من القنصليات المصرية الموجودة في السودان بحثاً عن فرص عمل، أو للعبور من مصر إلى دول أخرى تتوافر فيها فرص أفضل.

في شتاء 2019، قرّر محمد بلل (39 عاماً) خوض مغامرة هجرة وطنه بُغية اكتشاف فرص عمل. ظلّ يتردد على القنصلية المصرية لشهر اضطُرّ خلاله للمبيت ليلتيْن في الشارع، أملاً بحجز مقدّمة طابور الانتظار ليظفر بالتأشيرة المجّانية. إلّا أنّ محاولاته باءت بالفشل، فاتصل بصديقه ليربطه بـ "واسطة" علّها تسهّل حصوله على التأشيرة.

يقول بلل: "في اليوم التالي التقيت أحد الضبّاط (الأمن الدبلوماسي) في محيط القنصلية عن طريق أحد معارفي. أخذ جواز سفري، وذهب إلى باحة القنصلية، ثمّ عاد ومعه وصل استلام" من القنصلية. كان ذلك عند الثالثة بعد الظهر في حين أنّ "النافذة أُغلقت أمام عينيّ وأعين مئات المراجعين في الحادية عشرة صباحاً"، حسبما يتذكر. بعد أسبوع استلم بلل وثيقة سفره وعليها تأشيرة دخول إلى مصر.

frame

وثّق التحقيق معاناة بلل وعشرة آخرين في رحلة البحث عن "تأشيرة مجّانية" تصطدم عادة بعرقلة غير مبّررة لإجراءات نيل التأشيرة داخل القنصلية المصرية، قبل أن تُحلّ العقدة عبر طرف ثالث خارج ساعات الدوام الرسمي. ورصد التحقيق بالصورة والفيديو تحكّم رجال أمن في طوابير المراجعين، لمصلحة شبكات تنشط في بيع التأشيرات في محيط القنصلية، في مخالفة لاتفاقية الحرّيات الأربع الموقّعة بين البلديْن عام 2004.

بقصد التجارة والسياحة والعلاج، تُصدر وزارة الخارجية المصرية ألف تأشيرة يومياً من خلال قنصلياتها الثلاث في بورتسودان، وحلفا، والقنصلية الرئيسية في الخرطوم؛ التي كانت مسرح هذا التحقيق على مدى سبعة أشهر. وتستقبل الأخيرة العدد الأكبر من المراجعين إذ تُصدر 700 تأشيرة يومياً، قرابة 300 منها فقط تصدر مجّاناً، وفقاً لرصد يوميٍّ قام به مُعِدُّ التحقيق على مدى أسبوعيْن خلال شهر أيار/ مايو 2021 وخلال فترة إعداد التحقيق، وتأكيد شهود في مقابلات أجراها مع سماسرة ومكاتب سياحة ومراجعين.

842 Km

title

تخصّص القنصلية العامة تأشيرات يوميّة للحالات المرضية الطارئة، شريطة إبراز أوراق طبّية تُثبت حاجة المريض للعلاج في الخارج، ولأجلها يصطفُّ عشرات من مرافقي المرضى بانتظار فرج المقابلة أو يدفعون مجبرين للسماسرة ثمناً للتأشيرة، حسبما يوثّق التحقيق.

وقّع البلدان في نيسان/ أبريل 2004 اتفاقية الحرّيات الأربع، التي أتاحت حقّ التنقّل والإقامة لمواطنيهما بأيّ أوراق ثبوتية يتمّ الاتفاق عليها بين وزارتيْ خارجية البلديْن. وفي 11 أيار/ مايو من عام 2017 اتّفق البلدان على إصدار تأشيرة دخول مجّانية في الاتجاهيْن لمدّة أقصاها ستة أشهر لأصحاب جوازات السفر العادية.

رجل سبعيني سوداني الجنسية يتمتّع بحرّية دخول إدارة الخدمات بالقنصلية المصرية العامّة بالخرطوم. يطلق سماسرة وأصحاب مكاتب سياحة وسفر على هذا الوسيط لقب "موظّف القنصلية"، وهو حلقة الوصل مع وكالات سفر في محيط القنصلية، يتولّى عملية إدخال بين 300 إلى 400 جواز سفر يومياً إلى القنصلية، بعد أن يتسلّم معظمها داخل وكالة سفر بشارع البرلمان يملكها ويديرها شقيقه، بحسب ما أسرّ لنا خمسة سماسرة التقاهم مُعِدُّ التحقيق.

ورفضت إدارة التسجيلات التجارية الإفصاح عن ملكية هذا المكتب المملوك للرجل، بحسب إفادته، بدعوى سرّية المعلومات.
واجهنا "موظّف القنصلية" عبر مكالمة هاتفية، وأكّد أنّه موظّف سابق في السفارة، يجمع ما يزيد عن 100 جواز يومياً بعلمٍ من القنصل العام كمكافأة على خدماته السابقة.
ويعلّل أنّ القنصلية ذات سيادة مصرية، وتحتكم لقوانينها وأنّ الصحفي ليس الأول الذي يتحدث في الموضوع ولن يتغير شيء.

title
frame

حذيفة عبد الرافع في العقد الثالث من العمر، دفع من أجل التأشيرة ما كان يدّخره للسفر بعد عجزه عن تحصيلها مجاناً. غادر عبد الرافع إلى القاهرة في كانون الثاني/ يناير 2021 بحثاً عن فرصة عمل. "ذهبت إلى القنصلية وقضيت ليلتيْن دون تمكّني من تحصيل التأشيرة المجّانية بسبب إرباك الصفوف من جانب أفراد الشرطة الذين يأتون بأشخاص آخرين، ويسمحون لهم بالوقوف في مقدّمة الصفّ بعد أن يبعدوا جميع من قضوا ليلتهم يفترشون الأرض"، يتذكّر عبد الرافع بغضب. وأخيراً، تعرّف هذا الشاب على أحد السماسرة في محيط القنصلية الذي قال له إنّه يستطيع استخراج التأشيرة بطريقة سريعة. "اتفقت معه مقابل دفع سبعة آلاف وخمسمئة جنيه (17 دولاراً)، وبعد 48 ساعة استلمت الجواز وعليه تأشيرة دخول".

mobile image mobile image mobile image
frame

في محيط القنصلية يتعرّف المُراجع على السمسار أو يستدلّ عليه عبر إعلانات منصّات التواصل الاجتماعي. يسلّم المُراجع أوراقه وجواز سفره ومبلغ "السمسرة".
يعود السمسار إلى مكاتب سفر وسياحة مرتبطة به، وتتواصل بدورها مع الرجل الوسيط (المُشار إليه سابقاً بموظّف القنصلية)، الذي يوصل الطلبات مباشرة إلى داخل القنصلية لختم التأشيرة في اليوم ذاته أو بعد أسبوع كحدٍّ أقصى، تبعاً لحجم السمسرة. التأشيرة السريعة تصدر خلال 24 ساعة نظير 55 ألف جنيه سوداني (112 دولاراً)، في حين تصدر "البطيئة" بعد أسبوع من تقديم الطلب مقابل 35 ألف جنيه (88 دولاراً).

300 تأشيرة يومياً * 35 ألف جنيه أقلّ رسوم للتأشيرة الواحدة= 10.5 مليون جنيه سوداني (إجمالي الرسوم المحصّلة في اليوم الواحد).

يتعامل "السمسار" فتحي يعقوب، مع خمس وكالات سياحة وسفر ومراكز خدمات من بين 15 وكالة متمركزة في عمارة الأوقاف الإسلامية، المواجهة للقنصلية المصرية العامة بالخرطوم. ويقول يعقوب إنّ رفاقه على درب السمسرة يستخرجون تأشيرات عبر وكالات سفر يتمحور عملها حول بيع التأشيرات المصرية، من خلال علاقات عمل تحكمها اتفاقيات شفهية تنتهي بانتهاء المهمّة، المتمثلة باستلام الجواز وعليه تأشيرة دخول.
إلى جانب إفادات شهود، تتبّع مُعِدُّ التحقيق معاملتيْ تسليم جواز سفر، واستلام أموال بين طالبي تأشيرة وموظّفٍ داخل وكالة سفر وسياحة في بناية الأوقاف.

السمسرة من أجل استخراج التأشيرات عمل غير قانوني، بحسب المحامي معزّ حضرة، الذي يرجع انتشارها إلى "قصور في تطبيق القانون الجنائي". ويضيف حضرة: "هكذا معاملات غير قانونية خارج القنصلية المصرية تقع ضمن مسؤولية الحكومة السودانية، وواجب الشرطة المتواجدة هناك منعها، وإلقاء القبض على المتورّطين فيها، وتقديمهم إلى المحاكمة".
يتّفق المحامي عبد السلام صابون مع حضرة، بأنّ السمسرة مخالفة للقانون الجنائي لسنة 1991، ويضيف: "من يقوم باستخراج التأشيرات نيابة عن طالبيها، يحقق كسباً غير مشروع، ويسبب لهم خسارة غير مبررة، ويندرج ذلك تحت جريمة الاحتيال". يعرّف القانون الجنائي السوداني المحتال، بأنّه كلّ من يغشّ أو يحصّل أموالاً من الغير بطريقة غير مستحقة وتصل عقوبتها إلى خمس سنوات سجن.

frame

المادة (17) من قانون السياحة 2009

دون المساس بأيّ عقوبات يكون منصوصاً عليها في القانون الجنائي لسنة 1991، أو أي قانون آخر، كلّ من يخالف أحكام هذا القانون أو اللوائح الصادرة بموجبه يُعاقَب بالسجن لمدة لا تزيد عن سنة، أو الغرامة التي تحددها المحكمة، أو بالعقوبتيْن معاً.

passport image
frame

المادة (178) من القانون الجنائي لسنة 1991

(1) يُعدّ مرتكباً جريمة الاحتيال من يتوصل بسوء قصد إلى خداع شخص بأيّ وجه ويحقق بذلك كسباً غير مشروع لنفسه أو لغيره أو يسبّب بذلك ضرراً أو خسارة غير مشروعة.
(2) من يرتكب جريمة الاحتيال يُعاقب بالسجن مدّة لا تتجاوز ثلاث سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتيْن معاً.
(3) من يرتكب للمرة الثالثة جريمة الاحتيال، يُعاقب بالسجن خمس سنوات كما تجوز معاقبته بالغرامة.

سماسرة يتعاملون عبر اتفاقات شفهية مع مكاتب، لا نعلم المرخّص منها للعمل من غير المرخّص، وفق تقدير مُعِدِّ التحقيق. ففي جولة شملت عشرة مكاتب ووكلاء سفر في محيط القنصلية العامة، خالف أربعة منهم قانون السياحة، الذي يلزم المنشآت بوضع تراخيصها في مكان بارز للعيان.
بحسب المحامي معزّ حضرة، تخالف المراكز السياحية التي لا تضع تراخيص مزاولة العمل وأسماءها في مكان واضح، قانون السياحة (المادة 10)، التي تفرض كتابة الاسم والعنوان باللغتيْن العربية والإنجليزية. ويُعاقَب المخالفون وفقاً للمادة (17)، بالحبس لمدة عام.

title

من متطلّبات التأشيرة إبراز كرت تطعيم الحمّى الصفراء، إلى جانب صورة الرقم الوطني، وصور شخصية.
على بعد 20 متراً من مبنى القنصلية المصرية، تُباع "كروت" (بطاقات) الحمّى الصفراء المزوّرة مقابل 500 إلى 1000 جنيه (1-2 دولار)، وهي أحد شروط نيل التأشيرة التي تُرفق مع وثائق السفر. وبموجب هذه البطاقات، يحصل مواطنون وأجانب -مقيمون في السودان- على تأشيرة، عوضاً عن الذهاب إلى المستشفيات وأخذ جرعة التطعيم.

بناءً على تصنيف منظّمة الصحة العالمية للبلدان الموبوءة بالحمّى الصفراء في إفريقيا، يُصنّف السودان ضمن 31 دولة إفريقية شديدة الخطورة.
جميع الولايات السودانية تقريباً تنتشر فيها البعوضة الناقلة للمرض. كما أنّ خمسة بلدان تحدّ السودان (تشاد، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وإثيوبيا، وإريتريا، وجنوب السودان)، تحمل مخاطر عالية من الحمّى الصفراء بسبب تحركات السكان عبر الحدود. وقد تسبّبت هذه العوامل في أربعة تفشيّات للحمّى الصفراء في السودان (2003 و2012 و2005 و2013).

الحُمَّى الصَّفراء: عدوى فيروسية تنتشر بواسطة سلالات معينة من البعوض. تُسبِّب الحُمَّى، والصداع، والغثيان، والقيء. قد تُصبِح أكثر خطورة، فتُسبِّب مشاكل في القلب والكبد والكُلى، بالإضافة إلى نزيف حاد.

أدرجت وزارة الصحة الاتحادية بالتنسيق مع منظّمة الصحة العالمية التطعيم ضدّ الحمّى الصفراء، ضمن إجراءات السفر في السودان بدءاً من عام 2012، على أن تكون التطعيمات مجّانية من خلال ستة مراكز بالخرطوم بالإضافة إلى مراكز بالولايات. ومنذ تفشّي جائحة كوفيد-19، تخلّت القنصلية المصرية عن اشتراط إرفاق شهادة التطعيم الدولي (كرت الحمّى الصفراء) مع الجواز لمنح تأشيرة دخول للسودانيين، إلّا أنّها ضرورية على المعابر الجوية والبرية.
كرت الحمّى الصفراء: شهادة تطعيم دولية ضدّ الحمّى الصفراء صالحة لمدة عشر سنوات، تُستخرج بعد تلقّي جرعة التطعيم بإشراف مباشر من الطبيب، وتُعتمد بعد ختمها من إدارة القومسيون الطبي التابعة لوزارة الصحة.

عبد الرحيم علي (33 سنة)، حصل في آذار/ مارس الماضي، على ثلاثة "كروت" لأطفال شقيقه الأكبر، بعد دفع حوالي ألفيْ جنيه سوداني (4.5 دولار). يقول محمد "توجهت إلى إدارة القومسيون الطبي -واحدة من إدارات وزارة الصحة في السودان- لاستخراج (كروت) حمّى صفراء لأطفال شقيقي بغرض السفر إلى القاهرة، لكن لم نتمكن من ذلك. وبسبب الإجراءات البيروقراطية التي أخّرتنا، حصلنا على (الكروت) من أمام القنصلية من شخصٍ تتمثل مؤهلاته في أنّه يمتلك ماكينة تصوير مستندات".
خمس بطاقات مزوّرة ذات لون أصفر وصلت ليد مُعِدِّ التحقيق في دقائق خلال تواجده في محيط القنصلية عن طريق سماسرة يتعاملون بها. تُشبه تلك البطاقات التي تُصدرها إدارة القومسيون الطبي والمستشفيات وتحمل ختم وشعار وزارة الصحة وتوجيهاتها، إلّا أنّها باهتة.

تعمّقنا في البحث عن مصدر هذه البطاقات وتوصّلنا إلى سمسار ينشط في بيع "كروت" التطعيم منذ سنوات. بعد ممانعته للحديث خوفاً من توقّف عمله، يوضح هذا الرجل الذي طلب حجب هويته أنّه موزّع مع آخرين، وأنّهم يحصلون على البطاقات من مطبعة وسط الخرطوم (يتمّ استنساخ الكرت بواسطة طابعة بعد تحضير ورق بمقاسات البطاقة الأصلية وبذات اللون).
تقدّمنا بطلبٍ إلى وزارة الصحة ولاية الخرطوم في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، لإجراء مقابلة مع إدارة القومسيون الطبي التي تشرف على استخراج كروت الحمّى الصفراء، إلّا أنّ مديرة القومسيون رفضت الإجابة، وقالت "لا يعنينا".
رصد تزوير "الكروت" ومكافحتها تقع ضمن مسؤولية الشرطة، بحسب المحامي معزّ حضرة، وذلك تحت مظلّة جرائم الإرهاب.

frame

المادة (122) من القانون الجنائي لسنة 1991م

يُعدُّ مرتكباً جريمة التزوير في المستندات من يقوم بقصد جنائي الغش باصطناع مستند أو تقليده أو إخفائه أو إتلاف بعضه، أو إحداث تغيير جوهري فيه وذلك لاستخدامه في ترتيب آثار قانونية.

من يرتكب جريمة التزوير في المستندات أو يسلّم غيره مستنداً مزوّراً بقصد استخدامه مع علمه بتزوير المستند، يُعاقَب بالسجن مدة لا تتجاوز خمس سنوات، كما تجوز معاقبته بالغرامة. فإذا وقع ذلك من موظف عام في سياق وظيفته يُعاقَب بالسجن مدة لا تتجاوز سبع سنوات، كما تجوز معاقبته بالغرامة.

title

في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2021، رفضت القنصلية المصرية بالخرطوم طلباً لإجراء مقابلة مع القنصل العام أو الإجابة عن الاستفسارات، بخصوص تجاوزاتٍ خارج القنصلية، يمارسها موظّفوها وما يدور حولهم من شبكات بيع التأشيرات.

لم تتحدث إدارة القنصليات وشؤون الجاليات في وزارة الخارجية حول تجاوزات للعرف الدبلوماسي في محيط القنصلية المصرية، لأنّ منصب المدير شاغر، بسبب الإجراءات التي صاحبت الانقلاب العسكري في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2021، فيما اعتذر مدير إدارة الإعلام السفير خالد محمد فرح نيابة عن وكيل وزارة الخارجية عن إجراء مقابلة أو الرد على تساؤلاتنا دون تعليل السبب.

في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر من عام 2021، أعلن رئيس مجلس السيادة في السودان الفريق عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ في البلاد وحلّ مجلسيْ السيادة والوزراء، المكلفيْن بالسلطة في السودان منذ آب/ أغسطس 2019، بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير وإنهاء حكمه الذي استمر 30 عاماً.
منذ ذلك الحين، أصبح الحصول على المعلومة من المؤسسات الرسمية أمراً مستحيلاً رغم نصّ المادة (25/2) من قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2009، على حقّ الصحفيين في الحصول على المعلومات من المصادر الرسمية. في الأثناء، تستمر معاناة وخسائر الساعين للسفر إلى مصر وسط فوضى التأشيرات، في انتهاك صريح للعرف الدبلوماسي وتعطيل اتفاقية الحرّيات الأربع، التي تكفل لمواطني البلديْن حقّ التنقّل والإقامة والعمل والتملّك.

paper