عظام الرقبة تعيينات الأقارب وترقياتهم في السلطة الفلسطينية

24 يونيو 2021

“ألف ألف مبارك للناجحين بالثانوية العامة وخاصة عظام الرقبة، لأنهم هم اللي رح يتوظفوا وأنتوا رح تضلوا معكوا الشهادات وقاعدين”.

هذه تهنئة انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي نهاية العام الدراسي الماضي احتفالا بنجاح طلاب الثانوية العامة في فلسطين. تهنئة بنجاح بطعم مر. تخفي عدم المساواة في توزيع الفرص على الشبان والشابات.

وسائل التواصل الاجتماعي ضجت منذ حزيران/ يونيو 2020 بهاشتاغ “عظام الرقبة”، والبعض ظنّ أنه عن مشكلة صحية؛ لكنه في الواقع الفاقع كان تصريحا لوزيرة المرأة آمال حمد، خلال تبريرها تعيين ابن شقيقتها مرافقًا لها كونه من “عظام الرقبة”.

في العام 2016، عُين أنس الهباش، نجل قاضي قضاة فلسطين الشرعيين ومستشار الرئيس للشؤون الدينية محمود الهباش، معاونًا لوكيل النيابة فور تخرجه من الجامعة. أثار ذلك جدلاً، وأدى إلى تعليقات ناقمة. لم يكن أنس الابن الوحيد للهباش الذي عُين في وظيفة حكومية، ابنتاه، شيماء وإسراء، عُينتا في وظائف عليا، إحداهما مديرة علاقات عامة في ديوان القضاة ثم نقلت إلى هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية عام 2020، والأخرى عُينت في سفارة “السلطة” بأنقرة عام 2017.

عائلة الهباش جزءٌ من القصة. هذا التحقيق يوثق تعيين 71 شخصاً من أقارب مسؤولين فلسطينيين، في وظائف إدارية ودبلوماسية فاعلة، خلال السنوات العشرة الماضية. توزعت على 23 تعيينًا دبلوماسيًا و48 حكوميًا.

قرارات التعيين التي رصدها التحقيق نُشرت في جريدة “الوقائع” الرسمية أو سُربت للإعلام، لوظائف حكومية من دون إعلان مسبق عنها، وأُثبتت صلة قرابة من الدرجة الأولى للمُعينينّ في هذه الوظائف بمسؤولين حكوميين أو موظفين كبار في السلطة الفلسطينية حاليين أو سابقين. ويوثق التحقيق ذلك عبر مراجعة أعداد “الوقائع” خلال الفترة من أيار/ مايو 2010 إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وأرشيف أخبار المواقع المحلية الفلسطينية خلال المدة ذاتها، وتحليل قواعد بيانات الإحصاء ومنظمات المجتمع المدني، ومراجعة إعلانات التوظيف المُعلن عنها في “ديوان الموظفين العام”.

52 في المئة (37 شخصاً) من إجمالي ما تم رصده من تعيينات لأقارب مسؤولين، عُينوا في وظائف متقدمة كانوا من درجة قرابة المسؤول الأولى أي ابن، ابنة، زوج، زوجة.

قرابة من الدرجة الأولى

تمثل 54% بعدد 38 تعيينًا.. وتليها “الثالثة” بنسبة 13%

40302010

أحد أقاربه

رابعة

ثالثة

ثانية

أولى

المصدر: جريدة الوقائع الفلسطينية- تسريبات الأخبار

يشكّل أفراد عائلة كفاح عودة، سفير فلسطين في إسبانيا، نسبة 7 في المئة من إجمالي التعيينات التي وثقها التحقيق. عُينت الزوجة والأخ وزوج الابنة في وظائف دبلوماسية عليا. لتحتل عائلة عودة المرتبة الثانية بعد عائلة الهباش.

بينما عُين نمر دياب اللوح، نجل سفير فلسطين بالقاهرة، في القسم الثقافي بقنصلية السلطة بالإسكندرية. وعُينت لينا أبو زيد، ابنة منتصر أبو زيد سفير كازاخستان الحالي، إدارية في سفارة أوكرانيا، ومنى أبو عمارة، ابنة رئيسة ديوان الرئاسة انتصار أبو عمارة، نائبة لسفير قبرص.

يتولى الأب كفاح عودة منصب سفير فلسطين بإسبانيا، وزوجته هالة فريز سفيرة في السويد، وشقيقه محمد عودة رئيس دائرة أمريكا اللاتينية في مفوضية العلاقات الدولية لحركة “فتح” بدرجة سفير، وزوج ابنته عمار حجازي، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للعلاقات متعددة الأطراف بدرجة سفير.

قالت هالة فريز سفيرة فلسطين بالسويد عبر البريد الإلكتروني، إنها التحقت بمنظمة التحرير الفلسطينية رسمياً في 1978، وعملت في مواقع مختلفة كلها مرتبطة بالعمل الدولي والدبلوماسي، وتدرجت إداريا بشكل طبيعي وحسب الأصول إلى أن أقسمت اليمين سفيراً لدولة فلسطين لدى مملكة السويد عام 2011. وأشارت إلى أن زوجها كفاح عودة بدأ العمل السياسي قبلها بعقد من الزمن و”عمل في مجالات متعددة” إلى أن ابتعث سفيراً لفلسطين عام 1990. بينما التحق زوج ابنتها عمار حجازي بوزارة الخارجية عام 1996 قبل أن يتزوج ابنتها بست سنوات وتدرج بالرتب والمسؤوليات حسب الأصول. وبدأ أخ زوجها محمد عودة، العمل السياسي منذ السبعينات وله مساهمات في العمل السياسي والدبلوماسي في أمريكا اللاتينية ولم يُعين رسمياً كسفير في أي دولة. عرض الرد

يقول ربحي حلَوم، سفير فلسطين السابق، إن تعيينات السفراء في السلطة الفلسطينية تقوم على المحاباة وخدمة المصالح. ويشدد على حديثه بواقعة ترقية مرافق الأمن، الذي كان يعمل معه حينما كان سفيرًا لفلسطين في اسطنبول، إلى منصب سفير بقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو قريب قاضي القضاة الشرعيين محمود الهباش.

يقول المحامي إبراهيم البرغوثي، مدير المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء، إن المناصب العليا شأنها شأن الوظيفة العامة يجب أن يُعلن عنها، وذلك عملاً بقاعدة تكافؤ الفرص الواردة في المادة 26 من القانون الأساسي الفلسطيني، ومبدأ المساواة الوارد في المادة 9 من القانون المذكور، وطبقًا للمادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يوضح إجراءات التوظيف بما يعرف بـ “مسابقة إشغال الوظيفة”.

لم يرد نص قانوني واضح في تعيين الوكلاء والمحافظين وكبار الموظفين، لكن المادة 7 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقعت عليها فلسطين عام 2014 تنص على ضرورة اعتماد مبادئ الكفاءة، والشفافية، والمعايير الموضوعية، مثل: الجدارة، والإنصاف، والأهلية في نظم التوظيف والترقية. قرار تعيين عبد الكريم الخطيب

العائلات الأكثر تعيناً في السلكين الحكومي والدبلوماسي

عائلة ”الهباش“ الأعلى بنسبة 11% وتليها عائلة عودة ب 7%

الهباشعودةالأحمدعباسالضميريفرجأبو عمارة

8544332

المصدر: القرارات الرسمية وأرشيف الأخبار على مدار 10 سنوات

وظائف من دون إعلانات توظيف أو منافسة

يخلو الموقع الرسمي لإعلانات التوظيف الحكومية “ديوان الموظفين العام” من أي إعلان لوظيفة حكومية بفئة عليا. ونُشر خلال السنوات العشرة الماضية 84 قرارًا بجريدة الوقائع الرسمية بتعيين سفراء أو ترقية موظفين إلى درجة سفير، منها 23 من أبناء وأقارب مسؤولين بالسلك الدبلوماسي، أي 27 في المئة من إجمالي التعيينات المنشورة في الجريدة.

رصد معدا التحقيق 1324 إعلانًا وظيفيًا في ديوان الموظفين العام خلال السنوات الست الأخيرة، وأغلبها من الفئة الوظيفية الثانية بـ 491 إعلانًا، تلتها الفئات الثالثة والخامسة.

تنص المادة 17 من قانون الخدمة المدنية 1998 على أن يعين رئيس السلطة الوطنية بقرار، الوكلاء والمديرين العامين بناءً على تنسيب من مجلس الوزراء. بينما يعين موظفو الفئة العليا بقرار من مجلس الوزراء بناءً على تنسيب رئيس الدائرة الحكومية المختصة.

ويقول بلال البرغوثي، المستشار القانوني للائتلاف من أجل النزاهة والشفافية (أمان): “التعيينات تستند على قانون الخدمة المدنية الصادر عام 1998، والذي يعطي رئيس السلطة، صلاحيات أكبر ويتيح له تعيين كبار الموظفين، وهو ما يُخالف القانون الأساسي الفلسطيني الصادر عام 2003، الذي يُعد سلم الهرم التشريعي”.