ملفَّات منسيِّة

2 يونيو 2022

“جمهور” يرقد تحت ملاعب كأس العالم في قطر

قطر، أول دولة عربية تستضيف المونديال في ظروف أحاطتها اتهامات بالفساد طالت ثلاثة مسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، على خلفية ادعاءات بتلقيهم رشاوى من أجل التصويت لمنح قطر حق استضافة الحدث العالمي، الأمر الذي تنفيه قطر.

مشروع النسخة الثانية والعشرين من كأس العالم كلّف الدوحة تكلفة مبدئية تقدر بـ 200 مليار دولار، بحسب تصريحات السفير القطري لدى روسيا أحمد بن جاسم لوكالة “تاس” الروسية، بينما كانت الكلفة البشرية لا تعوض: أكثر من 6 آلاف عامل من خمس دول آسيوية ماتوا في الدوحة، بحسب جريدة الغارديان البريطانية، الأمر الذي اعتبرته الجريدة “فشلاً في حماية 2 مليون عامل مهاجر لديها”.

من الدوحة إلى كاتماندو، المصور الصحفي محمد بدارنة تتبع مسيرة حياة عمّال نيباليين ونهايتها خلال عملهم في منشآت كأس العالم بقطر.

“هل تعرف معنى أن تعود إلى ورشة العمل التي سقط بها صديقك ميتا في اليوم السابق كان شيئا لم يحدث؟”

أحد العمال الذين قابلهم المصور في قطر

شيباتا تامانغ

حكاية

شيباتا تامانغ،توفيت في قطر عام 2021، تاركة ابنة وحيدة. كانت قد تركتها مؤقتا في عهدة أختها سابريتي للذهاب إلى قطر، على أمل جمع المال اللازم لإرسالها إلى مدرسة.

السلطات القطرية قالت إن شيباتا توفيت في حادث سير. وبحسب أختها، فقد عانت شيباتا خلال سنوات عملها بقطر بسبب استدانتها تكاليف سفرها إلى قطر، إضافة إلى تعرضها للخداع من قبل الشركة التي تولت تسفيرها

لم تستطع عائلة شيباتا إحضار جثمانها إلا بمساعدات، فهي لا تملك المال الكافي لنقل الجثمان، حالها كحال 17.4 في المئة من السكان الأقل حظا في نيبال.

تواسي سابريتي نفسها يوميا بأن شيباتا تمكنت من احتضان ابنتها مرة أخيرة، خلال آخر إجازة حصلت عليها  قبل أشهر من موتها.

إلى اليوم تعيش سابريتي حرقة عدم معرفة ما حدث لأختها، وتتمنى تحقيق حلمها بأن تحظى ابنتها بتعليم خاص.

هناك أكثر من 2 مليون عامل مهاجر في قطر، أغلبهم من أفريقيا وآسيا، ومنهم حوالي 20 ألف عامل يعملون في إنشاءات مرتبطة بكأس العالم.

قطر

“أصبحوا هنا مجرد مقدمي خدمات، نحن نراهم سلعة وليسوا بشراً”.

مقيم في قطر

نيبال

روب تشاندرا

حكاية

توفي روب تشاندرا أثناء نومه في إحدى الغرف المخصصة لسكن العمال في الدوحة عام 2019 لسبب غير معروف. كان يعمل في بناء استاد المدينة التعليمية بقطر، وتشك زوجته بأن سبب موته ظروف السكن غير الملائمة، بحسب حديثها لصحيفة الغارديان البريطانية.

ذهب الشاب النيبالي إلى قطر لجمع المال اللازم بغية إرسال ابنه إلى مدرسة جيدة، وسداد بعض الديون.

بعد موته حصلت زوجته نيرمالا على تعويض قدره 7 آلاف ريال قطري، وذلك بعد نشر قصص صحافية عن موت تشاندرا، تقول نيرمالا: “لقد رفضوا (الشركة) إعطاءنا أي تعويض في البداية. قالوا إننا لن نحصل على قرش واحد، وإنهم قاموا بما يكفي لأجلنا، أن الجثة أرسلت إلى المنزل، وأننا لا نستحق أي تعويض”.

وساعد أصدقاء روب زوجته في إحضار الجثمان وحرقه وفق التقاليد المتبعة في نيبال، وبعد رحيله دفعها ضيق العيش إلى مغادرة العاصمة كاتماندو، والعمل في مجال البناء.

عدد الضحايا من العمال: نحو 7 آلاف بحلول هذا العام بحسب تقديرات اتحاد النقابات الدولي

ردود قطر العلنية: تقول لجنة رعاية العمّال في تقاريرها إن هناك ثلاث وفيات مرتبطة بالعمل و 33 حالة وفاة غير مرتبطة بالعمل في السنوات الخمس الماضية.

الدوحة

“خلال شجار على أفضلية مرور، تشاجر رجل بملامح غربية مع أحد المواطنين، ثم أكمل طريقه، سألت نفسي. هل كنت سأنجو لو صرخت أنا بوجه مواطن؟ هنا ليس لدي حق أن أقول لا لأحد”.

سائق تاكسي مهاجر إلى قطر تحدث إلى المصور

نيبال

سوجان لوبشان

حكاية

سوجان لوبشان، عمل في شركة لتركيب السقالة في المباني بقطر، وتوفي بعد خمس سنوات من رحيله عن بلده نيبال، في عمر 40 عاماً.

يقول شقيقه جانيش إن سوجان وافته المنية بشكل مفاجئ لسبب لا تعلمه العائلة حتى هذه اللحظة، نتيجة عدم وجود متابعة وتحقيق جدي.

أصيبت والدة سوجان بنوبة قلبية عند سماع الخبر وتوفيت بعده بثلاثة أيام، يقول جانيش: “لقد فقدتُ أفراد أسرتي واحدا تلو الآخر”.

“الاستغلال متفشٍ، وكثيرا ما يعمل الوافدون من دون أجر، ويعيشون في ظروف دون المستوى”. خورخي بوستامانتي، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق المهاجرين

تقول منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن قانون العمل القطري والقوانين المصاحبة له تمنح العمّال بعض الضمانات القوية لحمايتهم، لكن العديد منهم لا يتمتعون بها بسبب “قلة المراقبة وضعف التنفيذ”.

تشير تقارير منظمات غير حكومية إلى معاناة العمّال من ظروف عمل وإقامة قاسيتين، وتأخر في دفع الأجور، إضافة إلى ضعف الآليات الحكومية المستحدثة لحمايتهم.

قطر

مينكي ووردن، مديرة المبادرات الدولية في هيومن رايتس ووتش

“ملايين العمال الذين وفدوا إلى قطر سعيا وراء الفرص الاقتصادية الموعودة لم يجدوا الكرامة والفخر، بل خضعوا لانتهاكات جسيمة”

شانكر جول تامانغ

حكاية

نيبال

كان شانكر تامانغ يعمل سائقا داخل استاد الخورشمالي الدوحة. قبل ذلك، كان يحمل مواد البناء ويرش الماء في مواقع بناء الملاعب.

تم القبض على شانكر وعدد من المهاجرين من قبل رجال شرطة خلال مشاهدته مباراة كرة بين فريق عمال من باكستان ونيبال بالقرب من أحد الأسواق.

قضى شانكر خمسة أيام “قاسية” في السجن. يقول “لم يسمحوا لنا بالتواصل. لم يسمحوا لنا حتى بالحديث”.

قامت السلطات القطرية بترحيل شانكر، ولم تمهله وقتا يحصل فيه على مستحقاته أو يوضب أغراضه وأمتعته.

طالبت منظمة العفو الدولية الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بدفع تعويضات لا تقل عن 440 مليون دولار للعمال الأجانب الذين “تعرضوا لسوء المعاملة” في قطر، والتي تمثل جزءا من 6 مليارات دولار سيربحها الاتحاد من المسابقة.

قطر

nopi

ملفَّات منسيِّة

أنجز هذا التحقيق بدعم من أريج

نيبال

Flash photography, Forehead, Cheek, Smile, Beard, Jaw, Sleeve, Happy

محمد كامل بدارنة، مصور فلسطيني، ولد في قرية عرابة البطوف في الجليل عام 1978، يقيم ويسكن في حيفا وبرلين.

يحمل لقبا أول في الفلسفة والتاريخ، عمل مدرسا وناشطا في المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، وأسس الحركة الشبابية لحقوق الإنسان “حق”.

بدأ التصوير الفوتوغرافي عام 2008 واكتشف عالم الكاميرا من خلال أسفاره.

عام 2012، أنهى دراسة التصوير الفوتوغرافي في معهد الفنون في حيفا. يقدم من خلال أعماله حكايات بصرية عن هموم الناس وتفاصيل حياتهم. يعمل في مجال التصوير الاجتماعي من خلال تدريب مجموعات وإقامة ورشات تصوير فوتوغرافية في فلسطين والعالم.