منهجية التحقيقات الاستقصائية حول حملات التضليل

الفهرس

1. مقدمة

تسعى أريج، من خلال هذا الدليل المختصر، إلى تحديد مفهوم واضح ودقيق للتحقيقات الاستقصائية التي تتناول كشف عمليات التضليل والخداع الإعلامية، لا لتفنيدها فقط، بل لكشف الجهات التي تقف وراءها، وتوضيح حجم الخداع ومحاسبة تلك الجهات إذا أمكن، في حال كان هناك خرق لقوانين أو كان للحملات أثر أدى إلى خسائر بشرية أو مادية.

نظمت أريج، عبر شبكة محرريها وبالشراكة مع الشبكة العربية لمدققي المعلومات (AFCN)، جلسات عمل لتحديد معايير التحقيقات المذكورة ومنهجية إنجازها. ونظراً لحجم حملات التضليل وتشعبها شكلاً ومضموناً وتأثيراً، صار من الضروري خلق شراكة عمل أفقية بين صحافيين/ات متخصصين/ات ومدققي/ات معلومات لديهم/ن خبرة بالرصد والتتبع، واستخدام المصادر المفتوحة ومعالجة البيانات الكبيرة، واستخدام التطبيقات المحدثة يومياً في المجال المذكور.

الدليل المكثف مخصص للصحفيين/ات ومدققي/ات المعلومات، ويسعى لتوضيح

مفهوم التحقيقات التي تتناول حملات التضليل، وفق رؤية استقصائية تختلف عن التقارير الإعلامية التي تكشف زيف المعلومات وحملات التضليل من دون التعمق في "هوية" مَن يقف خلفها ويموّل إطلاقها، علماً بأن التحقيقات الاستقصائية التي تتناول قضايا فساد في مجال التضليل أو النشر لجمهور واسع؛ كقضايا التأثير في الانتخابات عبر التلاعب بمنصات التواصل الاجتماعي، أو تزوير حسابات أو خرق بيانات أو بريد إلكتروني، تبقى خارج هذا التعريف؛ لأن تعريف التحقيق الاستقصائي بحسب منهج أريج ينطبق عليها.

المعلومات المضللة - Disinformation: تكون مـن صنيعة وترويج جهات تهدف إلـى خلق الضرر، سواء كان مالياً أو سياسياً أو مادياً، أو يتعلق بسمعة شخص أو جماعة ما.

يتضمن الدليل معايير ومنهجية العمل على تحقيقات استقصائية تتناول التضليل. ويساعد على إعداد خطة عمل واضحة المحاور خلال تنفيذ هذا النوع من التحقيقات.

search icon

2. التحقيق في مجال حملات التضليل

أولاً: التعريف:

التحقيق يرصد ويحلل تغيير أو محاولات تغيير سلوك جماعي عبر ضغط تواصلي (إعلامي) ممنهج (من خلال التأييد، أو الإقصاء، أو المعارضة أو التحريض على العنف) تُمارَس عبر الإعلام بمنصاته المختلفة، بمشاركة خبراء ذوي اختصاص، ومؤسسات استطلاع رأي. كما يكشف التحقيق الكيفية التي تُدار بها هذه العمليات من قبل سلطات تمتلك قدرات مالية وتقنية وبشرية؛ للتحكم والسيطرة في توجهات الرأي العام، ويوضح انتشار الحملات المضللة عبر تتبعها منذ انطلاقتها، كما يُحدد الجهات المنسقة وأهدافها، بالإضافة إلى تحديد وتوثيق المخالفات القانونية والأخلاقية خلال حملة التضليل أو قبلها.

ثانياً: محاور التعريف:

يحدد التعريف معايير العمل وعناصر أساسية في المنهجية المتبعة.

عندما يُجري مدقق/ة المعلومات أو صحفي/ة تحقيقاً استقصائياً لكشف حملات التضليل، لا بد أن تتحقق المعايير التالية في العمل، التي تتصل بديناميكيا عملية التضليل وبيئته؛ وهي:

المعيار الأول: مَن الذي يقف وراء التضليل؟

ويقصد بذلك تحديد:
icon users
1. الفاعل (actor)

الأساسي الذي يدير الحملة أو يدعمها بشكل رئيسي. ويشكل هذا الفاعل الجهة التي سيوجه إليها خطاب حق الرد؛ فلا يوجد تحقيق من دون تحديد جهة مسؤولة تتم مخاطبتها بخصوص ما يتوصل إليه التحقيق من نتائج.

icon users
2. الفاعلون الفرعيون

أو الشبكة المساندة من مستفيدين ومؤيدين، مع فهم العلاقة أو الارتباط بينهم وبين الفاعل الأساسي. ولا يقتصر ذلك على تحديد هذا الارتباط في العالم الافتراضي (حسابات مواقع التواصل الاجتماعي)، بل يمتد إلى معرفة طبيعة العلاقات (المخطط) التي تجمع الأفراد والمؤسسات في العالم الواقعي، ممن يقفون خلف هذه الحملة. يشكل الكشف عن مصدر تمويل الحملة مسألة أساسية في التعرف إلى من يقف وراء التضليل؛ من المهم تحديد مصدر التمويل خاصة إذا كان يتصل بحكومات، أو شركات، أو منظمات، أو جميع ما ذكر. وقد يساعد ذلك على جمع دلائل حول الهدف من الحملة.

icon users
3. حجم التمويل:

قد يعكس ذلك حجم الفئة المستهدفة ونفوذ الجهة/ الجهات التي تقف وراء التضليل. كما قد يكون مؤشراً على الأثر أيضاً.

مثال على ذلك، مشروع "Story Killers" الذي كشف عن الاقتصاد المظلم لصناعة المعلومات المضللة في عدة دول. وبيّن التحقيق الصفقات التي أبرمها مسؤولون ومدانون بارتكاب عمليات إجرامية مع شركات "غسيل السمعة" أو شركات دعاية، عملت على نشر معلومات مضللة، لصالح عملائها.

icon
4. الدافع:

لا تُطلق حملات التضليل من فراغ، بل يرغب مطلقوها في تحقيق أهداف بعينها؛ وهنا تجب محاولة الإجابة عن هذا السؤال من قبل الصحفيين/ات ومدققي/ات المعلومات: لماذا أُطلقت حملة التضليل؟ يرتبط هذا -في الغالب- بتوقيت معيّن؛ مثل التضليل بشأن المناخ الذي يتزامن مع المؤتمرات الدولية ذات الصلة، للحد من تأثيرها ومخرجاتها الخاصة بمواجهة التغيرات المناخية.

المعيار الثاني: كيف يتم التضليل

ويكون ذلك بتحديد:
icon
1- قنوات التضليل:

وهي الوسائط المُستخدمة في نشر المعلومات المضللة. وتتضمن منصات التواصل الاجتماعي أو وسائل إعلام مختلفة أو مراكز استطلاع رأي أو غير ذلك.

icon
2- طرق التضليل:

يساعد ذلك على تحديد نطاق الضرر. كما أن رصد أكثر من طريقة قد يقود إلى تحديد رسم مخطط الفاعلين بشكل أفضل؛ الأمر الذي قد يقود بدوره إلى كشف المزيد حول مصادر التمويل. ومن الطرق المستخدمة على سبيل المثال لا الحصر؛ التزييف forgeries، والمواقع الوهمية proxy/ fake websites، والتلاعب بالمحتوى manipulated content، واستخدام الأنشطة السيبرانية للتضليل cyber enabled disinformation، وصناعة شخصيات مزيفة والترويج لها cultivate false persona، التي قد تبرز في صورة "خبراء"، كما ورد في التعريف، وغير ذلك من الطرق.

مثال على ذلك، تحقيق يتناول الطرق المُستخدمة من قِبل أطراف روسية لنشر معلومات مضللة في إفريقيا.

ووضعت مؤسسة "Disarm" منهجية منظمة لوصف وتحليل سلوكيات التضليل؛ تتضمن إطارين رئيسينِ: DISARM Red، لوصف سلوكيات منشئي التضليل، DISARM Blue، وسلوكيات الاستجابة المحتملة. (ملاحظة: هذه المنهجية قيد التطوير).

المعيار الثالث: قياس الأثر

يكون ذلك بالتواصل مع الجمهور بشكل مباشر أو بقياس انطباعاتهم، أو بتحليل العواطف لاستجابة الجمهور على قنوات التواصل الاجتماعي عبر أدوات تحليل العواطف (sentiment analysis).

قد تقود المعلومة المضللة إلى نزاعات وحروب وصراعات، فعلى سبيل المثال يمكن أن يقود التضليل حول اللاجئين إلى الضغط على الحكومات لترحيلهم، أو ينتهي بارتكاب أعمال عنف ضدهم من جانب السكان، والتضليل بشأن الانتخابات يؤثر في تحديد توجهات الناخبين، ووصول الأشخاص إلى المجالس المنتخبة.

وفي حال كان المحتوى المضلل ينتشر بواسطة قنوات تدر أرباحاً، فإن معرفة حجم تلك الأرباح تساعد على تحديد جانب من الأثر.

مثال على ذلك، تحقيق Documented الذي كشف عن وجود شبكة مهربين تضلل الجمهور باستخدام Tiktok، وتحفزهم على الهجرة غير الشرعية للولايات المتحدة، كما تؤثر هذه المقاطع في حياتهم أيضاً حتى بعد الوصول إلى الولايات المتحدة.

المعيار الرابع: المخالفة القانونية والأخلاقية

تنتهك غالبية الحملات المضللة على منصات التواصل الاجتماعي لوائح المنصات بشكل أو بآخر عن طريق الترويج للتضليل المتعمد و/أو الخطاب العنصري و/أو خطاب الكراهية مُشكّلة بذلك تجاوزات أخلاقية وقانونية.

كما تخضع الإعلانات الإلكترونية السياسية للقوانين واللوائح الداخلية، وتجب مراقبة مدى التزامها بهذه اللوائح. وفي حال كان التضليل عبر وسائل الإعلام، فإن المحتوى يجب أن يخضع أيضاً لضوابط وقوانين لجهة التزامه بالمعايير المهنية والأخلاقية. وفي ضوء ذلك كله، يجب أن يتضمن التحقيق تحديد وتوثيق المخالفات القانونية والانتهاكات الأخلاقية.

مثال على ذلك، تحقيق "عنصرية للبيع" المذاع على "بي بي سي"، الذي يكشف عن استغلال أحد الصينيين الأطفال الأفارقة، في نشر محتوى عنصري على مواقع التواصل الاجتماعي.

paper icon

3- ملحق

أولاً: بعض الأدوات المُستخدمة في تحليل الحملات

ثانياً: مكتبة إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي

ملحوظة: تُحدّث هذه الأدوات باستمرار، وقد يتوقف بعضها عن العمل، وفقاً لسياسات مواقع التواصل الاجتماعي.